يوما ما كان هناك ما يسمي بحكاية السمات المُمَيِّزة الخاطئة
ريتشارد داوكينز Richard Dawkins هو واحد من علماء الاحياء الذين عُرفوا على مستوي العالم بتاييدهم لنظرية التطور. و لك تكن ابحاث داوكينز في علم الحيوان بوصفه بروفيسور علم الحيوان في جامعة اوكسفورد هو السبب وراء نجاحه و شهرته بل كان الحاحه الدائم في الظهور في موقف المدافع عن الدارونية و المذهب الالحادي هو السبب وراء هذه الشهرة.
و في عام 1986 نشر داوكينز كتاب له بعنوان The Blind Watchmaker. و تحت هذا العنوان الذي يعنى " صانع الساعات الأعمى "، يحاول داوكينز اقناع قرَّائه ان السمات المعقدة الموجودة في الكائنات الحية انما هي احدي نواتج آلية الاصطفاء الطبيعي التي تتم بلا شعور. و تستند هذه المحاولة للاقناع على المضاربات في كثير من الأماكن و على التشبيهات و الحسابات الخاطئة و قد فسر العلماء ذلك بشكل مفصل في يومنا الحالي. 66

تحدث ريتشادر داوكينز Richard Dawkins الملحد، في كتابة " الساعاتى الاعمي " الذي نشر في عام 1986 في معرض حديثة عن الطبيعة تحدث عن " السمات الخاطئة ". و قد ظهر فيما بعد أن داوكينز اعتمد في حديثة هذا على رؤى خيالية أيضاً باطلة.
تعتبر فكرة " السمات المميزة الخاطئة الموجودة في الكائنات الحية " واحدة من الادعاءات التي نادي بها داوكينز. يدافع داوكينز عن ان هناك بعض الابنية الموجودة في الكائنات الحية لها خصائص و سمات غير منتجة و من ثم فهي سمات خاطئة و من هنا فهو يحاول أن يمحو حقيقة وجود خلق كامل بلا نواقص. و من أكثر الامثلة التي يسوقها داوكينز على ذلك مثال " الشبكية المقلوبة " الموجودة في كل الفقاريات بما فيها الانسان.
يُعنى بمفهوم الشبكية المقلوبة أن خلايا " ادراك الضوء " تستقر في الطرف الخلفي من العين أى أن اتجاهها إلى الجزء الخلفي من العين و ليس باتجاه الضوء مباشرة. و توجد الأسطح التي تدرك الضوء في هذه الخلايا باتجاه الخلف، أما الاعصاب التي تخرج من هذه الخلايا فتشكل طبقةً تفصل بين الخلايا و الضوء. و تتجمع هذه الاعصاب في مكان معلوم من العين و تخرج جميعها إلى الخارج من قناة موجودة في هذا المكان. و لأن هذه القناة لا تحوي فوقها خلية من خلايا ادراك الضوء، فإنه لا يتم في هذه النقطة ايضاً أى ادراك للضوء. من أجل هذا السبب يطلق على هذه النقطة اسم " النقطة العمياء ".
لقد استغل انصار نظرية التطور الوضع " المقلوب " للشبكية و النقطة العمياء التي يكونها هذا الوضع، و زعموا بوجود خطأ و قصور في خلق العين، لهذا السبب تمادوا في ادعاءاتهم قائلين بأن العين قد وجدت اول ما وجدت بواسطة طريقة الاصطفاء الطبيعي و أنه من الضروري و الطبيعي أن نتوقع حدوث مثل هذا الشيء الغريب. إن ريتشارد داوكينز و كما اوضحنا من قبل هو الشخص الذي عرفة الجميع بأنه هو من أوجد هذا الجدل. لقد كتب داوكينز مقالة له في The Blindwatchmaker تحدث فيها عن هذا الموضوع على النحو التالي:
من الأشياء المسلة لكل مهندس أن عملية توجية خلايا ادراك الضوء صوب الضوء تقتضي أن نمد الكابلات الخاصة بها نحو الخلف اى جهة المخ. لهذا سيجد أن وجود و اتجاه الخلايا الإدراكية بعيداً عن الضوء و وجود الكابلات الخاصة بها في أقرب مكان للضوء انما هو تصميم خاطيء للعين. و مع هذا فهذا الوضع موجود في كل الفقاريات. 67
لقد اخطأ كل من داوكينز الذي فجر هذه الادعاءات و من آمنوا بفكره أيضاً. و السبب في الخطأ الذي وقعوا فيه انما يرجع إلى جهل داوكينز بتشريح و فسيولوجية العين.
تناول هذا الوضع بالتفصيل ميشيل دينتون Michael Denton البروفيسور المتخصص في الاحياء الجزيئيه في جامعة اوتاجو و المعروف بأنه من أشد المنتقدين في يومنا الحاضر لمذهب الدارونية. يحكي دينتون في مقالته العلمية التي نشرت في مجلة Origins & Design و حملت عنوان “ The Iverted Retina: Maladaptation or Ore-adaptation?” ( الشبكية المقلوبة: هل هو تَكَيُّف خاطيء أم أنه تكيف كان مقصود و مُخطط له منذ البداية؟ )، يحكي كيف أن " الشبكية المقلوبة " التي اعتبرها داوكينز " سمة خاطئة " قد خُلقت في أفضل مكان و وضعية يمكن ان تكون عليها من اجل عين الفقاريات. و يلخص لنا دينتون ما توصل اليه كما يلي:
إذا فكرنا في مدي احتياج خلايا ادراك الضوء الموجودة في شبكية الفقاريات إلى الطاقة، فإننا ندرك عندها أن التصميم المقلوب و المدهش لعين الفقاريات لم يكن في يوم من الايام تحدياً موجهاً للغائية " الاعتقاد بأن كل شيء في الطبيعة مقصود به تحقيق غاية معينه " بل و على العكس لقد كان هذا الوضع بمثابة الحل الخاص و الأمثل الذي يمكن عن طريقة امداد خلايا ادراك الضوء في الفقاريات العليا بالأكسجين و الغذاء اللازم لها. 68

استاذ علم الاحياء ميشيل دينتون Michael Denton و كتابه.
و حتى يمك ان نفهم الحقيقة التى وقف عليها دينتون و لم يستطع داوكينز ادراكها، فإنها يجب علينا ان نحدد أولا مدي حاجة خلايا ادراك الضوء في الشبكية للطاقة و الاوكسجين بكميات كبيرة. تكون هذه الخلايا التي نحن بصدد الحديث عنها مسرحاً لتفاعلات كيميائية معقدة تحدث كل ثانية او كل جزء منها طالما نحن أعيننا معرضة للضوء. تقود هذه الخلايا بإدراك الفوتونات و هي أصغر أجزاء الضوء. و يحدث هذا الادراك نتيجة لتفاعلات كيميائية مفصلة إلى حد ما يبتدئها الفوتون. و تحدث هذه العملية بشكل مفصل و سريع لدرجة أن أنها و على حد قول دينتون نفسه " طبقة خلايا ادراك الضوء يكون لها في اثناء ذلك أكبر سرعات أيضية داخل كل الأنسجة المعروفة ." 69
مما لا شك فيه ان خلايا الشبكية تحتاج في أثناء ذلك إلى كميات كبيرة من الطاقة حتى يمكنها الاحتفاظ بعملية الأيض تلك مستمرة. و تبلغ نسبة احتياج خلايا الشبكية البشرية لكميات من الاكسجين ضعف ما تحتاج اليه الكُلْية، و ثلاثة أضعاف حاجة الخلايا طبقة القشرة المخيه في المخ و ستة اضعاف حاجة الخلايا التي تكوِّن غشاء القلب. و الأكثر من هذا كل هذه المقارنات قد تمت آخذين طبقة كل طبقة الشبكية في الاساس? أما حاجة خلايا ادراك الضوء و التي تشكل أقل من نصف هذه الطبقة فهي أعلي من عموم الطبقة. و قد تحدث جي. ل. وولز G. L. Walls في كتابه الموسوعي The Vertebrate Eye ( العين عند الفقاريات ) عن مدي حاجة هذه الخلايا " بشغف " للغذاء و الأوكسجين. 70
إذن فكيف يمكن تلبية هذه الاحتياجات الخارقة للعادة لتلك الخلايا التي تمكننا من الابصار؟
مما لا شك فيه ان هذا الشيء يتم عن طرق الدم مثله في ذلك مثل ما يحدث في كل أجزاء الجسم الاخري...
حسناً من اين يأتى الدم إذن؟
و نخرج بذلك من هذه النقطة بحقيقة أن وضع " الشبكية المقلوبة " هو دلالة على خلق عظيم لا تشوبه شائبة. و هناك نسيج شريانى خاص للغاية يقع خلف طبقة شبكية العين مباشرة يلف هذه الطبقة و يحيط بها تماما مثل الشبكة. و قد كتب دينتون في هذا الموضوع على النحو التالي:
تعمل مجموعة من الشعيرات الدموية الخاصة يطلق عليها اسم "choriocapillaris" بتلبية حاجات خلايا الادراك المهولة من الأوكسجين و الغذاء. و تتحد هذه الشعيرات الدموية في مكان خلف خلايا الادراك مباشرة مكونةً طبقة غنية واسعة من الشعيرات الدموية. و لا يوجد بين هذه الطبقة و خلايا ادراك الضوء سوي حوائط من الخلايا و غشاء يطلق عليه اسم " غشاء Bruch " ? و تشكل هذه الحوائط مع الجدار حداً دقيقاً لأبعد الحدود بحيث لا يسمح الا بمرور الغذاء الذي تحتاج اليه خلايا ادراك الضوء. و يتراوح قطر الشعيرات الدموية بين 18 و 50 مِكرون " وحدة قياسية "، و هو حجم أكثر اتساعاً من الشرايين العادية. و تشير كل المؤشرات إلى ان شبكة القنوات الشريانية تلك قد تكيَّفت كي تقوم بوظيفتها في تغذية طبقة خلايا ادراك الضوء بمقدار وفير من الدماء. 71
1 تحول شبكية العين، الصورة إلى اشارت اشارات عصبية.
2 تغذي الاوردة الموجودة في تجويف العين الشبكية.
3 تساعد قرنية العين على تركيز الضوء.
4 ترتبط الاشارات البصرية بوضوح الرؤية.
5 العدسة، تركز الصورة.
6 الصَّلبة، هي عبارة عن بناء أبيض صلب يغلف غشاء العين الخارجي.
7 يدخل الضوء من الفتحة المظلمة في حبة العين.
8 تضبط عضلات القزحية، مقدار ما ينفذ من الضوء.
خلق الله سبحانه و تعالي العين التي تعد من أعلي تجليات ابداعه سبحانه و تعالي، بشكل يمكنها من العمل بطريقة دقيقة و فعالة للغاية.
تحدث في هذا الموضوع أيضا البروفيسور جيمس ت. ميكواين James T. McIlwain في كتابة An Introduction to the Biology of Vision ( مدخل إلى الابصار في الكائنات الحية ) حيث قال " بسبب حاجة خلايا ادراك الضوء الماسة إلى الغذاء " فهناك في العين توجد استراتيجية تهدف إلى اغراق ? غلاف العين المشيمى? بالدماء، و بذلك لا يمكن ان تحدث اية مشكلة في مسألة توفير الطاقة اللازمة. " 72
لهذا السبب توجد خلايا إدراك الضوء في وضع " مقلوب ". أى ان هناك استراتيجية من وراء ذلك. فبناء الشبكية المقلوب ليس " خطأً " كما كان يظنه داوكينز بل هو دليل على خلق قُصِد به تحقيق هدف بعينه.
لقد بحث دينتون في مقالته المذكور إمكانية وجود أو عدم وجود تصور آخر لعمل الشبكية خلاف ذلك الذي ذكره. و كانت النتيجة عدم وجود امكانية أخري لعمل الشبكية. فلو كانت شبكية العين" مستوية " كما اقترح داوكينز أى أن تكون خلايا ادراك الضوء في وضع مواجه تماما للضوء فسوف تبتعد هذه الخلايا بذلك عن الشرايين التي تقوم بوظيفة إمدادها بالغذاء اللازم و ستظل محرومة بشكل كبير من الغذاء و الأوكسجين الذي تحتاج اليه كثيراً. فامتداد الشرايين إلى داخل طبقة الشبكية ليس حلاً أيضاً، لأن العين ستفقد مع ذلك قدراً كبيراً من قدرتها على الابصار و ستتكون كثير من النقط العمياء داخلها.
يعلق دينتون على ذلك على النحو التالي:
لو دققنا في مدي عمق تصميم شبكية العين عند الفقاريات، فسوف يتضح لنا أن أى سمة أو خاصية موجودة فيها لا بد و أن يكون لها فائدة. و لو أننا أردنا أن نقوم بتصميم عيناً تكون على أعلي درجة ممكنه من الحساسية و الدقة و الوضوح في الرؤية فسنجد انفسنا من جديد أمام تصميم العين في الفقاريات بشبكيتها المقلوبة...73
باختصار إن الجدل الذي أثاره داوكينز و غيره من انصار التطور الآخرين بخصوص " الخطأ الموجود في العين " انما مصدره الجهل وحده. و قد أثبتت الأبحاث التي تمت بإدراك و علم كبيرين عن تفاصيل الحياة مدي خطأ هذه النظرية. و هذا أمر ليس بالغريب فتاريخ الدارونية قد شهد كثير جداً من " الجدل القائم على الجهل ". و هذه هي حكاية الأعضاء الضامرة كاملة.
حكاية الاعضاء الضامرة
هل سمعتم من قبل عن حكاية " الأعضاء الضامرة " التي فقدت وظائفها بمرور الزمن على الرغم انها كانت تؤدي وظائف مهمة عند " الاسلاف التطوريين " الخياليين من قبل؟
من المحتمل ان تكونوا قد سمعتم بهذه الحكاية. فقد سمع بها عدد كبير جدا من الناس. لان حكاية " الاعضاء الضامرة " التي نتحدث عنها، كانت احدي مستلزمات الدعايا الخاصة بداروين و غيرة من انصار نظرية التطور.
بدات هذه الحكاية مع داروين. فقد تحدث داروين في حديثة عن أصل الانواع عن أن هناك اعضاء " ضعفت أو فقدت وظيفتها تماماً ". و شبَّه هذه الاعضاء التي عرّفها روديمنتري "Rudimentary" بأنها " بكلمة ( بدائية ) بأنها مثل الحروف التي نكتبها داخل كلمة ما و لكننا لا نستطيع قراءتها لذا فهي حروف ليس لها تأثير. 74

كانت الزائدة الدودية في ظل مستوي العلم المتدنى الذي ساد القرن التاسع عشر، كانت عضواً لا وظيفة له يؤديها من أجل هذا ظنوا انها عضو " ضامر ".
و لكنها كانت مثلها مثل باقي ادعاءات الدارونية الاخري مجرد خرافة وجدت قوتها من المستوي العلمي البدائي في ذلك العصر. و تقدم العلم، أخذت الامور تتضح رويدا رويدا فهذه الاعضاء التي اعتبرها داروين " اعضاءا ضامرة " لها في الحقيقة وظائف مهمة للغاية. أما الاعضاء التي يقولون عنها " لا تؤدي وظيفة " فهي اعضاء " لم يستطع أحد حتى الآن تحديد وظيفتها بدقة ". و كلما تمكن العلم و العلماء من تحديد وظائف بعض هذه الاعضاء كلما تناقصت و تضاءلت قائمة " الاعضاء الضامرة " الطويلة التي يعددها أنصار التطور. فقد ضمت قائمة الاعضاء الضامرة التي اعلنها عالم التشريح الالمانى R. Wiedersheim ما يربو من 100 عضو مثل عظام الذيل المضغوطة و الزائدة الدودية. ( والزائدة الدودية apandis هي عضو عرفة المجتمع خطاً على انه كلمة 'apandisit' أى" التهاب الزائدة الدودية ". فكلمة 'apandisit' " التهاب الزائدة الدودية " هي اسم يطلق على تعرض هذا العضو لنوع من العدوي و ليس كما يتم تعريفه بشكل خاطيء في لغتنا. )75 و كلما تقدم العلم كلما تَكَشَّف بشكل أكبر ان كل عضو من الاعضاء التي ضمتها قائمة Wiedersheim له وظائف كثيرة مهمة داخل الجسم. فمثلا تم الاعلان عن ان الزائدة الدودية التي اُعتُبِرت أحد " الاعضاء الضامرة " هي في حقيقة الامر جزء من الجهاز الليمفاوي الذي يتصدى للميكروبات التي تدخل إلى الجسم. و قد تم ايضاح هذه الحقيقة على النحو التالي في احدي المقالات بعنوان "Examples of Bad Design Gone Bad" ( انهيار نماذج التصميم السيئ ) مع لإشارة إلى مصادر علم التشريح الاساسية المتنوعة:
لقد أشارت نتائج فحص الزائدة الدودية تحت الميكروسكوب إلى احتوائها على نسيج ليمفاوي بنسب كبيرة إلى حد ما. و يتشابه هذا النسيج و تراكمات نسيجية أخري يمكن رؤيتها في اجزاء أخري من جهاز المناعة ( و يطلق على هذه الانسجة اسم GALT أى الانسجة الليمفاوية الخاصة بنظام الامتصاص ). و تتمتع هذه الانسجة بالقدرة على التعرف على الجينات المضادة الموجودة في المواد التي تدخل الجسم عن طريق البلع. و لقد توسعت في دراستي تلك على دراسة الوظائف المناعية للأمعاء.
فقد أثبتت التجارب التي اجريت على الأرانب ان الافراد حديثي الولادة الذين خضعوا لعملية استئصال الزائدة الدودية قد أصيبوا بخلل في التطور المناعي للغشاء المخاطي. كما أظهرت نتائج الدراسات المورفولوجية و الوظيفية التي أجريت على الزائدة الدودية عند الارانب أن الزائدة الدودية لها دور معادل للاكياس الهوائية " الحويصلات الهوائية " الموجودة في الثدييات. و من المعروف أن هذه الحويصلات الهوائية تلعب دوراً أساسياً في تطور المناعة السائلة عند الطيور.
لقد أظهرت أوجه التشابه المجهريه و المناعية بين الزائدة الدودية عند الارنب و الانسان أن الوظيفة التي تؤديها الزائدة الدودية في الانسان مشابهة لوظيفتها في الارنب. تتمتع للزائدة الدودية عند الانسان و خاصة في فترات الحياة الأولي أهمية كبيرة للغاية، و يعود السبب وراء ذلك إلى أنها تتعرض لتغيرات كبيرة بعد الميلاد بفترة قصيرة، و مع تقدم العمر تتراجع هذه التغيرات تماما مثلما يحدث مع الاجزاء و الاعضاء الاخري مثل أجزاء الجهاز الهضمي ورقع و تجمعات بيير peyer patches في الأمعاء الدقيقة. كما أشارت الدراسات الحديثة إلى ان الزائدة الدودية عند الانسان ليست كما كان يُزعم قديماً مجرد عضو انكمش حجمه مع مرور الزمن و فقد أى فائدة له. 76
يرجع السبب باختصار وراء اعتبار الزائدة الدودية عند الانسان أشهر " الاعضاء الضامرة " إلى الجدل الذي قاده كل من داروين و مؤيديه معتمدين على المستوي العلمي المتدنى في العصر الذي عاشوا فيه. فلم يظهر النسيج الليمفاوي للزائدة الدودية تحت الميكروسكوبات البدائية في هذا العصر? لقد اعتبروا أن هذا النسيج الذي لم يتمكنوا من فهم بنائه هو نسيج " بلا فائدة " و بذلك يتماشى مع نظريتهم و من ثم أدرجوا الزائدة الدودية على قائمة الأعضاء الضامرة. و بذلك تكون الدارونية قد استمدت قوتها مرة أخري من المستوي العلمي المتدنى الذي ساد العالم في القرن التاسع عشر.
و لا يخص هذا الوضع الزائدة الدودية فقط بل يمكن تطبيقه على كل الأعضاء الضامرة الاخري المزعومة. فقد اُكتشف أن اللوزتان و هما من الاعضاء التي أدرجها Wiedersheim على قائمة " الاعضاء الضامرة " لهما دور مهم للغاية في حماية الحلق من العدوي و خاصة عند سن البلوغ. و على نفس المنوال فقد ثبت أن الفقرات العجزية الموجودة في نهاية العمود الفقري تعمل على دعم العظام المحيطة بعظام الحوض، و لهذا السبب لم يكن الانسان ليستطيع الجلوس بسهولة دون وجود هذه العظام. إضافة إلى ذلك فهذه العظام تشكل نقطة التقاء الاعضاء المختلفة الموجودة في منطقة الحوض و العضلات المتنوعة في المنطقة ذاتها.
أُكتشف بعد ذلك بسنوات أن خلايا الغدة الصَّعترية " غدة صغيرة صماء تقع بالقرب من قاعدة العنق " التي اعتبروها من " الاعضاء الضامرة " لها دورا ايجابيا للغاية في تنشيط نظام الدفاع عن الجسم، كما اكتشف أن الغدة الصنوبرية هي المسئولة عن انتاج بعض الهرمونات المهمة مثل هرمون الميلاتونين. كما ثبت أن الغدة الدرقية تحافظ على التطور الجسدي المتوازن عند الرضع و الأطفال بالاضافه إلى الدور المهم الذي تلعبه في تنظيم عملية الأيض و النشاط الجسدي. كما ظهر أن غدة Pitüiter هي التى تقوم بضبط و مراقبة و تنظيم عمل الغدد المختلفة الاخري مثل الغدة الدرقية و الغدة فوق الكلوية و الغدد التناسلية .
أما التحَدُّب الموجود في العين و الذي يأخذ شكل نصف قمر و وصفه داروين على انه " عضو ضامر " فقد ثبت أن لها فائدة كبيرة في تنظيف و ترطيب العين.
لقد ثبت في يومنا الحاضر أن كل " الاعضاء الضامرة " التي زعموها خلال العشرة أعوام الماضية ثبت أنها تقوم بوظائف معروفة و محددة. و في دراسة لهما حملت عنوان 'Vestigial Organs' Are Fully Functional (? الاعضاء الضامرة ? كلها ذات وظيفة تؤديها ) تناول هذه الحقيقة بالتفصيل كل من د. جيري بيرجمان Jerry Bergman و د. جورج هاوي George Howe .
و بنفس الطريقة يوجد عدد كبير من أنصار نظرية التطور ممن يؤمنون بأن حكاية " الاعضاء الضامرة " عبارة عن جدل مصدره الجهل. فقد تحدث عن هذه الحقيقة عالم الاحياء المؤيد لنظرية التطور س. ر. سكادينج S. R. Scadding و ذلك في مقالته التي كتبها في مجلة Evolutionary Theory ( النظرية التطورية ) تحت عنوان " هل يمكن أن تمثل الأعضاء الضامرة دليلاً على التطور؟ " حيث قال:
كلما تزايدت معلوماتنا ( بخصوص علم الاحياء ) كلما تناقصت معها أيضاً أعداد قائمة الاعضاء الضامرة... لذلك فإننى انطلاقاً من النظر إلى استحالة ايجاد عضو واحد لا وظيفة له و كذلك عدم اعتماد فكرة الاعضاء الضامرة على اى دليل علمي يمكننى الوصول إلى نتيجة مفادها أن " الاعضاء الضامرة " لا يمكن ان تشكل دليلا أو قرينة تدعم نظرية التطور.77
و إن كان توصل أنصار نظرية التطور قد استغرق قرناً و نصف فإن النتيجة جاءت في النهاية لتضع احدي خرافات الدارونية بين طيات التاريخ.
إصبع الابهام عند البَنْدا

ادعي جولد في كتابه المسمي " ابهام البندا " الذي نشر عام 1980 ان بناء يد هذا الكائن الحي له " تصميم خاطيء ". و لكن الابحاث العلمية الحديثة جاءت لتثبت بطلان هذا الادعاء و أظهرت أيضاً مدي اهمية هذه السمة عند البندا إلى حد كبير. بحثنا في الجزء الاول عدم صحة ادعاء ريتشارد داوكينز القائل بوجود " خاصية أو سمة خاطئة في العين. في هذا الجزء نتناول آراء واحد آخر من انصار نظرية التطور الذين لهم نفس الأفكار السابقة. لقد كان جولد و هو احد علماء البليونتولوجي " علم يبحث في اشكال الحياة في العصور الجيولوجية السالفة كما تمثلها المتحجرات او المستحاثات الحيوانية و النباتية " في جامعة هارفارد كان واحداً من أنصار نظرية التطور الاوائل في الولايات المتحدة الامريكية و ظل كذلك حتى توفي في عام 2002.
لجولد أيضاً زعم بوجود " سمة خاطئة " شبيهة بنموذج الشبكية الذي جاء به داوكينز: و هذا النموذج هو إصبع الابهام عند البندا.

ستيفن جاي جولد Stephen Jay Gould لا يوجد عند البندا اصبع الابهام الذي يظهر بشكل منفصل عن باقي الاصابع الاربعة الاخري كما هو موجود عند الانسان و من شأنه تسهيل عملية القبض على الاجسام. فالإصبع الخامس في يد البندا يمتد جنباً إلى جنب مع باقي الاصابع الاخري. و يوجد بخلاف هذه الاصابع الخمسة المتوازية بروز عظمي اضافي يعرف باسم radial sesamoid bone ( العظام السمسميه " شبيهه بالسمسم " النصف قطرية ). و لأنها تستخدمها في بعض الاحيان كما لو كانت اصبع فيوجد من العلماء من يطلق عليها اسم " اصبع البندا الخامس ".
و يتلخص ادعاء جولد بأن يد البندا ببنائها العظمي هذا ليست ذات فائدة لها. و قد اهتم جولد برأيه هذا لدرجة أنه جعله عنوان كتابة الذي نشر في عام 1980: The Panda's Thumb ( اصبع الابهام عند البندا )
بيد أنه ثبت أن زعم " السمة الخاطئة " الخاص بجولد كان زعماً خاطئاً مثل الذي جاء به داوكينز تماماً. و الخطأ الذي وقع فيه جولد هو انه اعتقد أن اصبع الابهام عند البندا يتشابه مثل الموجود في يد الانسان و من ثم قارن بين بينها و بين يد الانسان من الناحية الوظيفية. و قد علق باول نيلسون . Paul Nelson على هذا الموضوع كما يلي:
إن لم يكن أبهام البندا قادرا على القيام ببعض الاعمال التي يقوم بها الانسان مثل استخدام لوحة المفاتيح في الحاسب الآلي فإنه يلحظ أنها ملائمة لأقصي درجة من أجل القيام ببعض الوظائف مثل تقشير الخيزُران ( القصب الهندي ).78
و علَّق على هذا الموضوع أيضاً مؤلفو الكتاب العلمي The Giant Pandas of Wolong ( بندا وولونج العملاقة ) على النحو التالي:
تستخدم البندا الجزء الخالي من الشعر و الذي يخرج منه الاصبع الاول مع اصبع الابهام المزيف تماما مثل الماشة " ملقط النار " و بذلك تستطيع تقشير القصب الهندي بحساسية و دقة كبيرة... لقد تأثرنا جميعا من قدرة البندا على الامساك بالأشياء... خاصة و نحن نشاهدها تمسك بالأوراق و تلتهمها. و تعمل الجل الامامية مع الف في تناسق كبير و تكسبها اقتصادية في الحركة. 79
أوضحت احدي الدراسات التي نشرت عام 1999 في مجلة طبيعة Nature أن اصبع ابهام البندا له أهمية كبيرة للغاية قياساً بالمناخ الطبيعي الخاص بالحيوان. و جاء في دراسة أعدها أربعة باحثين يابانيين استخدموا خلالها تقنية " التصوير الطبقي باستخدام اشعة اكس " و " التصوير بالرنين المغناطيسي " أن إصبع الابهام عند البندا هو " واحداً من التقنيات الخارقة للعادة بين الثدييات ".80 و انتهت احدي المقالات لتى حملت عنوان " Role of the giant panda's 'pseudo-thumb' ( " دور اصبع الابهام المزيف " عند البندا العملاقة ) إلى التعليق التالي:
كانت يد البندا العملاقة قد أظهرت آلية القبض المتكرر على الاشياء بشكل اكبر من مما زعمه البعض عن النماذج المورفولوجية السابقة.81
باختصار لقد اسفرت نتائج الابحاث التي اجريت عن قرب اكثر على البنى البيولوجية للانواع المختلفة إلى أن كافة ادعاءات " الأعضاء الضامرة " أو " سمات خاطئة " التي نادي بها أنصار نظرية التطور خلال 150 عاماً لم يكن لها اساس من الصحة.
و في لوقت الذي لم يستطع فيه انصار نظرية التطور تفسير أصل أي بناء عضوي موجود في الطبيعة، نجدهم يفندون و يعترضون على حقيقة الخلق التي هى التفسير الحقيقي لكل هذه البني.

اصبع البندا عملي جداً
يبحث أنصار نظرية التطور عن القصور و عدم التوافق الموجود في الطبيعة. و ينبع ذلك من كونهم منكرون لحقيقة الخلق.و يعتبر ادعاء ستيفن جاي جولد الخاص بإصبع الابهام عند البندا مثال على هذا. بيد أن جولد كان مخطئاً في تصوره هذا. لان هذا الاصبع العظمي ليس عيب كما ادعي. بل هو و على العكس من ذلك تماماً يسهل الحركة و له دوره و تأثيره في منع تمزق الاوتار.
أظهر بحث نُشر في مجلة الطبيعة عام 1999، أن اصبع الابهام في البندا عملي للغاية عند النظر إلى طبيعة البيئة التي يعيش فيها هذا الحيوان. أجري أربعة باحثين يابانيين بحثاً مشتركاً استعانوا فيه بتقنيات " الرسم الطبقي بالكمبيوتر " و " رسومات الرنين المغناطيسي " و توصلوا في النهاية إلى أن اصبع الابهام في البندا يعد " احدي التقنيات التي وظِّفت ببراعة بين سائر الثدييات الاخري ". ( اندو Endo ، ه. ياماجيو H. Yamagiwa ، د. هاياشي D. Hayashi ، ى. ه. كوي Y. H. Koie ، ه. ياما . س H. Yamaya .Y ، كيمورا. ج K?mura. J الطبيعة 1999 ص 309 – 310 : 397 ) يظهر أعلي رسم الكمبيوتر الذي قام به الخبراء الذين أداروا البحث الخاص ببناء يد البندا.
لهذا السبب يمكننا القول أن? يوما ما كان هناك شيء يقال له مذهب الدارونية. و أن هذه النظرية كانت تدعي أن الكائنات الحية ممتلئة بالأعضاء " الضامرة " أو " الخاطئة ".
أما اليوم فقد أدحضت الادلة العلمية هذه النظرية و أثبتت عدم صحتها.
66- Dawkins'in "k?r saatçi" tezinin çürülmesi için bkz. Lee Spetner, Not By Chance: Shattering the Modern Theory of Evolution, Judaica Press, 1997; Michael J. Behe, Darwin's Black Box: The Biochemical Challange to Evolution, The Free Press, 1996; Phillip E. Johson, Darwin on Trial, 199, 2nd.ed., InterVarsity Press, 1993
67- Richard Dawkins, The Blind Watchmaker, London: Penguin Books,1986; s.93-94
68- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptation?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
69- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptation?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
70- Walls, G.L. (1963). The Vertebrate Eye . New York: Hafner Publishing Company; s.652
71- Michael Denton, "The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptation?", Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
72- McIlwain, T.J. (1996). An Introduction to the Biology of Vision. Cambridge: Cambridge University Press; p.14
73- Michael Denton, “The Inverted Retina: Maladaptation or Pre-adaptation?”, Origins & Design, 19:2, Issue 37, 1999
74- Charles Darwin, The Origin of Species, III. ed. Chapter 13: Mutual Affinities of Organic Beings: Morphology: Embryology: Rudimentary Organs
75- http://www.cerrah.net/apandist.htm
76- http://www.geocities.com/CapeCanaver...gngonebad.html
77- S. R. Scadding, "Do 'Vestigial Organs' Provide Evidence for Evolution?", Evolutionary Theory, Cilt 5, May?s 1981, p.173
78- Paul A. Nelson, "Jettison the Arguments, or the Rule? The Place of Darwinian Theological Themata in Evolutionary Reasoning", Access Research Network, 1988, http://www.arn.org/docs/nelson/pn_jettison.htm
79- George Schaller, H. Jinchu, P. Wenshi, and Z. Jing, The Giant Pandas of Wolong , Chicago: University of Chicago Press, 1986, s.4, 58
80- Endo, H., Yamagiwa, D., Hayashi, Y. H., Koie, H., Yamaya, Y, and Kimura, J., Nature, vol. 397, 1999, pp. 309-310
81- Endo, H., Yamagiwa, D., Hayashi, Y. H., Koie, H., Yamaya, Y., and Kimura, J., Nature, vol. 397, 1999, pp. 309-310
قديماً كانت هناك حكاية باسم " ال DNA الخردة "
يعتبر مفهوم ال DNA الخردة (Junk DNA)هو الدعامة و السند الاخير الذي اعتمد عليه زعم البني " الخاطئة " أو " الضامرة ". أعتقد أنه من المفيد لو أننا بحثنا هذا المفهوم في قسم خاص منفصل نظراً لأنه موضوع جديد و لأنه قد انهار قبل مدة قصيرة للغاية.
بدأت أسطورة الاعضاء الضامرة في الانهيار كما درسنا في قسم سابق اعتباراً من النصف الثانى من القرن العشرين. و كلما أكتشف وظائف للاعضاء التي كانوا يزعمون انها بلا وظيفة كلما قل أعداد المدافعين عن تلك الخرافة. و مع هذا فقد كان هناك فريق أراد أن يأخذ نصيبه في خضم الدعايا التي اثارتها هذه الخرافة فتبنوا إصدار آخر جديد لهذه الخرافة. و لم يكن هذا الاصدار الجديد يخص الاعضاء الموجودة في الجسم هذه المرة بل كان في شكل الجزء " الضامر " من الجينات التي تضم الشفرة الو راثية للاعضاء. أما المصطلح الذي استخدموه في هذه المرة فكان " التحول إلى خردة " و ليس " الضمور ".
اُستخدم وصف (junk)" الخردة " من اجل بعض اجزاء جزيء DNA العملاق الذي يقوم بتشفير المعلومات الو راثية الخاصة بكل الكائنات الحية. يري أنصار التطور ان جزءاً كبيراً إلى حد ما من DNA ليس له وظيفة يؤديها .
.وهم يزعمون أيضاً أن هذه الاجزاء التي لا وظيفة لها كانت تؤدي وظيفة بعينها خلال مراحل التطور المزعومة قديماً و لكنها تحولت مع الزمن إلى خردة لا قيمة لها. و كان هناك توازناً واضحاً بين هذا الزعم و بين مذهب الدارونية و لهذا السبب ايضاً تحول مفهوم " ال DNA الخردة " إلى واحد من مصطلحات المدونات العلمية التي تكررت بكثرة في مدة قصيرة. و مع هذا فلم يطل عمر هذا الاصدار الجديد من حكاية الاعضاء الضامرة. فقد بدات الاصوات تتعالي في دنيا العلم و خاصة مع مشروع الجينوم البشري التي ظهرت نتائجها في عام 2001 معلنةً عدم صحة مفهوم " ال DNA الخردة ". و اعترف ايفان ايتشلر Evan Eichler و هو من علماء جامعة Cleveland المؤيدين لفكرة التطور بخطأ هذا المفهوم قائلاً " إن مصطلح ال DNA الخردة لا ينم على أي شيء سوي عن جهلنا و عدم معرفتنا ". 82
و يرجع السبب وراء هذا إلى أن الادراك و الفهم التدريجي لوظائف الاجزاء التي لأطلقوا عليها اسم ال DNA الخردة. و الآن، دعونا نبحث في كيفية نشاة خرافة ال DNA الخردة و انهيارها.
الاعتقاد بأن جزء ال DNA الخردة ليس له مدلول رمزي
أعتقد انه من الضروري أن نعطي بعض المعلومات الخاصة ببناء DNA أولاً حتى يتثنى لنا أن نفهم ذلك الخطأ الذي وقع فيه أنصار التطور.
في كثير من الاحيان يُذَكِّرنا جزيء DNA الذي يأخذ شكل سلسلة عملاقة داخل كل الخلايا الحية بما يحويه من معلومات جينية وراثية " ببنك المعلومات ". و يمتلك الجزيء في الوقت نفسه كوداً أو شفرة جينية هي التي تنظم استخدام هذه المعلومات في الانشطة البدنيه. و كما قلنا من قبل فلم تفلح اى من المحاولات التي قام بها انصار نظرية التطور من أجل تفسير أصل جزيء DNA و ثبت أن المعلومات التي يحويها هذا الجزيء لا يمكن و أن تكون الصدفة هي التي اوجدتها. إن جزيء DNA هو بحق نموذج جيد و واضح على الخلق.
يطلق مسمي " الجينات " على الاجزاء المحددة التي تقوم بتشفير المعلومات الخاصة بأنشطتنا الفيزيقية و الفسيولوجية الموجودة على DNA. و تعمل هذه الجينات على تشفير البروتينات بحيث تختلف شفرة كل بروتين عن الآخر و يضمن استمرار حياتنا. إلا أن جيناتنا مجتمعة لا تمثل سوي 10% من حجم ال DNA. و يوجد قسم كبير آخر من ال DNA يطلق عليه اسم " DNA غير مُشَفِّرَة " لأنها لا تشفر أو تضع كودا للبروتينات.
يمكن تقسيم جزيئات ال DNA غير المُشَفِّرة تلك إلى بعض التصنيفات. يحدث في بعض الأحيان أن تتزاحم هذه الجزيئات غير المشفرة بين بعض الجينات و يطلق عليها حينئذِ اسم "intron" . و يتسبب ال DNA غير المشفر في احداث سلاسل طويلة تتكون بترتيب متدرج لنفس سلسلة النُكْليُوتيد " موحدات احادية القُسيمة تبني منها الاحماض النووية" . و يطلق عليها اسم " ال DNA المتكرر ". و لو أن النُكْليُوتيدات الموجودة فوق ال DNA غير المشفرة تراصت بنفس الشكل المعقد الموجود في الجينات بدلا من الصفوف المتكررة، فإنه يطلق عليها هذه الحالة اسم " جين مزيف ".
لقد جمع أنصار التطور هذه الأجزاء غير المشفرة للبروتين تحت اسم " ال DNA الخردة " و زعموا ان أنها تجمعات لا فائدة منها تم نقلها من وتيرة التطور المزعومة. بيد أن الحقيقة هي ان ما ذهبوا اليه لا يتعدى من الناحية المنطقية كونه وجهة نظر خاطئة. و السبب في هذا أن عدم قيام بُني ال DNA تلك بتشفير البروتين لا يعنى بالضرورة انها لا تقوم بوظيفة. و أري أننا في حاجة إلى انتظار نتائج الابحاث التي اجريت عليها حتى يتثنى لنا أن نتعرف على الوظائف التي تقوم بها. و هذا امر تفرضه وجهة النظر العلمية. إلا ان الأحكام المسبقة المؤيدة لفكرة التطور منعت من تقبل هذا المنطق، و فتحت الطريق إلى الاخبار التي ستضلل المجتمع مع ادعاءات ال DNA الخردة لسنوات. إلا أن الأبحاث و الدراسات التي اجريت في السنوات العشر الاخيرة على وجه الخصوص قد كذَّبت أنصار التطور و أظهرت أن مثل هذه الادعاءات لا تتعدي كونها خيالا لا اساس له من الصحة. لأنها أثبتت أن أجزاء ال DNA غير المشفرة ليست " خردة " كما كان يدعي انصار التطور بل هي و على العكس تماماً تعتبر بمثابة " خزينة جينية ".83
و في مقالة له حملت عنوان (The Junk Dealer Ain't Selling That No More) " بائع الخردة لم يعد يبيع خردة " شرح د. باول نيلسون Paul Nelson الذي حصل على الدكتوراه من جامعة شيكاغو و يعتبر أحد رواد حركة معادة التطور شرح في الجمل التالية انهيار ادعاءات أنصار التطور الخاصة بال DNA:
" كان كارل صاجان Carl Sagan [ من المدافعين عن المذهب الالحادي ] قد زعم في كتاب له بعنوان Shadows of Forgotten Ancestors " ظلال السلف المنسية " أنه أقام الدليل و البرهان على وجود قصور و عيوب في أصل الحياة و من أمثال هذه العيوب " وجود جينات خردة " و احتواء ال DNA علي" زيادات و تكرارات لا فائدة منها ". و الحقيقة أنه يندر أن ما نصادف مثل هذه التعليقات في مدونات علم الأحياء. و لكن ما السبب من وراء ذلك؟ يرجع السبب إلى أن علماء الجينات يكتشفون وظائف الاجزاء المعروفة على انها انقاض جينية. " 84
الآن دعونا ندرس موضوع كيف اُكتُشف ان " ال DNA الخردة " لم يكن في يوم من الأيام خردة...
1. وُجد مقياس ترميزي يتعلق بالقدرة على الحديث في السلسلة النُكْليُوتيدية الخاصة ب DNA غير المُشَفِرة.
و في عام 1994 توصل فريق عمل مشترك مكون علماء الاحياء الجزيئية في كلية الطب بجامعة هارفارد و علماء الفيزياء في جامعة بوسطن إلى نتيجة لافته للنظر بخصوص ال DNA غير المُشفرة. فقد قام هؤلاء الباحثون بدراسة 37 من ال DNA تحتوي على 50000 زوج قلوي أخذت جميعاً من كائنات حية مختلفة و بحثوا أيضاً أن كانت هناك قواعد محددة في تسلسل النُكْليُوتيدات أم لا. و اتضح في نهاية هذه الدراسة أن ال DNA الخردة المزعوم الذي يحتل نسبة 90% من ال DNA البشري لها خاصية تتعلق باللغة عند الانسان. 85 و لاحظوا أيضا أن النُكْليُوتيدات المتراصة في ال DNA البشري تحتوي على مقاييس ترميزيه مشتركة في كل اللغات التي يتحدث بها الناس في الارض. و مما لا شك فيه أن هذا الاكتشاف سيمثل سنداً و دعامةً لحقيقة وجود خلق دقيق للحياة التي نحياها، و ليس للطرح القائل بأن الحياة قد تكونت عن طريق تراكم حدث عن طريق المصادفة للمعلومات الموجودة في ال DNA الخردة المزعوم.
2. أظهرت هذه التغييرات المتكررة وظيفية مدهشة: تقوم النُكليوتيدات التي تبدوا تافهة ليس لها معنى بوظيفتها كما يجب و تلعب دورها المنوط بها في الجزء الميتوزي. و تعتبر الكروماتيدات المختلفة واحدة من سلاسل ال DNAالتى كان العلماء يظنون حتى الماضي القريب أنها DNA خردة ليكتشفوا وظائفها حديثاً.و هو كود أو رمز يتكرر بكثرة في ال DNA. و بسبب عدم تمكن العلماء قديما من تحديد أنها هى المسئولة عن انتاج أى نوع من البروتينات فقد ظلوا لمدة طويلة يطلقون عليها اسم " DNA خردة ".
رينولد و جراسر ( المعهد التجريبي لأبحاث السرطان في السويد ) من بين العلماء الذين علقوا على موضوع الكروماتيدات المختلفة على النحو التالي:
علي الرغم من أن الكروماتيدات تمثل نسبة بشكل لافت للنظر في الجينوم ( تمثل 15% من الخلايا البشرية و حوالي 30% من خلايا الذباب ) ، إلا انهم كانوا ينظرون اليها في كل وقت على انها " DNA خردة " اى ليس لها أية فائدة أو وظيفة تؤديها. 86
بيد أن الدراسات الأخيرة جاءت لتثبت أن للكروماتيدات المختلفة ادوار وظيفية مهمة تؤديها. تحدث في هذا الموضوع ايضاً ايميل زوكرلاند Emile Zuckerland من معهد العلوم الطبية الجزيئية:
عندما تقومون بتجميع النُكليوتيدات غير الوظيفية في مكان واحد وحدها، فبإمكانكم حينئذٍ تناول أو دراسة تجمع من النُكليوتيدات التي تحولت إلى شكل وظيفي. و تعتبر النُكليوتيدات الخاصة بالكروماتيدات مثالاً على هذا. و على الرغم من وجهات النظر التي كانت تزعم في الماضي بأن الكروماتيدات المختلفة مجرد خردة، إلا أنه يوجد في وقتنا الحالي كثير من الاشخاص النشيطين في هذا المجال، و هم جميعا لا يساورهم ادنى شك في الادوار الوظيفية المهمة التي يقوم بها هذا الجزء من ال DNA... فمن المحتمل ان تكون النُكليوتيدات خردة وحدها، و لكنها تتحول إلى ذهباً إذا تجمعت جميعها في مكان واحد. 87
لقد تم تحديد واحدة من تلك الوظائف " الجماعية " التي تقوم بها الكروماتيدات المختلفة في الجزء الميتوزي. و أظهرت الدراسات الخاصة بالكر وموسوم الاصطناعي أيضاً أن هذا الجزء من ال DNA له وظائف مختلفة.88
3. اكتشف الباحثون ان هناك علاقة بين ال DNA غير المُشَفِّرة و بين نواة الخلية. و صرحوا بأن هذا التطورات من شأنها دحض زعم " ال DNA الخردة "أيضاً. و توصلت دراسة اجريت عام 1999 إلى أن ال DNA غير المُشفِّر للبروتين و المعروفة أيضا بال DNA الثانوي الموجود داخل خلايا eukaryot عبارة عن بناء وظيفي داخل النواه ( أو بمعنى آخر DNA ثانوي ). و بحثت هذه الدراسة الكائنات أحادية الخلية المعروفة باسم Crytomo-nad و تقوم بالتخليق أو التركيب الضوئي.
و تتميز هذه الكائنات بأنها تبدي تنوعا واسعاً من ناحية البعد. فحتى لو كانت الخلايا في أبعاد مختلفة، فطبيعي ان يوجد تناسب دائم بين حجم النواة و حجم الخلية ( الكائن الحي ).
لقد رأى الباحثون ان هناك تناسب بين مقدار ال DNA غير المشفر و بين حجم النواة و بناءا عليه توصلوا إلى نتيجة مفادها ان ال DNA غير المشفر هي مؤشر على وجود نواة اكبر حجماً. و قد شكلت هذه الابحاث الجديدة ضربة مهمة للغاية لبعض المفاهيم مثل مفهوم ال DNA الخردة - " ال DNA النفعي " الذي نادي به داوكينز – الذي يرفض حقيقة الخلق.89 و ينهي الباحثون كتابتهم عن هذا الموضوع على النحو التالي:
" إضافة إلى ذلك، فإن الشكل النووي لل DNA الثانوي [ غير المشفر ] ... قد ادحض هو الآخر الآراء التي قيلت بشأن ال DNA " النفعي و عديم القيمة " المتعلقة ب ال DNA الثانوى. "90
4. ثبت أهمية و حتمية وجود ال DNA غير المشفر من أجل بناء الكر وموسوم.
اكتشف في السنوات الاخيرة ايضاً أن هناك دور آخر مختلف لل DNA غير المشفر أو الذي لا يحمل صفات وراثية حيث يلعب دورا " مهما للغاية " في بناء و وظيفة الكر وموسوم. و اشارت الدراسات التي اجريت في هذا الموضوع إلى أن ال DNA غير المشفر هو الذي يضمن تنفيذ كثير من وظائف ال DNA كما ينبغي. و بذلك لا يمكن أن تتحقق هذه الوظائف دون ان يكون هناك بناء له وجود. و عندما قام العلماء بعزل التلوميرtelomerler في كل واحدة من كر وموسومات خميرة البيرة رأوا أن عملية تقسيم الخلية قد تعرضت لعملية قطع أو فصل. 91 و تكون خلايا telomerler قد ساعدت في هذه الحالة على فصل الكر موسومات السليمة عن ال DNA الذي تعرض للتلف. و في النهاية يفقد الكر وموسوم الموجود في الخلايا التي نجت من هذا القطع او الفصل. و قد لوحظ أيضاً مدي أهمية ال telomerler الخاصة بال DNA غير المشفر في حماية ثبات الخلية الكروموسومي.
5. ثبت أن ال DNA غير المشفر يلعب أدواراً في تطور الجنين.
وضع العلماء أيديهم على ادلة بخصوص الدور المهم الذي يلعبه ال DNA غير المشفر في عملية تنظيم سرد الجين ( يقصد بها تنظيم عملية صناعة و انتاج البروتين و قراءة المعلومات الوراثية الموجودة فيه ) أثناء مراحل التطور.92 و قد ظهر من خلال دراسات مختلفة أن هناك أدوار مهمة للغاية يلعبها ال DNA غير المشفر في تطور خلايا الابصار93 و المنطقة التناسلية94 و في تطور الجهاز العصبي المركزي95. و تشير كل هذه النقاط إلى مدي أهمية الأدوار الحياتية التي يلعبها ال DNA غير المشفر أثناء عملية تطور و نمو الجنين.
6. ظهر أيضاً ان لها أدوارا مهمة للغاية في الانشطة الخلوية للقناة الهضمية التي يصنفونها ضمن ال DNA الخردة.
و القنوات الهضمية هي أحد الاعضاء التي اعتقد أنصار التطور لسنوات طويلة انها تدخل ضمن ال DNA الخردة و اكتشف فيما بعد أن لها ادوار و وظائف مهمة للغاية تؤديها. تتميز القنوات الهضمية بأنها تتزاحم داخل الجينات الوظيفية. و يتم غربلتها وسط انتاج البروتين و وظيفته.
لقد انخدع أنصار نظرية التطور في البداية و ظنوا ان القنوات الهضمية لا تلعب دورا في انتاج البروتين، لهذا قاموا بتصنيفها ضمن ال DNA الخردة. إلا انه ثبت من الدراسات اجريت بعد ذلك أن القنوات الهضمية تلعب دورا مهما للغاية في الانشطة الحيوية بالجسم. فقد تواضع العلماء في يومنا الحاضر على ان القنوات الهضمية عبارة عن مزيج معقد يتكون عدد من ال DNA مختلف و أنها تلعب دورا مهما للغاية في استمرار حياة الخلية.96
نشرت مجلة نيويورك تايمز في الركن العلمي بها مقالا لفت الانتباه إلى الاخطاء العلمية التي وقع فيها انصار التطور فيما يتعلق بالقنوات الهضمية. و يمكن تلخيص نتائج الدراسات التي اجريت على القنوات الهضمية و نشرت في المقال الذي اعده س. كلايبورن راي C. Claiborne Ray تحت عنوان " ال DNA : هل هو خردة ؟ أم لا؟ " كما يلي: " أثبتت الدراسات التي اجريت على القنوات الهضمية و استمرت لسنوات أن القنوات الهضمية ليست خردة و أنها هي التي تؤثر على شكل دراسة الجينات... فالقنوات الهضمية تلعب بما لا يدع مجالا للشك أدوراً ايجابية للغاية." 97
و أكد هذا المقال الذي نشرته النيويورك تايمز في ضوء آخر التطورات العلمية على مدي أهمية " ال DNA عديم القيمة المزعوم"الذي يدخل ضمنه القنوات الهضمية للكائن الحي.
و بذلك تكون هذه التطورات التي تناولناها في شكل مواد قد كشفت عن حقيقة مهمة للغاية بجانب المعلومات الجديدة الخاصة بال DNA التي ظهرت. لقد ثبت أن منبع مفهوم ال DNA الخردة الذي جاء به انصار التطور لم يكن سوي الجهل و التلفيق. و في مقالة له نشرت عام 2001 في مجلة العلم لخَّص ايفان ايتشلر Evan Eichler من جامعة Case Wes-tern Reserve الوضع في الكلمات الآتية: " أن تعبير ال DNA الخردة لم يعكس أى شيء سوي جهلنا." 98
انهيار الدعامة الاخيرة لخرافة ال DNA الخردة: اثبات وجود وظيفة " للجين المزيف "
لقد أثبتت كل هذه التطورات العلمية المهمة التي حدثت اعتباراً من التسعينات أن زعم ال DNA الخردة لم يكن سوي خطأ علمي مصدره الجهل وقع فين أنصار نظرية التطور. فثبت ان " DNA غير المُشَفِّر " مثل القنوات الهضمية المتزاحمة وسط الجينات و ال DNA المتكررة التي تتجمع في مكان واحد في شكل صفوف طويلة هي أجزاء في الأصل اجزاء لها وظيفة تؤديها و ليس كما كان يظم من انها عديمة القيمة. و مع هذا فقد ظل هناك نوعاً واحداً فقط من " ال DNA غير المشفرة " لم يُعرف عما ان كان لها وظيفة تؤديها من عدمه: و يطلق على هذا النوع اسم (pseudogenes) أو " الجينات المزيفة ". و الظاهر ان هذه الجينات المزيفة قد ظهرت بعد تعرض الجينات الوظيفية لطفرة أحيائية فقدت خلالها وظائفها. تستخدم كلمة "Pseudo" في الانجليزية بمعنى " المزيف و المخادع " . و يمكن القول أن الجينات المزيفة تلك تحمل أهمية كبيرة بالنسبة لأنصار فكرة التطور. لأنهم اعترفوا من داخلهم ببطلان زعم أن الطفرات الاحيائية هى المسبب لحدوث التطور، و احتضنوا و دعموا زعم الجينات المزيفة باعتبارها الوسيلة التي ستخدع العقول على الرغم من زيفها.
باختصار لو نتذكر انهم قالوا أن الطفرات الاحيائية في التجارب الكثيرة التي اجريت على الكائنات الحية قد أصبحت السبب وراء فقدان و ضياع المعلومات الوراثية الدائمة في الكائنات الحية في الاوقات التي تكون فيها مؤثرة. و كما أن ضربات المطرقة العشوائية على ساعة لن تغير او تطور منها، فإن الطفرات الاحيائية ايضا لم تُطِّور من الكائنات الحية، أو بتعبير آخر لم تتقدَّم بها إلى شكل جديد. و على الرغم من أن نظرية التطور تفترض وجود زيادة في المعلومة الوراثية، الا أن الطفرات الأحيائية تقلل من هذه المعلومة الوراثية و تخربها.
لقد افترض أنصار نظرية التطور الذين لا يتورعون عن اتخاذ كائن واحد فقط كدليل على صحة ما يذهبون اليه افترض أن الجينات المزيفة هي الدليل على حدوث وتيرة التطور الخيالية الخاصة بهم . فادعوا ان أجزاء هذا ال DNA غير المشفره هي الحفريات الجزيئية للتطور المزعوم. و سندهم الوحيد في هذا، هو الجهل بوجود اى وظيفة لهذه الجينات.
و ظل الامر على هذا النحو حتى شهر أيار عام 2003.
فقد نشرت دراسة في عدد مجلة الطبيعة الشهيرة الصادر في 1 أيار عام 2003 أظهرت ان هناك وظيفة تضلع بقيامها الجينات المزيفة. أخبرنا الباحثون في كتاباتهم التي حملت عنوان An expressed pseudogene regulates the messenger-RNA stability of its homologous coding gene " جين مزيف واضح ينظم ثبات الحامض النووي الرِّيبي الحامل لرسالة الجين غير المشفر المتناظر " بالوضع الذي لاحظوه على الفئران في احدي التجارب التي قاموا بها. 99 فقد اتضح أن عددا من الفئران التي خضعت لهذه التجربة قد تعرضت لطفرات احيائية مميتة نتيجةً إحداث تغييرات جينية للجينات المزيفة أو الخادعة التي اطلق عليها اسم Makorin1-p1 . و قد لوحظ وجود تحور و تغير في شكل الكلي و العظام في الفئران.
أما عن تفسير التأثير الذي حدث في تناسق و ترتيب الجينات المزيفة و أثَّر على أعضاء الفئران فهو امر واضح للغاية: إن الجينات المزيفة ليست كما يدعون من أنها لا تقوم بوظيفة، فهى على العكس من ذلك تماماً ضرورية.
و جاء في مقالةٍ نُشرت في مجلة الطبيعة تعليقاً على هذه الدراسة بأنها تعتبر تحدياً للآراء التى انتشرت بخصوص الجينات الزائفة التي كان انصار التطور ينظرون اليها على اعتبار انها " حفريات جزيئية " دالة على صحة التطور.100 و بذلك تنهار خرافة أخري من خرافات التطور.
و لم يكد يمر ثلاثة أسابيع فقط على اكتشاف وجود وظيفة للجينات الزائفة إلا و نشرت مجلة العلم الشهيرة دراسة شكلت هي الاخري ضربة من العيار الثقيل لمفهوم " ال DNA الخردة ".101 فقد اكتشفت احدي الدراسات التي نشرت في عدد المجلة الصادر يوم 23 أيار 2003 وجود وظيفة جديدة تتعلق بال DNA غير المشفرة. و بذلك لم يبق أمام انصار نظرية التطور الذين اطلعوا على التطورات التي نقلناها في السابق سوي التسليم بغير معقولية مفهوم " ال DNA عديم القيمة " الذي تمسكوا به لفترة طويلة. لقد حان الوقت الذي سيُلقي فيه مفهوم ال DNA عديم القيمة إلى سلة المهملات. و في احدي كتاباته وصف Wojciech Makalowski من جامعة ولاية بنسلفانيا هذا التغير: " لقد لخص Wojciech Makalowski هذا الوضع في مقالته " "Not Junk After All( لم يعد خردة إذن ) على النحو التالي:
"لقد بدأ في التسعينات من القرن العشرين تغيير وجهة النظر الخاصة بال DNA الخردة المتعلقة بالعناصر المتكررة...و بدأ عدد أكبر من علماء الاحياء من الآن فصاعد النظر إلى العناصر المتكررة على اعتبار انها كنز جينى. و يشير هذا التقرير إلى أن هذه الجينات هي رابط مهم و انها " ليست DNA خردة " . لهذا السبب لا يجب اطلاق اسم " DNA خردة " على ال DNA المتكررة.... " 102
و الآن يمكننا القول انه قديما كنا نسمع كثيراً عن مفهوم ال DNA الخردة و عن المضاربات التطورية المستندة على ذلك المفهوم.
و كما لخصنا في هذا المقام، فلم يعد هناك وجود لمفهوم ال DNA الخردة الذي يعنى " الضمور " الذي جاء به الدارونيون إلا ان يذكره التاريخ كشيء مضي و انتهي. فلم يفضي تخبط مذهب الدارونية الاخير أيضاً عن شيء.
82- Gretchen Vogel, "Objection #2: Why Sequence the Junk?", Science, 16 ?ubat 2001
83- Wojciech Makalowski, "Not Junk After All", Science, Volume 300, Number 5623, 23 May?s 2003,
84- http://www.arn.org/docs/odesign/od18...m#anchor569108
85- "Does nonsense DNA speak it's own dialect?", Science News, Vol. 164 , 24 Aral?k,1994
86- Hubert Renauld and Susan M. Gasser, "Heterochromatin: a meiotic matchmaker," Trends in Cell Biology 7 (May 1997): pp. 201-205
87- Emile Zuckerkandl, "Neutral and Nonneutral Mutations: The Creative Mix-Evolution of Complexity in Gene Interaction Systems,' Journal of Molecular Evolution 44 (1997): S2-8.
88- Hubert Renauld and Susan M. Gasser, "Heterochromatin: a meiotic matchmaker," Trends in Cell Biology 7 (May 1997): 201-205.
89- Bencil DNA tezi: Evrimcilerin, kodlamayan DNA'n?n s?zde evrimsel olu?umunu aç?klamada ba?vurdu?u bir tez. Bu tez, canl?lar?n i?levini yitirmi? DNA parçalar? aras?nda bir tür rekabet oldu?unu savunan hayali iddiad?r. Bu yaz?da da g?sterildi?i gibi, Crytomonad'lar üzerinde yap?lan bu çal??mayla çürütülmü?tür.
90- Beaton, M.J. and T. Cavalier-Smith. 1999. Eukaryotic non-coding DNA is functional: evidence from the differential scaling of cryptomonal genomes. Proc. R. Soc. Lond. B. 266:2053-2059
91- Sandell LL, Zakian VA. 1994. Loss of a yeast telomere: arrest, recovery, and chromosome loss. Cell 75: 729-739.
92- Ting SJ. 1995. A binary model of repetitive DNA sequence in Caenorhabditis elegans. DNA Cell Biol. 14: 83-85.
93- Vandendries ER, Johnson D, Reinke R. 1996. Orthodenticle is required for photoreceptor cell development in the Drosophila eye. Dev Biol 173: 243-255.
94- Keplinger BL, Rabetoy AL, Cavener DR. 1996. A somatic reproductive organ enhancer complex activates expression in both the developing and the mature Drosophila reproductive tract. Dev Biol 180: 311-323.
95- Kohler J, Schafer-Preuss S, Buttgereit D. 1996. Related enhancers in the intron of the beta1 tubulin gene of Drosophila melanogaster are essential for maternal and CNS-specific expression during embryogenesis. Nucleic Acids Res 24: 2543-2550.
96- R. Nowak, "Mining Treasures from 'junk DNA ", Science 263 (1994): 608.
97- "DNA; Junk or Not", The New York Times, 4 Mart 2003
98- Gretchen Vogel, "Objection #2: Why Sequence the Junk?", Science, 16 ?ubat 2001
99- Hirotsune, S., Yoshida, N., Chen, A., Garrett, L., Sugiyama, F., Takahashi, S., Yagami, K., Wynshaw-Boris, A., and Yoshiki, A. 2003. An expressed pseudogene regulates the messenger-RNA stability of its homologous coding gene. Nature 423: 91-96.
100- Lee, J. T. 2003. Molecular biology: Complicity of gene and pseudogene [News and Views]/78 Emile Zuckerkandl, "Neutral and Nonneutral Mutations: The Creative Mix-Evolution of Complexity in Gene Interaction Systems,' Journal of Molecular Evolution 44 (1997): S2-S8.ature 423: 26-28.
101- "The Birth of an Alternatively Spliced Exon: 3' Splice-Site Selection in Alu Exons ", Galit Lev-Maor, et al. Science, Volume 300, Number 5623, Issue of 23 May 2003, pp. 1288-1291
102- Science, 23 May?s 2003
|