اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 04.05.2011, 14:49
صور د/مسلمة الرمزية

د/مسلمة

مديرة المنتدى

______________

د/مسلمة غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.01.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 5.627  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (10:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
افتراضي ثالثاً : حسن العشرة والمعاملة الحسنة


ثالثاً : حسن العشرة والمعاملة الحسنة

أمر الله في القرآن الكريم المسلمين ببر مخالفيهم في الدين، الذين لم يتعرضوا لهم بالأذى والقتال، فقال: [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين] (الممتحنة: 8).

قال الطبري: "عنى بذلك لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم .. وقوله: { إن الله يحب المقسطين } يقول : إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم".[50]

والبر أعلى أنواع المعاملة ، فقد أمر الله به في باب التعامل مع الوالدين ، وقد وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : (( البر حسن الخلق )).[51]

قال القرافي وهو يعدد صوراً للبر أمر بها المسلم تجاه أهل الذمة: " ولين القول على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته، لطفاً منا بهم، لا خوفاً وتعظيماً ، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، نصيحتهم في جميع أمور دينهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم .. وكل خير يحسُن من الأعلى مع الأسفل أن يفعله، ومن العدو أن يفعله مع عدوه، فإن ذلك من مكارم الأخلاق .. نعاملهم – بعد ذلك بما تقدم ذكره - امتثالاً لأمر ربنا عز وجل وأمر نبينا صلى الله عليه وسلم [52].

وقد تجلى حسن الخلق عند المسلمين في تعاملهم مع غيرهم في كثير من تشريعات الإسلام التي أبدعت الكثير من المواقف الفياضة بمشاعر الإنسانية والرفق.

فقد أوجب الإسلام حسن العشرة وصلة الرحم حتى مع الاختلاف في الدين ، فقد أمر الله بحسن الصحبة للوالدين وإن جهدا في رد ابنهما عن التوحيد إلى الشرك، فإن ذلك لا يقطع حقهما في بره وحسن صحبته: [وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً] (لقمان: 15).

قال ابن كثير: " إن حرصا عليك كل الحرص، على أن تتابعهما على دينهما؛ فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعك ذلك أن تصاحبهما في الدنيا [معروفاً] أي محسناً إليهما".[53]

وقد جاءت أسماء بنت الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: يا رسول الله ، قدمت عليّ أُمّي وهي راغبة ، أفأَصِلُ أُمي؟ فأجابها الرحمة المهداة : (( صِلِي أُمَّك)).[54]

قال الخطابي: "فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل المسلمة، ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة؛ وإن كان الولد مسلماً".[55]

قال محمد بن الحسن: "يجب على الولد المسلم نفقة أبويه الذميين لقوله تعالى: [وصاحبهما في الدنيا معروفا ] (لقمان: 15)،
وليس من المصاحبة بالمعروف أن يتقلب في نعم الله، ويدعهما يموتان جوعاً، والنوازل والأجداد والجدات من قبل الأب والأم بمنزلة الأبوين في ذلك، استحقاقهم باعتبار الولاد بمنزلة استحقاق الأبوين".[56]

وفي مثل آخر لصلة الرحم – وإن كانت كافرة - يقول عبد الله بن مروان: قلت لمجاهد: إن لي قرابة مشركة، ولي عليه دين، أفأتركه له؟ قال: نعم. وصِله.[57]

ويمتد البر وصلة الرحم بالمسلم حتى تبلغ الرحم البعيدة التي مرت عليها المئات من السنين، فها هو صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بأهل مصر خيراً ، براً وصلة لرحم قديمة تعود إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً)).[58]

قال النووي: " وأما الذمة فهي الحرمة والحق , وهي هنا بمعنى الذمام ، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم".[59]

ومن البر وصلة الأرحام عيادة المريض ، فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب في مرضه[60]، وعاد أيضاً جاراً له من اليهود في مرضه، فقعد عند رأسه. [61]

ومن صور البر التي تهدف إلى كسب القلوب واستلال الشحناء؛ الهدية، وقد أهدى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مخالفيه في الدين، من ذلك ما رواه ابن زنجويه أن رسول الله أهدى إلى أبي سفيان تمر عجوة، وهو بمكة، وكتب إليه يستهديه أدماً، فأهدى إليه أبو سفيان.[62]

وقبِل صلى الله عليه وسلم في خيبر هدية زينب بنت الحارث اليهودية، لكنها هدية غدر لا مودة، فقد أهدت له شاة مشوية دست له فيها السم.[63]

وفي مرة أخرى دعا يهودي النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه صلى الله عليه وسلم [64].

كما قبِل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الملوك إليه، فقِبل هدية المقوقس، وهدية ملك أيلة أكيدر، وهدية كسرى. [65]

قال ابن قدامة : "ويجوز قبول هدية الكفار من أهل الحرب لأن النبي eقبل هدية المقوقس صاحب مصر".[66]

وأهدى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حُلّةً ثمينة، فأهداها عمر رضي الله عنه أخيه بمكة كان يومئذ مشركاً.[67]

قال النوويّ: " وفي هذا دليل لجواز صلة الأقارب الكفار , والإحسان إليهم, وجواز الهدية إلى الكفار".[68]

ويروي البخاري في الأدب المفرد عن مجاهد أنه سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه يقول لغلام له يسلخ شاة: يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي. فقال رجل من القوم : اليهودي أصلحك الله!؟ فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار، حتى خشينا أنه سيورثه.[69]

وحين تحدث الفقهاء عن حقوق الضيف رأوا وجوبها لكل ضيف، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، قال أبو يعلى: "وتجب الضيافة على المسلمين للمسلمين والكفار لعموم الخبر، وقد نص عليه أحمد في رواية حنبل، وقد سأله إن أضاف الرجل ضيفان من أهل الكفر؟ فقال: قال صلى الله عليه وسلم : ((ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم))، دل على أن المسلم والمشرك مضاف .. يعم المسلم والكافر".[70]

ومن حق الضيافة إكرام الضيف على قدر الاستطاعة ، وقد صنعه النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه عدي بن حاتم، يقول عدي: "أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن حاتم. وجئتُ بغير أمان ولا كتاب، فلما دُفعتُ إليه أخذ بيدي .. حتى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادة، فجلس عليها". [71]

ومن أعظم أنواع البر وصوره؛ دعاءُ النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين، وهو بعض رحمته صلى الله عليه وسلم للعالمين، ومنه دعاؤه لقبيلة دوس ، وقد قدم عليه الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن دوساً قد كفرت وأبت ؛ فادع الله عليها، فقيل : هلكت دوس - أي ستهلك بدعائه عليها - فقال صلى الله عليه وسلم : (( اللهم اهد دوساً، وائت بهم)).[72]

ولما قيل له صلى الله عليه وسلم في موطن آخر: يا رسول اللّه، ادع على المشركين .. قال: ((إنّي لم أبعث لعّاناً، وإنّما بعثت رحمةً)).[73]








توقيع د/مسلمة



اللهم اغفر لنا


رد باقتباس