عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ : صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَسَلَّمَ
ثُمَّ قُلْنَا : لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ :
" مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا ؟ "
قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ قُلْنَا نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ قَالَ :
" أَحْسَنْتُمْ " أَوْ " أَصَبْتُمْ "
قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ كَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ :
" النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ
وَ أَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ
وَ أَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " .
أخرجه أحمد ( 4/398 ، رقم 19584 ) ،
و مسلم ( 4/1961 ، رقم 2531 ) .
و أخرجه أيضًا : البزار ( 8/104 ، رقم 3102 ) ،
و ابن حبان ( 16/234 ، رقم 7249 ) .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ و سَلَّمَ :
( النُّجُوم أَمَنَة لِلسَّمَاءِ , فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُوم أَتَى السَّمَاء مَا تُوعَد )
قَالَ الْعُلَمَاء : ( الْأَمَنَة ) الْأَمْن وَ الْأَمَان
وَ مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ النُّجُوم مَا دَامَتْ بَاقِيَة فَالسَّمَاء بَاقِيَة .
فَإِذَا اِنْكَدَرَتْ النُّجُوم , وَ تَنَاثَرَتْ فِي الْقِيَامَة , وَهَنَتْ السَّمَاء ,
فَانْفَطَرَتْ , وَانْشَقَّتْ, وَذَهَبَتْ,
وَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( وَ أَنَا أَمَنَة لِأَصْحَابِي , فَإِذَا ذَهَبْت أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ )
أَيْ مِنْ الْفِتَن وَ الْحُرُوب , وَ ارْتِدَاد مَنْ اِرْتَدَّ مِنْ الْأَعْرَاب , وَ اخْتِلَاف الْقُلُوب ,
وَ نَحْو ذَلِكَ مِمَّا أَنْذَرَ بِهِ صَرِيحًا , وَ قَدْ وَقَعَ كُلّ ذَلِكَ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( وَ أَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ )
مَعْنَاهُ مِنْ ظُهُور الْبِدَع , وَ الْحَوَادِث فِي الدِّين , وَ الْفِتَن فِيهِ ,
وَ طُلُوع قَرْن الشَّيْطَان , وَ ظُهُور الرُّوم وَ غَيْرهمْ عَلَيْهِمْ ,
وَ انْتَهَاك الْمَدِينَة وَ مَكَّة وَ غَيْر ذَلِكَ .