لماذا  أقسم اللَّهُ تعالى بمواقع النُّجوم ؟
 
 
يقول علماءُ  الفلك أنَّ كلَّ النُّجوم تجري في السَّماء دون توقُّف ! فهي تدور باستمرار  حول مركز المجرَّة التي تنتمي إليها , وفي نفس الوقت تجري مع هذه المجرَّة  , مبتعدة بذلك عن نجوم وكواكب المجرَّات الأخرى . ونظرًا إلى أنَّ  المسافات بين الأرض التي نعيش فوقها والنُّجوم التي نراها في السَّماء  تُقدَّر بآلاف السِّنين الضَّوئيَّة (أي ملايين المليارات من الكيلومترات) ,  فإنَّ الذي نراه نجمًا في السَّماء هو في الحقيقة ضوء ذلك النَّجم الذي  بَدأ سفَرهُ إلينا من ذلك المكان منذ آلاف السِّنين ! 
نعم , فالنَّجم  الذي يبعد عنَّا مثلاً ألف سنة ضوئيَّة , ونراه الآن في السَّماء , نحن نرى  في الحقيقة ضوءَه الذي أرسلَه إلينا منذ ألف سنة من ذلك الموقع , فلم  يصلْنا إلاَّ الآن فقط ! أمَّا النَّجم نفسُه , فقد انتقل منذ ذلك الزَّمن  إلى موقع آخر , ثمَّ إلى مواقع أخرى , بسبب جريانه المستمِرّ !
وهنا , أجدُ من  الضَّروري أن نقف وقفة أخرى مع القرآن الكريم , لأنَّ فيه إشارة إلى هذه  الحقيقة ! يقول اللَّه تعالى : { فَلا أُقْسِمُ  بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ 75 وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ 76  إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ 77 فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ 78 لا يَمَسُّهُ  إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ 79 تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 80 }  (56-  الواقعة 75-80) . 
فلو أقسَمَ  اللَّهُ تعالى في الآية 75 بالنُّجوم , لَكان القسَمُ عاديًّا . لكنَّه  أقسَمَ بِمَواقعها , رُبَّما لِيَلْفِتَ انتباهنا إلى أنَّ النُّجوم تجري  في الفضاء , وأنَّ ما نراه في السَّماء نجمًا , هو في الحقيقة مَوْقعه .
وإذا كان هذا  الاستنتاجُ صحيحًا , فإنَّ بقيَّة الآيات , التي أعلنتْ  أنَّ القرآن  الكريم تنزيلٌ من ربِّ العالَمين , لا بُدَّ أن تكون صحيحة أيضًا . هذا ما  يقوله المنطق ! أم أنَّ لك رأيًا آخر ؟!