وبعد , أيُّها القارئ الكريم !
أما زلتَ في شكٍّ من أنَّ اللَّه تعالى هو الذي خلقك ؟!
واللَّهِ إنَّ كلَّ عُضْوٍ في جسمكَ يشهد بوجود هذا الخالق وعظمته ! يقول اللَّه تعالى في القرآن الكريم : { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ 20 وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ 21 } (51- الذّاريات 20-21) .
ويقول تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 53 } (41- فصّلت 53) .
ولو تأمَّلتَ مثلاً في كيفيَّة عمَل دماغك , لَتبيَّنَ لكَ في الحال أنَّه لا يُمكنُ أن يكون إلاَّ من صُنع إلهٍ واحد لا حدود لِقُدرته ولِعلْمه .
فالدِّماغ يستقبل كلَّ لحظة , بواسطة الأعصاب , مليارات المعلومات القادمة من مختلف أعضاء الجسم , فيُحلِّلها بسُرعة خياليَّة , ثمَّ يُصدرُ أوامره بالتَّحرُّك . وبهذا يستطيع الإنسان أن يُميِّز بين آلاف الأصوات , وأن يُشاهد الصُّور , ويتذوَّق الطَّعام , ويُفكِّر , ويمشي , ويضحك . والأغرب من هذا , أنَّ الدِّماغ لا يتوقَّف لحظة واحدة عن العمل , فتنامُ أنت على فراشك وأنت مطمئنٌّ أنَّ قلبكَ لن يتوقَّف عن النَّبض , وأنَّ جهازك التَّنفُّسي سيبقى يعمل .
هذا صُنعُ اللَّه , فماذا صنعَ إنسانُ العصر الحديث ؟
إنَّه لم يستطع أن يصنع سوى إنسان آليّ , هو عبارة عن كُتلة من المعادن محدودة الحركة , لا تُحسُّ ولا تُفكِّر ولا تأكل ولا تشرب ! والمدهشُ فعلاً أنَّ الكثير من الباحثين , عِوَض أن يَصلُوا ببحوثهم إلى معرفة اللَّه والشَّهادة له بالقُدرة والعظمة , يَركبُهم , على العكس , الغُرور , فلا تراهم يتحدَّثون إلاَّ عن عبقريَّتهم وإبداعاتهم ! ولو أراد اللَّه أن يَسلبهم مثلاً نعمةَ التَّفكير , لَما استطاعُوا أن يكتشفُوا أيَّ شيء ! ولو لَم يُوفِّر لهم العناصر اللاَّزمة لِصُنع الأجهزة المختلفة ولِنقل الأصوات والصُّور والمعلومات , لَما استطاعُوا التَّخاطبَ بالهاتف , أو مُشاهدة التّلفاز , أو استخدام الإنترنت .
نعم , لقد أعمى الغرورُ إنسانَ العصر الحديث , فجعله ينتفخ كلَّما توصَّل إلى اكتشاف جديد , بينما كان الأولى به أن يزداد إيمانًا بوجُود خالق واحد عظيم القُدرة , وأنَّ هذا الخالق لم يقذف به هكذا على الأرض , وإنَّما وفَّر له كلَّ ما يحتاج إليه .. وأكثر ! يقول اللَّه تعالى : { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ 34 } (14- إبراهيم 34) .
-----------------------------------
مُلتقانا في الجزء الثَّالث بإذن اللَّه تعالى , لِنَتحدَّث عن الإسلام بالتَّفصيل .