اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :9  (رابط المشاركة)
قديم 14.01.2012, 12:47

بن الإسلام

مشرف عام

______________

بن الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 08.05.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.061  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
22.03.2021 (13:42)
تم شكره 303 مرة في 228 مشاركة
افتراضي




8 - الفساد


ويقول الشيخ محمد متولى الشعراوى عن رذيلة الفساد

يأتي الفساد من أن ينقل الانسان سلوكا من مجال افعل الى مجال لاتفعل، وأن ينقل الانسان سلوكا من مجال لا تفعل الى مجال افعل.
مثال ذلك: أن المنهج الالهي يقتضي أن يشهد الانسان بأن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، فالانسان الذي يعلن ذلك هو الذي عليه أن يتقبّل تكليف الله، والانسان الذي ينكر ذلك هو الذي ينقل سلوكا من مجال افعل الى مجال لا تفعل، ذلك أن قول: أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله، هذا القول هو تجديد للعهد الذي بين العبد وبين خالقه سبحانه، وبالتالي فهو التزام كامل بمنهج الله تعالى.
وكذلك الانسان الذي يعرف أن الصلاة ركن أساسي تقوم عليه حياة الانسان في الايمان، فهذا الانسان ان أخلص في أداء الصلوات الخمس كان ذلك عاصما له من زلات الشيطان أو اتباع الهوى وكذلك الصيام والزكاة، وأيضا عندما يامر الحق سبحانه وتعالى عبده بألا يشرب الخمر مثلا عندئذ فالعبد الذي يطبق منهج الله هو الذي ينتهي على الفور من شرب الخمر، والعبد الذي يظل في الشرب هو من خالف منهج الله تعالى في افعل ولا تفعل.
اذن، فالافساد في الأرض هو من آثر هواه على منهج الله. مثل الذي يأكل أموال الناس بالباطل ويكثر من اغتصاب عرق وتعب الآخرين فهذا انسان لا يطبق منهج الله وهو مفسد في الأرض.
لذا يجب أن نطبق هذه القاعدة في سلوك كل انسان وهي: أن من يطبّق منهج الله فقد أصلح نفسه، وانسجم مع أوامر خالقه، ونال رضا الله بعد أن قام بمسؤولية الاختيار، وأداها كما يجب أن تؤدى.
أما من لا يطبق منهج الله فقد أفسد نفسه، وأفسد سلوكه.
ذلك لأنه وقف من منهج الايمان موقف السلب، فلم ينفذ أمر الله، وقد أخل بعهده مع الله.
وهكذا نرى ان خروج الانسان بفعل ما من مجال الى مجال في تشريعات الله تنطبق عليه العناصر الثلاثة التي حددها الله في وصفه للفاسقين أو احدهما، وهي:
نقض العهد.
قطع لما أمر الله أن يوصل.
افساد في الكون.
ان المجتمع عندما لا ينتظم الأفراد فيه بمنهج الله تعالى تجده مضطربا؛ لأن كل انسان سيفعل ما يحلو له، فسنجد التصادم في سلوك البشر ورغباتهم، وسنجد النقض للعهد، والقطع لما أمر الله به أن يوصل والافساد في الأرض.
ان الفساد قبح لجمال الوجود، ذلك أن المفسد في الأرض هو الذي يخرج الشيء عن حد اعتداله لمهمته، ولنا أن نعرف أن فعل المفسد في الأرض يشكل قبحا في الوجود، وينطبق الافساد في الأرض على المستغل لحاجات البشر فمثل الذي يخفي سلعة لها هامش ربح محدود وينكرها ليزيد من ارتفاع الأسعار بما يفوق طاقة البشر، وكذلك المستغل لحاجات البشر في الاسكان فيأخذ اموال الناس ليبني بها ولا يعطيهم حقوقهم ويستغل احتياجاتهم اليه فيقوم بسلب أموالهم. هذا افساد في الأرض، لأنه قهر من انسان قادر لانسان غير قادر، ونشر للكراهية بين البشر، وخروج عن مقتضى منهج الله، هذا القبح والافساد هو كافساد الصانع لصنعته، أو كالسباك الذي ينفذ شبكة للصرف الصحي في مبنى جديد فلا يتقن صنعته فيفسد المبنى كله. ان في ذلك هدرا لامكانات كان بالامكان أن يستفيد منها المجتمع كله في مجال من المجالات.
ان المهندس أو المقاول الذي لا يقيم البنيان على أسس سليمة فهو لا يصون حياة البشر الذين يسكنون فيه، فهذا الانسان هو مفسد في الأرض، ولكن في المجتمع المؤمن رباط الايمان يقتضي في رزقه، ويفتقد التواصل مع ضميره الايماني، كما يفتقد الاحساس بأخوة الايمان، وعندما نجد مهملا أو مفسدا أو حتى مغاليا في الثمن فاننا نسمع صيحة افتقاد الصانع أو الموظف للذمة، وتنتشر في المجتمع روح الأنانية، والفردية التي لا تعرف التآخي الايماني.
وهكذا نجد ان مفسدا واحدا أو قلة من المفسدين أو المستغلين ينشرون الرذيلة في المجتمع كله، فكيف يكون الحال لو تعاون الناس على الاثم؟ انهم ان فعلوا ذلك هدموا الخير كله.. والتعاون على الاثم يبدأ من كل من يعين على أمر يخالف أمر الله في افعل ولا تفعل.
والذي يامر بتطبيق أمر الله في افعل وينتهي بأمر الله لا تفعل هو من المتعاونين على البر والتقوى، ومن يعمل ضد ذلك فهو من المتعاونين على الاثم والعدوان، لماذا؟ لأنه ينقل الأفعال من دائرة افعل الى لا تفعل، وينقل النواهي من دائرة لا تفعل الى دائرة افعل.
مثال ذلك من يؤلف أغنية خليعة مثيرة ومهيجة للغرائز فهذه تكون أول لبنة في الاثم، ثم يلحنها ملحن بايقاع يساعد على ذلك فهذه اللبنة في التعاون على الاثم، ثم يغنيها ثالث بايحاءات مثيرة للغرائز فهذه درجة ثالثة من التعاون على الاثم، والذي يصفق الربا لهذا هو متعاون على ذلك أيضا، ولهذا يقول الحق سبحانه وتعالى:{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} المائدة 2.
هذا القول هو أساس عمارة الكون، وكما أنه أساس منع الفساد في الكون.
كذلك الذي يرتشي والذي يسهل عملية الرشوة. والذي يحمل الخمر للناس والذي يشربها والذي يدلس كل هؤلاء متعاونون على الاثم والعدوان، حتى ان البواب الذي يجلس أمام مدخل العمارة ويعلم أن بها بيتا يدار في أعمال مشبوهة كلعب القمار أو الدعارة أو ما شابه ذلك من المفاسد ويأخذ الثمن على ذلك فهو من المتعاونين على الاثم.





رد باقتباس