اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 19.10.2010, 14:03

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


هي العليا وليست هي السفلى، في جهاد مبارك.. قلماً ولساناً وسناناً، في أمر بمعروف ونهي عن منكر، في تربية لعقول وأفئدة وأحاسيس تنفع الناس وتمكث في الأرض لتؤتى أكُلها كل حين بإذن ربها.
إن أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أدّاه، أو مجد أثله، أو حمد حصَّله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه وظلمه.
هذا يتحسسه أشد ما يكون عند ساعة احتضاره، عندما يراه قد أودى به إلى الخسران المبين، فيتمنى على الله أن يؤخره حتى يُصلح ما أفسده، ويتدارك ما فات، وأنى له أن يُمْهلَ وقد تحتم الأجل ونزل الموت في ساحته.
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{([1])
ولهذا حرص الموفقون على الاستفادة من كل دقيقه وثانية بالعمل الصالح وعدوا ذلك مغنما.. وعلموا أن ضياعها بدون فائدة

([1]) سوانح وتأملات 22.

مغرما.
قال عمر بن ذر.. قرأت كتاب سعيد بن جبير.. إن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة ([1])
وهذا المغنم إنما هو حصيلة أعمال صالحة قُدمت.. صلاةٌ وصيام وتسبيح وغيرها.
فالأوقات والأزمنة عمرٌ قصير وأجل محدود كما قال عنها طيفور البطامي.. إن الليل والنهار رأس مال المؤمن، ربحها الجنة، وخسرانها النار([2])
فإن السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها. فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرته شجرة طيبة، ومن كانت أنفاسه في معصية فثمرته حنظل([3])
ومن جهلنا بقيمة الوقت.. نفرح بمغيب شمس كل يوم ونحن لا ندرك أن هذا نهاية يومٍ من أعمارنا لن يعود أبداً.. صحائف طويت وأعمالٌ أحصيت وأنفاسٌ توقفت.
إنا لنفـرح بالأيـام نقطعـها


وكل يوم مضى يُدني من الأجل([4])


قال الحسن.. من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله

([1]) الإحياء 4/ 276.

([2]) الزهد للبيهقي 297.

([3]) الفوائد لابن القيم 214.

([4]) صفة الصفوة 3/ 390.

فيما لا يعنيه خذلاناً من الله عز وجل([1])
فإنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تُقدّم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك([2])
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق


والليالى متجر الإنسان والأيام سوق([3])


أخي الحبيب...
كان شميط بن عجلان يقول.. الناس رجلان، فمتزود من الدنيا ومتنعم فيها، فانظر أي الرجلين أنت؟
إني أراك تحب طول البقاء في الدنيا فلأي شيء تحبه؟ إن تطع الله عز وجل وتحسن عبادته وتتقرب إليه بالأعمال الصالحة..؟ فطوبى لك.
أم لتأكل وتشرب وتلهو وتلعب وتجمع الدنيا وتثمرها وتنعم زوجتك وولدك..؟ فلبئس ما أردت له البقاء([4])
فالواجب على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة قبل أن لا

([1]) جامع العلوم والحكم 139.

([2]) جامع العلوم والحكم 463.

([3]) الزهد للبيهقي 298.

([4]) صفة الصفوة 3/343.

يقدر عليها ويحال بينه وبينها، إما بمرض أو موت أو غير ذلك من العلل والآفات.
قال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة يوشك أن تنفق فلا يوصل منها إلى قليل ولا كثير، ومتى حيل بين الإنسان والعمل ولم يبق له إلا الحسرة والأسف عليه ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل فلا تنفعه الأمنية([1])
ولنر الإمام الشافعي كيف استفاد من وقته فقد جزأ-رحمه الله- الليل إلى ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب والثلث الثاني يصلي والثلث الثالث ينام([2])
وكان الحسن يقول: ما مر يوم على ابن آدم إلا قال له: ابن آدم، إني يوم جديد، وعلى ما تعمل فيَّ شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدم ما شئت تجده بين يديك، وأخر ما شئت فلن يعود أبداً إليك([3])
تؤمل في الدنيا طويلاً ولا تدري




إذا جن ليل هل تعيشُ إلى الفجر



فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ




وكم من مريض عاش دهرًا إلى دهر([4])



كثير باتوا ولم يروا ضوء الفجر التالي وكثير أشرقت عليهم

([1]) جامع العلوم والحكم 468.

([2]) صفة الصفوة 2/255.

([3]) الحسن البصري 140.

([4]) موارد الظمآن 2/245.

الشمس ولم يدركوا مغيبها.. وهل الإنسان إلا هكذا ميت بليل أو نهار، ينتظر الموت من أين يُقبل!!
إن توقفت أنفاسه نهاراً لم ير الليل وإن سكنت أطرافه بالليل أصبح محمولاً إلى القبر..
ألا إنها أوقاتٌ محسوبة ولحظاتٌ مقسومة وأنفاس معدودة.. تمر مر السحاب، طوبى لمن عمل بها واستزاد من الخير وقدم ليوم المعاد.
* كان أبو مسلم الخولاني يقول.. لو رأيت الجنة عياناً ما كان عندي مستزاد، ولو رأيت النار عياناً ما كان عندي مستزاد([1])
وهذه المحافظة على الأوقات من علامات النفوس الكبيرة والهمم القوية..
قال أبو النصر أباذي.. مراعاة الأوقات من علامات التيقظ([2])
ومن أضاع أوقاته فيما لا فائدة منه فيرسم لنا حاله مورق العجلي بقوله.. يا ابن آدم تودى كل يوم برزقك وأنت تحزن، وينقص عمرك وأنت لا تحزن، تطلب ما يطغيك، وعندك ما يكفيك
وللمرء يوم ينقضي فيه عمره




وموت وقبر ضيق يُولجُ([3])




([1]) صفة الصفوة 4/213، والسير 4/9.

([2]) الزهد للبيهقي 197.

([3]) إرشاد العباد 48.













رد باقتباس