(الوجه الثاني) : قال فيالتوراةفي (السفر الخامس) : أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات الأطهار عن يمينه
وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من سينا وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس.
وساعير : قرية معروفة هناك إلى اليوم ،وهذه بشارة بنبوة المسيح.
وفاران : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجئ الصباح، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ، ونبوة خاتم الأنبياء بعدهما باستعلاء الشمسوظهور ضوءها في الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء ، فإن الله
سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم
وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمينفذكر أمكنة هؤلاء الأنبياء وأرضهم التي خرجوا منها ، والتين والزيتون: والمراد بهما منبتهما وأرضهما وهي الأرض المقدسة التي هي مظهر المسيح ، وطور سينينالذي كلم الله عليه موسى فهو مظهر نبوته ، وهذا البلد الأمين: مكة حرم الله وأمنه التي هي مظهر نبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم.
فهذه الثلاثة نظير تلك الثلاثة سواء قالت اليهود فاران هي أرض الشام وليست أرض الحجاز أم لم تقل
إليكم صورة لخريطة مرسومة بخط اليد ونشرت عام 1685 بباريس عن منطقة شبه الجزيرة العربية
أنظروا إلى سلسلة الجبال التي وضعت شكلا بيضاويا حولها في نفس الصورة ... هنا
المصدر :
http://www.oldmapsbooks.com/MapPage/...2375arabia.htm
من موضوع للاخت الفاضلة زهراء
https://www.kalemasawaa.com/vb/t4204.html.
ويقال لهؤلاء المكابرين : أي نبوة خرجت من الشام فاستعلت استعلاء ضياء الشمس، وظهرت فوق ظهور النبوتين قبلها ؟! وهل هذا إلا بمنزلة مكابرة من يرى الشمس قد طلعت من المشرق فيغالط ويكابر ويقول بل طلعت من المغرب !!.
قال : وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة ، فإن ادعوا أنها غير مكة فليس ينكر ذلك من تحريفهم وإفكهم ، قلنا أليس في التوراة أن ابراهيم أيكن هاجر واسماعيل فاران ؟! وقلنا دلونا على الموضع الذي استعلن الله منه وسامه فاران ، والنبي الذي أنزل عليه كتاباً بعد المسيح؟! أوليس استعلن وعلن بمعنى واحد ، وهما ظهر وانكشف فهل تعلمون ديناً ظهر ظهور دين الإسلام وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوة ؟! قال علماء الإسلام وساعير جبال بالشام منه ظهور نبوة المسيح ، وإلى جانبه قرية بيت لحم ، القرية التي ولد فيها المسيح تسمى اليوم ساعير ولها جبال تسمى ساعير وفي التوراة أن نسل العيص كانوا سكاناً بساعير ، وأمر الله موسى أن لا يؤذيهم .
قال شيخ الإسلام : وعلى هذا فيكون قد ذكر الجبال الثلاثة حراء الذي ليس حول مكة أعلى منه ، وفيه ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزول الوحي عليه ، وحوله جبال كثيرة ، وذلك المكان يسمى فاران إلى هذا اليوم ، والبرية التي بين مكة وطور سيناء تسمى برية فاران ، ولا يمكن أحداً أن يدعي أنه بعد المسيح نزل كتاب في شئ من تلك الأرض ولا بعث نبي فعلم أنه ليس المراد باستعلانه من جبال فاران إلا إرلاسال محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو سبحانه ذكر هذا في التوراة على ترتيب الزمان ، فذكر إنزال التوراة ثم الإنجيل ثم القرآن وهذه الكتب نور الله وهداه ، وقال في الأول :جاء وظهر ، وفي الثاني أشرق ، وفي الثالث استعلن فكان مجئ التوراة مثل طلوع الفجر ، ونزول الإنجيل مثل إشراق الشمس ، ونزول القرآن بمنزلة ظهور الشمس في السماء ، ولهذا قال واستعلن من جبال فاران فإن محمداً صلى الله عليه وسلم ظهر به نور اله وهداه في مشرق الأرض ومغربها أعظم مما ظهر بالكتابين المتقدمين كما يظهر نور الشمس في مشارق الأرض ومغاربها إذا استعلت وتوسطت السماء ، ولهذا سماه الله سراجاً منيراً وسمى الشمس سراجاً وهاجاً والخلق يحتاجون إلى السراج المنير أعظم من حاجتهم إلى السراج الوهاج ، فإن هذا يحتاجون إليه في وقت دون وقت ، وأما السراج المنير فيحتاجون إليه كل وقت وفي كل مكان ليلاً ونهاراً سراً وعلانية.
وقد ذكر الله تعالى هذه الأماكن الثلاثة في قوله :والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلدالأمين(فالتين والزيتون) هو في الأرض المقدسة التي بعث منها المسيح ، وأنزل عليه فيها الإنجيل (وطور سينين) وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليماً وناداه من واديه الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة التي فيه ، وأقسم (بالبلد الأمين) وهو مكة التي أسكن إبراهيم وإسماعيل وأمه فيه وهو فاران كما تقدم ، ولما كان ما في التوراة خبراً عن ذلك أخبر به لعى الترتيب الزماني ، فقد الأسبق ، ثم الذي يليه ، وأما القرآن فإنه أقسم بها تعظيماً لشأنها وإظهاراً لقدرته وآياته وكتبه ورسله ، فأقسم بها على وجه التدريج درجة بعد درجة بعد درجة ، فبدأ بالعالي ، ثم انتقل إلى أعلا منه ، ثم أعلا منهما ، فإن أشرف الكتب القرآن ، ثم التوراة ، ثم الإنجيل ، وكذلك الأنبياء.
وهذا الذي ذكره ابن قتيبة وغيره من علماء المسلمين من تأمل التوراة وجدها ناطقة به صريحة فيه ، فإن فيها وعد ابراهيم بأخذ الغلام وأخذ خبزاً وسقاء من ماء ودفعه إلى هاجر وحمله عليها ، وقال لها اذهبي ، فانطلقت هاجر ، ونفذ الماء الذي كان معها ، فطرحت الغلام تحت شجرة ، وجلست مقابلته على مقدار رمية الحجر لئلا تبصر الغلام حين يموت ، ورفعت صوتها بالبكاء ، وسمع اله صوت الغلام حيث هو ، فقال لها الملك : قومي فاحملي الغلام وشدي يدك فإني جاعله لأمة عظيمة ، فتح الله عينيها فبصرت ببئر ماء فسقت الغلام وملأت سقاها ، وكان اله مع الغلام فتربى وسكن في برية فاران.
فهذا نص التوراة أن غسماعيل ربى وسكن في برية فاران بعد أن كاد يموت من العطش ، وأن الله سقاه من بئر ماء ، قد علم بالتواتر واتفاق الأمم أن اسماعيل إنما ربى بمكة، وهو وأبوه ابراهيم نبيا البيت ، فعلم قطعاً أن فاران هي أرض مكة.
ومثل هذه البشارة من كلام شمعون فيما قبلوه ورضوا ترجتمع جاء الله من جبال فاران ، وامتلأت السموات والأرض من تسبيحه وتسبيح أمته ولم يخرج أحد من جبال فاران التي امتلأت السموات والأرض من تسبيحه وتسبيح أمته سوى محمد صلى الله عليه وسلم : فإن المسيح لم يكن بأرض فاران البتة ، وموسى إنما كلم من الطور ، والطور ليس من أرض فاران ، وإن كانت البرية التي بين مكة والطور تسمة برية فاران فلم ينزل الله فيها التوراة وبشارة التوراة قد تقدمت بجبل الطور ، وبشارة الإنجيل بجبل ساعير.
ونظير هذا ما نقلوه ورضوا ترجمته ف نبوة حبقوق جاء الله من التيمن، وظهر القدس على جبال فاران ، وامتلأت الأرض من تحميد أحمد ، وملك بيمينه رقاب الأمم ، وأنارات الأرض لنوره ، وحملت خيله في البحر.
آخر تعديل بواسطة الاشبيلي بتاريخ
11.11.2010 الساعة 09:11 .