رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() كتب: د/ محمد العبدة 26/01/1432 الموافق 01/01/2011 هناك أسباب كثيرة ـ بخلاف الأسباب الشرعية المشهورة ـ تدعونا للاهتمام بالخليفة الثاني عمر بنالخطاب ـ رضي الله عنه ـ منها: اجتهاداته الكثيرة في قضايا مهمة ما تزال حية إلى اليوم ،مثل قضايا المال العام وكيف يتصرف فيه ، كما أن اهتماماته بأمور المسلمين الحياتية المعاشية، واهتمامه بالبنية التحتية للدولة كما يعبر عنها اليوم، تلفت النظر ونحن بحاجة إلى إعادة قراءتها. وقد ضرب الله سبحانه لنا مثلاً في القرآن الكريم بالحاكم العادل القوي (ذي القرنين) الذي عنده علم أيضاً بعمارة الأرض ، ويدافع عن المظلومين ، ويعاقب المجرمين، آيات بينات من سورة الكهف تتلى على مر الأيام والليالي. فإعادة سيرة عمر ـ رضي الله عنه ـ وخاصة في إنجازاته الحضارية ليس من باب التفاخر بالماضي ولكن لملاحظة التقصير في الضروريات، والاقتداء بشخصية عظيمة كعمر، وهو من الحكام العادلين المقتدى بهم. ومن أسباب الاهتمام بعمر ـ رضي الله عنه ـ ما ظهر أخيراً من الإيذاء للصحابة رضوان الله عليهم ، وخاصة لعمر، وقد جاء في الأثر (إذا لعن آخر هذه الأمة أولها ، فمن كان عنده علم فليظهره) وما سمعنا في الماضي والحاضر أن أمة تهدم تاريخها وتشوه تاريخها وتتعمد تحطيم عظمائها إلا هذه الفئة التي تتعمد نسف التاريخالإسلامي كله، ولكن المنصفين من غير المسلمين يعظمون عمر ـ رضي الله عنه ـ ويعرفون قدره بين القادة والعباقرة، يقول الكاتب اللبناني ( مارون عبود ) " لا أحد يستطيع أن يتخيل النهضة العربية دون أن تمر أمامه صورة أبي بكر وعمر وعلي ومعاوية وهارون الرشيد .. ". وإذا أبعدنا هذا الجيل الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم كيف سيكون أمر الدين؟ بل ما الحياة إن خلت من مثل أعلى والصحابة هم المثل الأعلى؛ فقد تميزوا بصفات لم تكن لغيرهم، فهم الذين نقلوا الوحي السماوي كله، فلم يسقط منه حرف، ونقلوا السنة النبوية فحفظوا بذلك الأصول النظرية للإسلام، وحققوا عالمية الرسالة عندما انساحوا في الأرض ينشرون الإسلام، إنه جيل عظيم بكل معاني العظمة، وعندما نصحب هذا الجيل فإنها نعمة كبيرة، يقول الإمام ولي الله الدهلوي: "إن كل من يقرأ القرآن من المسلمين في يومنا هذا مدين في ذلك للفاروق العظيم" لأن عمر هو الذي اقترح على أبي بكر جمع القرآن. والذين يؤذون الصحابة إنما يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي رباهم، وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، ونحن ندعو في كل صلاة (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم)، وأبو بكر من الذين أنعم الله عليهم كما في الآية (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..) وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ من الصديقين، وإذا كان جيل الصحابة كما يصوره الحاقدون، إذن فعلى الإسلام السلام، ولكن الإسلام باق والحمد لله وظاهر إن شاء الله، ونحن نُجلُّ الصحابة ونحبهم، بل هذا التقدير جزء من العقيدة الإسلامية. عمر رضي الله عنه المؤسس: عندما يُذكر عمر بنالخطاب ـ رضي الله عنه ـ يتحدث الناس عن إسلامه الذي كان فتحاً، وعن عدله الذي بهر العقول، وعن تقواه وخشيته وتقشفه في ملبسه ومأكله (1)، ويذكرون عمر الفاتح الذي فتحت في عهده بلاد الشام بأكملها والعراق وفارس وخراسان ومصر.. ويذكرون عمر المجتهد الفقيه، وقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبقرية فقال: "لم أرَ عبقرياً يفري فريه" ووصفه بأنه مُحَّدث (ملهم). لن نتحدث عن شخصية عمر الذي يداوي إبل الصدقة بيده، ويمشي في السوق وحده، ومع ذلك يصل من هيبته أن القادة الكبار يفرقون منه، ولكن سنتحدث عن شخصية عمر المؤسس للدول، المخطط للعمران، وعن اهتماماته الحضارية، الاجتماعية والاقتصادية، وهو جانب قد يغيب عن بعض الناس، وهو جانب لم يُشتهر به كما اشتهر في الجوانب الأخرى، كيف كان يشغله أمور الناس المعاشية، وكيف كان يفكر فيما يُسمى اليوم (البنية التحتية). وهذا الجانب لا أقول تغفل عنه الدول فقط ـ أو لا تريد تنفيذه ـ ولكن تغفل عنه المؤسسات الإسلامية والجمعيات الإسلامية، فأين هؤلاء من اهتمامه بالنواحي الصحية للمجتمع الإسلامي وقد وسعت سياسته كل ما جَدَّ وكل ما تطلبته حياة الناس. القضاء: لا تنتظم أمور الناس إذا لم يكن هناك قضاء مستقل، وقضاء في أعلى درجات النزاهة والتقوى والعلم والخبرة، وإن أُولى مقدمات التقدم الحضاري هو أن تقام إدارة للعدل مستقلة عن إدارة الحكم، ويُقال: "أرني قوانين أمة، أدلك على حظها في الرقي أو الانحطاط " وقد قام عمر ـ رضي الله عنه ـ بفصل القضاء عن إدارة الحكم، وأقام المحاكم في كل ولاية، وعين القضاة حسب شروط معينة، وكان يختار القضاة بعد أن يختبرهم في علمهم وذكائهم، ورسالته في القضاء إلى الصحابي أبو موسى الأشعري تعتبر وثيقة قضائية بالغة الأهمية ، وهذا نصها: أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك، وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع حق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس، فراجعت فيه نفسك وهُديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير لك من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك، مما ليس في كتاب ولا في سنة، واعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أحبها لله، وأشبهها بالحق فيما ترى، المسلمون عدول في الشهادة بعضهم على بعض، إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو قرابة، فإن الله قد تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، وإياكم والقلق والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق.. ويستنبط من هذه الرسالة: 1 ـمعاملة الناس جميعاً بالمساواة. 2ـ يجب أن يحدد تاريخاً معيناً لتقديم الدعوى. 3 ـ إذا لم يحضر المدعي عليه في التاريخ المحدد يمكن أن يحكم في القضية غيابياً. 4 ـ كل مسلم يصلح للشهادة عدا من وقع عليه عقاب أو ثبت كذبه في الشهادات. ولم يكتفِ عمر بهذا، بل كان يكتب الفتاوى المتعلقة بالأمور المهمة والشائكة ويرسلها للقضاة بين الحين والآخر ، وقد وضع عمر كثيراً من القيود لمنع وسائل الدخل غير المشروع ،فقرر الرواتب المناسبة ،فقد كان راتب سلمان بن ربيعة الباهلي والقاضي شريح خمسمائة درهم شهرياً، ولم يكن يسمح لأي قاض بالبيع والشراء والتجارة ،وهذه هي القواعد التي تتبعها اليوم الدول المتقدمة بعد عهود من التجربة. للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
إنجازات عمر بن الخطاب الحضارية
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
أمــة الله
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
إنجازات, الحضارية, الخطاب |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
هل هو يسوع أم عمر بن الخطاب؟ | مجدي فوزي | القسم النصراني العام | 6 | 04.08.2012 19:01 |
من وصايا عمر بن الخطاب رضي الله عنه | أمــة الله | القسم الإسلامي العام | 12 | 26.01.2011 14:11 |
مقتل الفاروق عمر بن الخطاب ـ المؤامرة العالمية | أمــة الله | التاريخ والبلدان | 6 | 08.11.2010 12:50 |
عمر بن الخطاب الأواب الأمين *.*.* | سندس حبش | القسم الإسلامي العام | 5 | 19.08.2010 08:54 |
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله | أم جهاد | القسم الإسلامي العام | 1 | 25.07.2009 03:26 |