اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :96  (رابط المشاركة)
قديم 15.12.2010, 17:16
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


أسباب النصر في عين جالوت

مقدمة

إذا كان لموقعة عين جالوت كلُّ تلك الآثار التي عرفناها، فلا يفوتنا هنا أن نتدبر في أسباب هذا النصر العظيم..
لقد شرحنا بالتفصيل خطوات قطز رحمه الله في إعداد الأمة والجيش لهذا النصر.. وهنا - في إيجاز شديد - نعرض لبعض الأسباب التي أخذ بها قطز رحمه الله ومن معه من أبطال ومن علماء الإسلام وأدت في النهاية إلى هذا الانتصار المبهر..


السبب الأول (وهو أعظم الأسباب)
الإيمان بالله، والاعتقاد الجازم بأن النصر لا يكون إلا من عنده سبحانه وتعالى.. ولذلك اهتم قطز رحمه الله بالناحية الإيمانية عند الجيش وعند الأمة، وعظّم دور العلماء، وحفز شعبه لحرب التتار من منطلق إسلامي وليس من منطلق قومي أو عنصري، ولخص ذلك في عين جالوت بكلمته الموفقة "واإسلاماه"، ولم يقل: وامصراه.. وامُلْكاه.. واعروبتاه!!.. لقد كانت الغاية واضحة جداً عند قطز رحمه الله، وكانت هويتُه إسلامية تماماً.. ووضوح الرؤية ونقاء الهوية كان سبباً مباشراً من أسباب النصر، بل هو أعظمها على الإطلاق..
وقد ظهر رسوخ هذا الأمر في نفس قطز رحمه الله عندما لجأ إلى الله بوضوح عند الأزمة الخطيرة في عين جالوت, حيث وقف متضرعًا يناجي ربه ويقول: "يا الله.. انصر عبدك قطز على التتار".. فالدعاء هو العبادة.. الدعاء اعتراف من العبد بعبوديته لله عز وجل.. الدعاء إعلان صريح من العبد أنه فقير لرب العالمين..
لقد كان قطز رحمه الله يدرك في كل خطوة من خطوات إعداده أنه لن يفلح إلا إذا أراد الله عز وجل، ولذلك لابد أن يطلب منه باستمرار وبإلحاح وبخشوع وبتضرع.. ولم ينسب النصر إلى نفسه أبداً.. بل كان دائما ينسبه إلى الله عز وجل؛ لأنه يعلم أنه كثيراً ما طلب من الله عز وجل، وأن الله عز وجل قد تفضّل وتكرّم عليه بالنصر والتوفيق.. فلله تعالى المنّة والفضل..


السبب الثاني: الوحدة بين المسلمين
فالأمة المتفرقة لا تُنصر، وقد حرص قطز رحمه الله منذ اليوم الأول لارتقائه عرش مصر أن يوحّد المسلمين قدر ما يستطيع؛ فعفا عن المماليك البحرية، وجمعهم مع المماليك المعزّية، وراسل ملوك الشام الأيوبيين، وتقرب منهم، وضم إلى قواته الشاميين والخوارزمية والمتطوعين بصرف النظر عن أصولهم وأعراقهم... وبذلك نجح في تحقيق ما كان يعتقد الكثيرون أنه مستحيل.


السبب الثالث: إذكاء روح الجهاد في الأمة
فقد تيقن قطز رحمه الله أن السبيل الأساسي لاستعادة حقوق المسلمين هو الجهاد، وأن السلام إذا صلح أن يكون اختياراً في بعض الظروف، إلا أنه لا يمكن أن يُختار إذا انتُهبت حقوق المسلمين، وإذا سُفكت دماؤهم، وإذا شُرّدوا في الأرض.. السلام لا يكون إلا باستعادة كامل الحقوق، ولا يكون إلا ونحن أعزّاء، ولا يكون إلا ونحن نمتلك قوة الردع الكافية لدحر العدو إذا خالف معاهدة السلام.. أما بدون ذلك فالسلام لا يكون سلاماً بل يكون استسلاماً، وهو ما لا يُقبل في نظر الشرع..

والحق أن شعب مصر كان مؤهلاً للجهاد، ومعظماً له من جرّاء الحروب الصليبية المتتالية، ولذلك كان سهلاً على قطز رحمه الله أن يذكّر الناس بالجهاد كسبب رئيسي من أسباب النصر، ولابد أن تفقه الأمة الإسلامية أنها لا سبيل لها لرفع رأسها في الأرض إلا بالجهاد، ولذلك فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام.. أى أعلى ما فيه، ومن يتمسك به يكن أعلى الناس في الأرض..

السبب الرابع: الإعداد الجيد للمعركة
فقد أخذ قطز بكل الأسباب المادية لتقوية جيشه، من إعداد للسلاح وتدريب للجنود، وترتيب للصفوف، ووضع للخطة المناسبة، واختيار المكان المناسب، وعقد الأحلاف الدبلوماسية المناسبة، وتهيئة الجو على أفضل ما يكون، ويكفي أن نذكر هنا بالصورة الجميلة البهية الرائعة التى كانت عليها جيوش المماليك في عين جالوت، وكأنها تتجه إلى عرض عسكري، وليس إلى معركة ضارية..
ومن لم يعدّ العدة وتوقَعَ النصر فلا شك أنه واهم.. ليس هذا من سنن الله عز وجل..


السبب الخامس: القدوة
التي ضربها قطز رحمه الله لجنوده ولأمته في كل الأعمال.. وتربية القدوة أعلى آلاف المرات من تربية الخطب والمقالات.. كان قطز رحمه الله قدوة في أخلاقه.. قدوة في نظافة يده.. قدوة في جهاده.. قدوة في إيمانه.. قدوة في عفوه...
لم يشعر الجنود أبداً بأنهم غرباء عن قطز.. لقد نزل قطز رحمه الله بنفسه إلى خندق الجنود وقاتل معهم، فكان حتماً أن يقاتلوا معه..


السبب السادس: عدم موالاة أعداء الأمة
فلم يوال قطز رحمه الله التتار أبداً مع فارق القوة والإعداد بينهما.. كما لم يوال أمراء النصارى في الشام مع احتياجه لذلك.. لقد سقط الكثير من الزعماء قبل قطز في مستنقع الموالاة للكفار، وكان منطلقُهم في ذلك أنهم يجنّبون أنفسهم أساساً.. ثم يجنبون شعوبهم بعد ذلك - كما يدَّعون - ويلات الحروب.. فارتكبوا خطأً شرعياً شنيعاً.. بل ارتكبوا أخطاءً مركبة؛ فتجنب الجهاد مع الحاجة إليه خطأ.. وتربية الشعب على الخنوع لأعدائه خطأ آخر.. وموالاة العدو واعتباره صديقاً خطأ ثالث...
لكن قطز رحمه الله كان واضح الرؤية.. وتحقق له هذا الوضوح في الرؤية بفضل تمسكه بشرع الله عز وجل.. لقد قرأ في كتاب الله:
[يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين]
وهذا تحذير خطير.. بل خطير جداً.. من رب العالمين..
وكم هو أحمق - بل ضعيف الإيمان - من يستمع إلى هذا التحذير ثم لا يتلفت إليه..


السبب السابع: بث روح الأمل في الجيش والأمة
فالأمة المحبطة من المستحيل أن تنتصر.. والإحباط والقنوط واليأس ليست من صفات المؤمنين..
[إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون]
لقد عمل قطز رحمه الله على رفع الروح المعنوية للجيش وللأمة.. ووضح لهم أن نصر الله عز وجل للأمة التي سارت في طريقه ليس أمراً محتملاً، بل هو أمر مؤكد، وأمر يقيني.. وأمر عقائدي..
[كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي.. إن الله قوى عزيز]
هذه - أيها المؤمنون - قضية منتهية!!





رد باقتباس