الأولى: العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
العلم : عكس الجهل وهو معرفة الشيء على ما هو عليه أو معرفة الشيء على حقيقته اسمه ورسمه أو معرفة الشيء على ما هو به في الواقع .
وهو ما يحصل به الإدراك الكامل لشيء ما كمعرفة الشمس شكلها وصفاتها بحيث إذا ذكرت عنده استحضرها وإذا رآها ميزها وكان بها عالم ..
قال أمير العلماء ابن حزم رحمه الله في الأصول والفروع (1/247) :
" وحد العلم أن تقول : هو اعتقاد الشيء على ما هو به عن ضرورة إما بمشاهدة حس أو بأوائل العقل أو ببرهان راجع من قرب أو بعد إلى مقدمات مأخوذة من أوائل الحس والعقل " انتهى
قوله " بمشاهدة حس " أي النظري وهو ما يحصل لك من العلم بالشيء عن طريق التعلم والإستدلال
وقوله " أو بأوائل العقل " أي الضروري الذي لا يحتاج الإنسان إلى الإستدلال عليها بل يصحح الاستدلا على ما بعدها أو على نتائجها مثل حر النار وبرد الثلج .
وهذه أقسام العلم التي أشار إليها الشيخ العثيمين رحمه الله في قوله :
والعلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.
فالضروري ما يكون إدراك المعلوم فيه ضرورياً بحيث يضطر إليه من غير نظر ولا استدلال كالعلم بأن النار حارة مثلاً.
والنظري ما يحتاج إلى نظر واستدلال كالعلم بوجوب النية في الوضوء. أ.هـ
وقيل العلم الضروري هو ما أتى بغير كد كعلم الإنسان بنفسه .
والعلم النظري أو المكتسب هو المحصل بالكد والطلب .
وقد أتعب العلماء والمنطقيين تعريف العلم وتنازعوا في حده فلن نخوض فيه أكثر من ذلك .
والعلم منه ما هو فرض لازم على كل مسلم وهو العلم بالله ومعرفة التوحيد الذي تقوم به العبودية ويصح به الاعتقاد وهو أمره في قوله تعالى :
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) } محمد
ومعرفة الله عز وجل أسمائه وصفاته وأنه متصف بصفات الكمال التي أثبتها لنفسه ونفي ما نفاه عن نفس ومعرفة وربوبيته مما يستدل عليها بما هو مكنون في فطرة الإنسان على وجود خالق مدبر لهذا الكون ويستدل عليه بالتفكر والتأمل وأنه المتفرد بالألوهية المستحق للعبادة وحده مما يستدل عليها بما في الكتاب والسنة اكتساباً .
ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم وتفرده بالاتباع والانقياد لأمره والوقوف عند زجره ومحبته والتأسي به .
ومعرفة الإسلام ديناً أركانه وحلاله وحرامه .
فهذا علم لازم على كل مسلم مكلف لأننا كما عرّفنا العلم أنه معرفة الشيء وإدراكه جازماً فمن لم يعرف الله لن يوحده ولن يقدره حق قدره تبارك وتعالى .
قال تعالى : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } آل عمران
وهذا لا يحدث للعالم المطلق فقط وإنما يحصل لكل من عنده العلم اللازم السابق تعريفه والإعتقاد عن علم يناله ذو الحظ الوافر أو أولو الألباب كما قال الله عز وجل .
ومما يدل على ذلك قوله تعالى :
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) } آل عمران
فهذا أيضا ينطبق على من عندهم العلم اللازم ولا يعني به العالم المطلق والعلم اللازم الذي فرض على كل مسلم وهو معرفة الله والتوحيد .
لذا نجد أن من شروط تحقيق لا إله إلا الله السبعة :
1- العلم: بمعناها نفياً وإثباتاً .
2- اليقين: هو كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
3- الإخلاص: المنافي للشرك..
4- المحبة: لهذه الكلمة ولما دلت عليه، والسرور بذلك.
5- الصدق: المنافي للكذب المانع من النفاق
6- الانقياد لحقوقها: وهي الأعمال الواجبة إخلاصاً لله وطلباً لمرضاته.
7- القبول: المنافي للرد.. فقد يقولها من يعرفها لكن لا يقبلها ممن دعاه إليها تعصباً أو تكبراً.
فكان العلم أول شرط لتحقيق التوحيد العلم الذي هو الإدراك والمعرفة وبهذا العلم تتحقق باقي الشروط الست وبدونها لا تتحقق .
واستدلوا على شرط العلم بأدلة تثبت لزومه على المكلف :
قال تعالى: { فاعلم أنَّه لا إله إلا الله } [محمّد: 19]،
وقوله سبحانه: { إلا من شهد بالحقِّ وهم يعلمون } [الزخرف: 86].
وقال صلى الله عليه وسلم: « من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة » [رواه مسلم].
فهذا العلم اللازم كان يجب الإشارة إليه والإسهاب في معرتفه تذكيراً لإخواني على ضرورة طلبه وإن كان فيه نصب والهم في تحصيله وإن كان فيه تعب مع العلم أن الأجر عند الله منه وجب لأن هذا العلم به النجاة وعدمه مصيبة وإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الله يرفعه فبادر أخي الكريم فإن الساعة تقوم على شرار الخلق ممن لم يتحصل لهم العلم بكلمة التوحيد .
والعلم بالله لازمه تحقيق العبودية وصرفها له خوفاً وطمعاً كما قال :
{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) }
والله أعلى وأعلم ..
يتبع مع تعريف الجهل إن شاء الله ...
توقيع أبوحمزة السيوطي |
إذا كُنت تشعر انك لاتعيش جيـداً ...فاعلم أنك لاتصلي جيداً |