الزَّكاة , حقٌّ مضمونٌ للفقير !
الزَّكاةُ هي مالٌ أو غَنَمٌ أو محصولٌ زراعي أو ما شابَه ذلك , يُؤخذ من أغنياء المسلمين لِيُوزَّع على فُقرائهم . وإذا كان كلُّ مسلم بالِغ مُطالَب بأن يؤدِّي فريضة الصَّلاة خَمْس مرَّات في اليوم , فإنَّه لا يُطالَبُ بإخراج الزَّكاة إلاَّ مرَّةً في السَّنة , وفقط إذا كان يملكُ الأشياء التي تجبُ فيها الزَّكاة .
فالمسلمُ الذي يملكُ مثلاً أراضٍ زراعيَّة أو مواشي وأغنامًا أو تجارة , يُخرجُ مرَّة في السَّنة نِسبةً مُعيَّنة من المحصول الزِّراعي أو المرابيح التّجاريَّة للفقير . وإذا كان لا يملكُ شيئًا من كلِّ هذا , فإنَّه لا يُطالَبُ بالزَّكاة إلاَّ إذا ادَّخر مقدارًا من المال أو الذَّهب يساوي أو يزيد عن المقدار الذي تجب فيه الزَّكاة , ولم يستعملْهُ لِمُدَّة سنة قمَريَّة , فيُخرجُ منه نسبة 2.5 بالمائة للفقراء . وكما تُلاحظين يا ابنتي الفاضلة , فإنَّ هذه النِّسبة ضئيلة جدًّا ولا تُثقِلُ كاهلَ المسلم .
والزَّكاة هي وسيلة من وسائل التَّكافل الاجتماعي , لا تُرهق الغنيَّ ويَفرح بها الفقير . وهي إضافة لهذا , تُعَوِّدُ المسلمَ على عدم التَّعلُّق بالمال , فيسهلُ عليه بعد ذلك أن يتصدَّق ويُهدي ويُقرض , الأمر الذي يصعبُ على كثير من النَّاس . وبهذا تتآلفُ النُّفوس , وتُصبح العلاقة بين الغنيِّ والفقير ليست علاقة صراع وعداء كما في الأنظمة الأخرى , وإنَّما علاقة إخاء وتعاون ومحبَّة , الغنيُّ يُزكِّي ويتصدَّق , والفقير يَقنع ويَرضى , والجميع يقفون في الصَّلاة صفًّا واحدًا , يَدعون ربًّا واحدًا !
ونظرًا لأهميَّة الزَّكاة , فقد ذكَرها اللَّه تعالى في العديد من الآيات في القرآن الكريم مَقْرونة بالصَّلاة , مثل قوله تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ 43 } (2- البقرة 43) .
ولكن للأسف , هناك من المسلمين مَن تجبُ عليهم الزَّكاة فلا يُؤدُّونها , ناسِينَ أنَّهم بذلك يأكلون حقَّ الفقير , ويُعرِّضون أنفسهم لِعذاب شديد يوم القيامة . يقول اللَّه تعالى : { وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 180 } (3- آل عمران 180) .