اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :14  (رابط المشاركة)
قديم 10.06.2009, 07:04
صور أبوحمزة السيوطي الرمزية

أبوحمزة السيوطي

عضو شرف المنتدى

______________

أبوحمزة السيوطي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.544  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
20.06.2023 (12:40)
تم شكره 36 مرة في 25 مشاركة
افتراضي رد: اخواني المشرفين و المراقبين.. هل فعلا تستحقون مركزكم في المنتدى؟


بارك الله فيك يا أخي على الفكرة الطيبة وأقول بالله مستعينا :

أسباب كثرة هذه الأحاديث الموضوعة :

( أولها) : وهو أهمها ما وضعه الزنادقة اللابسون لباس الإسلام غشًّا ونفاقًا وقصدهم بذلك إفساد الدين وإيقاع الخلاف والافتراق في المسلمين . قال حماد بن زيد : وضعت الزنادقة أربعة آلاف حديث , وهذا بحسب ما وصل إليه علمه واختباره في كشف كذبها , وإلا فقد نقل المحدثون أن زنديقَا واحدًا وضع هذا المقدار قالوا : لما أخذ ابن أبي العوجاء ليضرب عنقه قال : ( وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل الحرام ) ولقد أثر وضعهم في الإسلام أقبح التأثير ففرق المسلمين شيعًا ومذاهب مع أن الإسلام هو الحق الذي لا يقبل الخلاف ولا التعدد .

( ثانيها) : الوضع لنصرة المذاهب في أصول الدين وفروعه فإن المسلمين لما تفرقوا شيعًا ومذاهب جعل كل فريق يستفرغ ما في وسعه لإثبات مذهبه لا سيما بعدما فتح عليهم باب المجادلة والمناظرة في المذاهب ولم يكن المقصود من ذلك إلا إفحام مناظره والظهور عليه حتى إنهم جعلوا ( الخلاف ) علمًا صنفوا فيه المصنفات مع أن دينهم ما عادى شيئًا كما عادى الخلاف , وهذا السبب يشبه أن يكون أثرًا من آثار السبب الذي قبله , وقد استشهد لهذا بعض المحدثين الذين كتبوا في أسباب الوضع بقوله : تاب رجل من المبتدعة فجعل يقول : انظروا عمن تأخذون هذا الحديث فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيرناه حديثًا , وليس الوضع لنصرة المذاهب محصورًا في المبتدعة وأهل المذاهب في الأصول بل إن من أهل السنة المختلفين في الفروع من وضع أحاديث كثيرة لنصرة مذهبه ، أو تعظيم إمامه سوف نذكر ونبين الكثير منها في موضعه إن شاء الله , وإليك الآن حديثًا واحدًا وهو :
( يكون في أمتي رجل يقال له : محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ,ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي )
قالوا : وفي إسناده وضاعان : أحدهما مأمون بن أحمد السلمي والآخر أحمد بن عبد الله الخونباري وقد رواه الخطيب عن أبي هريرة مرفوعًا ، واقتصر على ما ذكره في أبي حنيفة وقال :
موضوع وضعه محمد بن سعيد المروزي البورقي ثم قال : هكذا حدث به في بلاد خراسان ثم حدث به في العراق وزاد فيه : ( وسيكون في أمتي رجل يقال له : محمد بن إدريس . فتنته أضر على أمتي من فتنة إبليس ) قالوا : وهذا الإفك لا يحتاج إلى بيان بطلانه . ومع هذا تجد الفقهاء المعتبرين يذكرون في كتبهم الفقهية شق الحديث الذي يصف أبا حنيفة بأنه سراج الأمة ويسكتون عليه بل يستدلون به على تعظيم إمامهم على سائر الأئمة وهم مع هذا قدوة الأمة الذين يؤخذ بأقوالهم في الدين ويترك له الكتاب والسنة لأنهما على قولهم يختصان بالمجتهدين .

( ثالثها) : الغفلة عن الحفظ اشتغالاً عنه بالزهد والانقطاع للعبادة , وهؤلاء العباد والصوفية يحسنون الظن بالناس ويعدون الجرح من الغيبة المحرمة , ولذلك راجت عليهم الأكاذيب وحدثوا عن غير معرفة ولا بصيرة , وقد عدهم بذلك بعض المحدثين من أصناف الوضاع , وحاشا الله ما نعتقد أنهم يتعمدون ذلك , وما هو إلا ما ذكرنا وعلى كل حال يجب أن لا يعتمد على الأحاديث التي حشيت بها كتب الوعظ والرقائق والتصوف من غير بيان تخريجها ودرجتها . ولا يختص هذا الحكم بالكتب التي لا يعرف لمؤلفيها قدم في العلم ككتاب ( نزهة المجالس ) المملوء بالأكاذيب في الحديث وغيره بل إن كتب أئمة العلماء كالإحياء لا تخلو من الموضوعات الكثيرة .

( رابعها) : قصد التقرب من الملوك والسلاطين والأمراء كما نص على ذلك غير واحد من الحفاظ , وكما كذب علماء السوء على الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل السلاطين كذبوا كذلك في وضع الأحكام والفروع الفقهية لأجلهم , ومن الأحاديث الموضوعة في هذا الباب ما اشتمل على مدح السلاطين وتعظيم شأنهم وهو ما يتملق به الجهال للملوك في هذا العصر كما تملقوا لهم فيما قبله .

( خامسها) : الخطأ والسهو وقع هذا لقوم , ومنهم من ظهر له الصواب ولم يرجع إليه أنفة واستنكافًا أن ينسب إليهم الغلط , ولم تعرف رقة دين هؤلاء وعدم إخلاصهم في الاشتغال برواية الحديث إلا بعد ما وقع لهم ما وقع .

( سادسها ) : التحديث عن الحفظ ممن كانت له كتب يعتمد عليها فلم يتقن الحفظ فضاعت الكتب فوقع في الغلط .

( سابعها ) : اختلاط العقل في أواخر العمر , وقع هذا لجماعة من الثقات فكانوا معذورين دون من سلم بكل ما نسب إليهم من غير تمييز بين ما روي عنهم في طور الكمال والعقل وبين ما روي في طور الاختلاط والهرم .

( ثامنها ) : الظهور على الخصم في المناظرة لا سيما إذا كانت في الملأ , وهو غير الوضع لنصرة المذاهب الذي تقدم قال ابن الجوزي : ( ومن أسباب الوضع ما يقع ممن لا دين له عند المناظرة في المجامع من الاستدلال على ما يقوله كما يطابق هواه تنفيقًا لجداله . وتقويمًا لمقاله . واستطالة على خصمه , ومحبة للغلب , وطلبًا للرياسة , وفرارًا من الفضيحة إذا ظهر عليه من يناظره ) .

( تاسعها ) : إرضاء الناس وابتغاء القبول عندهم واستمالتهم لحضور مجالسهم الوعظية وتوسيع دائرة حلقاتهم , وقد ألصق المحدثون هذا السببب القصاص وقالوا :
إن في الأحاديث الصحاح والحسان مثل ذلك , ولكن الحفظ شق على أولئك القصاص فاختاروا أقرب الموارد وهو الوضع . ونقول : إن قصاص هذا الزمان قد اتبعوا خطوات أولئك الوضاع وحفظوا أكاذيبهم لسوء الاختيار فقلما نرى واعظًا يحفظ الصحاح , وتراهم يكادون يحيطون بالموضوعات التي لا يكاد يوجد بمعناها حديث صحيح السند لأن معظمها خرافات وأوهام وتجرؤ على
المعاصي بالأماني والتشهي . ولعل ابن الجوزي ما تصدى لتأليف كتابه في الموضوعات إلا بعدما زاول الوعظ واختبر ما أفسد الوعاظ من دين الناس وقد ذكر عن نفسه أن الأحاديث الموضوعة كانت ترد عليه في مجلس وعظه فيردها فيحقد عليه سائر القصاص .

( عاشرها ) : شدة الترهيب وزيادة الترغيب لأجل هداية الناس , ولعل الذي سهل على واضعي هذا النوع من الأحاديث المكذوبة هو قول العلماء : إن الأحاديث الضعيفة يعمل بها في فضائل الأعمال وما في معناها مما لا يتعلق بالأحكام والحقوق وكأنهم رأوا أن الدين ناقص يحتاج إلى إكمال وإتمام وأن قال الله تعالى : { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً } ( المائدة : 3 )

ولا تستبعدن هذا أيها المسلم المخلص فإن جميع البدع الدينية التي يسميها الناس حتى بعض العلماء ( بدعًا حسنة ) ويعللونها تعليلات يلونونها بلون الدين هي من الزيادة في الدين , ويا ليتها كانت زيادة في الأعمال فقط ولكنها زيادة في العقائد أيضًا كاعتقاد وساطة بعض الصالحين الأموات بين الله والناس في قضاء حوائجهم ؛ إما بأن يقضوها بأنفسهم لأن لهم سلطة غيبية وراء الأسباب , وإما بأن يقضيها الله تعالى لأجلهم فتكون إرادة الله تعالى تابعة في ذلك لإرادتهم كما اشتهر من قولهم : ( إن لله عبادًا . إذا أرادوا أراد ) وغير ذلك , فإذا قلت لهم : إن هذا شرع لم يأذن به الله يأتونك بأمثال ينزه الله عنها كتشبيهه بالملوك والأمراء الذين يتقرب إليهم بمن يحبون ليفعلوا ما لم يكونوا يفعلونه لولاهم , وفاتهم أن إرادة الله تعالى لا تتغير لأجل أحد لأن تخصيصها وترجيحها إنما يكون بحسب العلم القديم الذي لا تغيير فيه ولا تبديل .

( حادي عشرها ) : إجازة وضع الأسانيد للكلام الحسن ؛ ليجعل حديثًا , ذكروا هذا سببًا مستقلاًّ وهو يدخل فيما سبقه .

( ثاني عشرها ) : تنفيق المدعي للعلم لنفسه على من يتكلم عنده إذا عرض البحث عن حديث ووقع السؤال عن كونه صحيحًا أو ضعيفًا أو موضوعًا فيقول من في دينه رقة وفي عمله دغل : هذا الحديث أخرجه فلان وصححه فلان , ويسند هذا إلى كتب يندر وجودها ليوهم أنه مطلع على ما لم يطلع عليه غيره أو يخلق للحديث إسنادًا جديدًا ، قالوا : وربما لم يكن قد قرع سمعه ذلك اللفظ المسئول عنه قبل السؤال ، وهذا نوع من أنواع الوضع شعبة من شعب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يسمعه من لم يعرف حقيقة حاله فيعتقد صحة ذلك وينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول : رواه فلان وصححه فلان كما قال ذلك المخذول .

الكاتب : محمد رشيد رضا
مجلة المنار

هممت أن أختصرها لكني وجدتها مليئة بالفوائد وجديرة بأن تُنقش في الذاكرة .. وجزاكم الله خيرا







توقيع أبوحمزة السيوطي
إذا كُنت تشعر انك لاتعيش جيـداً ...فاعلم أنك لاتصلي جيداً


رد باقتباس