أسباب الخلاف ، والاختلاف :
، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه أسباب النزاع، فذكر في سورة الحجرات وحدها ثلاثة عشر سببًا من أسباب النزاع، وحَسَمَها جميعا فقال في بدايتها:
الأول: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ([الحجرات 1]، فهذا سبب من أسباب الخلاف وهو تعدى الصلاحيات وتجاوزها فمن أخذ ما ليس له من الصلاحيات وتعداها، تعدى الصلاحيات الممنوحة له فذلك سبب من أسباب الخلاف.
الثاني: سوء الأدب مع من يستحق الأدب فهو سبب من أسباب الخلاف و لهذا قال : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ([ الحجرات 2 : 5 ]، السبب الآخر من أسباب الخلاف :
الثالث: هو عدم التثبت في نقل الأخبار وتلقيها وفيه قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا - وفى القراءة الأخرى (فتثبتوا) - أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ([الحجرات 6 ]
السبب الرابع: انعدام المرجعية قد حرّمه بقوله: )وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ([ الحجرات 7 ]
السبب الخامس: الظلم والاعتداء والبغي فهذا سبب لحدوث النفرة و الخلاف وقد حرّمه بقولـه: )وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ([ الحجرات 9 ، 10 ]
السبب السادس: السخرية والتعالي وقد حذر بذلك السبب بقوله: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ([ الحجرات:11 ]
السبب السابع: اللمز والهمز وقد حذر منه بقوله:)وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ([ الحجرات:11 ]
السبب الثامن: التنابز بالألقاب والتصنيفات وقد حذر منه بقوله:
) وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ([ الحجرات:11 ]
السبب التاسع: ظن السوء وقد حذر منه بقوله : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ([ الحجرات:12 ]
السبب العاشر: التجسس وقد حذر منه بقوله:
) وَلا تَجَسَّسُوا ([ الحجرات:12 ]
السبب الحادي عشر: الغيبة وقد حذر منها تحذير بليغًا بقوله: )وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ([ الحجرات:12 ]
السبب الثاني عشر: التفاخر بالأنساب والأحساب وقد حذر منه بقولـــه: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ([ الحجرات 13 ]
السبب الثالث عشر: الدعاوي الباطلة بأن يدعى الإنسان ما ليس له وقد حذر منه بقولــــه : )قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ([ الحجرات ] ، هذه ثلاثة عشر من أسباب الفرقة والخلاف تضمنتها هذه السورة الكريمة وحسمت مادتها بالكلية .
وللحديث بقية ، مع الحلقة الثانية – إن شاء الله -
والله المستعان
ادعوا لأخيكم ، والسلام
توقيع أبو السائب أكرم المصري |
|