اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 04.06.2009, 14:15
صور هِداية الرمزية

هِداية

عضوة مميزة

______________

هِداية غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 29.05.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 438  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
23.03.2014 (22:22)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي رد: عقيدة أهل السنة والجماعة في نعيم القبر وعذابه


عذاب القبر ونعيمه على النفس والبدن جميعا




أخي الحبيب:



فإذا تبين لك هذا, فاعلم أن عقيدة أهل السنة والجماعة على أن عذاب القبر ونعيمه على النفس والبدن جميعا.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية – لما سئل عن هذه المسألة: الحمد لله رب العالمين: بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة, تنعم النفس، وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها, فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين, كما يكون للروح منفردة عن البدن. ثم قال رحمه الله "فليعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها: أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب, وأن ذلك يحصل لروحه ولبدنه, وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة, وأنها تتصل بالبدن أحيانا, فيحصل له معها النعيم والعذاب, ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى أجسادها, وقاموا من قبورهم لرب العالمين.


واستدل – رحمه الله تعالى – بحديث البراء بن عازب قال: ففي هذا الحديث أنواع من العلم, منها: أن الروح تبقى بعد مفارقة البدن خلافا لضلال المتكلمين, وأنها تصعد وتنزل خلافا لضلال الفلاسفة, وأنها تعاد إلى البدن, وأن الميت يسأل فينعم أو يعذب كما سأل عنه أهل السؤال, وفيه أن عمله الصالح أو السيئ يأتيه في صورة حسنة أو قبيحة.


واستدل بما في "صحيح البخاري" عن قتادة, عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبد إذا وضع في قبره, وتولى وذهب أصحابه - حتى إنه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان فأقعداه, فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة" قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فيراهما جميعا. وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري, كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت, ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه, فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين"


قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا, ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.


وروى الترمذي وأبو حاتم في "صحيحه" – وأكثر اللفظ له – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قبر أحدكم الإنسان, أتاه ملكان أسودان أزرقان, يقال لهما منكر والآخر نكير. فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فهوقائل ما كان يقول, فإن كان مؤمنا قال: هو عبد الله ورسوله, أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فيقولان: إنا كنا لنعلم أنك تقول ذلك. ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه, ويقال له: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان له: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه, حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك"


قال رحمه الله: وهذا الحديث فيه اختلاف أضلاعه وغير ذلك, مما يبين أن البدن نفسه يعذب.


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح وريحان ورب غير غضبان، فيخرج كأطيب ريح المسك، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا, حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض! فيأتون به أرواح المؤمنين, فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه, فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟


فيقولون: دعوه, فإنه كان في غم الدنيا, فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية.


وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله، فيخرج كأنتن ريح جيفة, حتى يأتوا بها باب الأرض فيقولون: ما أنتن هذه الريح؟ حتى يأتوا بها أرواح الكفار"


ورواه مسلم مختصرا عن أبي هريرة رضي الله عنه, وقال عند ذكر الكافر ونتن رائحة روحه: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا.


و"الريطة": ثوب رقيق لين مثل الملاءة.


قال شيخ الإسلام رحمه الله: ففي هذه الأحاديث ونحوها اجتماع الروح والبدن في نعيم القبر وعذابه, وأما انفراد الروح وحدها, فقد تقدم بعض ذلك.


وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي قال: "إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله عز وجل إلى جسده يوم القيامة"


وقوله: "يعلق" -: بالضم أي يأكل. وقد نقل هذا في غير هذا الحديث.


قال رحمه الله: فقد أخبرت هذه النصوص أن الروح تنعم مع البدن الذي في القبر – إذا شاء الله –، وإنما تنعم في الجنة وحدها، وكلاهما حق.


وقد روي ابن أبي الدنيا في كتاب "ذكر الموت" عن مالك بن أنس قال: بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت.


قال شيخ الإسلام: وهذا يوافق ما روي: أن الأرواح قد تكون على أفنية القبور, كما قال مجاهد: إن الأرواح تدوم على القبور سبعة أيام من يوم يدفن الميت لا تفارق ذلك، وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة, كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه, إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام".


وفي "سنن أبي داود" وغيره عن أوس بن أوس الثقفي, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن خير أيامكم يوم الجمعة, فأكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة, فإن صلاتكم معروضة علي" قالوا:


يا رسول الله, كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ فقال: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء".


قال رحمه الله: وهذا الباب فيه من الأحاديث والآثار ما يضيق هذا الوقت عن استقصائه, مما يبين أن الأبدان التي في القبور تنعم وتعذب – إذا شاء الله ذلك كما يشاء–, وأن الأرواح باقية بعد مفارقة البدن ومنعمة أو معذبة، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام على الموتى, كما ثبت في "الصحيح" و"السنن" أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين. نسأل الله لنا ولكم العافية. اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم, واغفر لنا ولهم".


قال شيخ الإسلام: وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم, ورأوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة, ولكن لا يجب ذلك أن يكون دائما على البدن في كل وقت، بل يجوز أن يكون في حال.


وفي "صحيح مسلم" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا, ثم أتاهم، فقام عليهم فقال: "يا أبا جهل بن هشام, يا أمية بن خلف, يا عتبة بن ربيعة, ياشيبة, أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا" فسمع عمر رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله, كيف يسمعون وقد جيفوا؟ فقال: "والذي نفسي بيده, ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا "ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر" ا هـ. مختصرا.


شبهة ورد:


ظن بعض الأوائل أنه إذا حرق جسده بالنار, وصار رمادا, وذري بعضه في البحر, وبعضه في البر في يوم شديد الريح أنه ينجو من ذلك.


فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا فيمن كان سلفَ قبلكم آتاه الله مالا وولدا -يعني أعطاه-.


قال: "فلما حضر قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب. قال: فإنه لم يبتئر (لم يدخر) عند الله خيرا, وإن يقدم على الله يعذبه, فانظروا, فإذا مت فأحرقوني, حتى إذا صرت فحما فاسحقوني – أوقال: فاسهكوني – ثم إذا كان ريح عاصف فاذروني فيها, فأخذ مواثيقهم على ذلك وربى, ففعلوا. فقال الله: كن. فإذا رجل قائم, ثم قال: أي عبدي, ما حملك على ما فعلت؟ قال: مخافتك – أوفرق منك – فما تلافاه أن رحمه الله"


فلم يفت عذاب البرزخ ونعيمه هذه الأجزاء التي صارت في هذه الحال, حتى لوعلق على رؤوس الأشجار في مهاب الريح, لأصاب جسده من عذاب البرزخ حظه، فيجعل الله النار على هذا بردا وسلاما, والهواء على ذلك نارا وسموما, فعناصر العالم وموادها منقادة لربها وفاطرها وخالقها, يصرفها كيف يشاء, ولا يستعصي عليه منها شيء أراده, بل هي طوع مشيئته, مذللة منقادة لقدرته، ومن أنكر هذا فقد جحد رب العالمين, وكفر به, وأنكر ربوبيته.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


الشيخ محمد حسين يعقوب





رد باقتباس