اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 01.05.2014, 20:50
صور الشهاب الثاقب الرمزية

الشهاب الثاقب

مشرف عام

______________

الشهاب الثاقب غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.09.2011
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 991  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
18.05.2024 (17:03)
تم شكره 689 مرة في 467 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين



دور العقل ومكانته :
وبعد أن تعرفنا على المصدر الرئيس للعقيدة الإسلامية (وهو الوحي) ، نلمع إلماعات سريعة إلى دور العقل ومكانته ومجاله في الإسلام ، وأنه مؤيد لا يستقل بمعرفة أصول العقيدة
على وجه التفصيل .
والعقل في اللغة العربية : يطلق على القيد الذي يقيد به البعير ، لئلا يند ، وسميت الملكة التي يتميز بها الإنسان " عقلا " تشبيها لها بالقيد ، على عادة العرب في استعارة أسماء المحسات للأمور المعنوية .
وتستخدم كلمة " عقل " ومشتقاتها في اللغة بمعانٍ متعددة أصلها واحد ، وهو حبسة في الشيء أو ما يقارب الحبسة ، أو الإمساك والاستمساك .
ونستطيع أن نخرج من الاستعمال اللغوي لكلمة " العقل " بملاحظات ونتائج نوجز أهمها فيما يلي :
1 - إن العقل ملكة معنوية ، وليست شيئا حسيا ، وبها يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات .
2 - هذه الملكة تمنع صاحبها عما لا يليق ، وتزجره عنه ، فكأنها تقوم بعملية إيجابية وأخرى سلبية ، وكلتاهما تطلقان أحكاما قيمية على الفعل .
3 - هذه الملكة كاشفة لصاحبها عما ينبغي أن يفعله ، وعندئذ كأنه يتحصن بها .
4 - وفيها جماع الأمر والرأي ، وتدعو للتثبت في الأمور .
5 - العقول متفاوتة بحسب فطرة الله التي فطر الناس عليها ، باتفاق العقلاء .
عناية الإسلام بالعقل :
ينوه الإسلام تنويها كبيرا بالعقل ، ويعلي من مكانته وقيمته ، ويحفل به وبوسائل الإدراك- بعامة- ونجد شاهدا على ذلك في الآيات القرآنية الكريمة التي تواردت بشأنه . وينبئك عن هذا أن مشتقات كلمة " العقل " تكررت في القرآن الكريم حوالي سبعين مرة . وأما الآيات التي تتصل بالعمليات العقلية وتحث على النظر والتفكر والتدبر والتبصر في آيات الله في الأنفس والآفاق ، وفي حوادث التاريخ ، وأحكام التشريع ، وتتوجه بالخطاب لأولي الألباب . . . فقد بلغت من الكثرة حدا أعطى الإسلام ميزة بين كل المذاهب والشرائع .
يقول الأستاذ العقاد : ( والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه . ولا تأتي الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة في سياق الآية ، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة ، وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله ، أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله و قبول الحجر عليه .
ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل بمعنى واحد من معانيه
التي يشرحها النفسانيون من أصحاب العلوم الحديثة . بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية على اختلاف أعمالها وخصائصها ، وتتعمد التفرقة بين الوظائف ، والخصائص في مواطن الخطاب ومناسبته .
فلا ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع ، ولا في العقل المدرك الذي يناط به التأمل الصادق والحكـم الصحيح . بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة أو وظيفة . . . ) .
فإذا تلمسنا شاهدا على ذلك في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كالتي تحث على العلم وتبين فضله ومكانته ، وترسم منهج البحث والنظر ، وتدعو للتبصر والفهم والفقه . . . وجدناها تأخذ مساحة أوسع ، في كتب الحديث الشريف ، وتجعل الإسلام- بحق- دين العلم والعقل كـما أنه دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
ونوجز فيما يلي الكلام على قيمة العقل ومكانته في الإسلام ، بخطوط سريعة وكلمات موجزة تشير إلى ما وراءها من اهتمام وعناية :
فالعقل هو هبة الله العظمى ومنحته لهذا الإنسان ، به أكرمه وميزه على سائر المخلوقات ، فأعطاه المفتاح الذي يفتح به أبواب الملكوت ، ويدخل ساحة الإيمان بالله الذي سخر للإنسان كل ما في السماوات والأرض . ولذلك امتن الله تعالى على الناس بهذا العقل ، وجعله موضوع المسئولية ، فقال سبحانه : قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا .
ولذلك جعل الله تعالى العقل مناط التكليف وسببا له ، فالخطاب الشرعي لا يتوجه إلا للعاقل ، لأن العقل أداة الفهم والإدراك ، وبه تتوجه الإرادة إلى الامتثال . ولذلك قال بعض السلف : " العقل حجة الله على جميع الخلق " .
ومن هنا جاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ترفع القلم- أي التكليف والمؤاخذة - عمن فقدوا مناط التكليف ، وهو العقل بسبب الجنون أو ما يأخذ حكمه ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ ، وعن النائـم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم .
وفي لفظ آخر : وعن المعتوه حتى يعقل .
والبحث في هذا نجده مفصلا عند علماء الأصول في مبحث الأهلية وعوارضها أو في مبحث المحكوم عليه .
ولذلك شرع الإسلام من الأحكام ما يحافظ فيها على العقل باعتباره واحدا من الضروريات الخمس ، التي أنزلت الشرائع للمحافظة عليها ، وهي : الدين ، والنفس ، والعرض ، والعقل ، والمال .
فأوجب الإسلام العلم ، وكل ما به قوام الحياة ، وهي تعود على العقل بـالحفظ ، وحرم كل ما يذهب العقل أو يزيله ، كالخمر والمخدرات وسائر المسكرات ، ولأنها تصيب العقل بآفة تجعل صاحبه عبئا على المجتمع ومصدر شر وأذى للناس .
ويحث الإسلام العقل على العمل فيما خلق له ، وفي المجال الذي يستطيعه ، فلا يجوز إهماله ولا تعطيله ، فهو يحث على النظر والتدبر والتأمل والتفكر في آيات الله تعالى المقرؤة ، والمنظورة في الأنفس والآفاق وفي مجال عالم الشهادة . والآيات في ذلك كثيرة تعز على الحصر .
ويرسم الإسلام للعقل المنهج الصحيح للعمل والتفكير ، ويرفع من أمامه العوائق والموانع التي تعطله عن وظيفته كاتباع الظن والأوهام والخرافة ، أو الخضوع لسيطرة العادات والتقاليد ، أو تقليد الآباء والمشايخ والطغاة . . . وبذلك يتحرر العقل حرية حقيقية كاملة ، ويقوم بعملية التثبت والتبين قبل الإقدام أو الاعتقاد والتصديق ، قال الله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ .
إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا .
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا .
ثم يحيل الإسلام على العقل- مع أدلة أخرى- في القضايا الكبرى الرئيسية ، فهو يهدي- عند النظر الصحيح- إلى معرفة الله تعالى ووحدانيته ، ويقيم الأدلة على صحة النبوة والبعث بعد الموت ، فيكون إدراك هذه القضايا إدراكا كليا عاما وقبولها بالعقل .
وشواهد ذلك من القرآن والسنة وكلام العلماء كثيرة ، لا يتسع المقام للإفاضة فيها . فحسبنا هذه الإلماعة نختم بها هذه
الفقرة عن قيمة العقل ومكانته في الإسلام .
وقد يدفع هذا القول بعض الناس ليظن أن هذه العناية بالعقل والإعلاء لمكانته تبيح لنا أن نجعل منه مصدرا نستقي منه العقيدة ، أو نجعله حاكـما عليها ، يقبل منها ما يدركه ، ويرفـض ما لا يدركه أو ما لا يحيط به علما .
وهذه قضية منهجية جد خطيرة ، تحتاج إلى فضل بيان ، توضع فيه الأمور في نصابها الصحيح دون إفراط ولا تفريط :
(لو كـان الله سبحانه ، وهو أعلم بالإنسان وطاقاته كلها ، يعلم أن العقل البشري ، الذي وهبه الله تعالى للإنسان ، هو حسب هذا الإنسان في بلوغ الهدى لنفسه والمصلحة لحياته ، في دنياه وآخرته ، لوكـله إلى هذا العقل وحده ، يبحث عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق ، ويرسم لنفسه كذلك المنهج الذي تقوم عليه حياته ، فتستقيم على الحق والصواب ، ولما أرسل إليه الرسل على مدى التاريخ ، ولما جعل حجته على عباده هي رسالة الرسل إليهم ، وتبليغهم عن ربهم . . . و لكن لما علم الله- سبحانه- أن العقل الذي آتاه للإنسان أداة قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدى- بغير توجيه من الرسالة
وعون وضبط- وقاصرة عن رسم منهج للحياة الإنسانية ، يحقق المصلحة الصحيحة لهذه الحياة ، وينجي صاحبه من سوء المآل في الدنيا والآخرة . لما علم الله- سبحانه- هذا : قضت حكمته ورحمته أن يبعث الرسل وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ : وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا .
إذن ما هي وظيفة العقل البشري ، وما هو دوره في العقيدة الإسلامية؟
يقول الأستاذ سيد قطب ، - رحمه الله - :
( إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة ( الوحي ) ، ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول . ومهمة الرسول أن يبلغ ويبين ، ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام ، وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق ، وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح ومنهج النظر الصحيح ، وأن يقيم له القاعدة التي ينهض عليها منهج الحياة العملية ، المؤدي إلى خير الدنيا والآخرة ،
وليس دور العقل أن يكون حاكـما على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطلان ، والقبول أو الرفـض- بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله ، وبعد أن يفهم المقصود بها ، أي :
المدلولات اللغوية والاصطلاحية للنص " .
ويؤكد هذا المعنى ويزيده وضوحا فيقول :
(إن العقل البشري ليس هو الذي يصنع مقومات التصور الإسلامي- كـما هو الحال في الفلسفة- إنما هو الذي " يتلقاها " ، من مصدرها الرباني ، و" يدركها " صحيحة ، حين يتلقاها وهو متجرد من أية " مقررات " سابقة في هذا الباب- سواء من مقولاته الذاتية ، أومن مقولات العقائد المحرفة ، ولو كان لها أصل رباني- وعليه أن يتقيد فيما يتلقاه من ذلك المصدر الصحيح بالمدلول اللغوي أو الاصطلاحي للنص الذي وردت فيه هذه المقومات - بدون تأويل- ما دام النص محكما . وأن يصوغ من هذا المدلول مقرراته هو ومنهجه في النظر أيضا . فليس له أن يرفض هذا المدلول أو يؤوله - متى كان متعينا من النص - بحجة أنه غريب عليه أو صعب التصور عنده ، أو أن منطقه لا يقره! فهو- أي العقل البشري- ليس حكما في صحة هذا المدلول أو عدم صحته- في عالم الحقيقة والواقع- إنما هو حكـم فقط في دلالة النص على مدلوله- وفق المفهوم اللغوي أو الاصطلاحي للنص- وما دل عليه النص فهو صحيح ، وهو الحقيقة ، سواء كان من مألوفات هذا العقل ومسلماته أم لم يكن . . ويستوي في هذه القاعدة العقيدة والشريعة : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
وصدق علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه " .
ومن ثم فإن محاكـمة التصور الإسلامي أو محاكـمة مقوماته التي يقوم عليها- ومنها ما هو غيب ، كالملائكة والجن والقدر ، والقيامة ، والجنة والنار- إلى العقل البشري ومقرراته الذاتية ، منهج غير إسلامي .
وهذا لا يعني أن التصور الإسلامي مناقـض أو مصادم للعقل البشري . فإن مقرراته كـلها نوعان : نوع الإدراك البشري قادر على تصوره- عند تلقيه من المصدر الرباني- ونوع هو غير قادر على إدراكه ، ولكن منطقه ذاته يسلم بأن طبيعته أكبر من حدود إدراكه ، وأن "وجود" ما هو أكبر من حدود إدراكه داخل في قدرة الله تعالى ، وأن إخبار الله عن وجوده هو بذاته برهان هذا الوجود ، وبرهان صحة الإخبار . .
ومن ثم لا يقع التناقض أو التصادم أبدا ، متى استقام العقل البشري والتزم حدوده!
(وحيثما حاول العقل البشري أن يسلك طريقا غير هذا الطريق ، طريق التلقي من المصدر الرباني بدون مقررات سابقة له فيما يتلقى ، والالتزام بمدلول النص متى كانت دلالته اللغوية أو الاصطلاحية محكمة . .
نقول : حيثما حاول العقل البشري أن يسلك طريقا غير هذا
الطريق ، جاء بالخبط والتخليط الذي لم يستقم قط في تاريخ الفكر البشري . . يستوي في الخبط والتخليط تلك الجاهليات الوثنية التي انحرفت عما جاء به الرسل- صلوات الله وسلامه عليهم- والجاهليات اللاهوتية التي أدخلت على الأصل الرباني الإضافات والتأويلات التي اصطنعها الحقل البشري- وفق مقولاته الذاتية- أو اقتبسها من الفسلفة ، وهي من مقولات هذا العقل أصلا . والجاهليات الفلسفية التي استقل الفكر البشري بصنعها ، أو أضاف إليها تأثرات من الديانات السماوية!) .
(ولقد حدث في تاريخ الفكر والاعتقاد أن أخذ بعض "المعتقدين " لعقيدتهم من الفلسفة . وأن أخذ بعض "الفلاسفة" لفلسفتهم من العقيدة . . وكان من وراء هذا وذلك ظاهرة لم تتخلف قط . . أنه حيثما أخذت الفلسفة من العقيدة أفادت واهتدت إلى بعض جوانب الحقيقة . وحيثما أخذت العقيدة من الفلسفة-خسرت وأصيبت بالتخليط والانحراف والتعقيد!)
ولا تبدو هذه الظاهرة واضحة كـما تبدو تلك الصورة المعقدة الكئيبة التي تسمى : "الفلسفة الإسلامية" أو في "علم الكلام " . . . البعيدة عن طبيعة التصور الإسلامي ، وعن طبيعة المنهج الإسلامي! ذلك عندما شاء ناس من "المسلمين " أن يخلطوا التصور الإسلامي بمقولات الفلسفة! وأن يعقدوا المنهج الإسلامي بمنهج الفلسفة!)

العلاقة بين الوحي والعقل :
ولعلنا على ضوء ما سبق نستطيع أن نحدد العلاقة بين الوحي والعقل أو الصلة بينهما . وعلى هذا نفهم ما ورد عن تظاهر العقل والشرع ، وعن التكامل بينهما كقولهم :
"العقل لن يهتدي إلا بالشرع ، والشرع لا يتبين إلا بالعقل . فالعقل كالأس والشرع كالبناء . ولن يغني أس ما لم يكن بناء ، ولن يثبت بناء ما لم يكن أسا .
وأيضا : فالعقل كالبصر ، والشرع كالشعاع ، ولن يغني البصر ما لم يكن شعاعا من خارج ، ولن يغني الشعاع ما لم يكن بصرا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( العقل شرط في معرفة العلوم وكمال الأعمال وصلاحها ، وبه يكمل العلم والعمل ، لكنه ليس مستقلا بذلك ، لكنه غريزة في النفس وقوة فيها ، بمنزلة قوة البصر التي في العين فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كـان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس )
والعقل بنفسه قليل الغناء ، لا يكاد يتوصل إلا إلى معرفة كليـات الشـيء دون جـزئيـاته ، والشـرع يعـرف كليـات الشـيء وجزئياته ، ويبين ما الذي يجب أن يعتقد في شيء شيء ، وما الذي هو معدلة في شيء شيء .
وعلى الجملة : فالعقل لا يهتدي إلى تفاصيل الشرعيات ،
والشرع تارة يأتي بتقرير ما استقر عليه العقل ، وتارة بتنبيه الغافل وإظهار الدليل ، حتى يتنبه لحقائق المعرفة . وتارة بتذكير العاقل حتى يتذكر ما فقده ، وتارة بالتعليم ، وذلك في الشرعيات وتفصيل أحوال المعاد . فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والأفعال المستقيمة ، والدال على مصالح الدنيا والآخرة . ومن عدل عنه فقد ضل سواء السبيل) .
ويبقى أن نؤكد هنا- مرة أخرى- على أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين أحكام العقل الصريح والنصوص الشرعية الصحيحة- وفق المنهج الذي سلف في بيان حدود العقل- وهذه المسألة التي وضع لها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- كتابه الضخم " درء تعارض العقل والنقل " أو "موافقة صحيح المعقول لصريح المنقول " .
وما قد يظهر من خلاف ذلك ، فينبغي عند ظهوره ألا نعارض نصوص الشرع بما قد نراه بعقولنا وآرائنا وأقيستنا فإن العقول- كـما رأينا- تتفاوت ، وليس هناك العقل المطلق الكامل الذي نحاكـم إليه هذه النصوص . كما أن العقل نفسه محدود بحدود الزمان والمكان والكيفية ، وبحدود وظيفته ، ولا يستطيع أن يحيط بغير المحدود الذي يحيط به الشرع أو الوحي .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
منقول بتصرف
مجلة البحوث الإسلامية > العدد السادس والأربعون - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1416هـ > البحوث > مصادر العقيدة الإسلامية ودور العقل > إعداد الشيخ : عثمان بن جمعة ضميرية







المزيد من مواضيعي


توقيع الشهاب الثاقب

هل الله يُعذب نفسه لنفسههل الله يفتدى بنفسه لنفسههل الله هو الوالد وفى نفس الوقت المولوديعنى ولد نفسه سُبحان الله تعالى عما يقولون ويصفون
راجع الموضوع التالي
طريق الحياة و أدلة ساطعه على عدم الفداء



آخر تعديل بواسطة الشهاب الثاقب بتاريخ 01.05.2014 الساعة 21:02 .
رد باقتباس