أيكم بطل هذه القصة؟!
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا دخل المسجد ورسول الله وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فصلى ثم جاء فسلم فقال: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فصلى ثم جاء فسلم فقال: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال فى الثانية أو فى التى تليها: علمنى يا رسول الله، فقال:
(( إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تستوى قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك فى صلاتك كلها ))
مفاتــــيح الحـــــلاوة
- قلما تجتمع الجودة مع السرعة: إذا أردت تمام الاستفادة من الصلاة، فأعط الصلاة وقتها، ولا تستعجل فى أدائها، ولا تسرق منها، فإنما تسرق من خشوعك، وتنهب من إيمانك، والصلاة بركة، وكم من معان لطيفة يفهمها المصلى أثناء صلاته ولم تكن قد خطرت بقلبه قبل ذلك، وكل هذا يدعوك إلى التمهل، فتمهل .
التنويــع أســـاس: التكرار أول طريق الملل، والملل هو الذى يقود إلى السهو والغفلة عن معانى الصلاة، والنفس سريعة الملل، فإذا كررت نفس الأذكار التى تحفظها، وتفكرت فى نفس المعانى كل مرة مللت الصلاة وهرب منك الخشوع، لذا ستقرأ معنا أذكار كثيرة ومنوعة لكل ركن من أركان الصلاة، وليس المطلوب منك أن ترددها جميعا فى صلاة واحدة، بل تخير لكل صلاة ذكرا، وعيش بين أنوار هذا الذكر، وتأمل معانيه، وعندما تعتاده ويتسلل إليك الشيطان عن طريق السهو، انتقل إلى غيره .
خذ الكتاب بقوة: ليس المطلوب أن تقرأ الموضوع كله بسرعة ودفعة واحدة، بل المقصود أن تقرأ القليل وتتشرب معانى هذا القليل، ثم تعمل بهذا القليل فإنه يوصلك إلى الكثير بإذن الله .
سرعة التلبية أنفع: قم إلى الصلاة متى سمعت النداء، وبكر إليها ما استطعت، لتطرد هم الدنيا وتغرس بدلا منه هم الآخرة، وتحظى بثمرة الرزق الروحى للصلاة مكافأة لك على جهدك، ومقابلة للإحسان بالإحسان .
الأماكن البهية والأوقات الذهبية: لاشك أن القلب يكون أكثر استعدادا وأقرب قبولا وأطهر روحا فى الأماكن المقدسة كالمساجد خاصة لو كان أمام الكعبة أو فى الروضة الشريفة، وفى الأزمنة المقدسة مثل رمضان بلياليه واعتكاف العشر الأواخر منه، مما يجعل العمل بهذا الموضوع فرصة سانحة وكنزا سهل المنال فى ظل تفرغ طبيعى للعبادة وفراغ نفسى من كل الهموم الدنيوية وبركة لا تدانيها بركة أى وقت أو مكان آخر .
السرعة والبطء: فأطل فى الصلاة منفردا، ولا تطل فيها إن كنت تؤم المصلين إلا إذا علمت أنهم يؤثرون التطويل، وهذا أصوب، وأقرب إلى السنة، وأدنى إلى الإخلاص، وأرجى للمنال، وكثير من معانى هذا الموضوع تجدها فى صلاة الفرد وفى النافلة حيث الإطالة كما تشاء والاغتراف من نهر السكينة وحدك. واعلم كذلك أن صلاة الجماعة أول النهار وأنت مشغول فى عملك ليست كصلاة آخر النهار حين ترجع إلى البيت وتسنح لك فرصة التبكير إلى المسجد وصلاة السنة والاستعداد للصلاة، وواجبك أن تقتنص من كل صلاة أقصى ما تستطيع من غنائم وثمرات .
حفظ الأذكار: لابد لك من حفظ أذكار الصلاة المأثورة عن النبى من قبل، وتلهج بنفس ما لهج به، فتقتفى أثره نفسا بنفس، وركعة بركعة، وصلاة بصلاة .
جوف الليل أخشع: لاشك أن جوف الليل أحب للرب، وأقرب من الرحمة، وأبعث على حضور القلب، وأبعد عن الاشتغال، وأدنى من الاخلاص، وأدعى لجمع الهم على الله، فضلا عن أهم شئ يحدث نزول الرب كما فى الحديث، ليستقبل كلام من أحبه وناجاه .
حطـــــم يأســــــك: الخشوع من الإيمان،والإيمان يزيد وينقص،وبالتالى الخشوع يزيد وينقص، يزيد بالاشتغال بالعلم النافع والعمل الصالح، كما ينقص بمرض القلب، ويذهب بموته، وذلك بالانصراف إلى الشبهات والشهوات، فإذا قل خشوعك فى وقت من الأوقات فما هى غير جولة وبعدها جولات، وإذا زارك الفتور مرة فالمهارة أن تقصر فترة الزيارة، وتتدارك بسرعة بالإقبال على الطاعات لتكمل مشوار اللذة الإيمانية .
ارفع سقف تطلعاتك: إذا لم تسع فى زيادة خشوعك فسيهاجم الشيطان رصيدك الحالى من الخشوع ليقل، ثم يتضاءل رويدا رويدا حتى تفقد حلاة الصلاة، وتتحول صلاتك إلى عبء ثقيل، ثم تكسل عنها وتؤخرها عن وقتها، والحل الذكى/ أن تعلو لكيلا تهبط، وتزيد لئلا تنقص، وتتطلع دائما إلى مقامات أعلى من حضور القلب وإلا غاب، وأن تكون طموحا فى خشوعك، ولا ترضى بأن تكون عاليا بل تسعى دائما إلى الأخشع .
بين المد والجزر: ففى لحظات فتورك لا تُطل صلاتك وبادر بها سهو الشيطان، لأنك إن أطلت فيها سهوت وغفلت، وفى لحظات المد الروحى والعلو الإيمانى وربيع القلب أطل ما شئت واغرف من معانى الصلاة ما استطعت، وأعطها حظها من السكينة والطمأنينة .
- فى الفـــراغ والشغــــل: كان أبو الدرداء رضى الله عنه يقول: من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته قبل دخوله فى الصلاة ليدخل فى الصلاة وقلبه فارغ .
فاجتهد فى تنفيذ هذه الوصية البهية لتنعم بالهدية، ولاتكن مشغولا بدنياك قبل الصلاة وأثناء الصلاة وبعد الصلاة، و إلا سُرقت صلاتك من بين يديك، وتسربت كنوزها أمام عينيك .
توقيع ابو حمزة السكندرى |
اللهم ارزقنا حبك
وحب من يحبك
وحب عمل يقربنا إلى حبك
آآآآآآآآآآآمين |