اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :74  (رابط المشاركة)
قديم 04.12.2010, 15:35
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


إلى عين جالوت

اتجه الجيش المسلم بعد انتصار غزة إلى ناحية الشمال وهم يسيرون بحذاء ساحل البحر الأبيض المتوسط ليمرّوا على المدن الإسلامية العظيمة الواحدة تلو الأخرى، فمرّوا على عسقلان ثم على يافا )المدينة الإسلامية الجميلة) - نسأل الله أن يحررها وأن يحرر كل فلسطين من دنس اليهود - ومن المعروف يا أخواني أن مدينة تل أبيب قد أنشئت في شمال يافا مباشرة، ثم أكمل قطز والجيش المسلم طريقه في اتجاه الشمال، فمرّ في غرب طولكرم، ثم وصل إلى مدينة حيفا، ثم اتجه شمالاً بعدها إلى عكا المدينة المسلمة المحتلة من قبل الصليبيين.
وعسكر قطز رحمه الله في الحدائق المحيطة بحصن عكا في السهل الواقع في شرق عكا، ثم بدأت المراسلات بين قطز رحمه الله وأمراء عكا الصليبيين للتأكيد على الاتفاقيات السابقة، وأرسل قطز رحمه الله وفداً من الأمراء المسلمين، فدخلوا حصن عكا، وأحسن الأمراء الصليبيون استقبال المسلمين، وأكّد الطرفان على ما سبق الاتفاق عليه، وتكررت الزيارات أكثر من مرة، واطمأن الطرفان على استقرار الوضع، ومن ثم عزم قطز على الرحيل من عكا واختيار مكان مناسب للّقاء الهام المرتقب بينه وبين التتار..
وعندما بدأ قطز رحمه الله في مغادرة منطقة عكا أشار عليه أحد الأمراء الذين قاموا بالسفارة بينه وبين الأمراء الصليبيين أن عكا الآن في أشد حالات ضعفها، وأنهم مطمئنون إلى المعاهدة الإسلامية، وغير جاهزين للقتال، فإذا انقلب عليهم قطز فجأة فقد يتمكن من إسقاط حصن عكا، وتحرر المدينة الإسلامية بعد مائة وست وستين سنة من الاحتلال، فرد عليه قطز رحمه الله رداً قاطعاً صارماً واضحاً.. قال: " نحن لا نخون العهود!"..
يا الله!! الرؤية واضحة جداً جداً في عين قطز رحمه الله..
هذه قيادة تأخذ بأسباب النصر الحقيقية.. ومن أسباب النصر الحقيقية اتباع شروط الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، وحفظ العقود وعدم نقض المواثيق من صميم شرع الله عز وجل..
يقول الله تعالى: "يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود "..
وأنا أريد أن أنقل للصليبيين ولليهود وللتتار وللعالم أجمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وأبو داود، وقال الترمذي حسن صحيح عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يَحُلنَّ عهداً، ولا يشدنه )أي لا يغيرن العهد بأي طريقة) حتى يمضي أمده، أو ينبذ إليهم على سواء"..
فإما أن تنقضي مدة العهد، وإما أن تخبر أعداءك بأنك لسبب أو لآخر ستقطع العهد .. أما الغدر فلا مكان له في العقود الإسلامية..
هذا هو دين الإسلام.. وهذا هو شرع الإسلام.. وهذه هي قوانين الإسلام.. وهؤلاء هم قادة الإسلام..
وهكذا ترك قطز رحمه الله عكا، واتجه إلى الجنوب الشرقي منها ليبحث عن مكان يصلح للمعركة القادمة..
في هذه الأثناء كان كتبغا قد وصلته فلول جيش التتار الفارة من غزّة ينقلون إليه تحركات الجيش المسلم، فغضب كتبغا غضباً شديداً لهزيمة حاميته العسكرية في غزة، وغضب أكثر لأن هناك من المسلمين من يتجمع لقتاله، وكأنّ الأصل أن المسلمين ليس لهم حق المقاومة، فإن قاوموا عدوهم كان هذا داعياً لغضب كتبغا والتتار!!.. وعقد كتبغا اجتماعاً استشارياً مع قادته، وحضر هذا الاجتماع الأشرف الأيوبي أمير حمص، واتخذ كتبغا قراره في هذا الاجتماع أن يتوجه بسرعة لحرب هؤلاء المتطرفين المسلمين الذين سيقوضون عملية السلام الدائرة بين كتبغا وبين الزعماء المسلمين.. ويهددون المباحثات التترية ـ الإسلامية بالفشل..
وكان واضحًا أن حركة التتار في اتجاه المسلمين كانت بطيئة جداً، لأن قطز قطع معظم الساحل الفلسطيني من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله دون أن يدخل التتار حدود فلسطين أصلاً، مع أن المسافة بين سهل البقاع اللبناني حيث يعسكر جيش التتار والحدود اللبنانية الفلسطينية لا تزيد عن مائة كيلومتر، وهي مسافة تقطعها الجيوش عادة في يومين أو ثلاثة..
المهم أن قطز هو الذي بدأ التحرك للبحث عن المكان المناسب للمعركة، وبذلك يسجل نقطة هامة لصالحه، ويستطيع أن يرتب جيوشه في وضع أفضل، ويختبر المنطقة، ويعلم طبيعتها وخباياها..
وتحرك كتبغا في اتجاه الجنوب بين جبال لبنان حتى دخل فلسطين من شمالها الشرقي غرب مرتفعات الجولان، ثم عبر نهر الأردن، ووصل إلى الجليل الشرقي، واكتشفت الاستطلاعات الإسلامية المنتشرة في المنطقة تحركات كتبغا، ونقلت الأخبار بسرعة إلى قطز الذي كان قد غادر عكا في اتجاه الجنوب الشرقي، فأسرع قطز باجتياز مدينة الناصرة، وتعمق أكثر في الجنوب الشرقي حتى وصل إلى منطقة تعرف بسهل عين جالوت، وهي تقع في الوسط تقريباً بين مدينتي بيسان في الشمال ونابلس في الجنوب، وهي بالقرب جداً من معسكر جنين الآن وهي المنطقة التي ستدور فيها معركة من أهم المعارك في تاريخ الأرض، وسبحان الله فإن الأيام قد دارت وحدثت موقعة أخرى شريفة على أرض جنين بين المجاهدين الفلسطينيين وبين اليهود، وذلك في عام2002 ميلادية، وزاد شهداء المسلمين فيها على خمسمائة بعد أن صبروا في قتالهم صبراً عجيباً..
ويقع سهل عين جالوت على مسافة65 كيلومتر جنوب منطقة حطين التي دارت فيها الموقعة الخالدة حطين في سنة583 هجرية قبل خمسة وسبعين سنة من وقعة عين جالوت، ويقع كذلك على مسافة حوالي ستين كيلومتر إلى الغرب من منطقة اليرموك حيث دارت المعركة الخالدة بقيادة خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما ضد الروم منذ أكثر من ستة قرون..
وهكذا ساهمت هذه الذكريات في رفع الروح المعنوية للجيش الإسلامي إلى أقصى درجة..
وجد قطز رحمه الله سهل عين جالوت منطقة مناسبة جداً للمعركة المرتقبة؛ فهو عبارة عن سهل واسع منبسط تحيط به التلال المتوسطة من كل جوانبه إلا الجانب الشمالي فهو مفتوح.. كما تعلو هذه التلال الأشجار والأحراش، مما يوفر مخبأً مناسباً جداً للجيش الإسلامي؛ فيسهل عمل الكمائن الكثيرة على جوانب السهل المنبسط..
ورتّب قطز جيشه بسرعة.. فوضع على ناحية السهل الشمالية مقدمة جيشه بقيادة ركن الدين بيبرس, وجعلها في مكان ظاهر حتى يغري جيش التتار بالقدوم إليها، بينما أخفي قطز رحمه الله بقية الجيش خلف التلال والأحراش..
كان هذا الترتيب والإعداد في 24 رمضان من سنة 658 هجرية في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم.. وهو الشهر الذي حدثت فيه الانتصارات الإسلامية الخالدة قبل ذلك.. مثل بدر وفتح مكة وفتح الأندلس... وانتظر المسلمون على تعبئة.. وعيونهم الاستخبارية تنقل أخبار كتبغا وجيش التتار، وقد اقتربوا جداً من سهل عين جالوت..
وما بقيت إلا ساعات قليلة ويحدث الصدام المروع بين قوة أمة الإسلام وقوة التتار..
ونسأل الله عز وجل النصر الدائم للإسلام والمسلمين...





رد باقتباس