ومن هنا كانت البداية ....
فقد خوّلت لهم معاهدة تسليم غرناطة التي عقدها الملكان الكاثوليكيان مع الملك المسلم أبي عبد الله الزغبي خولت للمسلمين الاحتفاظ بمعتقداتهم الاسلامية دون ان يحبرهم احد على تغييرها
فقد جاء في المادة الرابعة من المعاهدة: " يسمح صاحبا السمو, و سلالتهما, للملك أبي عبد الله الصغير و شعبه أن يعيشوا دائما ضمن قانونهم (أي بممارسة الشعائر الإسلامية) دون المساس بسكناهم و جوامعهم و مناراتهم......"
و جاء كذلك في المادة الثانية عشر :"لا يسمح بأي نصراني بدخول المساجد, أو أي مكان لعبادة المسلمين, دون إذن من الفقهاء. ومن يخالف ذلك يعاقبه صاحبا السمو"
و جاء في المادة الثانية و الثلاثون:"لا يجوز إرغام مسلم أو مسلمة على اعتناق النصرانية".
لكن لم تلبث هذه الوثيقة والعهد والاتفاقية ان نقضدت لتكشر النصرانية عن انيابها لتبداء رحلة الانلسيين الطويلة مع الاضطهاد والقتل والتعذيب والتهجير كما سنرى تاليا .
فمنذ مارس سنة 1523م أخذت محاكم التفتيش، تناقش موضوع تشبث المورسكيين بالإسلام رغم التعذيب والتهجير والإبعاد وفيما بعد القتل ، فقام المفتش العام دون ألونسو منريكى بعقد اجتماع لمحاكم التفتيش في شهر يناير عام 1524م لدراسة الموضوع الاهم على جدول اعمال المحكمة الا وهو رجوع الذين تنصروا منذ عام 1521م إلى الإسلام . وتأجل الاجتماع عدة مرات ، ثم عقد أولى جلساته في 19/2/1525م ودامت الاجتماعات إلى 22/6/1525م .
بأن المسلمين الذين أجبروا على التنصر هم نصارى وجب عليهم أن يعيشوا حياة النصارى، وعلى "محاكم التفتيش " أن تعاملهم معاملة المرتدين إذا رفضوا ذلك .
وفي نفس الوقت طلب كارلوس الخامس رأي البابا في الأمر. فأصدر البابا كليمنت السابع لعنه الله أمرا بتاريخ 12/5/1524م يتضمن تبرئة الملك من قسمه في المحافظة على حقوق المسلمين ومطالبته بتحويل المسلمين إلى النصرانية بالقوة وبكل الوسائل الممكنة والضرورية ومنحه حق فرض الرق على من رفض ونصحه باستعمال كهنة التفتيش لإرهاب المسلمين وإجبارهم على التنصر. وفي 16/11/1525م أصدر الملك أمرا بتنفيذ مضمون الأمر البابوي وقضى بتنصير المسلمين ونزع السلاح منهم وتحويل جميع المساجد إلى كنائس تحت طائلة إيقاع المعارضين في الرق بعد 8/12/1525 . وفي 10/12/1525 م طلب مفوض ديوان التفتيش من المسلمين الرافضين التنصر الاستعداد لترك بيوتهم والخروج من المملكة في موعد أقصاه 21/1/1526م .
وهكذا كان هُجِّر المسلمون من بيوتهم تاركين خلفهم كل أملاكهم التي صودرت بأمر البابا كليمنت وبتاييد كامل من الملك كارلوس الخامس .
لقد كان لسقوط الممالك الإسلامية في الأندلس، وفقدان غرناطة آخر معاقلهم عام 1492، وما أعقبه من تهجير المسلمين الذين رفضو التنصر وطردهم من اسبانيا حسب الامر الصادر عن محاكم التفتيش في موعد اقصاه بداية عام 1526 وتوجههم ولجوئهم إلى المغرب ، واستمرار اضطهاد الإسبان للمسلمين الذي بقوا في الأندلس (المورسكيين) الذين لم يستكينوا الى هذه الاجرآت وبقوا محافظين على دينهم رغم كل مظاهر الاضطهاد ، وحديثنا يتواصل عنهم وعن كفاحهم بالمحافظة على العبادات كافة من صلاة وصيام وزكاة وان كان سراً كما اسلفنا في بداية موضوعنا .
ولعل جانبا من حياتهم السرية الاسلامية الذي انتقل الينا من خلال كتابات مختلفة
من هنا وهناك لاناس موريسكيون بينوا لنا يوميات حياتهم وكيف عاشوها وعبدوا الله سرا من خلالها .
يذكر الدكتور سري محمد عبد اللطيف الأستاذ بكلية اللغات و الترجمة بجامعة الأزهر : " إن نصوص الأدب الألخميادو تعطي لنا انطباعا في بعض الأحيان أن المورسكيين كانوا أساتذة في الشريعة الإسلامية و مذاهبها نظرا لما تنم عنه من معرفة تامة بعلوم الإسلام المختلفة من فقه و عقيدة و قرأن و أحاديث و معاملات ...إلخ لدرجة تجعلنا نفكر أحيانا أن هؤلاء الناس لم يكونوا فقط على مستوى غيرهم من المسلمين في بلاد أخرى, بل إنني أستطيع أن أقول - غير مبالغ - أنهم كانوا أعلم بمبادئ دينهم و أكثر تمسكا بها من كثير من المسلمين الذين عاشوا في ظروف أفضل كثيرا من التي غاشها الموريسكيون و توفرت لهم حرية القراءة و العلم و الإطلاع على التراث الديني و هو ما يحرّم على المورسكيين بأوامر محاكم التفتيش" .
وهذا مأسوف نعرفه في ا لقسم الثالث من الموضوع وهو عن ممارسة عباداتهم من صلاة وصوم وكيف كانوا يؤدونها تحت هذا القهر
أرجو أن تتابعوا معنا ولا تنسونا من صالح دعائكم .
يتبع المصورات ...
توقيع جادي |
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون
 |
آخر تعديل بواسطة جادي بتاريخ
18.08.2010 الساعة 20:57 . و السبب : تصحيح لغوي