اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 05.03.2015, 22:56

د/ عبد الرحمن

مدير المنتدى

______________

د/ عبد الرحمن غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 05.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.947  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.09.2023 (05:22)
تم شكره 1.080 مرة في 701 مشاركة
افتراضي إرهاب الكنيسة فى العصور الوسطى


نصوص حرق البشر المسيحية


حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 15:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




(أنا الكَرْمَة وأنتم الأغصان [...] إن كان أحد لا يثبت فيّ [يقصد فيه، أي في يسوع] يُطرح خارجاً كالغصن، فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق)
يسوع الناصري [يوحنا 15: 1-2 و 6]



تسبب حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة من جانب المتطرفين الإسلاميين بردود أفعال متعددة تحاول أن تفهم الأساس (النصي) الذي برر هذا العمل الشنيع. ففي حوار جمعني على العشاء مع بعض الأصدقاء من الأخوة والأخوات منذ أيام قليلة، كان النقاش يدور عن (الممارسة الدينية لحرق الأحياء)، وكان نصيبي في الطرح هو (الممارسة المسيحية). أدناه مقالة كانت نواتها الأولى هو ما طرحته منذ أيام، مضافاً لتلك النواة التفاصيل الضرورية، مع المقدمة التاريخية، لجعل تلك النواة الأولى مقالة متكاملة.

موضوع هذه المقالة هو إجابة سؤال:
ما هي النصوص المقدسة التي استخدمتها الكنيسة لتبرير حرق المخالفين المخالفين أحياء؟ وما هو التبرير الثيولوجي الذي صاحب تلك العقيدة؟


في سنة 1536 م، أُحرق البريطاني وليام تينديل (William Tyndale) في مكان عام، بعد أن قُتِل خنقاً قبلها مباشرة، وذلك بسبب تهمة "الهرطقة" [الكفر، الابتداع]. ومثار الدهشة هنا هو أن تهمة تينديل التي تسببت باتهامه بالكفر والمروق من الدين المسيحي ومن ثم قتله هي: (ترجمة الكتاب المقدس إلى الإنجليزية من دون إذن مسبق)(!). فالقانون الكنسي آنذاك، والذي كان يحميه ملوك بريطانيا، هو أن كل مَنْ يحوز كتاباً دينياً غير مرخصاً كان يُعاقب بالقتل. فالمنطق الكنسي هو إذا حاز أحدهم على كتاب لا تجيزه الكنيسة أولاً للتداول، حتى وإنْ ترجم كتاباً أجازته الكنيسة سابقاً ولكن لم تعطه إذناً لترجمته للغة أخرى، فلا يوجد تفسير لهذا العمل إلا أن هذا الشخص معاندٌ للكنيسة وعقائدها، ولهذا هو كافر [هرطوقي]. إلا أن وليام تينديل كان (مِنَ المحظوظين القلة) في الحقيقة، لأنهم قتلوه خنقاً أولاً، ثم بعد ذلك أحرقوا جثته في الساحة العامة، بينما الأمر مع (عشرات الآلاف غيره في أوروبا، ومئات الآلاف في أمريكا الجنوبية) كان مختلفاً تماماً، إذ كانوا (يحرقونهم أحياء) تحت ظلال الصليب. إذ على خلاف الاعتقاد العام بأن الكنيسة، من خلال رجالها، هي التي مارست محاكم التفتيش وحرق مخالفيها، فإن الحقيقة هي أن العامة من المسيحيين قد (انقلبوا ضد بعضهم البعض بتشجيع من الكنيسة) مما أدى إلى عمليات حرق لأبرياء لا ذنب لهم إلا "التقوى المزيفة" التي يمارسها المؤمنون السذج. هذا العمل الشعبي العام، الذي شجعته وأشرفت عليه الكنيسة، أدى بقسيس من شمال فرنسا فخور بما يراه من حرق الأحياء أن يرسل رسالة إلى البابا إنوسنت الثالث (Pope Innocent III) يقول فيها: "لقد بلغ من تقوى الناس في هذه البلاد أنك لا تراهم، فحسب، على استعداد دائماً لأن يبعثوا إلى موضع الحرق [أي موضع حرق الهراطقة أحياء] بمن ثبتت ضلالتهم فقط، ولكنهم يبعثون فوق ذلك إلى موضع الحرق بكل من يظنونه ضالاً". ومع حقيقة أن ملاحقة وقتل المخالفين قد بدأ منذ قرون سابقة في التاريخ المسيحي، إلا أن الملاحظ أنه منذ أن عرّف البابا باسكال الثاني (Pope Paschal II) [توفي سنة 1118 م] مصطلح "الهرطقة" على أنه أي شيء مخالف لـ (الرؤية الرسولية)، ثم إعلان البابا أنوسنت الثالث (Pope Innocent III) في سنة 1199 م أن "الهرطقة" هي (خيانة عظمى ضد الرب) وأن القانون الوضعي يعاقب الخائن للملك بالقتل فمن باب أولى أن يكون عقاب خائن الرب كذلك إنْ لم يكن أقسى وأشد، تطور الأمر بصورة سريعة ومتعاقبة إلى حد أن الكنيسة أجبرت فردريك الثاني (Frederick II) [توّج إمبراطوراً سنة 1220] على تبني قانون (يبيح قتل الهراطقة حرقاً وهم أحياء). جاء في هذا القانون ما يلي:

"يُسلّم الضالون [الهراطقة] إلى يد السلطة الدنيوية [يقصد الحكّام وولاة الأمور] وأن يُحرقوا أحياء. فإذا ما رجعوا عن ضلالهم نجوا من الموت وحُكم عليهم بالسجن مدى الحياة، ثم صودرت جميع أملاكهم، وحرم ورثتهم من ميراثهم، وظل أبناؤهم محرومين من حق الاختيار إلى أي منصب ذي دخل وكرامة، إلا إذا كفّروا عن ذنب آبائهم بالتبليغ عن غيرهم من الضالين. كما يجب أن تحرق بيوت الضالين ولا يُعاد بناؤها قط".

بعد ذلك بسنوات قليلة، أي سنة 1229 م، أعلن البابا جريجوري التاسع (Gregory IX) بأنه من واجب كل كاثوليكي أن "يضطهد الهراطقة"، فخرج الأمر إلى (التوحش، باسم يسوع المسيح، الذي ذهب ضحاياه بالملايين في قارات متعددة). وسوف يُدهش القارئ الكريم أن محاكم التفتيش انتهت (رسمياً) سنة 1834 م، وليس قبل ذلك. فلو أردنا أن نكتب تاريخاً مقارناً بين اليهودية والإسلام معاً من جهة وبين المسيحية وحدها من جهة أخرى عن قصص حرق المخالفين (أحياء)، لكان يكفينا في اليهودية والإسلام، معاً، صفحات قليلة جداً، بينما في المسيحية سنحتاج إلى مجلدات متعددة لحصر سِيَر، مختصرة فقط، عن مَنْ تم قتلهم بهذه الطريقة الوحشية. إذ (الكنيسة المسيحية تملك أسوأ تاريخ إنساني على الإطلاق، ضمن التاريخ المكتوب للبشرية جمعاء، ومن دون استثناء، في حرق وإبادة مخالفيها)، هذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر. ففي يوم واحد فقط، أي في 16 مارس 1244 م، أُشعلت نار عظيمة أسفل قلعة مونستييه (Château de Montségur)، تحت إشراف ونظر رئيس أساقفة نربون (Archbishop of Narbonne)، وأحرق فيها أكثر من (200 شخص أحياء دفعة واحدة) بتهمة الهرطقة. ثم بعد ذلك، في نفس السنة، يجتمع المجلس الكنسي في نربون ليقرر بأنه عند الحُكم على الهراطقة: "لا يجب أن يُبقى على حياة زوج بسبب زوجته، ولا على حياة زوجة بسبب زوجها، ولا على حياة أبوين بسبب أطفالهما، ولا يجب أن يُخفف الحكم بسبب المرض أو كبر السن. وكل حكم يجب أن يتضمن الجَلد (Flagellation) حتى وإن كان الحكم هو الحرق حياً". [انظر الهامش رقم 1]

السؤال الذي يطرح نفسه مباشرة الآن: (ما هو الأساس النصي المقدس الذي استندت عليه الكنيسة حتى تبرر حرق مخالفيها أحياء)؟

سوف يتفاجأ القارئ بأن الجواب:
(يسوع هو الذي شرّع قتل المخالفين حرقاً وهم أحياء في إنجيل يوحنا). وعلى هذا استندت الكنيسة في تبريرها اللاهوتي لفظائع محاكم التفتيش. إذ الأمر كله يدور على (أربعة ركائز أو أسس) فقط لا غير، مضافاً لها (ركيزة خامسة للسحرة).

الأساس الأول:
(لعن المخالف) كما في رسائل بولس:

(إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما. كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضاً: إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم، فليكن أناثيما) [رسالة بولس إلى أهل غلاطية 1: 8-9]
أما كلمة (أناثيما) [الترجمة العربية لا تعكس اللفظ الصحيح. هي تُلفظ "آنثِما"] فهي يونانية الأصل، وتعني حرفياً: (الشيء المكرس للشر فهو ملعون). وفي نصوص (العهد الجديد) نجد أن بولس أول من استخدمها حصراً لوصف مخالفيه في عدة مواضع، ثم استخدمها منه كاتب سفر (أعمال الرسل) [23: 14] في قصة محاولة قتل بولس من جانب أربعين شخصاً من اليهود، إذ يترجم المترجم العربي النص هكذا: (فتقدموا إلى رؤساء الكهنة والشيوخ وقالوا: قد حرمنا أنفسنا حرماً أن لا نذوق شيئا حتى نقتل بولس). والترجمة غير دقيقة، إذ الترجمة الصحيحة هي: (قد ألزمنا أنفسنا أن نكون تحت لعنة عظيمة [نذر آنثِما] إذا أكلنا شيئاً حتى نقتل بولس) (We have bound ourselves under a great curse) [made a vow of anathema]. إذن النص أعلاه يعني أن أي مخالف لتعليم بولس والكنيسة التابعة له هو (ملعون لعنة عظيمة).
ويضاف إلى هذا النص قول يسوع: (لو لم أكن قد جئت وكلمتهم، لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم) [يوحنا 15: 22]، أي رفض قبول عذر الهرطقة مطلقاً، ورفض قبول التعايش مع المختلف مطلقاً. فلا يوجد (تسامح) إطلاقاً، بنص قول يسوع، مع أي خارج على الكنيسة.


الأساس الثاني:
(حرق المخالف) كما ورد في إنجيل يوحنا على لسان يسوع:

(أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرّام. كل غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه [...] أنا الكرمة وأنتم الأغصان [...] إن كان أحد لا يثبت فيّ [يقصد فيه، أي بإيمانه في يسوع] يُطرح خارجاً كالغصن، فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق) [يوحنا 15: 1-2 و 5 و 6]
فالكنيسة استندت على (هذا النص بالتحديد) في كلام يسوع لتشريع حرق المخالفين لها. وهذا (التعليم المنسوب ليسوع) هو (منشأ معاناة البشرية، بالحرق والقتل والإبادة) على أيدي المسيحيين، تحت رايات الصليب أحياناً أو تحت ظلال الصليب الخشبي أحياناً أخرى.


الأساس الثالث:
ضرورة (إسكات المخالف) كما ورد في رسالة بطرس الأولى:
(هكذا هي مشيئة الله: أن تفعلوا الخير فتُسَكِّتُوا جهالة الناس الأغبياء) [رسالة بطرس الأولى 2: 15]


الأساس الرابع
(الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتبناه المؤمن المسيحي مع المخالف) وهو ما ورد في سفر التثنية:
(إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً، وأعطاك آية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلا: لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها ونعبدها [...] ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يُقتل [...] فتنزعون الشر من بينكم. وإذا أغواك سراً أخوك ابن أمك، أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك، أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلاً: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك [...] فلا ترض منه، ولا تسمع له، ولا تشفق عينك عليه، ولا ترق له ولا تستره، بل قتلاً تقتله. يدك تكون عليه أولاً لقتله، ثم أيدي جميع الشعب أخيراً. ترجمه بالحجارة حتى يموت [...] إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولاً: قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوحوا سكان مدينتهم قائلين: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفوها [...] فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك، فتكون تَلاً إلى الأبد، لا تُبنى بَعد) [تثنية 13: 1-16]


إذا جمعت هذه النصوص المقدسة الأربعة مع بعضها، أصبح لديك (الأساس التشريعي الكنسي المسيحي العام) التي انطلقت منها (محاكم التفتيش الكاثوليكية لتُحرق مخالفيها بالنار أحياء). وإذا أضفت لها هذا النص: (لا تدع ساحرة تعيش) [خروج 22: 18] أصبح لديك الأساس التشريعي الكنسي المسيحي الخامس لقتل السحرة والساحرات حرقاً أحياء.

أما التبرير الفقهي المسيحي فهو كثير ومتعدد ويمتد لقرون متعددة، إلا أن أكثره شهرة هو ما كتبه القديس توما الأكويني (Thomas Aquinas) [توفي 1274 م] في كتابه الشهير (Summa Theologica). ففي هذا الكتاب (تتكرر) التأكيدات والتبريرات على وجوب قتل المخالفين. أدناه مثالين فقط لِما ورد عند الأكويني:

(إن حياة الرجال ذوي التأثير الوبائي [يقصد فكرياً وعقائدياً] هو عائق للمصلحة العامة التي تُبنى على تناغم المجتمع الإنساني. ولهذا السبب، فإن بعض الرجال يجب أن يُزالوا من المجتمع الإنساني بالقتل)

ثم بعد ذلك قدّم توما الأكويني تبريراً لهذا الرأي من رسائل بولس: (ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تُخمّر العجين كله؟! إذا نقّوا منكم الخميرة العتيقة، لكي تكونوا عجيناً جديداً) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 6-7] و (أما الذين من خارج، فالله يدينهم. فاعزلوا الخبيث من بينكم) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 13] و (لأنه [يقصد السلطان أو الحاكم] خادم الله للصلاح، ولكن إن فعلت الشر فخف، لأنه لا يحمل السيف عبثا، إذ هو خادم الله، منتقم للغضب مِنَ الذي يفعل الشر] [رسالة بولس إلى أهل رومية 13: 4]

أما أكثر نصوص توما الأكويني شهرة في كتابه فهو هذا النص:

"فيما يتعلق بالهراطقة [الكفرة، المبتدعين] فإنه يتوجب أن نعي أمرين. الأمر الأول يتعلق بهم، والأمر الثاني يتعلق بالكنيسة. [الأمر الأول] المتعلق بهم فهناك الخطيئة التي بسببها يستحقون ليس فقط إبعادهم عن الكنيسة بواسطة الطرد والحرمان (excommunication)، ولكن يجب قطعهم من هذه الدنيا بالقتل. لأن فساد الإيمان الذي يُسرع للروح هو أمر أخطر بكثير من أن تُزيّف نقوداً تُقيم بها الحياة في الدنيا. فإذا كان مزيِّفوا النقود وفاعلي الشر يُحكم عليهم بالموت عند السلطة الحاكمة الدنيوية، فمن باب أولى أن يكون هذا سبباً للهراطقة، عندما يُحكم عليهم بالهرطقة، أن لا يُكتفى بطردهم وحرمانهم، ولكن يجب قتلهم أيضاً. [أما الأمر الثاني] المتعلق بالكنيسة [...] بعد موعظتهم مرة ومرتين [يقصد نصح الكافر أو الهرطوقي للرجوع عن كفره] كما أوصانا الرسول [يقصد بولس في رسالته إلى تيطس 3: 10]، فبعد هذه الموعظة، فإن كان لا يزال معانداً ومكابراً، فإن الكنيسة لم يعد عندها أمل لتحوله [إلى العقيدة الصحيحة]، ولذلك فإن الكنيسة يجب أن تسعى لخلاص الآخرين بواسطة حرمانه وعزله عن الكنيسة، هذا بالإضافة إلى تسليمه للسلطة الحاكمة الدنيوية لمحاكمته حتى تتم إبادته (to be exterminated) [لاحظ التعبير: "إبادته"] من هذه الدنيا بواسطة الموت. ولهذا فإن جيروم (Jerome) [يقصد القديس جيروم، توفي سنة 420 م] عند تفسيره نص (غلاطية 5: 9) (خميرة صغيرة تُخمّر العجين كله)، قد قال: أقطعوا منكم اللحم المتعفن، أطردوا الخراف الجرباء من الحظيرة، وإلا فإن البيت كله، العجين كله، الجسد كله، القطيع كله، سيحترق، سيفنى، سيموت".
[Summa Theologica, Thomas Aquinas, Vol. 3, The 2nd part of the 2nd part, p. 150 ]


سوف أعطي مثالاً واحداً فقط على (الذهنية الكنسية المسيحية) التي (أحرقت البشر أحياء) حتى يتبين للقارئ (القدرة الدينية المسيحية الكامنة على التوحش):

محقق وقاضي محاكم تفتيش، وفي نفس الوقت قائد جيش ضد الكاثريين [Cathars]، الأب آرنود أملرك [يسمى في المصادر المسيحية Papal Legate Arnaud]، عندما سُئِل قبل مذبحة مدينة بيزييه (Béziers) الفرنسية عن كيفية التفريق داخل المدينة بين الكاثريين الهراطقة وبين الكاثوليك الذين مِنَ المفترض أنهم يتبعون العقيدة الكنسية القويمة من وجهة نظره، أجاب:

(اقتلوهم جميعاً، فالله يعرفهم جميعاً ويعرف الذين لهُ)

بعد هذه المذبحة، كتب الأب آرنود رسالة، في أغسطس سنة 1209 م، إلى البابا آنوسنت الثالث (Pope Innocent III) الذي أعلن حرب التصفية والإبادة على الكاثريين، يصف فيها هذه المذبحة. جاء في الرسالة:

"لم يترك رجالنا أحداً، بغض النظر عن الرتبة، أو الجنس، أو العمر. لقد وضعنا على حد السيف عشرين ألفاً (20000) من البشر. وبعد هذه المذبحة العظيمة فإن المدينة كلها نُهبت، ثم أحرقناها".

عشرين ألف إنسان، (20000)، تم إبادتهم (في يوم واحد فقط) من دون التفريق بين رجل أو امرأة أو طفل أو بريئ أو هرطوقي. قتلوهم أو أحرقوهم، فما كان (لله، فقد جعلوهم يذهبوا إليه) وما كان (للشيطان، فقد جعلوهم يذهبوا إليه). وهل بعد هذا (التوحش) الكامن توحش؟! هل قرأت "سادية" في تاريخ البشرية جمعاء تساوي ما تقرأه في هذا التاريخ الديني؟


أدناه هي بعض نصوص (الحرق) الواردة في (الكتاب المقدس)، والتي تم استخدامها في مصادر متعددة كنصوص (تبريرية) ضمن العقيدة المسيحية ولاهوتييها لـ (حرق المخالفين أحياء):


1- (ولما كان نحو ثلاثة أشهر، أخبر يهوذا وقيل له: قد زنت ثامار كنتك، وها هي حبلى أيضاً من الزنا. فقال يهوذا: أخرجوها فتُحرق) [تكوين 38: 24]

2- (وإذا اتخذ رجل امرأة وأمها فذلك رذيلة. بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم) [لاويين 20: 14]

3- (واذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست أباها. بالنار تحرق) [لاويين 21: 9]

4- (ويكون المأخوذ بالحرام يحرق بالنار هو وكل ما له، لأنه تعدى عهد الرب، ولأنه عمل قباحة في إسرائيل [...] فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له، وجميع إسرائيل معه، وصعدوا بهم إلى وادي عخور. فقال يشوع: كيف كدرتنا؟ يكدرك الرب في هذا اليوم. فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة) [يشوع 7: 15 و 24-25]

5- (ليسقط عليهم جمر، ليسقطوا في النار، وفي غمرات فلا يقوموا) [مزامير 140: 10]

6- [يسوع:](إن كان أحد لا يثبت فيّ يُطرح خارجاً كالغصن، فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق) [يوحنا 15: 6]

7- (عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطياً نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته) [رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي 1: 7-9]

8- (فهو أيضاً سيشرب من خمر غضب الله، المصبوب صرفاً في كأس غضبه، ويعذب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف، ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين) [رؤيا يوحنا اللاهوتي 14: 10-11]

9- (وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني) [رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 8]



هــــــــــــــوامـــــــــــش:

1-
The Inquisition of the Middle Ages, Henry Lea, Abridgement by Margaret Nicholson, New York, MacMillan, 1961 ,pp. 70







توقيع د/ عبد الرحمن

- ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار ؟ تقول : الحمد لله عدد ما خلق ، الحمد لله ملء ما خلق ، الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض ، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه ، والحمد لله على ما أحصى كتابه ، والحمد لله عدد كل شيء ، والحمد لله ملء كل شيء ، وتسبح الله مثلهن . تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك

الراوي:أبو أمامة الباهلي المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:2615
خلاصة حكم المحدث:صحيح
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)


رد باقتباس