اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 19.10.2010, 14:01

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


من الزمن في وقت الشباب أعظم وآكد وأثمر من طرفي العمر حيث ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة..([1])
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: رسول الله r " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"
قال ابن الخازن: النعمة ما يتنعم به الإنسان ويستلذه, والغبنُ أن يشتري بأضعاف الثمن, أو يبيع بدون ثمن المثل.
فمن صح بدنه, وتفرغ من الأشغال العائقة, ولم يسع لصلاح آخرته, فهو كالمغبون في البيع, والمراد بيان أن غالب الناس لا ينتفعون بالصحة والفراغ بل يصرفونهما في غير محالهما, فيصير كل واحد منهما في حقهم وبالاً, ولو أنهم صرفوا كل واحد منهما في محله لكان خيراً لهم, أي خير([2]).
وأكد على ذلك رسول الله r بقوله " اغتنم خمساً قبل خمس, شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل سقمك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شُغلك, وحياتك قبل موتك([3])"
عمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا وحصاد ما زرع يكون في الآخرة.. فلا يحسن بالمسلم أن يضيع أوقاته وينفق رأس ماله فيما لا فائدة فيه.

([1]) سوانح وتأملات 7.

([2]) سوانح وتأملات 18.

([3]) رواه الحاكم في المستدرك.

ومن جَهِل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه, ولكن بعد فوات الأوان, وفي هذا يذكر القرآن موقفين للإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم.
الموقف الأول: ساعة الاحتضار, حيث يستدبر الإِنسان الدنيا ويستقبل الآخرة, ويتمنى لو منح مهلة من الزمن, وأُخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات.
الموقف الثاني: في الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف , ليبدءوا من جديد عملاً صالحاً..
هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء.
ونلحظ في زماننا هذا الجهل بقيمة الوقت والتفريط فيه..هذا الزمن زمن العجز.. زمن الدعة والراحة والكسل، ماتت الهمم وخارت العزائم
تمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب
بل إن هناك من ينادي صاحبه
تعال.. لنقضي وقت الفراغ..!!
أخي.. هل لدى المؤمن وقت فراغ؟


اسمع قول الله تعالى }فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{
إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع شواغل الحياة..
إذا فرغت من هذا كله فتوجه بقلبك كله إذن إلى من يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد العبادة والتجرد والتطلع والتوجه([1])
هذا مع أن المسلم باحتسابه وإخلاصه في أعمال الدنيا في عبادة, وهو في جهاد في حياته..
ولقد أجمل جلّ وعلا ذلك كله في آيات محكمات.}وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ{
وقال جل وعلا في آية أخرى.}أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ{.
أخي الحبيب..
لنعد قليلاً.. في سطور مضيئة وكلمات صادقة إلى حال من سبقنا لنرى كيف نظروا إلى هذه الأوقات.. وماذا عملوا فيها.. وكيف استفادوا منها..
قال عبدالله بن مسعود: - ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.

([1]) في ظلال القرآن 6/393.



تسافر بالراكب الأيام وتسير به الليالي.. في وضح النهار وفي غسق الدُجى.. آناء الليل وأطراف النهار.. رحلة متواصلة.. وسيرٌ حثيث.. حتى تحط به الركاب.
فالناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين, وليس لهم حَطٌّ عن رحالهم إلا في جنة أو نار, والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار, ومن المحال عادة أن يُطلَب فيه نعيم ولذة وراحة. إنما ذلك بعد انتهاء السفر, ومن المعلوم أن كل وطأة قدم أو كلّ آن من آنات السفر غير واقفة, ولا المكَّلف واقف , وقد ثبت أنه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها من تهيئة الزاد الموصل, وإذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير([1])
إن الليالي للأنام مناهل



تطوى وتنشر دونها الأعمار


فقصارهن مع الهموم طويلة



وطوالهن مع السرور قصار
([2])
أن الساعات ثلاث: ساعة مضت لا تعب فيها على العبد كيفما انقضت في مشقة أو رفاهية, وساعة مستقبلة لم تأت بعد لا يدري العبد أيعيش إليها أم لا؟ ولا يدري ما يقضي الله فيها,

([1]) الفوائد لابن القيم 245.

([2]) مكاشفة القلوب 221.

وساعة راهنة ينبغي أن يجاهد فيها نفسه ويراقب فيها ربه, فإن لم تأته الساعة الثانية لم يتحسر على فوات هذه الساعة, وإن أتته الساعة الثانية استوفى حقه منها كما استوفى من الأولى. ويطول أمله خمسين سنة فيطول عليه العزم على المراقبة فيها, بل يكون ابن وقته كأنه في آخر أنفاسه فلعله آخر أنفاسه وهو لا يدري، وإذا أمكن أن يكون آخر أنفاسه فينبغي أن يكون على وجه لا يكره أن يدركه الموت وهو على تلك الحالة. وتكون جميع أحواله مقصورة على ما رواه أبو ذر t من قوله عليه السلام "لا يكون المؤمن ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم" ([1])
أخي الحبيب...
إن الصحة والفراغ والمال هي الأبواب الذي تلج منها الشهوات المستحكمة، ويتربع في فنائها الهوى الجامح فيأتي على صاحبه، وقد صدق من قال: من الفراغ تكون الصبوة.
وقد تميز المؤمن عن ذلك كله فهو كما قال قتادة بن خليد... المؤمن لا تلقاه إلا في ثلاث خلال.. مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة من أمر دنياه لا بأس بها ([2])
فإن العاقل الموفق من أدرك حقيقة ذلك، فاغتنم عمره في علم نافع يحفظه ويحفظ الأمة من نفسها ومن عدوها، ويجعلها أمة يدها

([1]) الإحياء 4/427.

([2]) صفة الصفوة 3/231.











رد باقتباس