
26.10.2010, 11:27
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
24.04.2009 |
الجــــنـــــس: |
أنثى |
الــديــــانــة: |
الإسلام |
المشاركات: |
3.944 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
29.08.2013
(18:25) |
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
|
|
|
|
|

ـ أولاً: وصلت حدود دولة التتار في هذه السنة من كوريا شرقاً إلى بولندا غرباً، ومن سيبيريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً.. وهو اتساع رهيب في وقت محدود.. وأصبحت قوة التتار في ذلك الوقت هي القوة الأولى في العالم بلا منازع..
ـ ثانياً: تولى قيادة التتار بعد" أوكيتاي" ابنه "كيوك بن أوكيتاي"، وقد كان لهذا الخاقان الجديد الرأي في تثبيت الأقدام في البلاد المفتوحة بدلاً من إضافة بلاد جديدة قد لا يقوى التتار على حفظ النظام فيها، والسيطرة على شعوبها وجيوشها، ومن ثم فقد توقفت الفتوحات التترية في عهد هذا الخاقان، وإن ظل التتار يحافظون على أملاكهم الواسعة..
ـ ثالثاً: ابتلع التتار في فتوحاتهم السابقة النصف الشرقي للأمة الإسلامية، وضموا معظم الأقاليم الإسلامية في آسيا إلى دولتهم، وقضوا على كل مظاهر الحضارة في هذه المناطق، كما قضوا تماماً على أي نوع من المقاومة في هذه المناطق الواسعة، وظل الوضع كذلك لسنوات كثيرة لاحقة..
ـ رابعاً: ظل القسم الأوسط من العالم الإسلامي - والذي يبدأ من العراق إلى مصر- مفرقاً مشتتاً، لا يكتفي فقط بمشاهدة الجيوش التترية وهي تسقط معظم ممالك العالم في وقتهم، وإنما انشغل أهله بالصراعات الداخلية فيما بينهم، وازداد تفككهم بصورة كبيرة..
كذلك كان القسم الغربي من العالم الإسلامي الذي يضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وغرب افريقيا.. كان هذا القسم مفككًا تمامًا بعد سقوط دولة الموحدين..
ـ خامساً: ذاق الأوربيون النصارى من ويلات التتار كما ذاق المسلمون من قبل، وذبح منهم مئات الآلاف أو الملايين، ودمرت كنائسهم، وأحرقت مدنهم، بل هُددوا تهديداً حقيقياً أن يصل التتار إلى عقر دار الكاثولكية النصرانية في روما..
ـ سادساً: ومع أن النصارى رأوا أفعال التتار إلا أن ملوك النصارى في أوربا الغربية (فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا) كانوا يرون أن هذه مرحلة مؤقتة سوف تقف عند فترة من الفترات، أما حروب النصارى الصليبيين ضد المسلمين فهي حروب دائمة لا تنتهي.. ومن ثم فقد كان ملوك الصليبيين على استعداد كامل للتعاون مع التتار رغم كل الأعداد الهائلة التي قتلت منهم بدلاً من التعاون مع المسلمين!!
أما لماذا يعتقد الصليبيون أن حرب المسلمين دائمة وحرب التتار مؤقتة، فإن ذلك يرجع إلى أن حروب الصليبيين مع المسلمين هي حروب عقيدة، والعداء بين المسلمين والصليبيين يقوم على أساس ديني، والصراع بينهما أبدي.. والنصارى لن ينهوا القتال إلا بدخول إحدى الطائفتين في دين الأخرى، كما يقول الله عز وجل في كتابه: [ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم]
أما حروب التتار مع الصليبيين فلم تكن حروب عقيدة؛ فعقيدة التتار كانت عقيدة مشوهة باهتة.. مجموعة من أديان شتى.. لم يسع قائد تتري واحد لنشر هذه العقيدة في البلاد المغنومة، إنما كان هدف التتار فقط هو الإبادة والتشريد، وجمع المال وسبي النساء والأطفال.. ومن كانت هذه صفته فلا يُتوقع له الاستمرار..
لذلك فإنه على الرغم من الصدمات التي تلقتها أوروبا على يد التتار، إلا أن أوروبا استمرت في تجهيز حملاتها لغزو بلاد المسلمين من ناحية مصر والشام بدلاً من تكثيف الجهود لصد التتار، وفي ذات الوقت فإن حكام أوروبا الغربية الصليبيين ما يئسوا من إمكانية التعاون مع خاقان التتار لسحق الأمة الإسلامية..
ـ سابعاً: أخذت عقائد الجيش التتري في التغيّر بعد الحملات التي وجهوها إلى أوروبا.. فقد تزوج عدد كبير من قادة المغول من فتيات نصرانيات، وبذلك بدأت الديانة النصرانية تتغلغل نسبياً في البلاط المغولي، وهذا ساعد أكثر على إمكانية التعاون بين التتار والصليبيين..
ـ ثامناً: استمرت الحروب الصليبية الأوروبية على المسلمين في مصر والشام، وكانت مصر والشام في ذلك الوقت تحت حكم الأيوبيين، ولكن كانت هذه هي آخر أيام الأيوبيين، وقد دار الصراع بينهم وبين بعضهم، وأصبح المسلمون بين شقي الرحى: بين التتار من ناحية، والصليبيين من ناحية أخرى..
ـ تاسعاً: في سنة 640 هجرية توفي المستنصر بالله الخليفة العباسي، وتولى الخلافة ابنه "المستعصم بالله"، وكان يبلغ من العمر آنذاك ثلاثين عاماً، وهو وإن كان قد اشتهر بكثرة تلاوة القرآن، وبالنظر في التفسير والفقه، وكثرة أعمال الخير، إلا أنه لم يكن يفقه كثيراً - ولا قليلا!!ً - في السياسة ، ولم يكن له علم بالرجال؛ فاتخذ بطانة فاسدة، وازداد ضعف الخلافة عما كانت عليه... وسنأتي إلى ذكره بعد ذلك؛ فهو آخر الخلفاء العباسيين، وهو الذي ستسقط بغداد في عهده بعد ذلك..
ـ عاشراً: لم يبق فاصل بين التتار والخلافة العباسية في العراق إلا شريط ضيق في غرب إقليم فارس، (غرب إيران الآن).. وهو على قدر من الأهمية- وإن كان ضيقاً - ؛ إذ كانت تعيش فيه طائفة الإسماعيلية الخطرة، وكانوا أهل حرب وقتال، ولهم قلاع وحصون، فضلاً عن طبيعة المكان الجبلية.. وكانوا على خلاف دائم مع الخلافة العباسية.. وكراهية شديدة للمذهب السني، وكانوا يتعاونون مع أعداء الإسلام كثيراً.. فمرة يراسلون التتار، ومرة يراسلون الصليبيين.. وكان التتار يدركون وجودهم، ومع ذلك فهم لا يطمئنون لهم؛ فالتتار ما كانوا يرغبون في بقاء قوة ذات قيمة في أي مكان على ظهر الأرض..
وخلاصة القول بعد هذا التحليل فإن "كيوك بن أوكيتاي" خاقان التتار الجديد استلم مملكة واسعة تعد هي القوة الأولى في العالم، وأن الصليبيين بالرغم مما ذاقوه من التتار فإنهم ما زالوا يطمعون في التعاون معهم ضد المسلمين، أما المسلمون فكانوا في خلافات مستمرة، وتحت ضغوط تترية من ناحية، وصليبية من ناحية أخرى، وليس لأي قائد مسلم في ذلك الوقت أي طموح - كبير أو صغير- في تحرير البلاد واستنقاذ العباد، إنما كانت رغبتهم فقط في تثبيت السلطان على البقعة التي يعيشون عليها مهما صغرت أو ضعفت، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
أحداث الفترة من 639 إلى 649 هجرية
بعد تولية "كيوك بن أوكيتاي" خاقان التتار الجديد قرر أن يوقف الحملات التوسعية، ويتفرغ لتثبيت الأقدام في أجزاء مملكته المختلفة.. وقد ظل "كيوك" يحكم من سنة 639 هجرية إلى سنة 646 هجرية وفي هذه السنوات السبع لم يدخل التتار بلاداً جديدة إلا فيما ندر.. وكانت فترة هدوء نسبي في المناطق المجاورة لمملكة التتار، وإن كانت المناطق المنكوبة بالتتار ما زالت تعاني من ظلم وبشاعة الاحتلال التتري..
وعندما رأى الصليبيون في غرب أوروبا النهج غير التوسعي عند "كيوك" تجددت آمالهم في التعاون مع التتار ضد المسلمين، فأرسل البابا "إنوسنت الرابع" سفارة إلى منغوليا في سنة 643 هجرية، وكان غرض السفارة هو التوحد مع التتار لحرب المسلمين في مصر والشام، (لم يكن همّها - مثلاً - أن ترفع الاحتلال والظلم عن نصارى أوروبا وروسيا), واستقبل "كيوك" السفارة الصليبية بحفاوة لكثرة النصارى في البلاط المغولي، ولكن عندما قرأ كيوك رسالة البابا وجده - بالإضافة إلى طلبه توحيد العمل العسكري ضد المسلمين - فإنه يدعوه إلى اعتناق النصرانية، واعتبر خاقان التتار أن هذا تعدياً من البابا؛ إذ كيف يطلب من خاقان التتار أن يغير من ديانته؟! فأعاد الخاقان "كيوك" السفارة الصليبية بعد أن حملها برسالة إلى البابا يطلب منه أن يجمع أمراء الغرب الأوروبي جميعاً ليأتوا إلى منغوليا لتقديم فروض الولاء والطاعة للخاقان التتري، وبعد ذلك يبدأ التعاون.. وبالطبع رفض ملوك أوروبا الغربية هذا الطلب، وبذلك فشلت السفارة الصليبية في تحقيق أهدافها..
لكن البابا الكاثوليكي "إنوسنت الرابع" لم ييئس من فشل هذه السفارة، بل أرسل سفارة صليبية أخرى، ولكنه هذه المرة أرسلها إلى قائد القواد التترية في مدينة "تبريز" بمنطقة فارس الملاصقة للخلافة الإسلامية، وكان اسمه "بيجو" وذلك في سنة 645 هجرية، وقد لمس فيه البابا حباً للعدوان والهجوم، وعلم أنه من أنصار التوسع من جديد في أراضي المسلمين، وقد لاقت السفارة ترحيباً كبيراً من "بيجو" الذي توقع أن هجوم الصليبيين على مصر والشام سوف يشغل المسلمين في هذه الأقاليم عن الدفاع عن الخلافة العباسية في العراق، وبذلك تسهل مهمته في اقتحامها.. ولكن لا يخفى على أحد أن صلاحيات "بيجو" لم تكن تؤهله لاتخاذ مثل هذا القرار الاستراتيجي الخطير بالتعاون مع الصليبيين، وكان "كيوك" ما زال على رأيه في عدم التوسع، وعدم التعاون مع الصليبيين إلا بعد خضوعهم له، ومن ثم فشلت أيضاً هذه السفارة الثانية..
في هذه الأوقات كان "لويس التاسع" ملك فرنسا يجهز لحملته الصليبية على مصر، والتي عرفت في التاريخ بالحملة الصليبية السابعة، وكان يجمع جيوشه في جزيرة قبرص، وذلك في سنة 646 هجرية، وقد رأى "لويس التاسع" أن الأمل لم ينقطع في إمكانية التحالف مع التتار ضد المسلمين، فأرسل سفارة صليبية ثالثة من قبرص إلى منغوليا لطلب التعاون من "كيوك" في هذه الحملة، وزود السفارة بالهدايا الثمينة، والذخائر النفيسة.. لكن عندما وصلت هذه السفارة إلى "قراقورم" العاصمة التترية في منغوليا فوجئت بوفاة خاقان التتار "كيوك" ولم يكن "كيوك" قد ترك إلا أولاداً ثلاثة صغاراً لا يصلحون للحكم في هذه السن الصغيرة فتولت أرملة "كيوك", وكانت تدعى "أوغول قيميش" الوصاية عليهم، ومن ثم تولت حكم التتار وذلك ابتداءً من سنة 646 هجرية, ولمدة ثلاث سنوات..
توجهت إلى ملكة التتار الجديدة سفارة لويس التاسع فاستقبلتها بحفاوة، لكنها اعتذرت عن إمكانية المساعدة في الحملة الصليبية الآن لأنها مشغولة بالمشاكل الضخمة التي طرأت في مملكة التتار نتيجة موت "كيوك"، بالإضافة إلى أن عامة قواد التتار لم يكونوا موافقين ببساطة على حكم امرأة لدولة التتار العظيمة، والتي تعتمد في الأساس الأول على البطش والإجرام والقوة، فكانت الأوضاع غير مستقرة تماماً في منغوليا..
لكن لويس التاسع أصر على القيام بحملته حتى مع عدم اشتراك التتار، فتوجه فعلاً من قبرص إلى مصر، ونزل بدمياط في سنة 647 هجرية، واحتل دمياط, ثم تجاوزها إلى داخل مصر - عبر نهر النيل - في اتجاه القاهرة، ولكن الجيش المصري قابله في المنصورة، وكان معه سلطان مصر "الصالح أيوب" الذي مات بعد ثلاثة أيام من بداية المعركة في المنصورة، وتولت أمر مصر السلطانة "شجرة الدر" زوجة الصالح أيوب التي أخفت خبر وفاة زوجها، وراسلت توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان يحكم إحدى المناطق في تركيا، وقامت شجرة الدر - بالاشتراك مع قواد الجيش فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس - بإدارة موقعة المنصورة المشهورة ضد الصليبيين، وانتصر المسلمون في هذه الموقعة، ثم وصل توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى مصر، وتولى حكم البلاد، وانتصر مرة أخرى على الصليبيين في موقعة فارسكور، وأسر لويس التاسع وذلك في سنة 648 هجرية، ثم حدثت بعض الفتن في مصر، وقتل توران شاه، وتولت شجرة الدر ملك مصر علانية، ولكن الجو العام في مصر لم يكن يقبل بولاية امرأة, فتزوجت من أحد قادة المماليك وهو "عز الدين أيبك"، ثم أصبح سلطاناً على مصر، وبذلك وصل المماليك إلى حكم مصر خلفاً للأيوبيين، وسيأتي تفصيل عن نشأة المماليك وطبيعتهم بعد ذلك.
لكن المهم في تلك الأحداث أن نشير إلى ظهور قوة المماليك، وفشل الحملة الصليبية السابعة، وهذا ولا شك قد زاد من حقد الصليبيين، وأكد على ضرورة التعاون مع التتار لحرب المسلمين..
أما الوضع في منغوليا فلم يكن مستقراً؛ فالتتار لم يستطيعوا قبول أرملة "كيوك" كملكة عليهم، ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار والمسمى "بالقوريلتاي"، وذلك في سنة 649 هجرية، وقرروا اختيار خاقان جديد للتتار، وبالفعل اختاروا "منكوخان" ليكون زعيماً جديداً للتتار..
وكان اختيار "منكوخان" زعيماً لمملكة التتار بداية تحول كبير في سياسة التتار، وبداية تغيير جذري في المناطق المحيطة بالتتار، فقد كانت لديه سياسة توسعية شبيهة بسياسة جنكيزخان المؤسس الأول لدولة التتار، وشبيهة أيضًا بسياسة أوكيتاي الذي فُتحت أوروبا في عهده... ومن ثم بدأ "منكوخان" يفكر من جديد في إسقاط الخلافة العباسية، وما بعدها من بلاد المسلمين..
وللأسف الشديد فإن أمراء المسلمين وقت تولية "منكوخان" لم يكونوا على مستوى الحدث الكبير، والمسلمون - وإن كانوا قد انتصروا في موقعة المنصورة في مصر سنة 648 هجرية - كانوا مشغولين جداً بأنفسهم، ففضلاً عن الفتن الداخلية في كل إمارة، والتصارع على الحكم، فقد كانت تقوم حروب مريرة بين الإمارات الإسلامية، والضحايا جميعاً من المسلمين..
ومن ذلك الحرب الكبيرة التي دارت بين الجيش المصري بقيادة عز الدين أيبك والجيش الشامي الذي أرسله الناصر يوسف أمير حلب ودمشق، ودارت رحاها في منطقة تسمى "العباسية" (18 كيلومتر شرق مدينة الزقازيق المصرية حالياً) وانتصر فيها الجيش المصري، ولا أدري كيف كانت تطيب نفوسهم بهذه الحروب، والحملات الصليبية لا تتوقف، والتتار يقفون على أبواب الخلافة العباسية!..
والغريب جداً في هذه الفترة أن الحكام والشعوب - بل والعلماء - كانوا قد نسوا تماماً أن نصف الأمة الإسلامية يقع تحت الاحتلال التتري، ونسوا أن التتار أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية، ومن الحجاز ومصر والشام، لدرجة أن المؤرخين الذين يؤرخون لهذه الفترة لا يذكرون البتة أي شيء عن التتار!!..
فعلى سبيل المثال تجد ذكر التتار يختفي في كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير - رحمه الله - عند تأريخه للفترة من سنة 639 هجرية إلى 649 هجرية (فترة حكم "كيوك" ثم أرملته) والتي لم يحدث فيها توسع تتري، وكأن القضية التترية قد حلت، وما ترك ابن كثير - رحمه الله - الكلام عن التتار إلا لقلة المصادر التي تتحدث عن هذه الفترة، ولقلة الأخبار التي كان أهل العراق والشام ومصر يتناقلونها عن جيوش التتار أو عن المسلمين الذين يعيشون تحت الظلم التتري المستمر..
بل وتجد ابن كثير - رحمه الله - عند وصفه للحياة في العراق والشام ومصر في هذه السنوات العشر يصف حياة طبيعية جداً، فالخليفة يعالج بعض المشاكل الاقتصادية، ويتصدق على بعض الفقراء، وقد يحدث وباء فيعالج، أو غلاء فيشق ذلك على الناس إلى أن يمنح الخليفة بعضاً من المال لمقاومة الغلاء، وهذا يفتح مدرسة، وذاك يفتح داراً للضيافة، وغيره يفتح داراً للطب، ومن أحوال هذه السنوات أن مات فلان من الشعراء وفلان من الأدباء وفلان من الكرماء وفلان من الوزراء!.. لكن أين العلماء الذي يخطبون على المنابر وفي حلقات العلم يشرحون للناس خطر التتار، ومصيبة المسلمين في البلاد المنكوبة بالتتار؟ وأين الحكام الذين يجهزون شعوبهم ليوم لا محالة هو آت؟ لم يكن هذا مشتهراً في ذلك الوقت.. ومن ثم اختفى ذكره من كتب التاريخ!..
وهكذا فأحداث ذلك الزمان كانت تشير جميعاً إلى أن اجتياحاً تترياً جديداً سوف يحدث قريباً، وذلك على غرار الاجتياح التتري الأول الذي حدث في زمان جنكيزخان، أو على غرار الاجتياح التتري الثاني الذي حدث في زمان أوكيتاي.. ولعله يكون أشد وأنكى؛ لأنه كلما ازداد خنوع المسلمين ازداد طمع التتار وغيرهم فيهم، وكلما فرط المسلمون في شيء طمع أعداء الأمة في الشيء الذي يليه، وهذه سنة ثابتة لأهل الباطل، وراجعوا التاريخ والواقع!!
|