اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 12.01.2010, 02:01
صور خادم المسلمين الرمزية

خادم المسلمين

عضو

______________

خادم المسلمين غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 30.03.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 471  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
30.04.2011 (12:04)
تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة
فكرة


القاعدة السادسة : اعتبار تحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتعطيلها أو تقليلها :
- درء المفاسد مقدم على تحصيل المصالح -
وهي قاعدة مهمة جدا في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي تكميلية لسابقتها -وهي البدء بالأهم فالمهم-، فالداعي إلى الله يهتم أول ما يهتم بجانب العقيدة، يبينها ويصححها وينقيها من الشوائب، ثم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحض عليهما، واضعًا في اعتباره مبدأ المصالح والمفاسد -والذي يندرج تحت بند الأهم فالمهم-، فينظر إلى ما تقتضيه المصلحة العامة ويقدمه على غيره، وهكذا.
والأدلة على ذلك كثيرة ..
أولا: من القرآن الكريم:
1- قال تعالى: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ...الآية } إلى قوله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ...الآية } [البقرة-191، 192] ، فالقتال في سبيل الله تعالى يحقق مصلحة عظيمة وهي إعلاء كلمة الله تعالى ، وإذلال الشرك وأهله ، وفيه مفسدة إزهاق الأرواح ، إلا إن المصلحة في بقاء الدين وإعلاء التوحيد وإذلال الشرك ورفع الفتنة لا تقاومها المضرة في إزهاق الأرواح ، كما أن حفظ الدين مقدم على حفظ النفوس .
2- قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا } [البقرة-219] ، فالخمر بنص الآية فيها بعض المنافع للناس، ولكن الإثم المترتب أكبر من النفع المتحصل، فشارب الخمر يترك العبادة ، ويتعدى على الآخرين بالضرب والشتم والقتل وغير ذلك، وهذه المفاسد العظيمة لا تقاومها أي مصلحة أو منفعة.
ثانيا: من السنة النبوية:
1- ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : « يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ » ، وقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله لهذا الحديث بقوله: " بابُ من ترك بعض الاختيار مخافة أن يَقْصُرَ فهمُ بعض الناس عنه فيقعوا في أشدَّ منه " ، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: " وفي الحديث معنى ما ترجم له لأن قريشا كانت تعظم أمر الكعبة جدا ، فخشيَ صلى الله عليه وسلم أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غيّر بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك ، ويُستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة ، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه " .
2-ما رواه البخاري رحمه الله -بابُ من خَصَّ بالعلم قومًا دونَ قومٍ كراهيةَ أن لا يفهموا- عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: " حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " ، قال ابن حجر رحمه الله: " وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يُذكر عند العامة ".
والمُلاحِظُ يجد أن الحديث التالي في نفس الباب في صحيح البخاري يؤيد ذلك، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ: « يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ يَا مُعَاذُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثَلَاثًا، قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا، قَالَ إِذًا يَتَّكِلُوا » وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا " ، قال ابن حجر رحمه الله: " فكان النهي للمصلحة لا للتحريم " .
ثالثا: من أقوال السلف:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: "إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات ، أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها ، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد ، وتعارضت المصالح والمفاسد ، فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة ، فينظر في المعارض له ، فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به ، بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته ، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة ، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها ، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام ، وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما ، بل إما أن يفعلوهما جميعا ، أو يتركوهما جميعا ، لم يجز أن يؤمروا بمعروف ، ولا أن ينهوا عن منكر، بل ينظر ، فإن كان المعروف أكثر أمر به ، وإن استلزم ما هو دونه من المنكر، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه ، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله ، وزوال فعل الحسنات، وإن كان المنكر أغلب نهى عنه ، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف ، ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرا بمنكر ، وسعيا في معصية الله ورسوله ، وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما ، فتارة يصلح الأمر ، وتارة يصلح النهي ، وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي ، حيث كان المعروف والمنكر متلازمين ، وذلك في الأمور المعينة الواقعة" .اهـ. مجموع الفتاوى .
2- قال ابن القيم رحمه الله: " إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله ، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله ، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل ، وعدم الصبر على منكر ، فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها ، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عَزَمَ على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ، ومنَعه من ذلك - مع قدرته عليه - خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر " .اهـ. إعلام الموقعين .
ومن خلال ما تقدم من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال العلماء الأجلاء ، يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية جاءت باعتبار المصالح ودرء المفاسد ، فلا يجوز تغيير المنكر بمنكر أشد منه ، أو مثله ، فعلى الدعاة إلى الله أن يتنبهوا إلى هذه القاعدة عند أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، ولا يخفى أن هذا الباب مزلة أقدام ، وكثيرا ما يقع فيه الاختلاف والاشتباه ، وتختلط فيه النزعات الشخصية بالاجتهادات الفقهية ، والمعصوم من عصمه الله عز وجل ، ولا مخرج من هذه الفتن إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم ، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم ، والأخذ بما يقرره أهل العلم الربانيون الموثوق بهم والاجتماع خير من الفرقة.

القاعدة السابعة : التثبت في الأمور وعدم العجلة :
على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الداعي إلى الله تعالى التأكدُ من كل أمر والتثبت بشأنه، وعدم التسرع والعجلة، والتزام الحرص على الأناة، فإن في ذلك من الخير ما لا يحصى، وهو مما لا بد منه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي دعوة الناس إلى الخير.
والتبين والتثبت صفة من صفات أهل اليقين من المؤمنين ، يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى { قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [البقرة-118] : " وخص الله بذلك القوم الذين يوقنون ، لأنهم أهل التثبت في الأمور، والطالبون معرفة حقائق الأشياء على يقين وصحة ، فأخبر الله جل ثناؤه أنه بين لمن كانت هذه الصفة صفته ما بين من ذلك ، ليزول شكه ، ويعلم حقيقة الأمر ".
وقد ذم الإسلام الاستعجال ونهى عنه، ومدح الأناة والتثبت فيها، قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات-6] ، والدعاة إلى الله تعالى أولى الناس بامتثال أمر الله عز وجل بالتأني والتثبت من الأقوال والأفعال، والاستيثاق الجيد من مصدرها قبل الحكم عليها.
والواقع المشاهَد أن عدم التثبت وعدم التأني يؤديان إلى كثير من الأضرار والمفاسد في المجتمع، قال تعالى: { وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا } [الإسراء-11] .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم متثبتًا متبينًا في الأمور كلها، فكان صلى الله عليه وسلم لا يقاتل أحدا من الكفار إلا بعد التأكد بأنهم لا يقيمون شعائر الإسلام، فقد روى البخاري رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ" ، ومن تعليمه وتربيته لأصحابه -صلى الله عليه وسلم- على الأناة وعدم العجلة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا » صحيح مسلم ؛ ومن فقه قصة الخضر مع موسى عليه السلام، ومن قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام ومن غيرهما من التوجيهات القرآنية والنبوية، استنبط العلماء أحكامًا من التثبت والتروي والاستخبار قبل الإنكار.
وبهذا يتبين لنا أنه ينبغي للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الداعي إلى الله تعالى على بصيرة وحكمة أن يتثبت ويتأنى في الأمور ، وأن ينظر إلى المصالح العامة ، وما يترتب على الكلمة التي يقولها من عواقب ، وأن يحترم علماءه، ويسمع لكلامهم ويأخذ بتوجيهاتهم ، ويطيع ولاة أمره في غير معصية، وليعلم الداعي إلى الله أن التسرع والعجلة وعدم النظر قي العواقب يسبب الفشل والندامة له ولدعوته .
*فائدة: العجلة المذمومة هي ما كان في غير طاعة الله تعالى ؛ أما المسارعة في عمل الآخرة بالضوابط الشرعية التي شرعها الله تعالى فإنها غير داخلة في ذلك، قال تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [الأنبياء-90]، وقال موسى عليه السلام: { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى } [طه-84].
نخلص من ذلك كله إلى أن المستقَىٰ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون إلا مما جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم ، ولعل في ذلك بيان وجه الصواب لمن يرغب أن يكون من الأمة المفلحة ، وأن يكون من أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله تعالى على بصيرة.



وفي الختام:

أسالُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يجعَلَهُ زادًا إلى حُسْنِ المصيرِ إليه، وعَتادًا إلى يُمْنِ القدومِ عليه، إنه بكلِّ جميلٍ كفيل، هُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيل

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين







توقيع خادم المسلمين
نحن -المسلمين-
بفضل الله تعالى بنينا مجدَ الأكارم
وبكتابه الكريم أضأنا وجهَ العوالم
وبسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم أقَمنا عهدَ الحواسم
وكلّ من تُسوّلُ له نفسُه التطاولَ سُقناه سوقَ السوائم
وليصبر -إنِ استطاع- على
حَزّ الغلاصِم وقطع الحلاقِم ونكز الأراقِم ونهش الضراغِم والبلاء المتراكم المتلاطم ومتون الطوارِم


رد باقتباس