رقم المشاركة :11 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} سورة الضحى ![]() قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي " الضُّحَى " , وَالْمُرَاد بِهِ النَّهَار لِقَوْلِهِ : " وَاللَّيْل إِذَا سَجَى " فَقَابَلَهُ بِاللَّيْلِ . وَفِي سُورَة ( الْأَعْرَاف ) " أَفَأَمِنَ أَهْل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ " [ الْأَعْرَاف : 97 - 98 ] أَيْ نَهَارًا . وَقَالَ قَتَادَة وَمُقَاتِل وَجَعْفَر الصَّادِق : أَقْسَمَ بِالضُّحَى الَّذِي كَلَّمَ اللَّه فِيهِ مُوسَى , وَبِلَيْلَةِ الْمِعْرَاج . وَقِيلَ : هِيَ السَّاعَة الَّتِي خَرَّ فِيهَا السَّحَرَة سُجَّدًا . بَيَانه قَوْله تَعَالَى : " وَأَنْ يُحْشَر النَّاس ضُحًى " [ طه : 59 ] . وَقَالَ أَهْل الْمَعَانِي فِيهِ وَفِي أَمْثَاله : فِيهِ إِضْمَار , مَجَازه وَرَبّ الضُّحَى . سَجَا " مَعْنَاهُ : سَكَنَ قَالَهُ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَابْن زَيْد وَعِكْرِمَة . يُقَال : لَيْلَة سَاجِيَة أَيْ سَاكِنَة . وَيُقَال لِلْعَيْنِ إِذَا سَكَنَ طَرَفهَا : سَاجِيَة . يُقَال : سَجَا اللَّيْل يَسْجُو سَجْوًا : إِذَا سَكَنَ . وَالْبَحْر إِذَا سَجَا : سَكَنَ . قَالَ الْأَعْشَى : فَمَا ذَنْبُنَا أَنْ جَاشَ بَحْرُ اِبْنِ عَمِّكُمْ وَبَحْرُك سَاجٍ مَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا وَقَالَ الرَّاجِز : يَا حَبَّذَا الْقَمْرَاءُ وَاللَّيْلُ سَاجْ وَطُرُقٌ مِثْلُ مِلَاءِ النِّسَاجْ وَقَالَ جَرِير : وَلَقَدْ رَمَيْنَك يَوْمَ رُحْنَ بِأَعْيُنٍ يَنْظُرْنَ مِنْ خِلَلِ السُّتُورِ سَوَاجِي وَقَالَ الضَّحَّاك : " سَجَا " غَطَّى كُلّ شَيْء . قَالَ الْأَصْمَعِيّ : سَجْو اللَّيْل : تَغْطِيَته النَّهَار مِثْلَمَا يُسَجَّى الرَّجُل بِالثَّوْبِ . وَقَالَ الْحَسَن : غَشِيَ بِظَلَامِهِ وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْهُ : إِذَا ذَهَبَ . وَعَنْهُ أَيْضًا : إِذَا أَظْلَمَ . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : أَقْبَلَ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة أَيْضًا . وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد : " سَجَا " اِسْتَوَى . وَالْقَوْل الْأَوَّل أَشْهَر فِي اللُّغَة : " سَجَا " سَكَنَ أَيْ سَكَنَ النَّاس فِيهِ . كَمَا يُقَال : نَهَار صَائِم , وَلَيْل قَائِم . وَقِيلَ : سُكُونه اِسْتِقْرَار ظَلَامِهِ وَاسْتِوَاؤُهُ . وَيُقَال : " وَالضُّحَى . وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي عِبَاده الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ فِي وَقْت الضُّحَى , وَعِبَاده الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُ بِاللَّيْلِ إِذَا أَظْلَمَ . وَيُقَال : " الضُّحَى " : يَعْنِي نُور الْجَنَّة إِذَا تُنَوَّر . " وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي ظُلْمَة اللَّيْل إِذَا أَظْلَمَ . وَيُقَال : " وَالضُّحَى " : يَعْنِي النُّور الَّذِي فِي قُلُوب الْعَارِفِينَ كَهَيْئَةِ النَّهَار . " وَاللَّيْل إِذَا سَجَا " : يَعْنِي السَّوَاد الَّذِي فِي قُلُوب الْكَافِرِينَ كَهَيْئَةِ اللَّيْل فَأَقْسَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ: هَذَا جَوَاب الْقَسَم . وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَبْطَأَ عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : قَلَاهُ اللَّه وَوَدَّعَهُ فَنَزَلَتْ الْآيَة . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : اِحْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْي اِثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : خَمْسَة عَشَرَ يَوْمًا . وَقِيلَ : خَمْسَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا . وَقَالَ مُقَاتِل : أَرْبَعِينَ يَوْمًا . فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّ مُحَمَّدًا وَدَّعَهُ رَبّه وَقَلَاهُ , وَلَوْ كَانَ أَمْره مِنْ اللَّه لَتَابَعَ عَلَيْهِ , كَمَا كَانَ يَفْعَل بِمَنْ كَانَ قَبْله مِنْ الْأَنْبِيَاء . وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ جُنْدُب بْن سُفْيَان قَالَ : اِشْتَكَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَجَاءَتْ اِمْرَأَة فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّد , إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُون شَيْطَانُك قَدْ تَرَكَك , لَمْ أَرَهُ قَرُبَك مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاث فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَالضُّحَى . وَاللَّيْل إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ جُنْدُب الْبَجَلِيّ قَالَ : كُنْت مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَار فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ , فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ] قَالَ : وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّد فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . لَمْ يَذْكُر التِّرْمِذِيّ : " فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا " أَسْقَطَهُ التِّرْمِذِيّ . وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ , وَهُوَ أَصَحّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ أَيْضًا عَنْ جُنْدُب بْن سُفْيَان الْبَجَلِيّ , قَالَ : رُمِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِصْبَعِهِ بِحَجَرٍ , فَدَمِيَتْ , فَقَالَ : [ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ] فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُوم اللَّيْل . فَقَالَتْ لَهُ أُمّ جَمِيل اِمْرَأَة أَبِي لَهَب : مَا أَرَى شَيْطَانَك إِلَّا قَدْ تَرَكَك , لَمْ أَرَهُ قَرُبَك مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاث فَنَزَلَتْ " وَالضُّحَى " . وَرَوَى عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , قَالَ : أَبْطَأَ جِبْرِيل عَلَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ فَجَاءَ وَهُوَ وَاضِع جَبْهَته عَلَى الْكَعْبَة يَدْعُو فَنُكِتَ بَيْن كَتِفَيْهِ , وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ : " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . وَقَالَتْ خَوْلَة - وَكَانَتْ تَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ جِرْوًا دَخَلَ الْبَيْت , فَدَخَلَ تَحْت السَّرِير فَمَاتَ , فَمَكَثَ نَبِيّ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامًا لَا يَنْزِل عَلَيْهِ الْوَحْي . فَقَالَ : [ يَا خَوْلَة , مَا حَدَثَ فِي بَيْتِي ؟ مَا لِجِبْرِيل لَا يَأْتِينِي ] قَالَتْ خَوْلَة فَقُلْت : لَوْ هَيَّأَتْ الْبَيْت وَكَنَسْته فَأَهْوَيْت بِالْمِكْنَسَةِ تَحْت السَّرِير , فَإِذَا جِرْوٌ مَيِّت , فَأَخَذْته فَأَلْقَيْته خَلْف الْجِدَار فَجَاءَ نَبِيّ اللَّه تَرْعَد لَحْيَاهُ - وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي اِسْتَقْبَلَتْهُ الرِّعْدَة - فَقَالَ : [ يَا خَوْلَة دَثِّرِينِي ] فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ السُّورَة . وَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيل سَأَلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّأَخُّر فَقَالَ : [ أَمَا عَلِمْت أَنَّا لَا نَدْخُل بَيْتًا فِيهِ كَلْب وَلَا صُورَة ] . وَقِيلَ : لَمَّا سَأَلَتْهُ الْيَهُود عَنْ الرُّوح وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَأَصْحَاب الْكَهْف قَالَ : [ سَأُخْبِرُكُمْ غَدًا ] . وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّه . فَاحْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْي , إِلَى أَنْ نَزَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِل ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه " [ الْكَهْف : 23 ] فَأَخْبَرَهُ بِمَا سُئِلَ عَنْهُ . وَفِي هَذِهِ الْقِصَّة نَزَلَتْ " مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى " . وَقِيلَ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , مَا لَك لَا يَنْزِل عَلَيْك الْوَحْي ؟ فَقَالَ : [ وَكَيْف يَنْزِل عَلَيَّ وَأَنْتُمْ لَا تُنْقُونَ رَوَاجِبَكُمْ - وَفِي رِوَايَة بَرَاجِمَكُمْ - وَلَا تَقُصُّونَ أَظْفَارَكُمْ وَلَا تَأْخُذُونَ مِنْ شَوَارِبكُمْ ] . فَنَزَلَ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : [ مَا جِئْت حَتَّى اِشْتَقْت إِلَيْك ] فَقَالَ جِبْرِيل : [ وَأَنَا كُنْت أَشَدَّ إِلَيْك شَوْقًا , وَلَكِنِّي عَبْد مَأْمُور ] ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ " وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك " [ مَرْيَم : 64 ] . " وَدَّعَك " بِالتَّشْدِيدِ : قِرَاءَة الْعَامَّة , مِنْ التَّوْدِيع , وَذَلِكَ كَتَوْدِيعِ الْمُفَارِق . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر أَنَّهُمَا قَرَآهُ " وَدَعَك " بِالتَّخْفِيفِ , وَمَعْنَاهُ : تَرَكَك . قَالَ : وَثَمَّ وَدَعْنَا آلَ عَمْرٍو وَعَامِرٍ فَرَائِسَ أَطْرَافَ الْمُثَقَّفَةِ السُّمْر وَاسْتِعْمَاله قَلِيل . يُقَال : هُوَ يَدَع كَذَا , أَيْ يَتْرُكهُ . قَالَ الْمُبَرِّد مُحَمَّد بْن يَزِيد : لَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ وَدَعَ وَلَا وَذَرَ , لِضَعْفِ الْوَاو إِذَا قُدِّمَتْ , وَاسْتَغْنَوْا عَنْهَا بِتَرْكِ . وَمَا قَلَى: أَيْ مَا أَبْغَضك رَبّك مُنْذُ أَحَبَّك . وَتُرِكَ الْكَاف ; لِأَنَّهُ رَأْس آيَة . وَالْقِلَى : الْبُغْض فَإِنْ فَتَحْت الْقَاف مَدَدْت تَقُول : قَلَاهُ يَقْلِيهِ قِلًى وَقَلَاءً . كَمَا تَقُول : قَرَيْت الضَّيْف أَقْرِيهِ قِرًى وَقَرَاءً . وَيَقْلَاهُ : لُغَة طَيِّئ . وَأَنْشَدَ ثَعْلَب : أَيَّام أُمّ الْغَمْر لَا نَقْلَاهَا أَيْ لَا نُبْغِضهَا . وَنَقْلَى أَيْ نُبْغِض . وَقَالَ : أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا مَلُومَةً لَدَيْنَا وَلَا مَقْلِيَّةً إِنْ تَقَلَّتِ وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : وَلَسْت بِمَقْلِيِّ الْخِلَالِ وَلَا قَالِ وَتَأْوِيل الْآيَة : مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَاك . فَتُرِكَ الْكَاف ; لِأَنَّهُ رَأْس آيَة كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : " وَالذَّاكِرِينَ اللَّه كَثِيرًا وَالذَّاكِرَات " [ الْأَحْزَاب : 35 ] أَيْ وَالذَّاكِرَات اللَّه . المصدر : تفسير القرطبي. المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |