الحمد لله و حده ، و الصلاة و السلام على محمد و آله ، وبعد ؛؛
لا يخفى عليك أخي الفاضل أن الاختلاف سنة كونية ، فهو واقع واقع ، و لكن الكلام هنا عن المسلك عند الخلاف أو الاختلاف ، و دعني أبين ما يلي :الخلاف منه ماهو سائغ مقبول ، و منه ما هو غير سائغ و مرفوض بل ومذموم أيضا .
الخلاف السائغ يسعنا و لا يملك أحدنا إلا أن يبين لأخيه و جهة نظره فقط دون إنكار و دون ثورة ، ويكون بالحجة ، وكذلك بالتي هي أحسن ، و ما وسع الصحابة الكرام ، و الأئمة الأعلام ، لا بد أن يسعنا . هذا في الأمور الشرعية ، و أما في الأمور الحياتية و تحليل المواقف فالأمر أوسع .
و عموما المجتمع الذي يقبل الخلاف السائغ ، ويسعه ما وسع السلف ، فهو مجتمع ناضج ، يسمع فيه بعضنا لبعض ، و لا لحوار الطرشان ، والعصبية غير المبررة لوجهة نظر كل منا . ويعذر بعضنا بعضا فيه .
الخلاف غير السائغ ، لا بد فيه من البيان و الإنكار على المخالف ، وهو مذموم لأنه يؤدي إلى اختلاف و تفرق ، ولا يعذر بعضنا بعضا فيه ، قال تعالى في سورة هود :
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)
إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)
قال ابن كثير :
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين
يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة من إيمان أو كفر كما قال تعالى" ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا" وقوله " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك" أي ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
وقوله " إلا من رحم ربك " أي إلا المرحومين من أتباع الرسل الذين تمسكوا بما أمروا به من الذين أخبرتهم به رسل الله إليهم ولم يزل ذلك دأبهم حتى كان النبي وخاتم الرسل والأنبياء فاتبعوه وصدقوه ووازروه ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة لأنهم الفرقة الناجية كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن من طرق يشد بعضها بعضا " إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة وأن النصارى افترقت على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة " قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال " ما أنا عليه وأصحابي " رواه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادة .
المسلمون ←لا يعذرون أهل الكتاب في كفرهم كما يردد ممسوخو الهوية و العقيدة .
و أهل السنة ← لا يعذرون الشيعة و باقي الفرق الضالة كما يردد المميعون الجاهلون .
أعتذر أخي أبا مريم على الاستطراد ، فأنا أعلم أخي أن الذي يعنيك هو النوع الأول من الخلاف .
و لكل الإخوة و الأخوات
وافر الشكر و كامل التقدير
توقيع queshta |
و كن آملا في غد غير ناس قبول الغفور لمن أذنبا
و إن ساعة خامرتك الظنون التي أبعدتك فعد تائبا
 |