اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :7  (رابط المشاركة)
قديم 24.07.2010, 23:05

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

حديث الشفاعة ...
قال الرفاعي في مقال له بعنوان ( حقيقة الشفاعة وعدم الخروج من النار) ..
جاء في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما ...

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ قَالَ
اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ فَقَالَ هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهْ فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

هذا لفظ البخاري ... ولننظر الآن إلى الاعتراضات .. التي أوردها عدنان الرفاعي..

لقد تمَّ تشويهُ مسألةِ الشفاعةِ ( من قِبَلِ الكثيرين الذين يحسبونَ أنفسَهم أوصياءَ على منهجِ اللهِ تعالى ) بتصويرِها وساطة كوساطةِ البشر ، دون معيارِ حقٍّ أو عدل .. فالكثيرون من أصحابِ المعاصي ومن المقصّرين في عبادتِهِم للهِ تعالى ، ومن ناشري الفساد ، يتَّكلونَ على هذه الشفاعةِ بحجّةِ أنّهم مُسلمون ..
ويقول أيضا:-

وهناك بعضُ الرواياتِ ( في كتبِ الصحاح ) التي تناقِضُ دلالاتِ القرآنِ الكريم مناقضةً صريحةً ، تُعطيهم حيثيّاتِ هذا التواكل .. لذلك علينا أنْ ندرسَ مسألةَ الشفاعةِ من كتابِ اللهِ تعالى لنرى حقيقتَها وحدودَها ..

ويقول:-

ما نُسِبَ إلى رسولِ الله ، من أنّ شفاعتَهُ لأهلِ الكبائر من أمّتِهِ - كما رأينا - يرُدُّهُ القرآنُ الكريم .. فقيامُ بعضِ المسلمين بالكبائر يُوجِبُ عليهم عقوبةً أكبرَ من العقوبةِ المترتّبةِ على غيرِهِم في حالِ قيامِ غيرِهِم بهذه الكبائر ذاتِها .. فالذي يعصي اللهَ تعالى عن عِلْمٍ بحقيقةِ هذه المعصيةِ وبحقيقةِ عقوبتِها ، عقوبتُهُ أكبرُ ممّن يعصيه عن غيرِ عِلْم ..

ويقول:-

وهكذا نرى أنّ ارتكابَ المسلمين للكبائر في حياتِهم الدنيا ، يُرتِّبُ عليهم عقوبةً - فيما لو لم يتوبوا توبةً مقبولة - أكبرَ من غيرِهِم الذي يقوم باقترافِ الكبائر ذاتِها ، لأنّهم أكثرُ عِلماً بالحقيقةِ .. وهذا يُناقِضُ تماماً صياغةَ الحديث .. فإذا كانت هناك شفاعةٌ لهذه الكبائر ، فغيرُ المسلمين أقربُ إليها ، لأنّهم لا يعلمون الحقيقةَ كما يعلمُها المسلمون ..

ويقول:-

حينما تكونُ الشفاعةُ مخصوصةً لنوعٍ من البشرِ دون الآخرين ، أو لدينٍ محدَّدٍ دون غيرِهِ من الدياناتِ السماويّةِ ، أو لمذهبٍ محدَّدٍ .. فإنّها في النهايةِ ظُلمٌ لهؤلاءِ الآخرين ، لأنّها - حين ذلك - دونَ معيارِ حقٍّ يرتبطُ بالإيمانِ والعملِ .. وإنْ كانتْ وِفقَ معيارِ إيمانٍ وعَمَلٍ يشملُ جميعَ البشرِ ( وهي كذلك ) ، فلا بُدَّ أن يكونَ هذا المعيارُ من جملةِ المعايير التي يُحاسبُ عليها البشرُ في الآخرة ، قبلَ دُخولِهم إلى النارِ أو إلى الجنّةِ .. وحين ذلك فإنّ مفهومَ الشفاعةِ بالحيثيّةِ التي ترويها الأحاديثُ - كما رأينا - لا معنى لها ..

ويقول:-

هذا الحديثُ بهذهِ الصياغةِ يتناقضُ ما بين بدايتِهِ ونهايتهِ ، ففي بدايتهِ يذهبُ الناسُ يومَ القيامةِ إلى آدمَ وبعضِ الرسلِ عليهم السلام ، وهذا يكونُ قبلَ الدخولِ إلى الجنّةِ وإلى النارِ .. وفي داخلِ الحديثِ لا يذكرُ الرسولُ إلاّ أُمّتَهُ ، مع العلمِ أنّ الذين أتوا إليه ليشفعَ لهم هم الناسُ على مختلفِ أديانِهِم .. ويُخرِجُ الرسولُ المشفوعَ لهم من النارِ ، مع العلمِ أنّه لم يتمّ الدخولُ - حتى تلك اللحظةِ - إلى النار ..

وبعد ان ذكرنا مجمل أقوال الرفاعي ... فإن الرجل يتخبط تخبطاً عظيما ... فهو قد فهم نصوص القرآن كما شاء .. وفسرها بما يُلائم هواه .. وإلا فإن الشفاعة لا تستلزم ما ذكره .. فهي أولا لا تدعو إلى التواكل لان للشفاعة شروطا محددة .. كما أن الأحاديث لم تعارض نصوص القرآن بل توافقت معها ... خاصة بعد أن نفهم معنى الشفاعة ومن يستحقها كما سيأتي .. وهي لعموم المؤمنين وليس خاصة بمؤمني أمة عن غيرها ... أما الكفار فلا شفاعة لهم ...
وأنقل هنا توضيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لمفهوم الشفاعة وأقسامها وكل ما يتعلق بها ...

سئل فضيلة الشيخ : عن الشفاعة ؟ وأقسامها ؟ .
فأجاب : الشفاعة : مأخوذة من الشفع ، وهو ضد الوتر ، وهو جعل
الوتر شفعا ، مثل أن تجعل الواحد اثنين ، والثلاثة أربعة ، وهكذا هذا من حيث اللغة .
أما في الاصطلاح : فهي " التوسط للغير بجلب منفعة ، أو دفع مضرة " ؛ يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه ، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له ، أو يدفع عنه مضرة .
والشفاعة نوعان :
النوع الأول : شفاعة ثابتة صحيحة ، وهي التي أثبتها الله - تعالى - في كتابه ، أو أثبتها رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ولا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص ؛ لأن « أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله ، من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال : " من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه » .
وهذه الشفاعة لها شروط ثلاثة :
الشرط الأول : رضا الله عن الشافع .
الشرط الثاني : رضا الله عن المشفوع له .
الشرط الثالث : إذن الله- تعالى - للشافع أن يشفع . وهذه الشروط مجملة في قوله تعالى- : { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } ، ومفصلة في قوله : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } ، وقوله : { يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } .
وقوله : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } ، فلا بد من هذه الشروط الثلاثة حتى تتحقق الشفاعة .
ثم إن الشفاعة الثابتة ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - أنها تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الشفاعة العامة ، ومعنى العموم : أن الله - سبحانه وتعالى - يأذن لمن شاء من عباده الصالحين أن يشفعوا لمن أذن الله لهم بالشفاعة فيهم ، وهذه الشفاعة ثابتة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولغيره من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وهي أن يشفع في أهل النار من عصاة المؤمنين أن يخرجوا من النار .
القسم الثاني : الشفاعة الخاصة : التي تختص بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وأعظمها الشفاعة العظمى التي تكون يوم القيامة ، حين يلحق الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ، فيطلبون من يشفع لهم إلى الله - عز وجل - أن يريحهم من هذا الموقف العظيم ، فيذهبون إلى آدم ، ثم نوح ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى وكلهم لا يشفع حتى تنتهي إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقوم ويشفع عند الله - عز وجل- أن يخلص عباده من هذا الموقف العظيم ، فيجيب الله - تعالى - دعاءه ، ويقبل شفاعته ، وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله - تعالى - به في قوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } .
ومن الشفاعة الخاصة بالرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ، فإن أهل الجنة إذا عبروا الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فتمحص قلوب بعضهم من بعض حتى يهذبوا وينقوا ، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة ، فتفتح أبواب الجنة بشفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
النوع الثاني : الشفاعة الباطلة التي لا تنفع أصحابها ، وهي ما يدعيه المشركون من شفاعة آلهتهم لهم عند الله - عز وجل - ، فإن هذه الشفاعة لا تنفعهم ، كما قال الله - تعالى - : { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } ، وذلك ؛ لأن الله - تعالى - لا يرضى لهؤلاء المشركين شركهم ، ولا يمكن أن يأذن بالشفاعة لهم ؛ لأنه لا شفاعة إلا لمن ارتضاه الله - عز وجل - ، والله لا يرضى لعباده الكفر ، ولا يحب الفساد ، فتعلق المشركين بآلهتهم يعبدونها ، ويقولون : { هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } . تعلق باطل غير نافع ، بل هذا لا يزيدهم من الله - تعالى- إلا بعدا ، على أن المشركين يرجون شفاعة أصنامهم بوسيلة باطلة ، وهي عبادة هذه الأصنام ، وهذا من سفههم أن يحاولوا التقرب إلى الله - تعالى - بما لا يزيدهم منه إلا بعدا .

وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى أيضا في شرح لمعة الإعتقاد:-

(الشفاعة)
الشفاعة لغة: جعل الوتر شفعا.
واصطلاحا: التوسط للغير بجلب منفعة، أو دفع مضرة.
والشفاعة يوم القيامة نوعان : خاصة بالنبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعامة له ولغيره.
فالخاصة به، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شفاعته العظمى في أهل الموقف عند الله ليقضي بينهم حين يلحقهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيذهبون إلى آدم، فنوح فإبراهيم، فموسى، فعيسى، وكلهم يعتذرون فيأتون إلى النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيشفع فيهم إلى الله فيأتي سبحانه وتعالى للقضاء بين عباده.
وقد ذكرت هذه الصفة في حديث الصور المشهور لكن سنده ضعيف متكلم فيه وحذفت من الأحاديث الصحيحة فاقتصر منها على ذكر الشفاعة في أهل الكبائر.
قال ابن كثير وشارح الطحاوية: وكان مقصود السلف من الاقتصار على الشفاعة في أهل الكبائر هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة.
وهذه الشفاعة لا ينكرها المعتزلة والخوارج ويشترط فيها إذن الله لقوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } .
النوع الثاني العامة: وهي الشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أهل الكبائر أن يخرجوا منها بعدما احترقوا وصاروا فحما وحميما. لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس، أو كما قال تصيبهم النار بذنوبهم، أو قال: بخطاياهم فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أَذِنَ في الشفاعة » . الحديث رواه أحمد .
قال ابن كثير في النهاية ص204 ج2: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.
وهذه الشفاعة تكون للنبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغيره من الأنبياء، والملائكة والمؤمنين لحديث أبي سعيد عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه: « فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما » . متفق عليه.
وهذه الشفاعة ينكرها المعتزلة والخوارج بناء على مذهبهم أن فاعل الكبيرة مخلد في النار فلا تنفعه الشفاعة.
ونرد عليهم بما يأتي:
1 - أن ذلك مخالف للمتواتر من الأحاديث عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 - أنه مخالف لإجماع السلف.
ويشترط لهذه الشفاعة شرطان:
الأول: إذن الله في الشفاعة لقوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } .
الثاني: رضا الله عن الشافع والمشفوع له لقوله تعالى: { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } . فأما الكافر فلا شفاعة له لقوله تعالى: { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } أي لو فرض أن أحدا شفع لهم لم تنفعهم الشفاعة.
وأما شفاعة النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لعمه أبي طالب حتى كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وإنه لأهون أهل النار عذابا، قال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار » . رواه مسلم . فهذا خاص بالنبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعمه أبي طالب، فقط، وذلك والله أعلم لما قام به من نصرة النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والدفاع عنه، وعما جاء به.أ.هـ

فائدة : يتمسك الصوفية بحديث الشفاعة .. لتبرير استغاثتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم .. وللرد عليهم ننقل كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب ( كشف الشبهات) :-

" فإن قال " أي المشرك الذي يدعو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن الله أعطى محمدا - صلى الله عليه وآله وسلم - الشفاعة فأنا أطلبها منه .
فالجواب: من ثلاثة أوجه: الأول : أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك أن تشرك به في دعائه فقال: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } .
الثاني : أن الله سبحانه وتعالى أعطاه الشفاعة ، ولكنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يشفع إلا بإذن الله، ولا يشفع إلا لمن ارتضاه الله، ومن كان مشركا فإن الله لا يرتضيه ، فلا يأذن أن يشفع له كما قال تعالى: { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } .
الثالث : أن الله تعالى أعطى الشفاعة غير محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فالملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون، فقل له: هل تطلب الشفاعة من كل هؤلاء؟ فإن قال: لا فقد خصم وبطل قوله وإن قال: نعم . رجع إلى القول بعبادة الصالحين، ثم إن هذا المشرك المشبه ليس يريد من رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - أن يشفع له ، ولو كان يريد ذلك لقال : " اللهم شفع في نبيك محمدا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم -" ولكنه يدعو الرسول مباشرة ودعاء غير الله شرك أكبر مخرج من الملة، فكيف يريد هذا الرجل الذي يدعو مع الله غيره أن يشفع له أحد عند الله سبحانه وتعالى؟!.
وقال المؤلف : " إن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون " سنده حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذي رواه مسلم مطولا وفيه فيقول الله- عز وجل -: « شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون » الحديث.
وقوله : " والأفراط يشفعون " الأفراط هم الذين ماتوا قبل البلوغ وسنده حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي،- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال: « لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم » أخرجه البخاري ، وله عنه وعن أبي سعيد من حديث آخر « لم يبلغوا الحنث » .

ولمزيد من الفائدة يُرجى مراجعة شرح كتاب التوحيد وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية لابن تيمية .. وفتح الباري لابن حجر .. رحم الله تعالى الجميع ..







توقيع ابو علي الفلسطيني
تتسامى أرواحُنا للمعالي = قد حَدَاها عزم كحد الظَّــباتِ


هَـمُّــنا بعد الموت عيشُ خلود = لا نرى الموتَ غاية للحياةِ


رد باقتباس