اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 04.01.2011, 17:37
صور نوران الرمزية

نوران

مديرة المنتدى

______________

نوران غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 13.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 4.608  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
30.06.2014 (14:52)
تم شكره 92 مرة في 54 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أما في الأمور الدينية فالقديس يوحنا لذهبي الفم يستشهد ببولس وكيف أنه كسب اليهود بالكذب عليهم
حيث كان يتظاهر أنه متمسك بالناموس, لأن اليهود يكفرون كل من لا يعتقد بوجوب تطبيق الناموس وينفرون منه , وهذا حال كل اليهود’ حتى الذين انضموا إلي النصرانية

يقول يوحنا الذهبي الفم

" نجد ان الذين يداوون الروح أيضا دائما يلجئون إلي هذه الوسيلة’ وبولس المبارك جذب جموع غفيرة ( إلي النصرانية ) و لهذا الغرض مارس ( خداع اليهود )

ختن تيموثاوس رغم أنه كان يخبر الأمميين في غلاطية ان الختان لا يفيد شيئا بعد الإيمان بالمسيح,

الحقيقة هي ان للكذب فوائد جمة إذا لم يكن الغرض منه سيئا’ بل ان مثل هذه الأعمال يجب ان لا تسمي كذبا والأحري ان نسميها, إدارة حسنة, حذاقة ومهارة في إيجاد الحلول " ( الكتاب الأول’ ص 38 )


ويشير القديس يوحنا الذهبي الفم إلي ما ورد في أعمال الرسل حيث يخبرنا ان

بولس حين أراد ان يخرج معه تيموثاوس ختنه رغم انه كان ينادي بنسخ الختان في دعوته لغير اليهود

ولكته كان بخفي ذلك عن اليهود ولكن دعوته وصلت إلي اليهود فأراد بولس تكذيب ذلك ولهذا الغرض ختن تيموثاوس


. ثم وصل إلى دربة ولسترة واذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني ..... فأراد بولس أن يخرج هذا معه فأخذه وختنه من اجل اليهود الذين في تلك الأماكن لان الجميع كانوا يعرفون أباه انه يوناني ( 16/1,3 )


ويفهم من سفر أعمال الرسل ان هذا النوع من الكذب لم يكن يعمل به بولس فقط

وإنما كان شائعا بين تلاميذ يسوع حسبما يخبر الكتاب, ففي الإصحاح ال 21 نري ان التلاميذ هم من نصحوا بولس بالنفاق وتظاهر التمسك الناموس,

وكان بولس قد زار كنيسة الأم في أورشليم والتي كان يترأسها يعقوب أخ يسوع المعروف بــ يعقوب أخ الرب,, وهناك قالوا له

( أنت ترى أيها الأخ كم يوجد ربوة من اليهود الذين آمنوا وهم جميعا غيورون للناموس.

وقد أخبروا عنك انك تعلّم جميع اليهود الذين بين الأمم الارتداد عن موسى قائلا ان لا يختنوا أولادهم ولا يسلكوا حسب العوائد.

فإذا ماذا يكون.لا بد على كل حال إن يجتمع الجمهور لأنهم سيسمعون انك قد جئت. فافعل هذا الذي نقول لك.

عندنا أربعة رجال عليهم نذر خذ هؤلاء وتطهر معهم وانفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم فيعلم الجميع ان ليس شيء مما أخبروا عنك بل تسلك أنت أيضا حافظا للناموس. .)
أ ر 21/20-24


يقول القمص أنطونيوس فكري " وكان التلاميذ يخشون المجاهرة بعدم ضرورة حفظ عادات الناموس أمام مسيحي الختان حتى لا يشككوا في المسيحية،

بل ان يعقوب اقنع بولس ان يتظاهر بحفظه للناموس أمام هؤلاء القوم " [2]

وإذ نصح التلاميذ بولس بالنفاق نجد انهم يأمرون الآخرين بعدم الالتزام بالشريعة

وأما من جهة الذين آمنوا من الأمم فأرسلنا نحن إليهم وحكمنا أن لا يحفظوا شيئا مثل ذلك سوى أن يحافظوا على أنفسهم مما ذبح للأصنام ومن الدم والمخنوق والزنى.

حينئذ اخذ بولس الرجال في الغد وتطهر معهم ودخل الهيكل مخبرا بكمال أيام التطهير إلى ان يقرب عن كل واحد منهم القربان ( أ ر 21/ 25-26)


لا شك ان فهم يوحنا الذهبي الفم للكتاب فهم دقيق,

فالتلاميذ طلبوا من بولس أن ينافق ويدعي التمسك بالشريعة, وفي نفس الوقت أرسلوا رسالة إلي مجموعة أخري من النصارى يخبرونهم بعدم الالتزام بالشريعة’ باستثناء الأكل ( مما ذبح للأصنام ومن الدم والمخنوق والزنى ) أعمال الرسل 21/25 )

وقد سبق أن استشهد بهذه النصوص كبارآباء الكنيسة قبل القديس يوحنا الذهبي الفم منهم القديس جيروم في رسالة إلي القديس أغسطينوس بينما ذكر القديس أكلمنضس مثال المريض والطبيب

مبدأ الغاية تبرر الوسيلة عند القديس يوحنا فم الذهب لا ينحصر عند الكذب’

فكل الأفعال عند القديس يحكمها النية والغاية, حتى القتل يكون أمرا حسنا إذا كان طاعة لله,

ويذكر القديس يوحنا العديد من الأمثلة من الكتاب المقدس كشروع إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه,

وأعمال النهب التي قام بها اليهود قبل الخروج من مصر ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم عنهم


هل نحن ندين هؤلاء ؟ كلا, بل نبجلهم ونبجل أعمالهم لأن الرب نفسه هو الذي أمرهم , والرجل يدعي مخادعا بالحق إذا كذب لأجل عمل غير مستقيم لا الذي يكذب للعمل المستقيم,

وغالبا يكون الخداع له فوائد جمة بينما الذي يسلكون الطريق المستقيم يجلبون المصائب الجمة لمن لم يخدعوهم ( الكتاب الأول, ص 38 )

ويختم القديس يوحنا الذهبي بالقول

" القول بأن الخداع يجوز إذا كان لغرض شريف وأنه ينبغي أن لا يدعي خداعا بل إدارة حسنة جدير بالاحترام,

القول بذلك يمكن إثباته باستفاضة ولكن ما قلنا برهان كافي’ ويبقي أن تثبت أنت إني لم أكذب عليك من أجل مصلحتك " ( الكتاب الثاني ص 39 )

ويضيف
" هل لازلت تجادل انك لم تخدع لغرض شريف وأنت الآن علي وشك الإشراف علي أعمال الله التي قام بطرس بها كان سببا في ان الرب قال له انه فاق التلاميذ الآخرين " ( الكتاب الثاني ص 40 )



القديس يوحنا الذهبي الفم يعرض فهمه للكتاب المقدس بقوة منطقية ويستعين بالتجارب الواقعية,

فالطبيب ما كان يمكنه إنقاذ المريض ما لم يكذب عليه تلك الكذبة المستقيمة كما يسميها, والطبيب لم يكن المستفيد في كذبته,

ويوناثان لم يجن شيئا من كذبه لكنه أنقذ حياة شخص بريء, وهو داود الذي يعتبره القديس جدا ليسوع,

أما أكاذيب بولس وتلاميذ يسوع فقد أنقذت جماهير غفيرة من بحيرة النار والكبريت ومنحوا الحياة الأبدية وهذا كان متعذرا بدون الكذب عليهم



إن كان قمة ضعف في عرض القديس يوحنا الذهبي الفم فهو في اعتبار عقيدته الحق المطلق,

لذلك لا يطرح القديس احتمال زيف عقيدة الكذبة وهو احتمال كان يجب أن يطرحه’

لأنه ليس فقط واردا بالنسبة للآخر بل هو واقع,إذ لا شك ان الدين الحق لا ينشر بالأكاذيب ...

إذن بالنسبة للآخر خارج النصرانية فان أكاذيب بولس والتلاميذ, لم تؤدي إلي أي خير للمخدوعين بل تجلب عليهم مصائب الدنيا والدين

القديس يوحنا فم الذهب في عرضه اختار نصوصا قوية من العهد الجديد لكنه كان أقل توفيقا في اختبار نصوص العهد القديم,

وبعض النصوص أخرجته عن الموضوع الذي يعالجه, كالشروع في ذبح ابن إبراهيم عليه السلام وسرقة يعقوب البركة’

أما النصوص الخاصة بطلب داود عليه السلام الكذب من يوناثان, فهذه النصوص وان كان يمكن اعتبارها قوية قي عصر يوحنا الذهبي الفم الا انها ليست كذلك حاليا’

وذلك لتغير مفهوم الوحي عند النصارى في القرن الثامن عشر, [3]حيث اسقط النصارى الوحي الحرفي

واعتبروا العهد القديم مجرد قصص تقص كما حدثت, مع انتزاع العصمة من الأنبياء مما يعني ان أفعال الأنبياء وأقوالهم ليست حجة مثلما هي مع التلاميذ وكتبة العهد الجديد ..

أي ان أفعال وأقوال التلاميذ وكتبة العهد الجديد حجة ما لم يأتي نص آخر يدينها بينما افعال الأنبياء وأقوالهم في العهد القديم ليست حجة ما لم تكن بأمر من الإله

لذلك كان من الأفضل للقديس يوحنا الذهبي الفم أن يلجأ إلي الأفعال التي كانت بأمر الإله أو صادق عليها,

مثل كذبة القابلتين علي فرعون لإنقاذ أطفال بني إسرائيل, وقد صادق الإله علي كذبتهما بإحسانه إليهما (فأحسن الله إلى القابلتين.ونما الشعب وكثر جدا.) بل اعتبر الإله الكذب في هذه الحالة إحسانا ( الخروج 1/21)

وكذلك كذبة راحاب الزانية حين خبأت جواسيس يشوع أحسن الإله إليها بصريح الكتاب (. فتكون المدينة وكل ما فيها محرّما للرب.راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لانها قد خبأت المرسلين اللذين ارسلناهما.) يشوع 6/17



, ولم يكتف بذلك بل منحها شرف الإنتساب الي أسرة الثالوث, إذ جعل الزانية جدة ليسوع, ولا شك هذا الإقرار والتكريم الذي أعده الإله للزانية أقوي في الإستدلال, ولكن بعذر القديس يوحنا فم الذهب, إذا وضعنا في الإعتبار حجية أفعال الأنبياء في عصره,

محمود أباشيخ
burhanukum@yahoo.com

[1]الإسم الإنجليزي لكتاب عن الكهنوت المسيحية
TREATISE CONCERNING THE CHRISTIAN PRIESTHOOD
توثيق الصفحات حسب مجلد آباء نيقية وما بعد نيقية المجلد رقم 1-09 والمرمز ب
NPNF V1-09
[2] القمص أنطونيوس فكري، تفسير أعمال الرسل، المقدمة
[3]دائرة المعارف الكتابية، مدخل الكتاب المقدس - الوحي به
ذكرت دائرة المعارف الكتابية أنه " في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أدى انتشار أفكار التطور وظهور مدارس النقد العالي في الدراسات الكتابية، ببعض اللاهوتيين إلى إعادة صياغة المفهوم التاريخي للوحي الحرفي، فجرت محاولات لتعديل المفهوم، أو استبداله كلية بتعليم جديد عن الوحي يسمح بالقول بحدوث تطور في الخطاب الديني. فنقل بعض اللاهوتيين مركز الثقل في الوحي من الكلمة الموضوعية إلى الخبرة الذاتية، وقد تكون هذه الخبرة ناتجة عن عبقرية دينية، أو لنبي ذي بصيرة نفَاذة لماحة للحق. كما يمكن أن تكون خبرة شخص أخذ بروعة كلمة أو رسالة من الكتاب، فأقر بأن الكتاب كتاب مُلهم" .










توقيع نوران






رد باقتباس