اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :106  (رابط المشاركة)
قديم 16.01.2011, 15:06
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي


حبٌّ ويقينٌ وتَوكُّل !



حديثان عَظيمان رواهما النَّبيُّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ربِّه , لا نستطيع أن نقرأهما دون أن نَخِرَّ ساجدين لعظمة اللَّه سبحانه وتعالى , من خلال عَطائه الجزيل , ومَغْفرته الواسعة , وقُرْبه من عباده .
الحديث الأوَّل رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذرّ الغفاري رضي اللَّه عنه , قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يقولُ اللَّه عَزَّ وجلَّ : مَن جاء بالحسَنة فلَه عَشْر أَمثالِها وأَزِيد , ومَن جاء بالسَّيِّئة فجَزاءه سيٍّئة مثلها أو أَغْفِر . ومَن تَقرَّبَ منِّي شِبْرًا تقرَّبتُ منه ذراعًا , ومَن تقرَّبَ منِّي ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا , ومَن أتاني يَمشي أتيتُه هَرْوَلَة , ومَن لَقِيَني بقراب الأرض خطيئة لا يُشرك بي شيئًا لَقِيتُه بمثْلِها مَغْفِرة . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 2068 – رقم الحديث 2687) .
انتبه سيِّدي الكريم ! إنَّ المتحدِّثَ هنا هو اللَّهُ بجلاله وعظمته , يَعرض سخاءَه وكَرمه على مخلوق ضعيف من مخلوقاته , لا يَنفعه ولا يَضرُّه , ولا يَكاد يُرَى في هذا الكون الفسيح !

الحديث الثَّاني رواه أيضًا الإمام مسلم عن أبي ذرّ الغفاري رضي اللَّه عنه , قال : قالَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : يقولُ اللَّه عزَّ وجلَّ : يا عِبَادي , إنِّي حرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسي وجعَلْتُه بينكُم مُحرَّمًا , فلا تَظَالَمُوا . يا عِبَادي , كُلُّكُم ضالٌّ إلاَّ مَنْ هَدَيْتُه , فاسْتَهْدُوني أهْدِكُم . يا عِبَادي , كُلُّكُم جائعٌ إلاَّ مَنْ أطْعَمْتُه , فاسْتَطْعِمُوني أُطْعِمْكُم . يا عِبَادي , كُلُّكُم عارٍ إلاَّ مَنْ كَسَوْتُه , فاسْتَكْسُوني أكْسِكُم . يا عِبَادي , إنَّكُم تُخْطِئُون باللَّيْل والنَّهار وأنا أغْفِرُ الذُّنوبَ جميعًا , فاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لكُم . يا عِبَادي , إنَّكُم لَنْ تَبْلُغُوا ضرِّي فتَضُرُّوني , ولن تَبْلُغُوا نَفْعِي فتَنْفَعُوني . يا عِبَادي , لَوْ أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُم وجِنَّكُم كانُوا على أتْقَى قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ منكُم , ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شَيْئًا . يا عِبَادي , لَوْ أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُم وجِنَّكُم كانُوا على أفْجَرِ قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ منكُم , ما نَقَصَ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا . يا عِبَادي , لَوْ أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُم وجِنَّكُم قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فسَألُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسانٍ مَسْألَتَهُ , ما نَقَصَ ذلكَ مِمَّا عِنْدِي إلاَّ كما يُنْقِصُ المخْيَطُ إذا أدْخِلَ البَحْر . يا عِبَادي , إنَّمَا هي أعمَالُكُم أُحْصِيها لكُم ثمَّ أوَفِّيكُم إيَّاها , فمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَد اللَّه , ومَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلك فلاَ يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَه . (صحيح مسلم – الجزء 4 – ص 1994 – رقم الحديث 2577) .
كلماتٌ تهزُّ المشاعرَ والقُلُوب ! ألا يستحي العبدُ بعد هذا أن يَعْبُدَ مع اللَّه شيئًا آخر , أو أن ينسب له ولدًا أو زوجة , أو أن يُحبَّ شيئًا آخر أكثر منه ؟!
وإذَا كانتْ كلُّ الأمور بِيَد اللَّه , يُقلِّبُها وَحْدَه كيف يشاء , فلِمَ التَّذلُّلُ لِغَيْره؟! يقول تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ 2 } (8- الأنفال 2) . ويقول أيضًا : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ 58 } (51- الذّاريات 58) .

على المسلم إذًا أن يتوكَّل على اللّه في أموره الحياتيّة , بمعنَى : أن يَدْرُس باجْتِهاد , وفي نَفْس الوَقْت يسألُ اللَّهَ أن يجعله من المتفوِّقين , وأن يَسْعى للبحث عن عَمَل شريف , وفي نَفْس الوَقْت يدْعُو اللَّهَ أن يرزُقَه عملاً جيِّدًا يدُرُّ عليه الخير والبركة , وإذا مَرض أن يذهبَ إلى الطَّبيب , وفي نَفْس الوَقْت يسأل اللَّه أن يشفيه , وإذا أصابتْه مُصيبة أن يُفكِّر في حلٍّ لها , وفي نَفْس الوَقْت يطلبُ من اللَّه العون . هذا هو معنى التَّوكُّل .
فإذا كان الأمرُ على غير ما يُريد , فإنَّه يَرْضَى بقَضاء اللَّه . وإذا حصلَ على مُراده , فإنَّه يَتوجَّه بالشُّكْر للَّه أوَّلاً , ثمَّ إلى الشَّخص الذي كان سببًا في ذلك . يقول اللَّه تعالى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ 152 } (2- البقرة 152) .
أمَّا أن نَنْسب الفَضْل فقط إلى الطَّبيب الذي أنقَذنا من الموت , أو إلى مهارتنا وذكائنا في حصُولنا على وظيفة جيِّدة , فهذا مَا لا يليق ! وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن خالد رضي اللَّه عنه , قال : خرجْنَا مع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عامَ الحُدَيْبِيَة , فأصابَنَا مطرٌ ذاتَ لَيْلَة , فصلَّى بنا رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم صلاةَ الصُّبح ثمَّ أقبل علينا , فقال : أتَدْرُون ماذا قالَ ربُّكُم ؟ قُلْنا : اللَّهُ ورسولُه أعْلَم , فقال : قالَ اللَّه : أصْبَح مِن عِبَادي مُؤْمنٌ بي وكافِرٌ بي ! فأمَّا مَنْ قال : مُطِرْنَا برَحْمَة اللَّه وبرِزْقِ اللَّه وبفَضْل اللَّه , فهو مُؤْمنٌ بي كافرٌ بالكَوْكَب , وأمَّا مَنْ قال : مُطِرْنَا بنَجْم كَذَا وكذَا , فهو مُؤمنٌ بالكَوْكَب كافرٌ بي . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 4 – ص 1524 – رقم الحديث 3916) .

نختمُ بحديث أخير في التَّوكُّل على اللَّه , يُذهِبُ الغَمَّ ويُريح الأعصاب ! روى التّرمذي في سُنَنه عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنه , قال : كنتُ خَلْفَ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يومًا , فقالَ : يا غُلام , إنِّي أعلِّمكَ كَلِمَات : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْك , احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَك , إذا سألْتَ فاسْأَل اللَّه , وإذا استعنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّه , واعْلَمْ أنَّ الأُمَّة لو اجْتَمعَتْ على أن ينفعُوكَ بشيء , لم ينفعُوكَ إلاَّ بشيء قد كَتَبه اللَّه لك , ولو اجْتَمعُوا على أن يَضُرُّوك بشيء , لم يَضُرُّوك إلاَّ بشيء قد كَتبه اللَّه عليك , رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُف . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي – الجزء 4 – ص 667 – رقم الحديث 2516) .

القاعدة الثَّانية إذًا في بناء الفرد المسلم , هي : أن يُحبَّ المسلِمُ اللَّهَ تعالى أكثر من كلِّ شيء , وأن يَتَيقَّن في قرارة نفسه أنَّ كلَّ الأمور بيَده سُبحانه يُقلِّبُها وحدَه كيف يشاء , وأن يَتَوَكَّل عليه في كلِّ أعماله طالبًا منه العون والتَّوفيق .
------------------------------------
التالي بإذن الله تعالى:
إخلاصُ النِّيَّة , شرطٌ أساسي لقبول العمل !







توقيع كلمة سواء


رد باقتباس