فلا تهوني من شأنك ....
عندما علموا أن لا سبيل الى أبواب القلعة بغير المرور بين يديكِ ,
انشغلوا بك حتى انشغلت بهم عن المرابطة ....
واستدرجوك بالآلئ و نوافس الأحجار .
ولما علموا حب الجمال و الزهو به في طبعك ,
أفاضوا في الاحتفاء بجمال القد و الخد و اتساق القوام ,
وانسقت انت معهم ,
فشغلت بجمال يدنو فيزيف و يظهر
عن جوهر يعلو فيدق و يخفى ,
وتفننوا في فتنتك حتى فتنوا بك ,
وأنت ورائهم في كل واد تهيمين , حتى اذا دخلوا جحر شيطان لئيم فثم أنتِ ,
فأين أنتِ ؟؟
أنسيتِ نوبة الحراسة و بعدت بك عن باب قلعتك السبل و الدروب ,
فلما آنست من الدرب وحشة , و تنبهت الى النفس بعد غفلة ,
وساورك الى العود الحنين ,
فقدت معالم الطريق ,,,
و استوحشت الدار بعد ألفة ,
فأنى تعرفين الدار و قد عاثت في كل زواياها يد الفتنة و البغي ....
أنى تعرفين؟؟؟
فلله الأمر وعليه التكلان ....
أما الصغار فضائعين , و أما من عقدت عليهم الآمال فضالين مضللين ,
تافهين مهمشين في دروب التلقيد سادرين ,
يتقلبون بين رغبات سادية زائفة و طمع في الظلمات يتردى ,
وأفكار تتهافت لا تغني القلوب ولا تسمنها من جوع ,
ليس في قلوبهم من اليقين نور , ولا لعقولهم من الهدي نصيب ,
ولا لسعيهم في الغايات غاية , و لا لهمهم في العزائم راية ,
وليس في جيوب خطوهم بوصلة الصراط ,
اجتثت شجرتهم من فوق الأرض ... فما لها من قرار ...
فلمن تعودين يوم تعودي ؟؟؟؟
وقد ضيعت الأمانة .... و فقدت في السعي حروف البدء ومواثيق العهد
وانكسرت بانكسارك سارية الراية ؟؟؟
وكيف سترأبين الصدع و قد عاثت في قلعتك أيدي الفساد ,,,
فلو أحكمت فرض الحراسة من البدء
ما تسللت في غفلة منك الى الأمة المنكوبة اسراب النمل الأبيض تنخر قواعدهم
وما غشيتهم الغفلة و ظهر فيهم على الدهر الفساد ....
أفلا يكفيك الوصف عن المعاينة ؟؟؟
تيقظــــــــــــــي ....
فلا زال بين يديك الخير ,
وفي حدقتي عينيك الوادعتين بحلم العزة يتمكن في قلب الناس النص ,
فأقيمي على بوابة اليقظة ....
والزمي الصبر مع المرابطة ,,,
فإن أصابك الهم و الوسن .... فتذكري ....
واستعيني بالصبر و الصلاة في خشوع القلوب القانتة ....
فاذا لاح لقلبك ذكر دار القرار ,,,
هانت على الزمان المصاعب والغايات الكبار...
يا أقدام الصبر ... احملي بقي القليل ...
فأين بنيت بيتك ِ ؟؟؟
نقار الخشب ,,,
ينحت في أصل الشجرة بيته ,,,,
والعصافير المتعجلة ,,,
تتخذ بيوتاً من القش على أطراف الفروع ,,,,
فثم إذا حان الخريف ,,,,
وتعرّت الأغصان والفروع ,,,
انكشف لكلٍ منها ما أعدّ لنفسه ,,,
فيا حارسة القلعة ,,,
أين بنيت بيتكِ ,,,
أفي أصل شجرة الإيمان ساكناً مطمئناً لا تزعزعه عن يقينه الأعاصير ,,,,
أم اتخذت من قش الأوهام بيتاً لا يؤويك في مهب الريح !!!!!
" يا حاملة الكنز ...!
هل أهدرتِ كنزكِ ... ! ? "
عندما كنت صغيرة , كنت أخبئ عن عيون المتطلفين صندوق كنزي , ,
وفي نهارات الشتاء المشمسة ,,,, كنت أتسلل بصندوقي الصغير الى سطح المنزل ,,
وتحت كرمة دارنا العتيقة ,, كنت أتربع الأرض وحدي ,
لأفتح .... صندوق كنزي ,
وأمرر أناملي الصغيرة بحبور على المخمل الوردي الذي يبطن أطرافه وحواشيه ,
واستعرض بكل فرحة الدنيا مقتنياتي الأثيرة ,
والتي بدت لي لدهر بعيد لا تقدر في الأرض بثمن!!
كريستالة شفافة أرفعها في عيون الشمس لتتوهج فيها ألوان ضوءها السبعة
فأتملاها ملياً باعجاب حقيقي ,
ثم أعيدها برفق الى مكانها .
وأحجار ملساء ملونة جمعتها من رحلات التنقيب الطويلة المتأنية
على شواطئ البحر الساحر والمختال بصخبه الأبدي ,
وأصداف ناعمة و محززة متدرجة الألوان بابداع متقن ,
تهمس في مسمعي بهديرها البعيد .....
كأنما استودعتها الامواج صوتها صدىً سرمدياً ....
وعقد أمي القديم ,
وقد فرطتُ لؤلؤاته البيضاء الجميلة لتنثر في صندوقي بفوضى محببة ....
ثم أساور و سلاسل ذهبية مرصعة بفصوص زرقاء سماوية و وردية ,
تتلألأ في ضوء النهار لتداعب ألق الدهشة في عيوني المبتهجة .....
و أشياء أخرى لا أذكر تفاصيلها بدقة بعدما تباعد الدهر بيني و بينها ,,,
و أنا أعرف ....أن مقتنياتي الأثيرة لم تكن لتساوي شيئا لغيري ,
لكنـــــــــي ,,,
أحببتها و اعتنيت بها كما لم أفعل بشيء آخر,
و في لحظات صفو عابرة نادرة , كنت أمنح بعض الصواحب حق الاطلاع عليها ,
فكنت أمتلأ حبورا و سعادة و أنا أبحر في أحداقهن المنبهرة بمفردات كنزي ....
و أنت تعرفين أن كنزي لم يكن يساوي في الحقيقة كثير شيء ,
لكنـــــه ..... منحني من السعادة ما لم تمنحني إياها كل ما اقتنيت من حلي و نفائس حقيقية بعد ذلك ....
...... لم تعد الأشياء..... كل الاشياء ..... قادرة على منحنا براءة السعادة العفوية الصافية
التي كانت تمنحنا إياها الأصداف و الاحجار الملونة و الكريستالات المفقودة من ثريات الدار ....
"فقد حلَّ في القلب أمر .... غيّر وقع الأشياء فيه .... غيّر... في عيونه الحياه ...."
وقد دفعني ذلك لطويل تأمل ,,,
إن قيمة الأشياء الحقيقية ليست في ذواتها المادية ...
لكن .... فيما يتركه جمالها في قلوبنا من سعادة
وما تمنحه لنا بتألقها من بهجة و حبور ,,,
إن القيمة الحقيقية لما نملك ولما نَعْبُر عنه في حياتنا
لهو ذلك الأثر الذي نجده منها في أرواحنا
وفي توتر نبضات قلوبنا بتسارع محبب وخفيّ ... إحتفاءا بها ....
ومن هنا فقد عدت لأبحث عن كنزي الحقيقي ...
الكنز الذي يترك في النفس نوره وفي القلب بهجته وفي الروح صفوه
ويتسع بها ... لتغدو أرحب من رقعة الأرض وأوسع من فسحة السماء ....
ويفيض عليها من فيوض جماله وسناه .
فلعلي قد أوشكت أن أهتدي إليه ....
فاسمعيني قليلاً ...
لأحكي لك .... عن الكنز الحقيقي ....
وعن مفردات جواهره ولآلئه و ماساته الأثيرة .....
تابعيني ,,
يا حارسة القلاع المكينة .... !!