كِتــابة / حفيـــــدات أمهــــات المؤمنيـــن
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
بسم الله و الحمد لله و صلى الله على رسول الله و على آله و أصحابه و من اهتدى بهداه .
أما بعد :
فهذا إختصار لطيف للكتـاب النافع الذى جمعه _ فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجـــد _وفقــه الله ,بعنـــوان : (( مُحَـرَمَــات إِسْتَهَــانَ بِهَـــا النَــاس يَجِــبُ الحَـــذَر مِنْهَـــا ))
و هو كمـا وصف أصلــه العلامة بن بــاز رحمــه الله تعالى , بــإنه كتــاب قيم كثير الفائدة قــد أجاد فيه مؤلفــه و أفــاد فجــزاه الله خيرًا و زاده من العلم النافــع و العمـل الصالح و نفع المسلميــن بكتابـه هـذا و غيــره من مؤلفــاته إنه سبحــانه جواد كريــم و لطلبــه التـأييــد .
فنحــن نسعد أن نقدم هذا المختصر للقــارىء الكريم راجيــن الله أن ينفــع به كمــا نفــع بـأصلهِ إنــه جــواد كريـــم . و آخــر دعوانــــا أن الحمــد لله رب العالميــن .
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
مقدمـة
إن الحمد لله , نحمــده و نستعيـنه و نستغفــره , و نعوذ بالله من شرورأنفسنـا , و من سيئات أعمالنا , من يهـده الله فلا مضل لـه , ومن يضلل فلا هادى له , و أشهد أن لا إله إلا الله وحــده لا شريــك لــه , و أشهــد أن محمــدًا عبـده و رسولـه .
أمـا بعــد :
فإن الله سبحانه و تعالى فرض فرائض لا يجوز تضييعهــا , وحــد حدودًا لا يجوز تعديهــا , و حــرَّم أشيــاء لا يـجوز إنتهـاكهـا .
وإجتنــاب المُحرمـات واجب لقولــه صلى الله عليه و سلم : (( مـا نهيتكم عنـه فاجتنبـوه , و مـا أمرتكـم بـه فـافعلـوا منـه ما استطعتــم )) - رواه مسلــم
ومـن المشاهد أن بعـض النـاس إذا سمــع بالمحرمــات متواليـه يتضجــر و يـتـأفف و يقــول : كــل شىء حـرام , ما تركتم شيئًـــا إلا حرمتـموه و مـا عنــدكم إلا حـــرام و التحريــم , الديـــن يُســـر , و الأمــر واســع , و الله غفــور رحيــم , و مناقشـــة لهــؤلاء نقـــول : إن الله جـــل و عــلا يحكــم مـا يشـــاء لا مُعقــب لحكمــهِ و هو الحكيــم الخبيـــر فهــو يَحِــلُ مــا يشــاء و يُحــرِمُ مـا يشــاء سبحــانه , ومــن قواعــد عبودِيَتنــــا لله عـــز و جـــل أن نرضـــى بمــا حكـــم و نسلـــم تسليمًــــا .
و أحكامـــه سبحــانه صــادرة عن علمــهِ و حكمتــهِ و عدلــهِ ليســت عبثًــا و لا لعبًــا .
و قــد بيــن لنــا الله عــز وجــل الضابــط الـذى عليــه مــدار الحِــلُّ و الحــرمة فقـــال تعالى : ( وَ يُحِــلُّ لَهُـمُ الطَّيِّبَــتِ وَ يُحَــرِّمُ عَلَيْـهِـمُ الخَبَئِـثَ ) - الأعراف : 157
فالطيـب حــلال و الخبيــث حــرام , و التحليــل حــق لله وحـــده .
و لا يجــوز لأى أحــــد أن يتكلـــم فى الحــــلال و الحـــرام إلا أهـــل العلـم العالميــن بالكتــاب و السُنــــــة , و قــد ورد التحذيــــر الشديــد فيمـــن يحــلل و يحــــرم دون علــم .
ثــم إن الله الرحيــــم بعبــادهِ قــد أحـــــل لنـــــا مـــن الطيبـــات مـا لا يحصــى كثرة و تنوعًـــــا , و لذلــك لــم يفصــل المُباحــات , لأنهـــا كثيــرة لا تحصــر و إنمــا فصـــــل المحرمـــات لا نحاصرهــا و حتــى نعرفهـــا فنجتنبهــــا .
أمــا الحــلال فأباحـه الله على وجــه الإجمــال مـا دام طيبًـا فقــال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا - البقرة : 168
فكــان من رحمتــه أن جعـل الأصــل فى الأشيــاء الإباحــة حتـى يـدل الدليـل على التحريـم (
الأصل فى أمور الدُنيا الإباحة مـا لم يأتى نص بالتحريم - قاعدة فقهية -" زيادة من جانبى ") , و هــذا مــن كرمــه سبحانه و تعالى و من توسعتــه على عبـــــاده , فعلينـــا الطاعــة و الحمــد و الشكــر .
و بعـــض النـــاس إذا رأوا الحــرام معــددًا عليــــهم و مفصــــلًا ضاقـــت أنفسهــم ذرعًـــا بالأحكــام الشرعيــة , و هــذا من ضعــف إيمـانهم و قلـــة فقههــم فـى الشريعـــة , فهـــل يريــد هـؤلاء يا تُـرى أن يًعَـدَّدَ عليهم أصنــــاف الحـــلال حتـــى يقتنعـــوا بــأن الديـن يُســـر ؟ و هــل يريــدون أن تُســرد لهـــم أنـــواع الطيبـــات حــــــــتى يطمئنـــوا أن الشريعــــة لا تكــدر عليهـــم عيشهـــم ؟.
هـــل يريدون أن يُقــال بـأن اللحــوم المُذكــاة مــن الإبــل و البقــر و الغنــم و الأرانــب و الغــزلان و الوعـــول و الدجــاج و الحمــام و البـط و الأوز و النعــام حـــــــلال , و أن ميتــة الجـــراد و السمـــك حــــــلال ؟!
و أن الخضــروات و البقـــول و الفواكــــه و ســـائر الحبــوب و الثمـــار النافعـــة حــــلال !
و أن الملــح و التوابـــل و البهارات حــــــلال !
و أن إستخـــدام الخشـــب و الحديــــد و الرمـــل و الحــصى و البلاستيــك و الزجــاج و المطـاط حـــــلال !
و أن ركـــوب الدواب و السيارات و القطارات و السفــن و الطائـرات حــــــــلال !
وهــل يمكـن يـا ترى أن ينتهـى بنــا المقــام إذا أردنــا المواصلــة فى العـــد و الســرد فمــــا لهـؤلاء القـــوم لا يكـــادون يفقهـــــــون حديثًـــــــا ؟
و أمــا إحتجـاجهـم بـأن الديــن يُســـر فهـــو حـــق أُريــــد بــــــه بــاطــل , فـإن مفهـــوم اليُســـر فـى هـذا الديـــن ليــــــــــس بحســب أهـــــواء النـاس و آرائهــم , و إنمـــا بحسـب مــــــــا جاءت بــه الشريعــــة , فالفــرق عظيــــــم بيـــن إنتهـــــاك المُحرمــات بالإحتجــــاج الباطــل بـأن الديــن يُسْــــــــرٌ - و هـو يُسْـــرٌ و لا شــك - و بيـــــــن الأخـــــــذ بالرخـــــــص الشرعيــة كالجمـــع و القصـــر و الفطــــــر فى السفـــر , و المســــح على الخفيـــن , و التيمـم عنـــد الخوف مـــــــــن إستعمـــال المــاء ( أو تعذر وجود المــاء- إضافة) , و جمـــع الصلاتيــن للمريــض و حيـــن نزول المطــر , و إباحـــة النظـــر إلى المـــرأة الأجنبيـــة للخاطــــب , و أكــل الميتـة عنــد الإضطــرار و غير ذلك من الرُخــص و التخفيفــات الشرعيــة .
و بالإضــافة لِمــا تقــدم , فينبغـــى أن يعلـــم المسلــــــم بــأن فى تحريــم المحرمــات حكمًــا منهــا : أن الله يبتلــــــــــــى عبـادهِ بهــذه المُحــرمات فينظــر كيف يعملــون ؟
ومن أسبـاب تمَيُــز أهــل الجنـــة عــن أهــل النــــار أن أهـــل النـــــار قـــد إنغمســــوا فى الشهــــــوات التى حفــت بهــا النـــــار , و أهــــل الجنــــة صبــروا على المكــاره التى حفــــــت بهــــا الجنــة , و لـولا هــذا الإبتــلاء مـا تبيـن العاصـــى مـــن المطيــــع , و أهــل الإيمـــان ينــظرون إلى مشقــة التكليـــــــف بعيــن إحتســاب الأجـــــر و إمتثــال أمــر الله لنيــل رضـــــــاه فتهـــــــون عليهــم المشقــة , و أهـــل النفــــــاق ينظـــرون إلى مشقــة التكليـــف بعين الألـم و التوجــع و الحرمــان فتكــون الوطــأة عليهم شديدة و الطاعة عسيــرة .
و بتـرك المُحرمـات يـذوق المطيــــع حـــلاوة , و يجـــد لــذة الإيمـــــــان فى قلبـــهِ .
و فى هذه الرسالــة يجـد القارىء الكريــم عددًا من المُحرمـات التى ثبـت تحريمهــا فى الشريعة , و قــد أردت بذكرهـا التبيــان و النُصــح .
أســأل الله لـي و لإخــــواني المسلميـــن الهـدايــــــــة و التوفيــق و الوقــوف عنــد حدوده سبحــانه و أن يجنبنـــا المحرمــات و يقينـا السيئــات , و الله خير حافظًــا وهــــــو أرحــم الراحميــن .
يُتبـــــــع . . .
للمزيد من مواضيعي