بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثانى
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فهذه دروس مبسطة لعلم الفرائض لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .
أخوتاه سندرس الليلة إن شاء الله التركة و أنواعها و الحقوق المتعلقة بها فهيا نحيا في رحاب هذا الدرس نستقي منه علما ينفعنا في الدنيا والآخرة .
أخوتاه الكل يسمع أن فلانا من الناس قد ترك تركة لورثته
فيا ترى ما هي التركة ، و ما أنواع التركة ؟
و الجواب أن التركة هي ما يتركه الشخص بعد وفاته من أموال وحقوق مالية أو غير مالية .
والتركة نوعان
نوع يورث عن الميت و نوع لا يورث عن الميت أما النوع الذي يورث عن الميت فهي الأموال التي يتركها على اختلاف أنواعها و كذلك ما يرجع إلى المال كالرد بالعيب و خيار الشرط و ما يرجع بالتشفي كالقصاص و حد القذف أما النوع الذي لا يورث عن الميت كآجال الديون فإنها حق عليه لا له و قذف زوجته وموته قبل الملاعنة .
أخوتاه بعد أن عرفنا التركة ،و أنواعها نأتي لبيان الحقوق المتعلقة بالتركة فنقول الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة مرتبة كالتالي :

1 ـ مؤن تجهيز الميت أي تكاليف القيام بأمر الميت نفسه أي تكاليف فعل ما يحتاج إليه الميت من وقت وفاته إلى حين دفنه أي تكاليف غسل الميت و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه ، و مؤن تجهيز الميت قدمت على غيرها ؛ لأن هذه الأمور من حوائج الميت ، فهي بمنزلة الطعام والشراب واللباس والسكن للمفلس .
2ـ الحقوق المتعلقة بعين التركة ( الديون العينية ) أي الديون التي تتعلق بأعيان الأموال كالرهن المتعلق بالعين المرهونة فلو رهن شخص لآخر دارا ثم مات الراهن قبل أداء الدين ، ولم يترك غير هذه الدار فإن المرتهن أحق بها أي أنه يستوفي دينه من ثمنها قبل كل شيء ، و أيضا من الحقوق العينية أرش جناية العبد المتعلق برقبته ، و عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة و مالك والشافعي تخرج الحقوق العينية من التركة أولا أي تقدم هذه الحقوق على مؤن التجهيز .
3ـ الحقوق المتعلقة بذمة الميت ( الديون الشخصية ) كالديون التي لا تتعلق بعين التركة سواء كانت لله تعالى كالزكاة أم للآدميين كالقرض و المهر .
4ـ الوصية الجائزة ، و هى ما كانت بالثلث فأقل لغير وارث ، وهنا سؤال لما قدمت الوصية على الدين في قوله تعالى : ﴿ ِمن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ خلافا للحكم الشرعي ألا و هو تقديم الدين على الوصية ؟ ، و الجواب على ذلك أن تقديم الوصية على الدين للعناية و الاهتمام بها ، و لحث الورثة على تنفيذ الوصية حتى لا يتهاونوا في أمرها فالدَّين واجب والوصية تبرع والتبرع ربما يتساهل به الورثة ويستثقلون القيام به فيتهاونون بأدائه بخلاف الواجب .
5ـ الإرث ، ويبدأ بذوي الفروض و ما بقي فاللعصبة لقول النبي
: « ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر » ( متفق عليه ) .
من هنا أخوتاه يتضح أن الميراث هو آخر شيء يصنع بعد الوفاة .
وتذكر أخي طالب العلم بأن العلمَ بالمذاكرة .... والدرسِ والفكرةِ والمناظرةِ والعلم يحتاج لهمة عالية ونفوس واعية وقلوب مخلصة لرضا الله راجية و ليس العلم ما نقل في الدفاتر ،ولكن العلم ما ثبت في الخواطر .

( شذى الإسلام )
( يتبع إن شاء الله )