اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :9  (رابط المشاركة)
قديم 17.09.2010, 19:36

أبو عبد الله محمد بن يحيى

عضو

______________

أبو عبد الله محمد بن يحيى غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 12.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 937  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
18.09.2012 (01:27)
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
افتراضي


الحمد لله ، وبعد :
دعاء الأنبياء في القرآن :
من أدعية إبراهيم عليه السلام
إبراهيم عليه السلام كان يدعو حتى وصل إلى الذنب والخطيئة فقال: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:82] احترام ووجل وخوف، ما قال: والذي يغفر لي خطيئتي يوم الدين، مع أن الله غفر له لأنه نبي، لكن قال حياء من الله: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:82] ثم دعا بدعوات صالحات: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشعراء:83] أمتني على لا إله إلا الله، وعلى الدين الخالص: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء:83-85].
ما هو لسان الصدق في الآخرين؟ الذكر الحسن، أن تموت ولك ذكر حسن في الناس:
وإنما المرء حديث بعده ** فكن حديثاً حسناً لمن وعى
علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، أتاه رجل أعرابي، فقال: أريد منك حاجة يا أمير المؤمنين! -وهذه يذكرها ابن قتيبة - فقال علي : اكتب حاجتك على الأرض لئلا تصب ماء الحياء والمروءة من وجهك -يقول: لا أريد أن أحرجك وأخجلك، فلعل هذه الحاجة طلب شيء، لأن بعض الناس يستحي أن يطلب- فكتب على الأرض حاجته، فأتى علي فقضى حاجته.
وقد كان أمير المؤمنين في الكوفة ، فقال الأعرابي وقد أعطاه حلة ومالاً كما طلب:
كسوتني حلة تبلو محاسنها لأكسونك من حسن الثنا حللا
قال علي : ذلك خير، يقول: والله لأثني عليك في الناس أحسن من هذه الحلة التي أعطيتني، قال علي : ذلك خير.
قال البخاري في الصحيح، في كتاب الرقاق: باب: المِقة من الله، أي: الحب من الله، كل شيء يستطيع أن يتصرف فيه العبد إلا الحب هذا، ثم أتى بحديث: {إن الله عز وجل إذا أحب عبداً قال لجبريل: إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فتحبه الملائكة، ثم يضع الله له القبول في الأرض -حتى يشرب قبوله وحبه مع الماء البارد- وإذا أبغض عبداً قال لجبريل: إني أبغض فلاناً فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فتبغضه الملائكة، ثم ينـزل له البغض والمقت } حتى يشرب الناس بغضه وكراهيته مع الماء البارد.
فالحب من الله تبارك وتعالى وهو لسان الذكر في الخالدين، فيحرص عليه المؤمن بأن يحسن سريرته مع الله، وبالصدق مع الله تبارك وتعالى.
من أدعية نوح عليه السلام
وأما نوح عليه السلام، فإنه دعا بأدعية، لكن كانت أدعيته مؤثرة، فإن نوحاً عليه السلام عاش ألف سنة في الدعوة إلا خمسين عاماً، تحمل وصبر ودعا ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، دعا بكل وسيلة، وفي الأخير ماذا يتحرى من هؤلاء الجثث الهامدة الفجرة، ماذا يتحرى؟ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً [نوح:26-27].
يقول: يا رب! خذ أولادهم معهم، ما يأتي الولد إلا مثل أبيه.
تلك العصا من هذه العصية لا تلد الحية إلا حية
فيقول: يا رب! أخرجهم من الدنيا جميعاً، لا تترك حتى أطفالهم؛ لأنهم لا يهتدون، أنا جربتهم.
من أدعية موسى عليه السلام
ومن أدعيتهم، وينبغي على المسلم أن يجمعها وأن يحاول أن يتحفظها من القرآن، لأن أحسن الدعاء دعاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مثل دعاء موسى، فقد كان يرعى الغنم ويهش على ضأنه بالعصا وفجأة وهو بالصحراء وإذا بالله يناديه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه:24] فقال: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه:25-28] إلى دعاء أخير أتى به عليه الصلاة والسلام، لكن هذا من أحسن الدعاء، حتى يمتن الله عز وجل على رسوله عليه الصلاة والسلام فيقول: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1].
يقول سيد قطب رحمه الله معلقاً على الآية: فتش في جوانحك وابحث في خفاياك، أما شرحنا لك صدرك فكان واسعاً فسيحاً، وقد كان ضيقاً قبل أن تأتي النبوة، قال: شرحنا لك صدرك.
وشرح الصدر أعظم منة يمنها الله على العبد، تجد المسلم المؤمن في الزنزانة وصدره فسيح واسع، وتجد الفاسق في القصور وفي الدور، وفي السيارات والعمارات، و: صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125] كأن اللعنة جمعت له، لماذا؟ لأن الله أخذ على نفسه ميثاقاً وعهداً بيَّنه في سورة "طه" فقال: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى [طه:123] في الدنيا ولا في الآخرة، قال ابن عباس : [[أخذ الله على نفسه، أن من اتبع هذا القرآن فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ]] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] حتى كلمة ضَنْكاً لا تكاد تقرأ، فالضاد حرف ثقيل، ثم النون بين الضاد والكاف، فعيشته مثل نطق الكلمة: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126].
دعاء يونس بن متى
ومن الدعاء العظيم الذي وصفه عليه الصلاة والسلام لأمته، دعاء يونس بن متى، يقول عليه الصلاة والسلام: {دعاء الكرب، دعاء أخي يونس ما دعاه مكروب إلا فرج الله كربته } أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وهذا الدعاء هو: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] وفي هذا الدعاء ميزات ثلاث: -
أوله: أنه اعتراف بالتوحيد.
الأمر الثاني: أنه اعتراف بالتقصير.
الأمر الثالث: أنه استغفار.
فقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فوجب على العبد إذا ضاقت به ضائقة وأتاه حادث، أو أتاه هم وغم، أن يكرر هذا الدعاء فإنه بإذن الله فتح عظيم، يقول الأندلسي يوصي ابنه:
وناد إذا سجدت له اعترافاً ** بما ناداه ذا النون بن متى
وأكثر ذكره في الأرض دأباً ** لتذكر في السماء إذا ذكرتا
ذكر أهل التفسير وأهل السير: أن يونس بن متى غاضب قومه وخرج فأوقعه في البحر الربان وأهل السفينة، لأن القرعة وقعت عليه: فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ [الصافات:141] ما معنى الآية؟
لما ركب في السفينة كانت تتموج، وثقلت وأصبحت على غير العادة، وكانت في العادة تمشي بحفظ وبراعية وبتؤدة وسكينة، لكنه لما ركب وهو لم يستأذن الله ترجرجت، وهذا فيه درس: أن من التعكير والشؤم وبعض الصعوبات والمشاق على المسافرين والمقيمين المعصية، فقال الربان: معنا رجل فيه معصية، لا بد أن نتساهم ونقرع قرعة فمن أتت فيه أنزلناه في البحر، فشرعوا في أول قرعة فوقعت على يونس، قال: نعيد القرعة، هذه خطأ، فاستهموا مرة ثانية فوقعت عليه، قال: الثالثة، فوقعت الثالثة عليه، فأخذوه بيديه -سبحان الله العظيم، أحبابه وأقاربه تخلوا عنه! لأنهم يهلكون لو لم يفعلوا ذلك- فأخذوه بيديه ثم رموا به في البحر، فأصبح في ظلمات ثلاث: ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة الحوت، فقد تلقفه حوت يوم وقع فابتلعه فأصبح في بطنه، انظر إلى الموقف! من يسمعه؟ حتى ولو كان هناك فرق إنذار، أو خفر سواحل أو طوارئ ما سمعوه في بطن الحوت، لكن إلى السميع المجيب، إلى الذي أقرب من حبل الوريد: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] فأتى بكلمة تنفجر من القلب من أعظم الكلمات عند أهل التوحيد، قال: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] يقول أهل العلم: لما قالها، عبرت بصوته إلى السموات السبع تخترقها، فسمعتها الملائكة فبكت، وقالت: صوت معروف من عبد معروف، يا رب! أين فلان؟ قال: أنا أعلم به، سمعوا الصوت لكن ما يدرون هل هو في بحر قزوين أو في البحر الأحمر ، فأنقذه الله، وأخرجه ونجاه لأنه التجأ إليه، فحق على المسلم أنه إذا ضاقت به الضائقة، أن يردد: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] وعند البخاري في الصحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {دعاء الكرب: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش العظيم } فهذا دعاء الكرب الذي -بإذن الله- من دعا به استجيب له.
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا ** وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا ** فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا ** فإن رجعنا إلى الشاطي نسيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة ** فما سقطنا لأن الحافظ الله

دعاء سليمان عليه السلام
ومن دعائهم دعاء سليمان عليه السلام، وقد أراد أن يدعو الله في ملك لا يكون لأحد من قبله، فعلم أن الملك ينتهي وأن الملك زائل، وأن الجنود منتهون، وأن الدور تخرب والقصور تهدم: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [ص:35] فلما أعطاه الله الملك واستعرض جيوشه، حتى كان الطير يحجب شعاع الشمس بالسماء، والبحار ممتلئة بالجن له، وأما الأرض فامتلأت بالجيوش، فسجد على الأرض وبكى: قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:40].
دعاء يوسف عليه السلام
وأما يوسف عليه السلام فقال في آخر حياته بعد ما تملك مصر :رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101] ويقول: توفني مسلماً، هذه هي الأمنية العذبة والغاية المنشدودة وهوايتنا في الحياة.
يا معشر المسلمين! والله الذي لا إله إلا هو إن التربية الآثمة، والتربية الأوروبية تربية الخواجات التي أخرجت من شبابنا وفتياننا وأبنائنا من لا يتذكر لقاء الله ولا حسن الخاتمة ولا الموعود الذي وعده الله، ومن يبني مستقبله على هوايات آثمة تضحك العقلاء.
تجد في المجلات صور شباب في الخامسة عشرة من أعمارهم، هواية أحدهم جمع الطوابع، وهواية الثاني المراسلة، وهواية ذاك مطاردة الحمام وصيد الدجاج، أما يخجل الإنسان؟!
من هم أهل هذه الصور؟
إنهم أبناء أبي بكر وعمر ، وأبناء عثمان ، وعلي ، وأبناء خالد وسعد ، الذين فتحوا الدنيا، وأذنوا في سمع المعمورة وقدموا أرواحهم رخيصة لترتفع لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
فيربى الجيل على هذه الأمور! حتى إنه في بعض الطلبات في ما يطلبه المستمعون، هناك مريض على المستشفى مكسور الظهر والرأس، قال أهدي لأخواتي وعماتي أغنية عبد الحليم ، أو فريد الأطرش ، سبحان الله أصبحت في الآخرة وتهدي لأقاربك أغنية! تريد فساداً في الدنيا وفساداً في الآخرة، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ [فصلت:16].
ومما ذكر : فقدوا مغنياً، فقامت فتاة تشيع جنازة المغني، ومعها مسجل فيه شريط للمغني، فلما وصلت إلى القبر، رفعت المسجل ففتحت الأغنية، قال: فكان اتفاقاً وفتحاً من الله، فكان هو صاحب الأغنية -ميت، أصبح تحت الثرى- يقول: نار يا حبيبي نار، سبحان الله !! نار من فوقك ونار من تحتك لأنك تركت الأمة في نار، فهذه كلماتهم، ولكن كما أسلفنا: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124].. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44] لكن من عرفه الله وبصره ثم انحرف فقد قامت الحجة عليه مرتين.
دعاء الأولياء
اسمع إلى دعاء الأولياء أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63] أولياء الله هم أهل الصف الأول، وأهل الروضة، والمصحف، والقرآن، وأهل التسبيح، والصيام، وقيام الليل، والذكر الخالد، وأهل الحجاب. أما أهل الغناء، والمخدرات، والسيجارة فهم ليسوا من أولياء الله.......
ابن العلاء متضرعاً
لما خرج الصحابة رضوان الله عليهم وأميرهم العلاء بن الحضرمي للجهاد فقطعوا صحراء الدهناء ، فلما انتصفوا الصحراء، انتهى ماء الشرب، وكان عندهم بئر هناك ولكن البئر جفت ويبس ما فيها، ولا يوجد فيها قطرة، حاولوا أن يجدوا الماء فبحثوا وحفروا ولكن لم يجدوا شيئاً، وكانت الخيل تصهل صهيلاً وتبح بحيحاً من الضمأ، وأشرفوا على الهلاك. قالوا: يا علاء بن الحضرمي ! ادع الله أن يغيثنا. فوقف العلاء واستقبل القبلة مع الصحابة، وقال: يا حكيم يا عليم، يا علي يا عظيم اللهم أغثنا هذا اليوم. قالوا: والله ما انتهى من دعائه إلا وسحابة قد غطت المخيم فأمطرت حتى سقوا وغسلوا وشربوا..!. سبحانك ما أسرعك إجابة لعبدك إذا دعاك!
يقول الله:أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] حتى لو كان المضطر كافراً فإن الصحيح عند علماء السنة أن الكافر إذا اضطر في الدعاء وصدق، يجيب الله دعوته فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ [العنكبوت:65] هؤلاء هم المشركون دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [العنكبوت:65].
يقو ثمانية عشر أمريكي أصحاب - كتاب " الله يتجلى في عصر العلم ": أنهم نزلوا في سفينة في المحيط الأطلنطي فانقطع جهاز الإرسال (الأريال) وانقطعوا عن جهاز الاتصال بالأمريكان وبالسفن المحيطة، فغاصت بهم السفينة وعادت الفطرة إلى الله فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30] وأخذوا يقولون بلغتهم: يا ألله (قود قود) فأخرجهم الحي القيوم ونجاهم فأسلموا.
دعاء المضطر علامة للتوحيد وانقياداً للإيمان، ووسيلة لمعرفة الواحد الديان، وعلامة ظاهرة على صدق البرهان: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19].
البراء بن مالك لو أقسم على الله لأبره
من هو البراء بن مالك ؟
إنه صحابي جليل، كان من أفرس الصحابة، وكان أسداً يفترس الرجال مثلما يفترس الأسد الماعز!! دخل عليه أخوه أنس وإذا البراء في بيت من بيوت الأنصار وإذا به يرفع صوته بنشيدة إسلامية، وضع رجلاً على رجل وهو ينشد مرتاحاً بعد صلاة الظهر قال له أخوه أنس : أنت صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنشد؟!
قال: اسكت يا أنس ! والله لقد قتلت مائة فارس مبارزة ولا أموت إلا شهيداً.
لماذا يحلف؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: {رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك } كان يحلف على الله ويستجيب له حلفه.
حضروا في معركة تستر والمسلمون مع أبي موسى الأشعري فلما حضرت المعركة وبدأت ساعة الصفر، قالوا: يا براء ! نسألك بالله أن تقسم على الله أن ينصرنا. قال: انتظروني قليلاً. فاغتسل ولبس أكفانه وأتى بالسيف، وقال: اللهم إني أقسم عليك أن تجعلني أول قتيل وأن تنصرنا. فكان أول قتيل وانتصر المسلمون.
إن هذه الأمة ربانية؛ لأنها اتصلت بالله، ولقد تكرر مجدها مع كل وقت وحين، ولذلك أنتم ترون المجاهدون وتسمعون من أخبارهم وعجائبهم ما يرفع إيمانكم إن شاء الله، يقفون ويكبرون ثم يطلقون الرصاص من السلاح العادي الكلاشنكوف فتسقط الطائرات سبحان الله! يضعون عتادهم على الحمير، ويسحقون الدبابات الروسية كل ذلك بسبب دعاء الأولياء.
سعد بن أبي وقاص من مجابي الدعاء
جاء في حديث يروى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {يا سعد ! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة } كانت دعوته مثل فلق الصبح، يقول عليه الصلاة والسلام: {اللهم أجب دعوته وسدد رميته } لو رمى في الشرق لعادت الرمية إلى الكافر في الغرب. وكان ينظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة أحد ويعطيه الأسهم فيضرب سعد فيقع سهمه في عين الرمية فيتبسم عليه الصلاة والسلام، والحديث في البخاري يقول: {ارم سعد فداك أبي وأمي }. حتى يقول علي : [[لم يفد الرسول عليه الصلاة والسلام أحداً بأبيه وأمه إلا سعداً مما جعله الله من المجابين في الدعاء ]].
روى البخاري في الصحيح في باب الصلاة: أن عمر سأل الناس عن سعد بن أبي وقاص وكان سعد أميراً من قبل عمر ، فسأل عمر الناس عن إمرة سعد وعدله، فأثنوا عليه خيراً إلا رجل كبير، قال: إذا سألتنا بالحق؛ فإن سعداً لا يمشي في السرية، ولا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية.
فقام سعد وقال: اللهم إن كان قام رياءً وسمعة فأطل عمره وأكثر ماله وولده وعرضه للفتن. فطال عمر هذا الشيخ حتى سقط حاجباه على عينيه وأخذ يغمز نساء الناس في السكك والشوارع ويقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد .
أعظم الأدعية في الإسلام
وأعظم الأدعية في الإسلام، هو قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] فهل تركت من الخير شيئاً؟
هل تعلم خيراً ما ضمته هذه الآية؟
هل تعلم معروفاً في الدنيا والآخرة أو فقهاً أو رزقاً لا يدخل في هذه الآية؟
يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:200] من هم؟
إنهم أعراب حجوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فرفعوا أيدهم في عرفات وفي منى وقالوا: اللهم أدر لنا الضرع، اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثاً هذا العام، اللهم أنتج لنا إبلنا، وأحي لنا زرعنا ومواشينا. وهذا كله في الدنيا، فهم لم يقولوا: ربنا اغفر لنا، وما تذكروا أن يقولوا: رحماك يا رب!
وهذا أعرابي ذكروا عنه أنه ذهب فحج، فلما رمى جمرة العقبة في اليوم الأول ذهب مسرعاً ودخل البيت، فلقيه صديق له عند باب الحرم، فقال: مالك؟ قال: أريد أن أدخل قبل أن يدهم الناسُ رب العالمين، أي: يكثروا عليه، سبحان الخالق! فتعلق بأستار الكعبة وقال: يا رب! اغفر لي قبل أن يزدحم عليك الناس. والله لا تختلط عليه الأصوات، ولا تتغير عليه اللهجات، ولا تتفاوت عليه الحاجات، ولا تتباين لديه النغمات، يعطي كل واحد مسألته مكانه: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته مانقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر } خزائن الجود عنده، مهما سأل الإنسان فالله أوسع وأعلم وأحلم وأكرم تبارك وتعالى.
فذم الله من قال ذلك -ربنا آتنا في الدنيا حسنة. فهو من طلب الدنيا فقط.
فبعضهم تجده يقول: اللهم أحي لي أبنائي.. اللهم اجمع لي دراهمي.. اللهم نجح بناتي.. اللهم إني أسألك أن تثمر تجارتنا.. لكن ما تذكر الآخرة، فذم الله ذلك الصنف ومدح من قال: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
وهناك صنف آخر يطلب الله عز وجل في الآخرة ولا يطلبه في الدنيا شيء، حتى إن بعضهم يطلب على نفسه المرض، وفي حديث صحيح: { أن رجلاً من الأنصار رفع يديه وقال: اللهم ما كنت معذبي به في اليوم الآخر فقدمه لي وعجله لي اليوم، فابتلي بالمرض حتى أصبح كالفرخ -أصبح كالفرخ من المرض- فزاره عليه الصلاة والسلام وقال: يا فلان! أقلت شيئاً؟ قال: قلت -يا رسول الله-: اللهم ما كنت معذبي به من عذاب فقدمه لي، قال: سبحان الله! وهل تطيق عذاب الله؟! بل قل: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] }.
ومن أعظم الأدعية: اللهم إني أسألك العفو والعافية، يقول العباس : {يا رسول الله! علمني دعاء أدعو به، قال: قل: اللهم إني أسألك العفو والعافية -وبعضهم يزيد كما في المسند لـأحمد - اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة } فهذا الدعاء عظيم جد عظيم، أن تدعو بالعفو والعافية، العافية في جسمك وأهلك، والعفو من الذنوب والخطايا.......
الأدعية النبوية
أما الأدعية النبوية فكثيرة فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أدعية صحيحة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: {اللهم اهدني وسددني } ففي صحيح مسلم : قال لـعلي بن أبي طالب : {يا علي ! قل: اللهم اهدني وسددني، واذكر بهدايتك هدايتك الطريق، وبتسديدك تسديدك السهم }.
فكان علي دائماً يقول: [[اللهم اهدني وسددني ]] وهي من أحسن الدعاء وأوصيكم بها صباح مساء.
ومنها -وهذا صحيح-: {اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي } فعلمه صلى الله عليه وسلم حصين بن عبيد والد عمران بن حصين ، كما في السنن : {أنه وفد على الرسول عليه الصلاة والسلام فقال صلى الله عليه وسلم: يا حصين ! كم تعبد؟ قال: أعبد سبعة -هذا وهو مشرك- قال: أين السبعة؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: من لرهبك ولرغبك؟ -يعني: من إذا اشتدت بك الأمور وضاقت عليك السبل وأغلقت عليك الأبواب- قال: الذي في السماء، قال: فاترك التي في الأرض واعبد الذي في السماء، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك دعاء؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: فقل: اللهم ألهمني رشدي ,وقني شر نفسي } وهذا من أحسن ما يكون!

وفي الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، قال: {قلت: يا رسول الله! علمني دعاء أدعو به في صلاتي -وهذه الأدعية لا بد أن تحفظ وأنا أوصي الإخوة الذين لا يحفظونها من مرة أن يراجعونها من كتيبات أو يستعيدوها من الشريط- قال أبو بكر : علمني -يا رسول الله- دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً -وفي روية كبيراً- ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم }.
خرج عليه الصلاة والسلام على معاذ بعد الصلاة فشبك أصابعه كذا وقال: {يا معاذ ! والله إني لأحبك -من هو القائل؟ إنه محمد عليه الصلاة والسلام- يقول لـمعاذ : والله إني لأحبك، وقال معاذ : وأنا -والله- يا رسول الله! إني أحبك، قال: لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك }.
لأن الأدعية الأحسن أن تكون شرعية ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، أما بعض الأدْعِيَاء تجدهم يدعون بأدعية بدعية، حتى ذكر الغزالي يقول من الأدعية: يا دهر الدهارير، وهو يعتبره اسم من أسماء الله؟!
أحد الحمقى ذكر عنه ابن الجوزي يقول: يا رب! يا أحد! يا صمد! يا رحمان! يا رحيم! يا جبرائيل! يا ميكائيل! يا أويس القرني ! ذكر هذا في كتاب الحمقى ، وهذه أدعية بدعية، ولذلك تجد من أدعية الناس أحياناً ما يخالف السنة؛ لأنهم ما حفظوا شيئاً، والحفظ سهل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
في صحيح مسلم كان يقول صلى الله عليه وسلم دعاء إذا قام من الليل وهو من أعظم الدعاء: {اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون! اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم }.

يقول ابن تيمية : عند الاشتباه في الأمور، والالتباس في بعض القضايا، يكرر العبد هذا الدعاء، فإنه عظيم.
ومن الأدعية وخاصة في السجود: {يا مقلب القلوب والأبصار! ثبت قلبي على دينك } اللهم ثبت قلوبنا على دينك.
ومن الأدعية العظيمة وخاصة في السجود: {يا مصرف القلوب! صرف قلبي على طاعتك } أو كما قال.
ومن الأدعية الصحيحة، قوله صلى الله عليه وسلم: {اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار }.......
....... يتبع إن شاء الله







توقيع أبو عبد الله محمد بن يحيى
خُـــــذْ لك زَاديْــنِ مِـنْ سِــيـــرَةٍ ** وَمِنْ عَمَـلٍ صَــالِــــحٍ يُدّخرْ
وكن في الطريق عفيفَ الخُطى ** شريفَ السماعِ كريمَ النَّظرْ
وكــن رجـــلاً إن أتَـــــــوْا بَعْدَهُ ** يَقُــولُـونَ مَــرّ وَهَـــذَا الأثَرْ


رد باقتباس