أناقة الكلمة

pharmacist · 28.10.2010

أناقة الكلمة

إن كل إنسان تراه معك في حيِّز هذه الأرض، هو إنسان له مشاعر وأحاسيس، يستنشق هواء سعادته من خلال كلمة،
ويبني مستقبله في لحظات كثيرة بكلمة، وتكتب عليه أحزان الزمن وملمَّات الدهر وكواهل الحياة كلمة؛ ذلك أنه إنسان.

إن الكلمة مهما قصرتْ ألفاظُها، تظل لها مدلولات تعانِق إنسان الفضاء فرحًا وتألُّقًا، وترمي بآخر في غياهب الأحزان والأمراض،
والمشكلات النفسية والاجتماعية، ما لا يمكن تخيُّله إلا لمن سبر أحوال الناس وعاش قضاياهم.

وتظل هذه الكلمةُ في أحيان كثيرةٍ في حياة إنسان، هي وراء كل عوالم الخير والتوفيق الذي تراه في جوانب حياته،
وهي ذاتها في أثر الحرمان والمعاناة التي يعيشها إنسانٌ آخر.

إنك ترى في حياتك اليومية شخْصًا يبدو في ظاهرِه أنيقًا للدرجة التي تأسرك إلى الإعجاب به،
فما أن يتكلم حتى تمنيتَ أنه لَم ينطقْ بكلمة، ذهَب كل ذلك البهاء في لحظةٍ،
ولم يغنِ عنه بعد كلمته ملبسٌ جميل وأناقة ظاهرة جميلة، وقد قال الأول:

وَكَائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ *** زِيَادَتُــــهُ أَوْ نَقْصُــــهُ فِي التَّكَلُّمِ

إنَّ ديننا من الجمال بالدرجة التي يُعنى فيها بالكلمة، ويحرص على أن تكونَ أنيقة في أذن سامعها؛
يقول الله تعالى في هذا المعنى:

{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]،

ولم يأمرهم بالحسن، وإنما أمرهم بما هو أرفع وأعلى وأجلُّ وأكبر أثرًا؛ بالكلام الأحسن،
وهذه الإشارة من كتاب الله تعالى تحتاج إلى صفحات متينة تعرض فيها كلّ معانيها التي أشار إليها القرآنُ الكريم.

إن الإنسانَ وهو يتحدث قد يجد مترادفات تؤدِّي نفس المعنى، لكن قد يكون منها ما هو أبلغ أثرًا، وأعمق في النفس،
وحين يعرف المتكلِّم الكلمة الأحسن منَ الكلمة الحسنة، فهو مأمور من الله تعالى بالكلمة الأحسن؛
لأنها الأعمق أثرًا في نفْس سامعها، وهي مقصود دينك أولاً.

ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يدعونا للكلمة الطيبة بطريقة رائعة، حين يغرينا بها في صورة صدقة؛
فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((والكلمةُ الطيبة صدقة))،
ويقول - صلى الله عليه وسلم - في ذات المعنى: ((ويعجبني الفأل))، فيقال له: "وما الفأل؟"،
فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((الكلمة الطيبة))،
وهو بذلك يعطينا درسًا رائعًا في أثَر الكلمة الطيبة للدرجة التي تعجبه - صلى الله عليه وسلم - فيأنس بها، ويُسَرُّ مِن أجلِها.

بل وصلتْ عنايته - صلى الله عليه وسلم - بأناقة الكلمة إلى معنى كبير ورائع؛
فنهى - صلى الله عليه وسلم - عن قول الإنسان: خبثت نفسي، وأرشد قائلها إلى استبدالها بكلمة: ((لقِسَتْ نفسي))،
والمعنى واحد وهو الغثيان الذي يقع بالنفس، لكن حرص على تجنب كلمة الخُبث،
ولما أخرج الغضب على لسان امرأة كلمة "لعنها الله"، تقصد بذلك ناقتها،
غضب النبي - صلى الله عليه وسلم – وقال: ((خذوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونة)).

إن كلَّ هذا يدلك على عناية الشارع بالكلمة، وحرصه على تهذيب الألسن أن تخرج عن مسارها،
فتجرح إنسانًا أو تؤذيه في لحظةٍ مِن حياته، ولذلك كانتْ كلمة الطلاق أبغض الحلال؛ لأنها كلمة تعنِي الفراق.

وقد عبَّر الشافعي - رحمه الله تعالى - عن ذات المعنى لتلميذه المُزَني، حين قال في علم من أعظم العلوم أثرًا
في الدِّين : "فلان كذاب"، فقال الشافعي: "يا أبا إبراهيم، اكْس ألفاظك أحسنها، لا تقل: فلان كذاب، قل: فلان ليس بشيء.

إن الداعية معنيٌّ باختيار كلماته التي يُوجِّهها إلى عامة الناس؛ لأن كلمته تلبس لباس الشرع؛
ولذلك وجب أن تكون فائقة في المعنى؛ حتى تكون رائقة في الآذان، ومثل ذلك الأب الذي يتعامل مع أبنائه
يجب عليه أن يُعنى باختيار كلماته غاية العناية، ومثلهما المُرَبِّي في أوساط طلابه عليه أن يتنبَّه
ألا تغادرَ كلمتُه مِن فمه إلا وهو يعلم صلاحيتها للتوجيه والتربية في أوساط طلابه.

وكلَّما كان الإنسانُ أنيقًا في اختيار عباراته، كان أكثر قبولاً في أوساط الناس، وأعظم تأثيرًا في حياتهم،
وحسبك بذلك غنيمة، وقبل ذلك وبعده أودُّ أن أقول لك: يكفي هذا المعنى، وغيره ما لا يمكن حصره في مكان كهذا،
يدل دلالة عميقة على أناقة هذا الدين وجماله وروعته، ليس في الكلمة فحسب،
وإنما في كل شيء، وإنما قربت لك هذا الجمال بالكلمة.

منقول

أسد الجهاد · 11.06.2009

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم من كارثة وكان سببها كلمة
وكم من كارثة كانت تمنعها كلمة طيبة
جزاكِ الله خيراً أختنا الفاضلة

المزيد من مواضيعي

الشفاعة والمغفرة

شهادة بحيرى,وصدق الرسول ووفضح المتطاولين

مناظرة (المائة سؤال) علاقة الأقانيم

من يشهد بالحق برنابا أم بولس؟!

غير مسجل الكتاب المقدس يشهد {هوالنَّبِيُّ لَا كَذِبْ }

يا أبت ، اغفر لهم ، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون

رسالة إلى كل مسلم برجاء نشرها

السفينة التي تتحدى الكتاب المقدس !

توقيع أسد الجهاد

ما أروع هذا الموقع وما أجمل هذا الصوت
هـــــــــــــنا

د/مسلمة · 04.01.2010

جزاكِ الله خيرًا أختي الغالية

أسال الله أن يرزقنا حسن اختيار كلماتنا وأن يغفر لنا

المزيد من مواضيعي

كيف تكون حفلة الزفاف إسلامية

Is the Quran the word of God ? Dr. Jamal Badawi and Dr. Robert Morey

Scientific miracles in the Quran - Dr. Zakir Naik

245 صينيا يشهرون إسلامهم دفعة واحدة

حمل كتاب المساومة الكبرى.. من مخطوطات قمران الى المجمع الفاتيكانى الثانى

مجموعة حلقات إسلاموفوبيا للرد على الملحدين - فاضل سليمان

مناظرة وسام عبد الله مع النصراني استفانوس حول: هل دين بولس هو دين المسيح

ما هو القرآن ؟ ما هي فضائل القرآن و آداب قراءته ؟

توقيع د/مسلمة

اللهم اغفر لنا

sahwasalha2 · 09.11.2012

الكلمة ترسمنا ونرسمها و نصنعها وتصنعُنا ونُحسها وتُحسنا وتكتبنا ونكتُبها
فبالكلمة نسعد وبكلمة أيضا نحزن ونبكي
الكلمة هي عبق منعش لا يعرف شذاه إلا النفوس الذواقة
وهي خشوع وإبتهالات لنفوس التواقة
هي منبع كل فكر
وروعة كل سحر
وهي السرد لكل مجد
هي كما الهواء لجسد
وهي كما الأم للولد
أللهم ألهمنا أن نقول نافعا جميلا ونسمع كل نافعا جميلا
جزاك الله خيرا الأخت الفاضلة pharmacist
وأمتعك بكل جميل
وجعلك أينما حللت تنثرين كل جميل

المزيد من مواضيعي

الحملا ت التبشرية والطرق الدنيئة التي تنتهجها ليزداد مجد الرب

آخر تعديل بواسطة sahwasalha2 بتاريخ 15.12.2012 الساعة 23:14 .

pharmacist · 28.10.2010

اقتباس

المشاركة الأصلية كتبها أسد الجهاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم من كارثة وكان سببها كلمة
وكم من كارثة كانت تمنعها كلمة طيبة
جزاكِ الله خيراً أختنا الفاضلة

المزيد من مواضيعي

تعلم فن التهوين

الصيدلاني وحاجته للعلم الشرعي

احتفظ بهدوئك

من هنا يأتي النصر

كل يوم جديد حياة جديدة

قيمتنا بقيمنا

الأناقة النفسية !

أرحنا بها يا بلال

pharmacist · 28.10.2010

اقتباس

المشاركة الأصلية كتبها د/مسلمة

جزاكِ الله خيرًا أختي الغالية

أسال الله أن يرزقنا حسن اختيار كلماتنا وأن يغفر لنا

المزيد من مواضيعي

راقبهم تغنم

متى تشارك المرأة في معركة الحق؟

كيف تزيد من طاقة جسمك اليومية؟

السر يكمن داخلك !!

كيف تتعامل مع مشاعرك السلبية؟

حظك اليوم

أهمية مصر عبر العصور

عيب الزمان

pharmacist · 28.10.2010

اقتباس

المشاركة الأصلية كتبها sahwasalha2

الكلمة ترسمنا ونرسمها و نصنعها وتصنعُنا ونُحسها وتُحسنا وتكتبنا ونكتُبها
فبالكلمة نسعد وبكلمة أيضا نحزن ونبكي
الكلمة هي عبق منعش لا يعرف شذاه إلا النفوس الذواقة
وهي خشوع وإبتهالات لنفوس التواقة
هي منبع كل فكر
وروعة كل سحر
وهي السرد لكل مجد
هي كما الهواء لجسد
وهي كما الأم للولد
أللهم ألهمنا أن نقول نافعا جميلا ونسمع كل نافعا جميلا
جزاك الله خيرا الأخت الفاضلة pharmacist
وأمتعك بكل جميل
وجعلك أينما حللت تنثرين كل جميل

المزيد من مواضيعي

فيروسات التفكير .. ؟؟

نية.. أم عشوائية؟!!

لقد حللتهما!

أجمل ما فيك هو أنك .. أنـــت ..

المرعى أخضر ولكن العنز مريضة

فجر قواك الكامنة

كيف نؤهل روادا للنهضة الإسلامية؟

عقلك معمل ... من تختار ليديره ؟!

إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع	412
عدد الـــــردود	3402
المجمــــــــوع	3.814

إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع	38
عدد الـــــردود	976
المجمــــــــوع	1.014

إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع	603
عدد الـــــردود	5024
المجمــــــــوع	5.627

إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع	2
عدد الـــــردود	41
المجمــــــــوع	43

إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع	412
عدد الـــــردود	3402
المجمــــــــوع	3.814

أناقة الكلمة

قسم الحوار العام

للمزيد من مواضيعي

الأعضاء الذين شكروا pharmacist على المشاركة :
د/مسلمة

الأعضاء الذين شكروا أسد الجهاد على المشاركة :
pharmacist

الأعضاء الذين شكروا د/مسلمة على المشاركة :
pharmacist

الأعضاء الذين شكروا sahwasalha2 على المشاركة :
pharmacist

الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )

الموضوعات المتماثلة
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	ردود	آخر مشاركة
مناقب وفضائل امير المؤمنين الفاروق - عمر بن الخطاب	ابو اسامه المصرى	القسم الإسلامي العام	0	27.03.2012 19:27
تفنيد ( في البدء كان الكلمة , الكلمة كان عند الله , وكان الكلمة الله)	حجة الاسلام	التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء	5	21.02.2012 13:52
الكلمة الطيبة صدقة ... فما هى الكلمة الطيبة	بن الإسلام	القسم الإسلامي العام	0	10.01.2012 13:31
عشيقات الكهنة و الرهبان الكاثوليك يطالبن البابا بالسماح بزواج الكهنة و الرهبان	Ahmed_Negm	غرائب و ثمار النصرانية	3	29.05.2010 16:38