الحمد لله على سابغ نعمائه ،والشكر له سبحانه على وافر آلائه ،وصلاته وسلامه على صفوة الصفوة من رسله وأنبيائه ،وعلى آله وصحبه وسائر أوليائه ،اللهم إني احمدك حمد المعترف بتقصيره وقصوره ،المقر بخطاياه وذنوبه ،المؤمل في واسع رحمتك وعظيم فضلك ،أن تشمله بعفوك وتسبل عليه جميل سترك،فإنك – يارب – أنعمت متفضلا ،وتطولت مبتدئًا ،ولن يخيب راجيك ، ولن يُرد سائلك ، وبعد :
سنشرع هذه الحلقة – إن شاء الله – في تكملة النواسخ التي تدخل على الجملة الاسمية، وتنسخ حكم المبتدأ والخبر .
أولا : إن وأخواتها
تدخل إن وأخواتها الخمسة على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها ، وترفع الخبر ويسمى خبرها، وأخواتها الخمسة : ( أنّ، لكنّ ، كأن ، لعل ، ليت )
- إن : إن الساعة آتية ؛ ( إن ) : حرف توكيد ونصب ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، ( الساعة ) : اسم إن منصوب ونصبه فتحة ظاهرة على آخره ، ( آتية ) : خبر إن مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على أخره
- أنّ : علمت أنّ أباك مسافر ؛ ( علمت ): فعل وفاعل ،( أن ) حرف توكيد ونصب ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ،( أباك ): اسم إن منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة، ( مسافر ) : خبر إن مرفوع ، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره
- محمد شجاع لكنّ صديقه جبان ( محمد ): مبتدأ مرفوع،ورفعه ضمة ظاهرة على آخره ،( شجاع ) : خبر مرفوع ، ورفعه ضمة ظاهرة على أخره ،( لكنّ ) حرف استدراك مبني على الفتح ، ( صديقه ): اسم لكنّ منصوب ، ونصبه فتحة ظاهرة على آخره ،وهو مضاف ، و( الهاء ) ضمير مبني في محل جر مضاف إليه ، ( جبان ) : خبر لكنّ مرفوع ،ورفعه ضمة ظاهرة على أخره
- كأن أسماء بدر ؛ ( كأن ) حرف تشبيه مبني لا محل له من الإعراب ،( أسماء ) : اسم كأن منصوب ، ونصبه فتحة ظاهرة على أخره ، ( بدر ): خبر كأن مرفوع ، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره
- ليت أسماء تقربنا : ( ليت ): حرف تمني مبني لا محل له من الإعراب ،( أسماء ) : اسم ليت منصوب ، ونصبه فتحة ظاهرة على آخره ،( تقرّبنا ): فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة على أخره ،( نا ) ضمير مبني في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر تقديره ( هي ) العائد على أسماء ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر ليت
- لعل الله يرحمني : ( لعل ) : حرف ترجّي،مبني لا محل له من الإعراب ،( الله ): علمٌ على الباري جل وعلا ، اسم لعل منصوب ، ونصبه فتحة ظاهرة على آخره ،( يرحمني ): يرحم : فعل مضارع مرفوع ، ورفعه ضمة ظاهرة على أخره،( النون ) نون وقاية تقي الفعل من الكسر ، بسبب اتصال ياء المتكلم بعده ، والياء ياء المتكلم ضمير مبني في محل نصب مفعول به ، والجملة الفعلية : في محل رفع خبر لعل
ثانيًا : ظن وأخواتها
وهي تدخل على المبتدأ والخبر وتنصبهما جميعًا ، ويُقال للمبتدأ مفعول أول ، وللخبر مفعول ثانٍ
وأخوات ظن هي : " حسب، وخال، وزعم، ورأى، وعلم، ووجد، واتخذ، وجعل، وسمع "
1- ظننت محمدًا صديقًا ؛ ( ظننت ): فعل وفاعل، ( محمدًا ) مفعول أول منصوب بالفتحة، ( صديقًا ): مفعول ثان منصوب بالفتحة
2- حسبت المال مانعًا ؛ ( حسبت ) فعل وفاعل ،( المال ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، (مانعًا ) : مفعول به ثان منصوب بالفتحة
3- خلت الحديقة مثمرة ؛ ( خلت ) : فعل وفاعل( الحديقة ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( مثمرة ) : مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة
4- زعمت بكرًا جريئًا ؛( زعمت ): فعل وفاعل ، ( بكرًا ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( جريئًا ) مفعول به ثان منصوب بالفتحة
5- رأيت أسماء بدرًا ؛ ( رأيت ) : فعل وفاعل ،( أسماء ) مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( بدرًا ) : مفعول به ثان منصوب بالفتحة
6- علمت أسماء مطيعة ؛( علمت ) : فعل وفاعل ، ( أسماء ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( مطيعة ) مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة
7- وجدت أسماء قمرًا ؛( وجدت ) : فعل وفاعل ،( أسماء ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( قمرًا ) : مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة
8- اتخذت محمدًا صديقًا ؛( اتخذت ) : فعل وفاعل ( محمدًا ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( صديقًا ) مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة
9- جعلت الذهب خاتمًا؛( جعلت ) : فعل وفاعل، ( الذهب ) : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، ( خاتمًا ) : مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة
10- سمعت خليلًا يقرأ ، (سمعت ) : فعل وفاعل ، ( خليلا ): مفعول أول منصوب بالفتحة،( يقرأ ) : فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر ، والجملة في محل نصب مفعول به
ثم أعلم - وفقك الله - أن العلماء يقسمون هذه الأفعال إلى أربعة أقسام :
الأول : أفعال تفيد ترجيح وقوع الخبر، وهي أربعة : ظننت ، وحسبت ، وخلت ، وزعمت
الثاني : أفعال تفيد اليقين وتفيد ترجيح وقوع الخبر،وهي ثلاثة : رأيت ، وعلمت ، ووجدت
الثالث : أفعال تفيد التصيير والانتقال ، وهما اثنان :اتخذت ، وجعلت
الرابع : فعل يفيد نسبة السماع : وهو سمعت
ثالثًا : لا النافية للجنس
واعلم - رحمك الله ، ووفقك للخير - أن لـ ( لا ) ثلاث حالات :
الأولى : الناهية ، وهي تختص بالمضارع وتجزمه، نحو ( ولا تمش في الأرض مرحًا )
الثانية : أن تكون ( لا ) زائدة ، نحو : ما منعك ألا تسجد ، أي : أن تسجد
الثالثة : النافية ، وهي نوعان :
- داخلة على معرفة ، ويجب إهمالها ،وتكرارها ، نحو : لا زيد في الدار ، ولا عمرو
- داخلة على نكرة ، وهي ضربان :
· العاملة عمل ليس ، فتنصب الخبر وترفع المبتدأ ( وسنفصل فيها وأخواتها لا حقًا إن شاء الله )
· العاملة عمل إن ،فتنصب الاسم ، وترفع الخبر وسنتكلم عليها قبل الأولى ، وهي لا النافية للجنس
( لا ) التي لنفي الجنس :
تدخل ( لا ) على الجملة الاسمية ، فتعمل عمل إنّ ،ولكن تعمل هذا العمل بشروط :
1- أن يكون اسمها وخبرها نكرتين كما بيّنّا
2- أن يتقدم الاسم ، ويتأخر الخبر ، أي لا يفصل بينها وبين اسمها فاصل
فإن دخلت على معرفة ، أو تقدم الخبر وجب اهمالها وتكرارها
أما الاعتراض بمثل :
قول بعض العرب : لا بصرة اليوم لكم
قول عمر : قضية ولا أبا حسن لها
وقول أبي سفيان : لا قريش بعد اليوم ( في عام الفتح )
وقول الشاعر : أرى الحاجات عند أبي خبيب ** نَكِدْنَ ولا أمية في البلاد
فذلك : مؤول بتقدير : مثل ، أي ولا مثل أبي حسن ، ....... وهلمّ جرًا
ويكثر حذف الخبر ، إذا علم ، أما إن جُهل فلا يجوز حذفه
ثم اعلم – غفر الله لك وسلّمك – أن اسم ( لا ) على ثلاثة أنواع :
الأول : المفرد ؛ أي ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف ،فليس من باب المفرد الذي هو بمعنى الواحد ، إنما هنا ممكن أن يكون اسم لا مثنى أو جمع ، وحكم اسم لا ، إن كان مفردًا : أنه يبنى على ما ينصب به
فإن كان منصوب بالفتحة ، فيبنى على الفتح ( إن كان مفردًا أو جمع تكسير )، وإن كان منصوب بالياء فيُبنى على الياء ( إن كان مثنى أو جمع التذكير السالم ) ، وإن كان منصوب بالكسرة ، فيبنى على الكسر ( إن كان جمع مؤنث سالم )
- لا رجل في الدار ؛ ( لا ) نافية للجنس ، ( رجل ): اسم (لا) مبني على الفتح ،( في الدار ): جار ومجرور شبه جملة ، خبر (لا) في محل رفع
- لا رجلين في الدار ؛ ( لا ) النافية للجنس ،(رجلين ): اسم (لا) مبني على الياء ،
- لا صالحات اليوم ؛( لا ) نافية للجنس ،( صالحات ): اسم (لا) مبني على الكسرة
الثاني : أن يكون اسم( لا )، مضافا ، فحكمه : أنه ينصب بالفتحة ، أو ما ينوب عنها ، مثل :
لا طالب علم ممقوت ، ( لا ) نافية للجنس ، ( طالب ) :اسم (لا) منصوب بالفتحة، وهو مضاف ، ( علم ) مضاف إليه مجروربالكسرة ، ( ممقوت ): خبر (لا) مرفوع ، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره
الثالث : أن يكون اسم ( لا ) ، شبيهًا بالمضاف ، وهو ما اتصل به شيئ من تمام معناه ،حكمه ، أنه ينصب بالفتحة ، أو ما ينوب عنها – مثل المضاف - مثل :
لا مستقيمًا حاله بين الناس ( لا ) نافية للجنس ، ( مستقيمًا ): اسم (لا) منصوب بالفتحة ، حاله : فاعل لاسم الفاعل ( مستقيم ) و(الهاء) ضمير مبني في محل جر مضاف إليه ،(بين) : ظرف مكان منصوب، (الناس) مضاف إليه مجرور بالكسرة ، والظرف : في محل رفع خبر لـ ( لا ).
ادعوا لأخيكم
والله المستعان ، والسلام
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
توقيع أبو عبد الله محمد بن يحيى |
خُـــــذْ لك زَاديْــنِ مِـنْ سِــيـــرَةٍ ** وَمِنْ عَمَـلٍ صَــالِــــحٍ يُدّخرْ
وكن في الطريق عفيفَ الخُطى ** شريفَ السماعِ كريمَ النَّظرْ
وكــن رجـــلاً إن أتَـــــــوْا بَعْدَهُ ** يَقُــولُـونَ مَــرّ وَهَـــذَا الأثَرْ
|