وفي قصَّة ذي القرنين آية !
يقول اللَّه تعالى متحدِّثًا عن ذي القرنين : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً 93 قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا 94 قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا 95 آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا 96 فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا 97 قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا 98 } (18- الكهف 93-98) .
كان ذو القَرْنَين مَلِكًا صالحًا , يؤمن باللَّه وحده . وكان قد طاف جميع الأرض , مشرقها ومغربها . فمَرَّ في طوافه على قَوم , فطلبُوا منه أن يَبْني لهم سدًّا يمنع عنهم أذى يأجوج ومأجوج , وعَرضُوا عليه مالاً مقابل ذلك . فأجابهم بأنَّ ما أعطاهُ اللَّهُ من الملْكِ والتَّمكين في الأرض خيرٌ له من ذلك المال . ثمَّ طلب منهم أن يجمعوا له قِطَعًا من الحديد , فجمعوا له ما أراد . فبَنَى بها سدًّا عاليًا بين جَبَلَيْن , ساوَى فيه بين قِمَّتَيْهما . ثمَّ أمرهُم أن يُوقِدُوا عليه النَّار , فأَوقَدُوها حتَّى انصَهر الحديد , فصبَّ عليه النُّحاسَ المذاب , فأصبح سدًّا صلبًا منيعًا , لم يستطع يأجوج ومأجوج بعد ذلك ثَقْبَه .
والمعروفُ اليوم لَدى العلماء أنَّ النُّحاس المذاب إذا أُضيف إلى الحديد المذاب أَكْسَبه صلابة وقوَّة , ولم يأْكُلْه الصَّدَأ .
فمَن أخبر النَّبيَّ محمَّدًا صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بهذه الحقيقة العلميَّة إذا كان قد جاء بالقرآن من عنده ؟!