الشَّهادتان , مفتاح الدُّخول في الإسلام
بعد أن تعرَّفْنا في الجزء السَّابق على اللَّه سبحانه وتعالى وعلى النَّبيِّ محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم , سنتعرَّف الآن سيِّدتي الفاضلة على الإسلام , وسنبدأ بالحديث عن كيفيَّة الدُّخول فيه .
أوَّلُ ما يجبُ أن يفعلَه أيُّ فَرْدٍ لكي يدخُلَ في الإسلام , هو أن يغتسل ويُطهِّر ثيابه , ثمَّ يَنْطِق بالشَّهادتين بصوت مَسموع , ويكون ذلِكَ عادةً أمَامَ إمَامٍ مُسْلِم وبحضُور بعض المسلِمين . لكنّه يستطيع أن يفعل ذلك وحده أو أمام صديق مسلم . المهمّ أن لا يؤخِّر هذا الأمر عندما يعزم عليه , لأنّ لا أحد يضمن لنفسه العيش إلى الغد ! والشَّهادتان هما :
أَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلاَّ اللَّه وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه .
طبعًا , هذا الإقرار الظَّاهري باللِّسان يجب أن يُصاحبه في أعماق النَّفس :
- إيمانٌ ثابتٌ بأنَّ اللَّه واحدٌ لا شريك له , وأنَّه وحده خالقُ كلِّ شيء في هذا الوجود , وهو وحده المتصرِّفُ فيه كما يشاء , وأنَّه حيٌّ لا يموتُ أبدًا , وأنَّه لَم يُولَد وليس له زوجة ولا أولاد , وأنَّه ليس كمِثْلِه شيء , وأنَّه مختلفٌ عن كلِّ صورة يمكن أن نتخيَّلها عنه , سبحانه وتعالى .
- إيمانٌ ثابتٌ بأنَّ محمَّدًا رسول اللَّه , وأنَّه خاتم الأنبياء والمرسلين , فلاَ نبيَّ بعدهُ إلى قِيَام السَّاعة .
- إيمانٌ ثابتٌ بأنَّ المسيح عيسى عبدُ اللّه ورسوله .
- إيمانٌ بجميع الأنبياء والمرسلين الذين سَبقُوا محمَّدًا , عليهم الصَّلاة والسَّلام , وبجميع الكُتُب المقدَّسة التي أُنزلَتْ عليهم .
- إيمانٌ بوجود الملائكة والجِنّ .
- إيمانٌ بالقضاء والقَدَر , خَيْره وشرِّه , وأنَّ أفعال كلّ فَرْد مُقدَّرة ومكتوبة في عِلْم اللَّه منذ الأَزَل .
- إيمانٌ ثابتٌ بأنَّنا سنُبعثُ من جديد بعد موتنَا , وأنَّ اللَّه تعالى سيُحاسِبُنا على كلِّ ما فعلْنَاه في الدُّنيا , وأنَّ هناك جنَّة ونارًا .
هذا على مُستوى العقيدة .
أمَّا على مُستوى الأفعال , فيجبُ أن يُصاحبَ النُّطقَ بالشَّهادتين : عزمٌ على القيام بما افترضَه اللَّهُ على المسلم , بَدْءًا بالأركان التي وردَتْ في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن (عبد اللَّه) بن عمر رضي اللَّه عنه , أنَّ النَّبيَّ محمَّدًا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : بُنِيَ الإسلام على خَمْس : شهادة أن لا إله إلاَّ اللَّه وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّه , وإقام الصَّلاة , وإيتاء الزَّكاة , والحجّ (وفي رواية لِمُسلم : وحجُّ البيت) , وصوم رمضان . (الجامع الصّحيح المختصر – الجزء 1 – ص 12 – رقم الحديث 8) .
طبعًا , هذه الفرائض الخمْس لا تُمثِّلُ كلَّ الإسلام , وإنَّما هي الأعْمِدة التي يرتكزُ عليها هذا الدِّين , بحيثُ إذا اختلَّ منها عمودٌ اختلَّ البِناء . وإذا كانت الشَّهادتان هما الحَدّ الفاصِل بين الكُفر والإسلام , فمَن لم ينطق بهما لم يدخُل في هذا الدِّين , فإنَّ الأركان الأربعة الأخرى إذا فَرَّط المسلمُ في القيام بواحد منها دون عُذْر شَرعيٍّ مَقْبول , فإنَّه يَرتكبُ ذنبًا عظيمًا , قد يُخرجُه في بعض الحالات من الإسلام ! وسنحاول التَّعرُّف على هذه الأركان في الصَّفحات القادمة بعون اللَّه .