وماذا عن تعدُّد الزَّوجات ؟!
أليسَ فيه فعلاً إهانة للمرأة ؟!
إطلاقًا ! بل قد تعجبين سيِّدتي الفاضلة إذا قلتُ لَكِ أنَّ فيه , بالعكس , تكريمًا لها ! فالإسلام لم يُشَجِّع تعدُّد الزَّوجات , وإنَّما شرَّعه لِلُّجوء إليه في بعض الحالات الخاصَّة , وقَيَّده بشَرطٍ أساسي وهو العدل بين الزَّوجات , في المسكَن والملبس والمبيت والمعاملة والنَّفقة وكلّ شيء . يقول اللَّه تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا 3 } (4- النّساء 3) .
وقد كان التَّعدُّد معروفًا وسائدًا في الشَّرائع السَّماويَّة السَّابقة وفي القوانين الوضعيَّة , دون قيد أو شرط . فلمَّا جاء الإسلام , قيَّدَ العددَ الأقصى بأربعة , واشترطَ العدل . لِلرَّجُل إذًا الحقّ أن يَتزوَّج امرأة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة أو أربعة , شَرط أن يعدل بينهنَّ في كلِّ شيء كما ذكَرْنا .
أمَّا الأسباب التي قد تدعُو إلى التَّعدُّد , فمنها أن تكون الزَّوجة عقيمًا , أو مريضة مرضًا مُزمنًا , أو ضعيفة الشَّهوة , ويكون زوجُها مُتعلِّقا بها غير أنَّه يرغبُ في أن يكون له بنين وبنات , أو يكون قويّ الشَّهوة . أليس إذًا من الأفضل أن يتزوَّج هذا الرَّجلُ امرأةً ثانية , بعِلْم زوجته الأولى ورضاها , ويعيش الجميع عائلة واحدة ؟ أم أنَّ الأفضل أن يُطلِّقها , وفي هذا إهانةٌ وتشريدٌ لها , أو يَخُونها , بأن يُبقي عليها كزوجة صوريَّة , ويتَّخذ من وراءها خليلات كما هو الحال في المجتمعات الغربيَّة ؟!
كذلك , فإنَّ المرأة , بِحُكْم تَركيبَتها البَدَنيَّة , لا تكون مستعدَّة للجِماع عندما تكون بِدَم الحيض أو دَم النِّفاس , وتنفر منه في فترة الحمل التي تستغرق تسعة أشهر , وفترة الرَّضاعة التي قد تمتدُّ إلى سَنَتَيْن , على خلاف الرَّجُل الذي يكون دائمًا مستعدًّا لهذا الأمر . أليس من العدل إذًا أن يُشرِّع له خالقُه إمكانيَّة الزَّواج بأكثر من واحدة , إذا أراد ذلك ووثقَ من نفسه أنَّه يستطيع العدل بينهنَّ ؟
قد يُوجَد أيضًا في بعض المجتمعات أو في بعض الحالات (مثل الحروب) عددٌ كبيرٌ من النِّساء , مقابل عدد أقلَّ من الرِّجال . أليس إذًا من الأفضل أن يتزوَّج الرَّجلُ أكثر من امرأة , وتتمتَّع كلُّ واحدة منهنَّ بكلِّ حقوقها كزوجة ؟ أم أنَّ الأفضل أن يكتفي بواحدة , وتبقى بقيَّة الفتيات عوانس , مِمَّا قد يَجرُّهُنَّ إلى الانحراف والزِّنا ؟!
هذا إذًا نظام تعدُّد الزَّوجات كما جاء به الإسلام , وهو يُبرهِنُ من جديد على أنَّ تعاليم هذا الدِّين صالِحةٌ فعْلاً لكلِّ زمان ومكان .