الموضوع
:
القيم و الأخلاق الإسلامية
اعرض مشاركة منفردة
Tweet
Share
رقم المشاركة :
6
(رابط المشاركة)
28.01.2012, 01:45
د/مسلمة
مديرة المنتدى
______________
الملف الشخصي
التسجيـــــل:
04.01.2010
الجــــنـــــس:
أنثى
الــديــــانــة:
الإسلام
المشاركات:
5.627
[
عرض
]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (10:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
خامسًا: الإخاء :
ليس من الفطرة أن يعيش الناس على هذا الكوكب في تشتت و تمزق ،و لا من العقل و المنطق أن يتنافر البشر ويتناطحوا ،و قد أوجدهم الله تعالى من مصدر واحد ،و أصل واحد ،خلقهم جميعا من آدم و حواء ،أبيضهم و أسودهم ،عربيهم و عجميهم ،سيدهم و مسودهم غنيهم و فقيرهم ،بل إن أشد ما يتنافى مع الفطرة ،و يتعارض مع العقل ، أن يوحد الله عباده في المنشأ و المصدر ،ثم يتفرقون في المرجع و المصير .
و لأجل هذا اتخذ الإسلام كل أساس و قاعدة تحمي هذا الكيان من الانشقاق و التصدع ،و تمكنه من أداء مهمته على الوجه الأمثل و من بين تلك القواعد : ((الإخاء)) الذي امحي أمامه جميع فوارق أفراد هذا الكيان ، و امتيازاتهم من نسب عريق ، و مال غفير ، و جاه عريض ، و كل ما درج الناس على اعتباره مميزا بعضهم عن بعض
إذن ما هو ((الإخاء )) و ما مقوماته ،وما ثمرته ، و كيف حققه الإسلام بين الناس ؟ هذا ما سيأتي تفصيله في الفقرات التالية:
1/ مفهوم الإخاء :
الأصل في الإخاء انه اشتراك الطرفين في الولادة القريبة أو البعيدة . أما القريبة فمثل موسى و هارون عليهما السلام ، فقد كان بينهما إخاء في الأب و الأم
قال تعالى مخبرا عنهما :
((و ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني ))
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى :
((قال ابن أم ))
كان ابن أمه و أبيه
و قال ابن كثير : شقيقه لأبيه و أمه
و هذا هو الإخاء في النسب القريب .
و أما البعيد فمثل عاد و هود ،
قال تعالى :
((و إلى عاد أخاهم هودا ))
قيل :أخوهم في القبيلة ،
و قيل:بشر من بني أبيهم آدم
و المراد بالإخاء هنا ، الإخاء في الدين و الحرمة ، و هو أن يتآخى مجموعة من الناس في العقيدة ، و يشتركوا في الدين ،
قال تعالى :
((و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم))
و قد وصف الله المؤمنين بأنهم إخوة ، قال تعالى :
((إنما المؤمنين اخوة ))
و إنما وصفهم بالاخوة ، لأن كل واحد منهم يتوخى مذهب أخيه و يقصده فلا يفارقه اعتقادا ، و عملا ، و سلوكا.
و نحن إذا دققنا النظر في مسمى ((الإخاء )) و مدلوله اللغوي و الشرعي ،و جدنا أنه تنتظمه ثلاثة أنواع :
أ-أخوة في النسب و القرابة ،
و هي المراد في باب المواريث ،
مثل قوله تعالى
: ((و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد و ورثه أبوه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ))
و كل إنسان يولد مزودا بها .
ب-أخوة في الآدمية و الإنسانية ،
و هي المراد في مطلق الإنسان ، أو بني آدم ، أو النوع
قال تعالى :
((و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ))
قال ابن كثير :استدل بهذه الآية الكريمة على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة أي استدل بها من قال بأن بني آدم –و هم جنس البشر –أفضل من الملائكة.
و قال تعالى :
((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ))
أي جميع الناس مؤمنهم و كافرهم ،نسيبهم و دعيهم، قريبهم و بعيدهم، حاضرهم و غائبهم.
ج-أخوة في الدين و العقيدة
،و هذه هي المرادة في باب الإيمان و فروعه ،
كقوله تعالى:
((إنما المؤمنون إخوة ))
و قوله تعالى :
((فأصبحتم بنعمته إخوانا ))
أي أصبحتم بالإسلام إخوانا متحابين بجلال الله تعالى ، متواصلين في ذات الله ، متعاونين على البر و التقوى
و في الحديث :
(المسلم أخو المسلم ،لا يظلمه و لا يخذله و لا يحقره)
و غير ذلك من الآيات و الأحاديث الدالة على هذا النوع من الأخوة.
لماذا بني الإسلام الأخوة على أساس الإيمان دون النسب و الجنس ؟
إن الإسلام لم يبن الأخوة على النسب و الجنس لكونهما مبنيين على الالتقاء الجسدي المادي و هو لا يكون جماعة قوية متماسكة ، تصمد لعواصف التمزق و التفرق ، و رياح الاختلاف و التنازع ، لا سيما إذا كان الاختلاف في الفكر و التصور ، و العقيدة و المنهج ، و من المشاهد المتكررة ، إن أبناء النسب يتقاتلون متى اختلفت عقائدهم و أهدافهم ، و تضاربت أفكارهم و مذاهبهم ،بينما يتعامل أبناء الدين و العقيدة ، و يتعاونون فيما بينهم و إن اختلفت أنسابهم و ألوانهم ، و تغايرت أوطانهم و لغاتهم.
و لأجل هذا أقام الإسلام أخوة البشر على الإيمان ،لأن الإيمان رابطة قوية ، تستولي على الروح و الضمير ،فتجعله خاضعا لصوتها، أضف إلى ذلك ، أنها لا تحد بالحدود النسبية و اللونية ، و لا بالحدود القومية و الوطنية ، و لا بالحدود الإقليمية و الجغرافية ،و إنما تتجاوزها بحذافيرها و تشمل أقطار الأرض كلها ، لأنها تهدف إلى إقامة مجتمع بشري عالمي ،يسوده الإخاء و المودة.
2/ مقومات الأخوة الإسلامية :
إذا كان العمران بلا عمود ينهد ، فكذلك الأخوة الإسلامية تصاب بالخروق إذا فقدت الأساس الذي تقوم عليه ، و الذي يمدها بالثبات و الاستقرار،
و لو ذهبنا نعدد
مقومات هذه الأخوة
،لا نحصيها كثرة ،و لكن سنوجزها في الآتي:
أ-المحبة و الولاء:
لا يمكن أن تتحقق أخوة الإسلام إلا إذا أحب المسلم أخاه المسلم محبة صادقة تصدر من القلب و الضمير ، فتترجمها الجوارح و الأعضاء ، يسلم عليه إذا لقيه ، و يساعده إذا احتاج إليه ، و يكرمه إذا نزل عنده و يجلب إليه الخير كله ، و يدفع عنه الشر كله ، حتى انه من كثرة حبه له ينزله منزله نفسه ، أو أقرب الناس إليه.
الأمثلة على ذلك:
مثال من القرآن الكريم ، قوله تعالى : واصفا حال الأنصار مع من هاجر إليهم من مؤمني مكة
((و الذين تبوؤا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة))
روى عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال : (لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بيني و بين سعد بن الربيع ، فقال سعد لي : أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا ،فانظر شطر مالي فخذه ،و تحتي امرأتان ، فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها ) أي حب أعظم من هذا ، أن يطلق لك أخوك زوجته ، و كريمته حتى تتزوجها و أي إخاء أمتن من أن يشاطرك أخوك ماله و جهده
ب -الصبر و احتمال الأذى :
المؤمن يصبر محتسبا لما يجده من إخوانه من جفاء و غلظة ، و يتحمل كل ما يلقاه منهم من إساءة و أذى قولي أو فعلي ، حفاظا على الأخوة ، و حرصا على بقائها و استمرارها، فلو ذهب ينتقم من كل من أساء إليه ، ويدفع سيئته بمثلها، ربما لا ينتهي الدور ، خصوصا إذا كان المنتقم ، أضعف من المنتقم منه ، و لا أحد يعينه على قضاء وطره منه ، فيصبح الناس في دوامة العنف و البطش ، و هذا أشد خطورة من مصلحة الانتقام.
قال تعالى عن هذا :
((و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه و لي حميم ، و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم))
ج- حفظ السر و ترك الفضيحة
، و المؤمن ستار لعيوب أخيه ، مهما بلغت من الخطورة غايتها ، ما لم يكن مجاهرا بها ، مفتخرا بالتلبس بها ،حتى يصون كرامة أخيه ، و يمنعها من التردي و الانحطاط لو افتضح أمام الناس ،
و لذلك قال تعالى :
((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون))
و قال صلى الله عليه وسلم :
(لا يستر عبد عبدا في الدنيا ، إلا ستره الله يوم القيامة )
ما السر في منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ؟
لقد منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ،و اعتبر الإعلان نفسه جريمة أخرى ، منفصلة عن جريمة مرتكب المعايب و الذنوب لأمرين:
أ-إتاحة الفرصة للمذنب أن يراجع نفسه و يتوب إلى الله ،
فلو افتضح أمره ،و انكشف ذنبه ،فقد ضاع الحياء من وجهه ، و ربما أغراه الافتضاح و التشهير على السير قدما في المعايب و الرذائل. أما لو ظل عيبه مستورا ،فإن الاحتفاظ بسمعته ، و سيرته يبقى قائما لديه ، و لذلك نصح الإسلام بعدم كشف العيب ،
فقد روى معاوية –رضي الله عنه –قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(انك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم )
و روى عقبة ابن عامر –رضي الله عنه –مرفوعا
(من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤودة )
ب-منع انتشار الفساد في الأرض ،
فإعلان العيوب و العورات دون أن يصحبه العقاب ،يفسد الجو الاجتماعي ،و يغري الناس بارتكابها ،و كان ذلك الإعلان بمثابة تنبيه و تعليم للأشرار و كثيرا ما يصرح الفساق بأن ما ارتكبوه من الذنوب ،لم يكن إلا نتيجة لما تعلموه من خلال خبر كتبته صحيفة ، أو بثته إذاعة ، أو عرضه تلفاز ، أو تناقلته ألسنة الناس.
حالات يجب ستر العورة فيها ،
أوجب الإسلام ستر العورة و العيب في الحالات التالية:
أ-
الزنا الذي لم يبلغ نصاب الشهود فيه أربعة أشخاص.
ب-
أن يكون الذنب –من حيث أثره –يخص المذنب و لا يتعداه إلى غيره.
ج-
أن يكون الإعلان له يؤدي إلى فساد أكبر ،و ضرر أوسع.
د-
أن يكون الإعلان سببا لإسقاط ثقة الإنسان ،الذي ينتفع الناس بثقته.
ه-
أن يكون المذنب مستفتيا ،يبحث عن حكم الشرع في ذنبه ،و طريق التوبة منه
حالات يجب كشف العورة فيها:
و يجب كشف العورة فيما عدا الحالات السابقة و خاصة إذا كان المذنب مجاهرا بذنبه ،عارفا لحكم الله ،و يعقاب عليه حتى لا يتشجع الناس على اقترافه.
تميز رابطة الأخوة الإسلامية على غيرها من الروابط:
إن رابطة الأخوة الإسلامية عميقة الأثر في كيان الجماعة ، لا تعدلها رابطة أخرى من الجنس أو اللغة أو الوطن ، أو الجوار أو المصلحة المادية المشتركة ، بل إن هذه الروابط مجتمعة ،مهما يكن أثرها الظاهري من كف الأذى ،و بذل المعروف ، تظل روابط سطحية ، لا تزال تتخللها الفجوات و الثغرات ، حتى تشدها رابطة الأخوة الروحية ،و القيم العليا ، فهنا تعود الكثرة وحدة.
3/ ثمرة الإخاء ،
و يمكن تقسيمها إلى قسمين:
أ-ثمرة في الدنيا :
و هي كالآتي :
- الوحدة و الجماعة:
فالمسلمون يتحدون بالأخوة ، و يجتمعون عليها ، فهم حقا يتمثل فيهم قوله صلى الله عليه و سلم :
(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)
- إزالة الفوارق الطبقية و الاجتماعية:
فالاخوة الإسلامية تذيب الفوارق النسبية و الامتيازات الطبقية ،لا يفضل أحدهم على آخر إلا بالجد و العمل ، كلهم متساوون في الحقوق و الواجبات
((إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))
- النصح و الإرشاد:
فالمسلمون إخوة ، يتناصحون فيما يهمهم من أمور الدنيا و الآخرة ،هذا التناصح الذي لم يكن ليحصل ، لولا امتلاء قلوبهم بالحب الصادق لأخوتهم ،و رغبتهم الملحة لجلب المعروف إلى ساحتهم ، و إبعاد المنكر عنها.
- تقدم المسلمين في كل مجال وميدان:
فإن لهذه الأخوة أثرا كبيرا في نشأة الحضارة، لأنه ما من مجتمع يتفرق أفراده، إلا ويتخلف عن ركب الحضارة تضرب عليه الذلة و المسكنة لعدم التآخي فيه، و بقدر تباعد أفراده و اختلافهم وعدم اتحادهم، يتسرب إليهم الضعف والوهن ،فتذوب قوتهم وتذهب ريحهم، ويصبحون أذلة بعد عزة
ب-ثمرته في الآخرة :
و هي كالآتي :
- الحصول على مرضاة الله بدخول الجنة:
فإن المؤمن إذا آخى مؤمنا ،و أحبه ،أدخله الله الجنة لأنه آخى من أمر الله بمؤاخاته ،و أحب من أمر الله بحبه ،و في الحديث :
(لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ،و لا تؤمنوا حتى تحابوا ،أولا أدلكم على شيء لو فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم )
- الأمن من شدائد يوم القيامة وأهواله:
فقد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم سبعة أصناف يظلهم الله في ظله ،يوم لا ظل إلا ظله ،و فيه :
(و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ،و تفرقا عليه )
و المراد بالتظليل ،هو النجاة من دنو الشمس و شدة حرها ،و هذا لا يحصل إلا للإخوة المتحابين.
- الفوز بدعوة المؤمنين الصالحين قبل و بعد الموت:
و ذلك أن كل مصل ،يدعو في تشهده بهذا الدعاء : (السلام علينا و على عباد الله الصالحين ) و هو دعاء عام ،يصيب كل عبد صالح في السماء و الأرض و الصلاح يتحقق بإتيان كل معروف شرعه الله ،و اجتناب كل منكر نها الله عنه، و من المعروف : أن تحب من وافقك في القصد و التوجه ،و تؤاخي من شاركك في العمل و الأداء.
يتبع بإذن الله ...
المزيد من مواضيعي
تحميل كتاب تفنيد الخطيئة الأصلية في العقيدة المسيحية - السيف العضب
الفرق بين زواج المسلمين و غير المسلمين
حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم
الإعجاز العلمي في الكتاب المقدس ..... حقيقة أم وهم ؟؟؟
حاخام يهودى : أوروبا الإسلامية أفضل بكثير من أوروبا النصرانية
كتاب معجزات الرسول
تحميل اسطوانة مكافح الشبهات - أبو عمر الباحث
الفروق بين الإسلام والنصرانية
توقيع
د/مسلمة
اللهم اغفر لنا
د/مسلمة
اعرض الملف الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى د/مسلمة
إيجاد كل مشاركات د/مسلمة
إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع
603
عدد الـــــردود
5024
المجمــــــــوع
5.627