إن ذلك الحاخام لم يطرح كلامه هذا في «صالون» خاص على ضيوف مجلسه، ولكن هذه الدعوة الصريحة لابادة العرب والمسلمين إنما جاءت في سياق فتوى دينية، وهنا بيت القصيد، ثم إن هذه الفتوى نشرت في باب خاص في مجلة أمريكية، تطبع وتوزع هناك، تحت عنوان «اسألوا الحاخام».
فكيف تكون هذه الدعوة للابادة والعنف بعد ذلك كله مجرد «رأي شخصي» ولا يمثل اليهود بعدما أجازته هيئة تحرير المجلة الأمريكية وقام بمراجعة «الفتوى» قسم المجلة الديني المتخصص في نشر الفتاوى لليهود؟!!!! هل يظننا هؤلاء اليهود الذين استنكروا هذه الفتوى حمقى وأغبياء؟
إن ما أغضب بعض يهود أمريكا، من الذين عارضوا هذه الفتوى، هو توقيتها وليس مضمونها حقيقة، لأنها جاءت مصاحبة لكل هذا الضجيج الاعلامي الصاخب حول خطاب «باراك أوباما» للعالمين الإسلامي والعربي.
فهذه الفتوى من ناحية، تبطل استشهاد الرئيس الأمريكي بالتلمود لأن هذا الحاخام، الذي هو أعرف منه بالتلمود، قد رد كلام «أوباما» وصحح عليه بطريق غير مباشر، وإلا فمن نصدق في شأن أسفار اليهود، علماني نصراني أم رجل دين يهودي يفتي لأتباعه ويعلمهم «شريعة المجازر» و «طقوس الإبادة»؟
وهذه الفتوى من ناحية أخرى تذكر «أوباما» بمن أشار اليهم مراراً وتكراراً في خطابه بـ «المتطرفين»، ولكنه ما ذكر التطرف وأهله – كما يفهمه هو – إلا وجاء ذلك في سياق حديثه عن المسلمين ولهم، وكأنه لا يوجد تطرف يهودي ونصراني بمستويات أكبر عنده وفي بلده بمنتهى ومختلف أشكال التطرف والغلو.
فقد قال الرئيس الأمريكي بالأمس:
ولاينبغي على أحد منا أن يتسامح مع أولئك المتطرفين. لقد مارسوا القتل في كثير من البلدان.
ثم أضاف في موضع آخر من خطابه الذي افتتن به جمهور من المسلمين:
وأخيرا مثلما لا يمكن لأمريكا أن تتسامح مع عنف المتطرفين فلا يجب علينا أن نقوم بتغيير مبادئنا أبدا.
وأوضح في الفقرة التالية بالقول:
نحن في أمريكا سوف ندافع عن أنفسنا محترمين في ذلك سيادة الدول وحكم القانون. وسوف نقوم بذلك في إطار الشراكة بيننا وبين المجتمعات الإسلامية التي يحدق بها الخطر أيضا لأننا سنحقق مستوى أعلى من الأمن في وقت أقرب إذا نجحنا بصفة سريعة في عزل المتطرفين مع عدم التسامح لهم داخل المجتمعات الإسلامية.
وعاد ليكرر نفس الكلام في صياغة أخرى ليقترب أكثر من جوهر خطابه ومقاصده منه:
إن معالجة الأمور التي وصفتها لن تكون سهلة ولكننا نتحمل معا مسؤولية ضم صفوفنا والعمل معا نيابة عن العالم الذي نسعى من أجله وهو عالم لا يهدد فيه المتطرفون شعوبنا
وهكذا دعانا «الدجال الصغير» إلى عزل من وصفهم بالمتطرفين داعياً ثلاث مرات إلى عدم التسامح معهم، وهو بالطبع لا يقصد التطرف بشكل عام والذي يصيب كل المجتمعات ويقع فيه نفر من كل ديانة أو مذهب وطائفة إنما يريد تحديداً خلع هذا الوصف على كل مقاوم للمشروع الأمريكي للهيمنة في المنطقة سواء جاهدهم باللسان أو السنان، لا فرق عند أوباما.
لكني سوف أطبق المثل الأمريكي الذي يقول: «من المربح أحيانا أن تلعب دور الغبي»، ولذلك سوف أتصنع الغباء وأفترض أن «باراك أوباما» كان يدعونا ونفسه وقومه لعدم التسامح مع المتطرفين في كل مكان وإن انتسبوا لأي دين.
السؤال البرئ الذي يطرح نفسه الآن وبالحاح على سطح مكتب «داليا مجاهد»، مستشارة الرئيس الأمريكي: يا أيتها الجارية المحجبة، أين خطاب ادانة رئيسك وولي نعمتك من ادانة فتوى هذا الحاخام الذي يحمل الجنسية الأمريكية؟
هل هذا الحاخام متطرف أم لا؟ اذا قلتم ليس بمتطرف فماذا يكون؟
وإذا أجبتم بـ «نعم، هو متطرف»، فلماذا تتسامحون مع غلاة اليهود والنصارى لديكم باسم «حرية التعبير» بينما في الوقت ذاته تطالبوننا بما لا تفعلون في دياركم؟!!
وأقول: إن سكوت الرئيس الأمريكي وادارته كلها عن تصريحات هذا الحاخام، وامتناع «أوباما» عن اتخاذ اجراءات رادعة ضد هذا الصهيوني، ليشكل هزيمة معنوية قاسية لخطاب «باراك أوباما» في أقل من 24 ساعة من قراءته له. الله أكبر!
وهكذافشل أوباما في أول اختبار حقيقي لمواجهة غابات التطرف الشاسعة التي تسد الأفق الغربي من وراء الفناء الخلفي لبيته الأبيض.
ولعلي أهديه مجمساً لـ «القرود الثلاثة» حتى يضعه في مكتبه البيضاوي، وتحت كل قرد منها هذه العبارات: «لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم!» ولك أن تتخيل من هو «سيادة» القرد الرابع.
كيف لهذا الفاشل ،الذي يخشى أسياده من اليهود والصهاينة، أن يعلمنا وهو الكافر ما هو التطرف، وقد بين لنا القرآن الكريم وهدي السنة النبوية المطهرة ما هو الغلو في الدين وكيفيه علاجه؟ ثم كيف لهذا المنافق أن يدعونا لما لا يقدر على تطبيقه وهو على رأس هرم السلطة في بلاده؟!
جمع «أوباما» بين الفشل الذريع والعجز الفاضح فاذا هو ليس «سيادة الرئيس» ولكن فخامة «عبد العبيد لليهود»، واللفظ «عبد العبيد» ليس فيه تعيير له بسبب لون بشرته ولكنه مقتبس من توراة اليهود المحرفة ومن تلمودهم الذي احالنا اليه ذلك الجاهل الجهول المجهال.
وهكذا سقطت دعاوى أوباما بفتوى تلمودية واحدة من أمريكا، وهو الذي استشهد لنا من تلك الكتب لينكشف جهله الفاضح بما فيها، فيصدق فيه وفي قومه قول الحق تبارك وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) سورة الجمعة.
الحمدلله الذي فضح أوباما لينكشف للمسلمين بعض كذبه ، وقد صدقكم الحاخام لأن أسفاره تدعوه صراحة إلى ابادة كل من هو غير يهودي بأطفالهم وشيوخهم وحرق مدنهم واستئصالهم أو استعبادهم.
لم يستنكر أوباما هذه الفتوى ولا أشباهها من فتاوى يهودية كثيرة جداً، تطل برؤوس شياطينها مع كل عدوان وحرب صهيونية على لبنان وفلسطين، وفي غزة مؤخراَ، والتي كان من المفترض والمنطقي أن يقرأ أوباما خطابه ذلك منها، كما قال الكاتب البريطاني المنصف «روبرت فسك» وليس من القاهرة.
أوباما توارى عن الأنظار واختفى بعيداً أثناء العدوان الأخير على غزة متعامياً بالأمس عن فتاوى يهودية أمريكية ومقالات ومحاضرات لقساوسة أمريكان رددوا فيها من قبل نفس كلام حاخام ولاية ميناسوتا الليلة (طالع أرشيف المدونة لشهر ديسمبر 2008م ويناير 2009).
لم يتكلم أوباما ضد كل تلك الدعاية الأمريكية الدينية المحرضة بشكل سافر على ابادة العرب والمسلمين، ولم يتكلم اليوم ولن يتكلم غداً، وأقول مرة أخرى: لن يتكلم غداً، ولن تكتب له «داليا مجاهد» كلمة ادانة واحدة غداً، وإن كتبت فهو لن يقرأ، لأنه «عبد العبيد» ليهود أمريكا، بل هو عندي أحقر شخص أسود في تاريخ «الأفارقة الأمريكان»، لأنه بقدر ما يتحلى «باراك أوباما» بمكانة وقدرة ومسؤولية بقدر ما يحاسبه التاريخ والمسلمون وشعبه على كلامه.
والأيام بيننا وسنرى: هل ستكون ثمة ردة فعل وليس مجرد استنكار بالقول من أوباما تجاه المتطرفين من مواطني بلده من اليهود والنصارى؟ وتجاه هذه الدعوة الحاخامية وأشباهها لابادة العرب والمسلمين؟
لا أتوقع ذلك ولا أنتظره من أمثاله، والله من ورائهم محيط.
فرصة للمناظرة
أما الحاخام الأمريكي فقد بعثت إليه مساء هذا اليوم برسالة أرجو أن يرد عليها سريعاً دعوته فيها إلى المناظرة المفتوحة في ولاية «ميناسوتا» الأمريكية التي شهدت مناظرة شاركت فيها في مواجهة ما لا يقل عن سبعة من قساوسة النصارى بمحفل ضم حوالي 63 قسيساً ورجل دين بشهر أكتوبر سنة 1999م، وقد أشارت إلى ذلك «وكالة أنباء الأسشيوتد برس» الأمريكية واستضافتني قناة الولاية التلفازية في حديث عابر لها عن ذلك الحوار الساخن.
ورداً على كلام الحاخام في قوله: «دمروا مقدساتهم (يقصد مساجدنا ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمسجد الأقصى).. فعند تدمير مقدساتهم سوف يتوقفون عن الاعتقاد بأن الرب إلى جانبهم»، أقول له: أما حرم الله فهو لم يزل آمنا قبل وبعد الإسلام وكذا حال مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم، لكنك إذا أردت أن تجعل من تعرض بيوت العبادة لدينا لآلة الدمار الاسرائيلية في غزة وغيرها حجة وحاجة لك تطعن بها الإسلام، فإني سائلك عن هيكل اليهود من أتباعك…
أفتنا أيها الحاخام: كم من مرة دمره الله بسبب فجوركم وكفركم؟ وأين هو «قدس الأقداس» من ذلك الهيكل الذي تنبأ ضده المسيح عليه السلام في أناجيل النصارى قائلاً بأنه لن يبقى له حجر على حجر إلا وينقض بسبب قتلكم أنبياء الله؟
وأين هو التابوت؟ وأين لوحي الشريعة والشهادة؟ بل أين هي التوراة الأصلية؟ هل بقى لديكم مقدس واحد؟!!!
هل الرب إلى جانبكم بعد تخريب الأمم لهيكلكم البغيض؟ بما أنه قد ذهب الهيكل واختفى حتى لم يظهر له أثر كأنه لم يكن، فإن النتيجة الطبيعية بحسب اعتقادك هذا أيها الحاخام تقول بوضوح أن اليهودية ديانة باطلة وأنكم على الباطل وأن الرب ليس معكم! وأنت من حكمت على دينك وأتباعك!
أوليس هذا هو منطقك الفاسد الذي تقيس به أمور الدين؟ كما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل به للمسلمين يكال لك به أيها الحاخام المجرم!
واستمع أيها الحاقد لوعيد الله من قبل للمشركين ومن شايعهم من أخوتك من يهود المدينة: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (114) سورة البقرة
أخزاك الله أيها الحاخام الذي أخزى بك أوباما معك، وكل من صفق له من المنتسبين للإسلام ولم يتب أو يستغفر!