عاجل بشرى المؤمن أن يعمل المؤمن العمل الصالح
مخلصـا لله فيه ، لا يرجو به غير وجه الله ،فيطلع الناس عليه
فيثـــنوا عـليه به ،فيسره ذلك ويستبشر به خيرا ،
فتلك عاجل بشرى المؤمن .
ومن ذلك الر ؤيا الصالحة يراها في نومه أو تُرى له .
ومن ذلك وقوع محبته في قلوب الناس ،ورضاهم عنه .
ومن ذلك أن يجد في نفسه راحة للعمل الصالح وانشراح صدر .
ويكون ذلك وأمثاله من دلائل محبة الله له وقبول عمله ،
فيعـجل الله لـه البشرى في الدنيا بهذا الـثناء والرضاوالقبول من الناس ،
ويدخر له في الآخرة جز يل الثواب .
روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَ يْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
.(إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ :إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَــأَحْبِبـْهُ .
فَيُحِبُّهُ جِبْرِ يلُ، فَينادِي جِبْرِ يلُ فِي أهل السَّمَاءِ :
إِنَّ اللَّهَ يُحِـبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ
ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ).ورواه الترمذي وزاد : فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ :
.(إِنَّ الَّلذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصـَالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَـنُ وُدًّا.)
قـال النووي رحمه الله :وَمَعـْنَى .( يُوضـَع لَهُ الْقبُول فِي الْأَرْض .)
أَيْ : الْحُبّ فِي قُلوب النَّـاس , وَرِضَاهُمْ عَنْهُ ,
فَـتمِيل إِلَيْهِ الْقُلُوب , وَتَرْضَى عنـْهُ.
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة : فَتُوضَع لَهُ الْمَحَــبَّة.. انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله :
يخـبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين اللذين
يعملون الصالحات في قلوب عباده الصالحين مودة ،
وهذا أمرلا بدمنه ولا محيد عنه انتهى .
تفسير ابن كثير وراجع : فتح القدير
وروى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ :
قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ
وَ يَحْمَدُ هُ النَّـاسُ عَلَيْهِ ؟قــَالَ: .(تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ).
قال النووي رحمه الله : " قَالَ الْعُلَمَاء :
مَعْنى ههَذِهِ الْبُشْرَى الْمُعَجَّلَة لَهُ بِالْخَيْرِ ,
وَهِيَ دَلِيل عَلَى رِضَاءاللَّه تَعَالَى عَنـْهُ ,وَمَحَـبَّته لـَهُ ,
فَيُحَبِّبهُ إِلَى الْخَلْق كَمَا سَـبَقَ فِي الْحَـدِيث ,
ثُمَّ يُوضَع لَهُ الْقَبُول فِي الْأَرْض.هـَذَا كُلّه إِذَا حَمِدَهُ النَّاس مِنْ
غَيْر تَـعَرُّض مِنْهُ لِحَـمْدِهِمْ , وَإِلَّا فَالتَّعَرُّض مـَذْمُوم .انتهى .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
والمعنى : أن الله تعالى إذا تقبل العمل أوقع في القلوب
قبول العامل ومدحه ، فيكون ما أوقع في القلوب مـبشر بالقبول ،كما أنه
إذا أحب عبدا حببه إلى خلقه وهم شهداء الله في الأرض .كشف المشكل ص245
وقا ل السيوطي رحمه الله :
أي هذه البشرى المعجلة دليل للبشرى المؤخرة إلى الآخرة انتهى .
شرح السيوطي على مسلم 5 / 556
وسئل ابن عثيمين :مـا معنى الحديث الذي يقول :
(. تلك عاجل بشرى المؤمن).؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
المؤمن يبشر في الـدنيا بعمله الصـالح من عدة وجوه :
أولا : إذا شرح الله صدره إلى اعمل الصالح وصار يطمئن
إليه ويفرح به كان هذا دليلا على أن الله تعالى كتبه من السعداء ؛
لقول الله تبارك وتعالى:
.( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَبِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى .)
فمن بشرى المؤمن أن يجد من نفسه
راحة في الأعمال الصالحة ورضابها وطمأنينة إليها ؛
ولهذا كانت الصلاة قرة عين رسو ل الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ومن البشرى للمؤمن : أن يثني الناس عليه خيرا ؛
فإن ثناء الناس عليه بالخير شـهادة منهم له على أنه من أهل الخير .
ومنها : أن تُرى له المــرائي الحسنة في المنام.
انتهى باختصار .فتاوى نور على الدرب 111 / 45-46
وعن أبي هُرَ يْرَ ةَ رضي الله عنه قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
.( لَمْ يَبـْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ ).،
قـَالُوا: وَمــا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ :.( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ).
وعن أبي الدَّرْدَاءِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قـَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
.(لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ),
فَقَالَ : (. هِيَ الرُّؤْيَاالصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْتُرَى لَهُ ).
وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قـال السعدي رحمه الله :
" أماالبـشارة في الدنيا ، فهي :اـثناء الحسن ،
والمودةفي قلوب المؤمنين ،والرؤيا الصالحة ،
ومـــا يراه الـعـبد من لطـــــف الله بــــه وتيـسير ه
لأحسن الأعمال والأخــــلاق ، وصرفه عن مســاوئ الأخـلاق
" انتهى . تفسير السعدي رحمه الله" ص 368
منقول من موقع سؤال وجواب ...