يقول النصراني: " هناك دليل من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم على أن رضاع الكبير قد تم عن طريق مباشرة الثدي وهو ماجاء فى قصة الثلاثة الذين تكلموا فى المهد حيث جاء فى الحديث قصة الطفل الذي كان يرضع من أمه وتكلم وهو فى المهد فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُمثل ارتضاع الطفل بمص اصبعه السبابة ، فهــذا دليل واضح على أن الرضاعة لاتكون الا بالتقام الثدي وبالتالى فان رضاع الكبير يكون بمباشرة الثدي "
طبعا هذه محاولة أخرى – فاشلة – من النصارى يحاولون بها اثبات باطلهم لما تبين لهم الحق ... فعندما تتحاور مع النصرانى فى مسألة رضاع الكبير وتسأله قائلا: هل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمنا سهلة أن ترضع سيدنا سالم عن طريق الثدي مباشرة ؟
تُفاجأ – أخى وأختى المسلمة – بالنصرانى يقول : نعم !!!!
فتقول له : فين دليلك أيها النصرانى ؟
فيرد عليك بحديث الثلاثة الذين تكلموا فى المهـد وتمثيل النبي صلى الله عليه وسلم لارتضاع الطفل الصغير !!!!
طيب .... تعالوا معايا يا أهل الخير نشوف الرد البسيط على النصرانى الكذاب وأريد كبداية أن أؤصل لقاعـدة مهمـــة جدا
" أي كلام يأتى فى سياق معين يكون لصاحبه مقصود أصلى واضح ويكون له معنى آخر ثانوي "
شرح القاعـــدة :
هذه قاعدة مهمة جدا استخدمها الفقهـاء فى استنباط أحكام الشريعة من نصوص الوحي وسأضرب لكم مثالا بسيطا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى نفهم معا معنى هذه القاعدة
روى الإمام البخاري رحمه الله بإسناده إلى عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند الني صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل.
فقال صلى الله عليه وسلم : يا عدي، هل رأيت الحيرة؟
قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها
قال صلى الله عليه وسلم: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله
فى هذا الحديث يخبر النبيُ صلى الله عليه وسلم عديَّ بن حاتم عن أنه سيأتى عليه زمان يرى المرأة تخرج من الحيرة الى الكعبـة لا تخاف الا الله .
طيب دلوقتى هل من المتصور أن يأتى انسان يستشهد بهذا الحديث على جواز سفر المرأة بلا محرم لها ؟
الجواب: لا طبعــا لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما قال هذا الكلام لعدي بن حاتم لم يكن يقصد أن يُثبت حكم سفر المرأة بلا محرم وانمـا كان مقصود كلامه صلى الله عليه وسلم أنه سيأتى على الناس زمان يصل فيه الأمان لدرجة أن المرأة تخرج من بيتها فلا يلقاها لص أو قاطع طريق .
اذن بتطبيق هذه القاعدة على هذا النص نجــد الآتى :
المقصـــود الأصلى من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق هو: أنه سيأتى على الناس زمان يصل فيه الأمان لدرجة أن المرأة تخرج من بيتها فلا يلقاها لص أو قاطع طريق
المعنى الثانوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق هو: جواز سفر المرأة بلا محرم.
طيب السؤال الآن : هل يجوز الأخــذ بالمعنى الثانوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث ؟
الجواب : قطعــا لا .. لأنه ليس مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لم يتعرض أصلا لاثبات هذا المعنى الثانوي ولذلك فان العلمـــاء وضعوا القاعدة الأصولية الهامة " السيـــاق من المقيــدات" فلا يجوز أن نصرف المعنى الأصلى المذكور فى السياق الى معنى آخر لم يقصده المتكلم.
أعتقد كده القاعدة أصبحت واضحة .... تعالوا بقى نُطبق هذه القاعــدة على الحديث الذى يستدل به صبيان النصارى :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، ثم ذكر قصة جريج العابــد الى أن قال:
وبينا صبي يرضع من أمه، فمر رجل راكب على دابة فارهة، وشارة حسنة،
فقالت أمه: اللهم اجعل ابني مثل هذا، فترك الثدي واقبل إليه، فنظر إليه فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم اقبل على ثديه، فجعل يرتضع -
قال: فكأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه باصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها -
قال: ومروا بجارية وهم يضربونها، ويقولون: زنيت سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فترك الرضاع ونظر إليها فقال: اللهم اجعلني مثلها، فهناك تراجعا الحديث،
فقالت: حلقى، مر رجل حسن الهيئة فقلت: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله! ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون: زنيت سرقت، فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهم اجعلني مثلها!
قال: ان ذاك الرجل كان جبارا، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، وان هذه يقولون لها: زنيت ولم تزن، وسرقت ولم تسرق، فقلت: اللهم اجعلني مثلها.
الشاهد الذى يستشهد به النصرانى هو قول أبى هريرة رضي الله عنه :
" فكأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه باصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها "
هنا يصرخ النصرانى قائلا : هذا دليل صريح واضح أن رضاع الكبير يتم بمص الثدي !!!
طيب تعالى يا نصرانى الى غادة المنصور عشان تعلمك كلمتين ينفعوك بدل ما انت قاعد تهرف بما لا تعرف ....
طبقوا معى يا أهل الخير القاعدة التى تعلمنــاها سابقــاً :
المقصـــود الأصلى من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق هو : بيان أن الطفل المتكلم مازال رضيعا ومع هذا فقد تكلم ونطق بكلام مفهوم وهذه معجزة.
المعنى الثانوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق هو: رضاع الكبير يتم بالتقام الثدي.
طيب السؤال الآن : هل يجوز الأخــذ بالمعنى الثانوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث ؟
الجواب : قطعــا لا .. لأنه ليس مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لم يتعرض أصلا لاثبات هذا المعنى الثانوي ولم يتعرض أصلا لمسألة الرضاع الشرعي ولا رضاع الكبير وانما هو يحكى قصة ومثّل ارتضاع الطفل فيها ليوضح للمستمعين أن الطفل مازال رضيعا ومع هذا تكلم ونطق وهو فى هذه السن ، فلا يجوز أن نصرف المعنى الأصلى المذكور فى السياق الى معنى آخر لم يقصده المتكلم.
لذلك يا أهل الخير ذكر العلماء أن من أنماط السياق ما يسمى بالسياق اللغوي
ومعنى السياق اللغوي هو أن الكلمــة عندما تُستخدم فى سياق معين فان وجودها فى هذا السياق يُكسبها معنى محددا معينا بخلاف ما اذا نظرت فى المعجم ستجد أن للكلمة الواحدة أكثر من معنى وهذا يعود بنـا الى القاعدة الأصل وهي أن السياق من المقيدات
ومما يقيده السياق : معانى الكلمة ، فيجعل للكلمة المتعددة المعانى معنى واحد فقط لا يجوز صرفه بعيدا عن السياق ، فاذا انصرف اختل السياق.
فى النهـــاية طبعا أنا عارفة ان كلامى ممكن يكون صعب شوية على عقول النصارى لأن عقول أكثرهم أدمنت عدم التفكير لذلك أطلب من النصرانى الذى سيقرأ كلامى هذا أن يقرأه مرتين أو ثلاثة عشان يفهم ولأن كثرة التكرار تُعلم الشطار.
ملحوظــة أخيرة : أي مسيحي عنده استفسار فيما يتعلق بموضوع رضاع الكبير وحابب يسألنى عنه فليرسل لى استفساراته سواء على العــام أو الخاص وان شاء الله أجيبه عليها ، وأنا ان شاء الله سأضيف تباعا أي سؤال محل شبهة يقع تحت يدي فى هذا الموضوع حتى تتم الفائـــدة.
شكرا وتحياتى لكم جميعـــا