اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 18.07.2010, 08:09

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


الاعتقاد الذي كان سائدا بأن الحفريات هي الدليل على صحة نظرية التطور

دافع كوفييه Cuvier مؤسس علم الحفريات، عن كون الخلق حقيقة علمية و اعلن في الوقت نفسه استحالة حدوث التطور.

ظهر علم الحفريات و تطور قبل داروين بكثير. و مؤسس هذا العلم أي علم الحفريات هو عالم الحيوان الفرنسي بارون جورج كوفْير Paron Georges Cuvier (1769- 1832). فكما تقول موسوعة بريطانيكا فقد كان كوفْيير "هو من أدخل الحفريات للمرة الأولى إلى تصنيف حيواني، و أشار إلى العلاقة بين طبقات الصخور و بقايا الحفريات. كما أشار إلى العلاقات الوظيفية و التشريحية بالدراسات و الابحاث الخاصة بعلم التشريح التي قام بها مع إعادة بناء الحفرية أيضاً". 18
أما الخاصية المهمة التي يتميز بها كوفيير فهي وقوفه ضد نظرية التطور التي تحدث عنها لامارك Lamarck في عصره و تصريحاته التي جاء فيها أن الكائنات الحية خُلقت واحداً واحداً. وكان كوفْيير الذي لفت الانتباه إلى الخصائص المفصلة والحساسة في علوم تشريح الحيوان كان قد أوضح أن هذه الخصائص لن تسمح بحدوث تغيرات قد تتم عن طريق المصادفة. و وفقا لذلك " فالأنواع كانت متناسقة بشكل كبير سواء من ناحية البناء أو من ناحية الوظيفة إلى درجة أنها لم تكن قادرة من البقاء في الحياة عند التغيرات الكبيرة... فكان كل نوع قد خُلق من أجل هدفه الخاص و من أجل الوظيفة الخاصة به." 19

منم المعروف اليوم ان الطائر الاولي لم يكن " طائراً " بدائياً كما كان يدعي مؤيدو نظرية التطور، و انما هو طائر مثل غيرة من الطيور يمتلك قدرة فائقة على الطيران.

أما تشارلز داروين فقد جاء بتأويل مختلف للحفريات. فهو يرى أن هناك وتيرة من التطور قد حدثت على الأرض في الماضي اُشتقت على إثرها و تفرعت الأنواع بشكل تدريجي من جد أو سلف واحد مشترك و أن الحفريات هي الدليل على ذلك. فجاء داروين بذلك التأويل، و لكن هذا التأويل لم يكن يستند في حقيقة الأمر أيضاً على أي سند علمي. بل و على العكس من ذلك، لم تكن الحفريات التي تم الحصول عليها في زمن داروين تشير إلى وجودٍ لأي تطور. و كانت توجد بقايا خاصة بأنواع مختلفة من الكائنات الحية التي انقرضت، و لم تكن هناك أية رابطة قرابة بين هذه البقايا بعضها البعض مثل الذي أوجبت نظرية داروين وجوده. فأي حفرية معروفة تتشابه تماماً و أي كائن حي معروف، أي أن لها نفس الخصائص الموجود في هذا الكائن الحي. انقسم تاريخ لطبيعة إلى مجموعات مختلفة عن بعضها البعض وبينها فروق بنائية كبيرة، و ليس كما هو حال الطبيعة اليوم إلى أنواع متقاربة يشبه بعضها بعضاً.
لهذا السبب، لم يتمكن داروين من استخدام الحفريات كدليل على صحة نظريته. بل وعلى العكس، حاول " تأويل " هذه المسألة المهمة في كتابه والتي أصبحت حجر عثرة في طريق نظريته (أي حاول أن يتخلص من تلك المسألة باحثا عن الذرائع). فأفرد مكانا لهذا الموضوع في قسم من كتابه حمل اسم " Difficulties On Theory" (صعوبات النظرية). وعمد إضافة إلى هذا أيضا إلى إلحاق جزء آخر لكتابه بعنوان " On the Imperfection Of The Geological Record ( عدم كفاية السجلات الجيولوجية " تناول فيه موضوع عدم وجود حفريات معروفة صور فاصلة.
إلا أن مشكلة داروين كانت واضحة للغاية في كلا الجزأين. إن نظرية داروين تقوم في الأساس على زعم أن الأنواع الحية ظهرت نتيجة حدوث تغيرات تدريجية صغيرة للغاية وبعيدة الأجل. و لو كان هذا صحيحاً، إذن فيجب أن تكون هناك صور فاصلة ربطت بين كل نوع بالآخر وعاشت في فترة معينة. ومن المحتم أيضا أن توجد حفريات تدل على أي آثار لها. و لكن الحفريات لم تشر إلى وجود أية "مرحلة فاصلة".


يعرف توماس هَكْسْلي
Thomas Huxley
بأنه أشد المتحمسين لنظرية داروين.

وفي النهاية اضطر داروين إلى إحالة هذه القضية الكبيرة إلى المستقبل. كما أن عنوان القسم الذي ضمنه كتابه و حمل عنوان "عدم كفاية السجلات الجيولوجية" كان يشير بوضوح إلى هذا. فداروين يرى أن المشكلة تكمن في عدم كفاية الحفريات. وكان كلما اكتشفت حفريات جديدة كان ينظر إلى المستقبل الذي سيكتشف فيه حفريات تدعم نظريته. وقد كتب عن ذلك الموضوع على هذا الشكل:
”وكما تحدثت، فهناك سلسلة عضوية تدريجية لم يكشفها علم الجيولوجيا؛ و ربما يكون هذا هو أكبر و أوضح اعتراض يمكن أن يدعيه البعض ضد نظريتي. و أنا أؤمن بأن التفسير الحقيقي يكمن في عدم كفاية السجلات الجيولوجية“. 20
لقد رأى بعض الناس من التكهنات التي جاء بها داروين أمراً مقنعاً. و مع ازدياد عدد مؤيدي نظرية داروين عملوا على حفر الأرض و بدأوا في عمليات البحث والتنقيب عن الأشكال البينية التي يعتقدون أنها "مفقودة" لتوسيع دائرة المُدَوَّنات الحفرية. و ظهرت بعض الاكتشافات العلمية التي ألهبت حماسهم... إلا أنه تبين مع الزمن أن حماسهم هذا كان عبثاً.
وكانت حفرية أحد الطيور - وهي لطائر بدائي منقرض شبيه بالزواحف- الذي اطلق عليه اسم حفرية الطائر البدائي المجنح، هي واحدة من الاكتشافات التي أشعلت حماس انصار نظرية التطور. فعلى الرغم من أن هذه الحفرية التى تم الحصول عليها عام 1860 في مدينة سولنهوفن Solnhofen ، تعود لطائر إلا انها حملت بعض الصفات الأصيلة. فوجود أسنان في فمه و أظافر تشبه المخالب في جناحيها و ذيلها الطويل كل ذلك جعلها أشبة بالزواحف من الطيور. و كانت هذه الحفرية بمثابة الفرصة التي لا تعوض بالنسبة إلى أنصار داروين. فأعلن توماس هوكسلي Thomas Huxley المعروف بأنه أكبر المدافعين عن داروين أن هذه الحفرية حفرية الطائر البدائي المجنح تعود إلى كائن حي نصفه طائر و النصف الآخر من الزواحف. وعلق بأن جناحية لا يصلحان للطيران، ولهذا السبب فهذا الكائن اعتبر "طائرا بدائيا"، وحاز الاكتشاف على رواج كبير بين الناس، و ولد أسطورة حفرية الطائر البدائي المجنح التي استمرت طيلة القرن العشرين. إلا أنه اتضح مع الزمن مدى سطحية هذه الاسطورة، فهذا الكائن الحي لم يكن "طائرا بدائيا"، بل على العكس من ذلك فقد كان هيكله العظمي و ما على جسمه من ريش يؤهلانه بدرجة كبيرة للقدرة على الطيران، كما أن التاريخ يشهد بوجود خصائص و صفات تتشابه و مثيلاتها عند الزواحف بل و ما زالت توجد اليوم طيور تتشابه و الزواحف.
ونتيجة لهذه الاكتشافات التي تحدثنا عنها سكنت المضاربات التطورية التى تتعلق بحفرية الطائر البدائي المجنح التي كانت ستعد "المرشح الأكثر شهرة للشكل الفاصل للتطور في كل الأزمنة". و كما أوضح البروفيسور في قسم الاحياء في جامعة شمال كارولينا و المتخصص في علم الطيور: "أشار معظم الباحثين الجدد الذين تناولوا بالبحث الخصائص التشريحية المختلفة لحفرية الطائر البدائي المجنح إلى أن هذا الكائن الحي أشبه ما يكون بشبيه الطائر أكثر مما تخيله البعض فيما سبق". أما لوحة "الكائن الحي الذي يشبه نصفه الزواحف" و التي تم رسمها بهذا الخصوص فقد ظهر خطأها. و يري فيدوسيا Feduccia بالقول: "لقد بالغوا كثيرا عندما رسموا شبها بين حفرية الطائر البدائي المجنح و الديناصور". 21
يُفهم من هذا باختصار أنه لا يوجد فرق بين حفرية الطائر البدائي المجنح والطيور في يومنا الحالي. ويمكننا أن نقول بوضوح إنه لا يوجد أي شكل بيني فاصل في فترة القرن و نصف القرن التي مرت منذ داروين ييمكن ان تدخل فيها حفرية الطائر البدائي المجنح. و قد تحولت هذه الحقيقة - و خاصة ابتداءً من السبعينات - إلى أمر مسلم به لا يقبل الجدل، وقبل بها بعض علماء الحفريات الذين كانوا يؤمنون بنظرية التطور. ويعتبر ستيفن جاي جولد Stephen Jay Gould و نيلز ايلدريدج Niles eldredge من أشهر علماء الحفريات هؤلاء. فقد ذكر هذا الثنائي الذي زعم بوجود نموذج مختلف للتطور تحت اسم "التطور الفجائي" بكلّ إصرار أن سجلات الحفريات الخاصة بالدارونية "فكرة التدرج في التطور" هي التي أفسدت ما ذهبا اليه. وكما أوضح جولد و أيلدريدج بالتفصيل فإن مجموعات الكائنات الحية تظهر بشكل فجائي في سجلات الحفريات وبعد ذلك تظل دون أن يصيبها أي تغير لمئات الملايين من السنين".
و في كتاب له كتبه مع عالم حفريات مناصر للدارونية آخر يدعى "لان تاتترصال" Lan Tattersall أكد ايلدريدج على النقطة المهمة التالية:
”إن مسألة عدم حدوث أي تغير في الحفريات المتعلقة بالأنواع المختلفة طوال فترة وجودها في مدونات الحفرية هي في الواقع حقيقة يعرفها علماء الحفريات حتى قبل انتشار فكرة أصل الأنواع الخاصة بداروين. أما داروين فيتكهن بأن الأجيال القادمة هي التي ستكتشف الحفريات الجديدة التي ستملأ هذه الفراغات... و قد أكدت نتائج الأبحاث التى أجريت على الحفريات طيلة الـ120 عاما الماضية أن تكهنات داروين الخاصة بمدونات الحفريات لا يمكن أن تكون صحيحة.
كما أن هذا ليس مشكلة تنبع من عدم كفاية مدونات الحفريات، فمدونات الحفريات تشير و بوضوح إلى أن هذه التكهنات خاطئة. إن التجربة التي تقول بأن الأنواع ظلت ثابتة و ساكنة طوال فترات التاريخ الطويلة تحوي كافة الأوصاف والتفاصيل الموجودة في حكاية "الملك العاري": وهذا ما رآه كل فرد و أدركه، و لكنهم فضلوا أن يتجاهلوا ما رأوه. لقد أدار علماء الحفريات - الذين ظلوا في مواجهة مع ما حملته لهم حفرية مشاكسة رفضت و بإصرار اللوحة التي رسمها داروين - وجوههم عن هذه الحقيقة“. 22
مرةً أخرى أتت هذه الحقيقة في كتاب لثلاثة من علماء الاحياء حمل اسم Integrated Principles Of Zoology ( المبادئ المتكاملة لعلم الحيوان ):
لقد ظلت أنواع كثيرة جداً لملايين السنين كما هي دون أن يحدث لها أي تغير، وبعد ذلك فنيت بشكل فجائي وجاءت بديلا عنها أنواع أخرى مختلفة للغاية. والأكثر من ذلك هو أن كثيرا من مجموعات الحيوانات ظهرت بشكل فجائي هي أيضا في مدونات الحفريات، ولم يتمكن أي شخص من ايجاد حفريات يمكن اعتبارها شكلا لفترة بينية يمكن اعتبارها جدا لهم“. 23
ولم تحوّل الاكتشافات الجديدة الوضع لصالح الدارونية. ويوضح هذا الوضع أيضاً توم كِمب Tom Kemp - وهو رئيس قسم الحيوان في جامعة أوكسفورد في كتابه المنشور في عام 1999 و الذي حمل عنوان " الحفريات و التطور " - على النحو التالي:

محفرية الطائر الاولي Archaeopteryx


”إن أصناف الكائنات الحية حديثاً تظهر دون أن يكون لها مجموعة أجداد معلومة، وعلى اعتبار أن صفاتها المُمَيِّزة و المُحَدِّدَة موجودة في طبقات الحفرية في كل الحالات تقريبا“ً. 24
وبذلك تحولت مدونات الحفريات التي اُعتبرت قديماً كدليل على صحة نظرية داروين إلى دليل ضد نظريته. يلخص هذا الأمر عالم الرياضيات و المناهض لنظرية التطور ديفيد بيرلينسكي David Berlinski في جامعة برينسيتون Princeton على النحو التالي:
”مقبرة الحفريات مليئة بالفراغات و التجاويف. و لا يوجد عالم واحد متخصص في عام الحفريات ينكر هذا لأنه حقيقة واضحة للعيان. و هذا الأمر في حد ذاته يتناقض مع ما تذهب إليه نظرية داروين“. 25
أما أكثر النماذج إثارة للانتباه في هذا التناقض، فكان سقوط "شجرة الحياة" التي افترضها الداروينيون.

الاعتقاد قديما في وجود "شجرة التطور"


Charles D. Walcott

لعل أكثر الضّربات التي تلقتها الدّاروينية إيلاما من مدونات الحفريات كانت تلك اللوحة التي أظهرتها الحفريات المكتشفة و التي تعود إلى فترة العصر الكَمْبري.
لقد كان داروين على قناعة تامة بأن الحياة الموجودة على سطح الأرض قد ظهرت أول ما ظهرت من أصل واحد، و أخذت بعد ذلك تتفرع تدريجياً إلى فروع تشبه فروع الشجرة. و كأن هناك رسما بيانيا يعكس هذه النظرة في أصل الأنواع. ومع الزمن تحول مفهوم "شجرة التطور" التي رسخت في الأذهان مع هذا الرّسم البياني إلى واحدة من أهم أساطير مذهب الداروينية. وقد قامت آلاف الكتب الدّراسية والكتب العلمية و الجرائد و المجلات بنشر صور
صورة حديثة أخري خاصة بالطائر الاولي.ختلفة لـ"شجرة التطور". لقد فُرض على الناس أن يُصدقوا الرسوم البيانية الخاصة بـ"شجرة التطور" والفكر القائل بأن الكائنات الحية خرجت جميعها من أصل واحد ولعبت المصادفة الدور الأكبر في هذا الأمر.
بيد أنّ الحقيقة جاءت على النّقيض من ذلك تماماً. لقد تم إدراك هذه الحقيقة مع اكتشاف "الانفجار الكمبري" بأوضح صورة. وحتّى نعرف حكاية هذا الاكتشاف يجب علينا أن نعود إلى بدايات القرن العشرين وإلى عام 1909 على وجه التحديد. ففي ذلك العام قام أحد علماء الحفريّات و يدعى تشارلز د. ولكوت بإجراء أبحاث في منطقة الجبال الصخرية الموجودة في كندا. وفي منطقة تسمى بُورجيس باص صادف ولكوت طبقات من الصخور محمية بدرجة كبيرة للغاية، أو كما يطلقون عليها بالإنجليزية اسم ( shale ). و لاحظ وجود عدد كبير من الحفريات في مرتفع منطقة بورجيس، ولم يكن من الصعب عليه معرفة أنها تعود إلى العصر الكمبري. بعد ذلك قام بالاهتمام طوال 4 سنوات بجمع ما بين 60 إلى 80 ألف حفرية من منطقة shale و دون جميع تفاصيل عمله هذا.
وتميزت الحفريات التي قام "ولكوت" بجمعها بخاصية مدهشة للغاية: فقد تناول بالبحث بقايا الكائنات الحية المتعلقة بكل السلالات التي تعيش اليوم. (العائلة هي أكبر تصنيف اُستخدم لتصنيف الكائنات الحية في عالم الحيوان. و تنقسم الحيوانات إلى أكثر من 50 عائلة، و توجد خطط جسدية خاصة بهذه الشعب أو العائلات جميعاً. ويمكن اعتبار "قورداتا" kordata التى تضم سلسلة الفقاريات و "أرتروبودا" artropoda التي تضم كافة الحشرات، و"موللوصقا" molluska التي تضم حيوانات الرّخويات القشرية جميعها من بين السّلالات و الشعب المألوفة بشكل كبير بالنسبة إلينا).
لقد شعر "ولكوت" بدهشة عارمة عندما فهم العائلات التي تنتمي إليها الحفريات التي قام بجمعها لأن طبقة الحفرية التي وجدها كانت قديمة للغاية، كما أن أحداً لم يصادف وجود حياة جديرة بالتسجيل و التدوين في الطبقات الأقدم من تلك التي وجدها هو. وقد وجد في هذه الطبقة كائنات حية تعود إلى كل الشعب و العائلات المعروفة بالنسبة إلينا تقريباً. و الأكثر من ذلك أنه وجدت حفريات تعود إلى عائلات لا نعرف عنها شيئاً على الإطلاق. وكان هذا يشير إلى ظهور كل الخصائص الجسمانية الموجودة في عالم الحيوان في نفس العصر الجيولوجي.
وهذا ما كان يمثل ضربة هدَّامة لنظرية التطور الخاصة بداروين لأن داروين كان يزعم أن الكائنات الحية قد تتطور و تنمو مثل فروع شجرة تمتد بشكل تدريجي. ووفقا لشجرة التطور التي تصورها داروين يجب أن تكون هناك شعبة أو عائلة واحدة على سطح الأرض في البداية، و لا بد أن تكون العائلات المختلفة قد ظهرت بالتدريج خلال الفترات الزمنية الطويلة التي أعقبت ذلك. بيد أن "ولكوت" كان في مواجهة مع الدلائل التي تشير إلى ظهور جميع العائلات و السلالات في اللحظة نفسها. وكان هذا يعني أن يتم قلب "شجرة التطور" رأساً على عقب.

حفرية معدنية Metaldetes
تشبه الاسفنجيات الموجودة في عصرنا الحاضر.
حفرية Wiwaxia
صادفنا الكثير منها في العصر الكمبري.
Mobergella
حفرية من القشريات ترجع إلى العصر الكمبري
تظهر الحفريات الخاصة بالعصر الكمبري ( قبل 450 – 495 مليون عام ) أن الكائنات الحية ظهرت، أى عاشت على طبقات سطح الارض بخصائصها المعقدة دون أن تمر بمراحل التطور المزعومة.



Marella:
حيوان مفصلي يمكنه السباحة و السير.
Xystridura: يمتلك هذا النوع الذي ينتمي إلى ثلاثيات الفصوص عيوناً معقدة بها عدد كبير من العدسات.
Pikaia البيكة: عرفت هذه الحفرية على انها اقدم حفرية من فصيلة الارانب kordota شعب كل الكائنات في العصر الكمبري جنبا إلى جنب تدحض تماماً شجرة السلالة التي وضعها داروين.

إلا أنه كان يجب الانتظار لمدة 70 عاماً أخرى حتى تظهر هذه الضربة الكبيرة الموجهة إلى النظرية. و السبب في هذا أن "ولكوت" اتخذ القرار بأن يخفي نتيجة الدراسة التي قام بها بدقة شديدة طوال 4 سنوات بدلا من يعرض الحفريات التي تناولها بالبحث على دنيا العلم. لقد كان "ولكوت" يعمل مديراً لمتحف سميثسونيان (Smithsonian) الشهير الموجود في واشنطن، وكان داروينياً متحمساً. لما رأى أن الحفريات التي تناولها بالبحث قد تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة إلة نظرية التطور فضل أن يضع تلك الحفريات في الأرشيف بدلا من إظهارها و إظهار ما توصل إليه بشأنها. ويرجع الفضل في ظهور تلك الحفريات إلى النور إلى إعادة تحقيق وبحث أرشيف المتحف في عام 1985. و يعلق العالم الاسرائيلي جيرالد سكرويدر Gerald Schroeder على هذا الموضوع قائلاً:
”لو أراد ولكوت ذلك لجاء بجيش من الطلاب من أجل بحث الحفريات ودراستها، لكنه فضل ألا يتسبب في إغراق سفينة التطور. أما اليوم فقد اكتشفت حفريات تعود إلى العصر الكمبري في الصين و أفريقيا و الجزر الأنجليزية و السويد بالإضافة إلى جرين لاند. وصار الانفجار (الذي حدث في العصر الكمبري) قضية مُعاشة في العالم بأسره. ولكن المعلومات تم لإخفاؤها قبل أن يكون ممكناً مناقشة طبيعة هذا الانفجار الخارق للعادة“. 26
وطوال فترة 70 عاما تقريبا لم يصل إلى هذه الحفريات الموجودة خلف الأبواب المغلقة و يحللها سوى عدد محدود من علماء الحفريات هم "هاري ويتنجتون" Harry Whittington و "ديرِك بريجس" Derek Brigs "وسيمون كونواي موريس" Simon Conway Morris. و قد أعلن هؤلاء العلماء عن أن هذه الحفريات التي وجدها "ولكوت" إنما تعود إلى واحد من أقدم العصور الجيولوجية وهو العصر الكمبري. و هم من أطلق مسمى "الانفجار الكمبري" على ظهور هذا الكم الهائل من الكائنات الحية في لحظة واحدة في هذا العصر. كما أصبحت فترة الثمانينات من القرن العشرين، وكما أعلن "سكرويدر" هي الفترة التي تم فيها اكتشاف منطقتين جديدتين يوجد بها حفريات تتشابه ومنطقة بورجيس "shale ": وهاتان المنطقتان هما "سيرياسٍٍٍ" ٍ Siriusفي شمال جرين لاند و"تشينج جيانج" Chengjiang في جنوب الصين. فتوجد حفريات الكائنات الحية المختلفة والتي ظهرت في العصر الكمبري في هذه المناطق كلها. وكانت الحفريات التى تم اكتشافها في منطقة "تشينج جيانج" هي الأقدم و أكثر الحفريات التي تم حمايتها بشكل أفضل من تلك الموجودة في المناطق الأخرى، و هي تضم أيضاً سلسلة الفقاريات الأولي. وقد بيَّنت الدّراسات التي أجريت أن الانفجار الكمبري قد حدث خلال فترة تقدر بعشرة ملايين عام، وهي فترة زمنية قصيرة للغاية من وجهة النظر الجيولوجية. كما أعلن أن الأجهزة و الأعضاء في كل الكائنات الحية التي ظهرت دفعة واحدة في تلك الفترة تتمتع بقدر عال من التعقيد، وهو الأمر الذي تفتقده تماماً الكائنات الحية أحادية الخلية وكثير من الكائنات كثيرة الخلايا. وقد أُعلنت هذه المعلومات في إحدى المقالات التي نُشرت في مجلة العلم بتاريخ 2002:
"ويمكن القول بالنظر إلى ما تسجله الحفريات أن الحياة قد بدأت على سطح الأرض قبل 5‚3 مليار سنة، وكانت هذه الحياة عبارة عن البكتيريا التخليقية الضوئية "الفوتوستاتيك". و خلال فترة 3 مليار عام لم يكن على الأرض بجانب البكتيريا كائنات حية أكثر من العوالق والنباتات البحرية المجهرية. إلا أنه ظهر بعد ذلك بشكل فجائي، وبالتحديد قبل 540 مليار عام مجتمع به أعداد كبيرة من الحيوانات في أعماق المحيط. وقد غيَّرت هذه الكائنات مثل المخلوقات خماسية الأعين التى لها كلابات تقبض بها على الأشياء والتى تنتمي أيضاً لفصيلة الخراطين (ديدان الأرض) الطويلة ذات الشوك غيرت في فترة لم تتجاوز 10 ملايين عاماً – هذه الفترة تماماً مثل طرفة العين من ناحية مسيرة التطور الزّمني - أرض المحيط تماماً. و هذه الكائنات كانت بمثابة أول ممثل لجماعات الحيوانات الكبيرة المعروفة لنا حتى إن بعضها كان الأصل أيضا لجماعات أخرى من الحيوانات التى ستنقرض في مرحلة قادة من الزمن“. 27
يحاول أنصار نظرية التطور أن يقدموا تفسيرات متنوعة مضادة لفكرة الانفجار الكمبري، الا ان كل ما قدموه من تفسيرات لم تكن مقنعة على الاطلاق. و كما اوضحنا في كتابنا الذي حمل عنوان "مأزق الصور الفاصلة الخاصة بمذهب الدارونية " ، فإن كل الاطروحات التي قدمها انصار التطور و قدموا فيها زعمهم ضد مسألة العصر الكمبري هي ادعاءات باطلة تكشف في الوقت نفسه عن النقاشات التى في داخل أنصار التطور أنفسهم.
وقد تحدثت مجلةTrends in Genetics (TIG) العلمية الشهيرة في عددها الصادر في شهر شباط عام 1999 عن استحالة تفسير الاكتشافات الحفرية في "بورجيس" وفقاً لآراء نظرية التطور وأن الأطروحات المزعومة في هذا الموضوع لم تكن مقنعة بأي حال من الأحوال: "من الغريب بالفعل أن هذه الحفريات التي وجدت في رقعة صغيرة قد استحوذت على مساحة كبيرة من المناقشات الساخنة التي دارت بخصوص هذه المسألة الكبيرة في علم الأحياء التطوري. إلا أنّ الشيء الذي كان وراء هذه المناقشات هو أن هذه الحفريات حددت فجأة الحيوانات التي كانت تعيش في العصر الكمبري. وقد عملت الاكتشافات الحفرية الجديدة والنتائج القاطعة لتحديد التواريخ الراديو مترية (تحيد التواريخ عن طريق مقياس قوة الاشعاع) على تعميق وتأكيد آنية ومجال هذه الثورة الإحيائية فقط. ويجب أن يكون هناك تفسير لهذا التغيّر الكبير الذي حدث في بوتقة الحياة على سطح الأرض، وبالرغم من أن هناك الكثير من الأطروحات التي قدمت زعمها الخاص في هذا الموضوع إلا أن أيّا منها لم يكن مقنعا"ً. 28
وفي كتابة "أيقونة التّطور" شرح عالم الإحياء الأمريكي "جوناثان ويلز" Jonathan Wells الوضع على النحو التالي:
"إلا أنّ شجرة الحياة هي الاأقونة الأشهر بين كل أيقونات التّطور، والسبب في هذا أن عملية الاشتقاق من جد واحد مشترك كانت الأساس الذي بنى علية داروين نظريته... إلا أنّ داروين كان على علم – و هو الأمر الذي قبل به العلماء و سلموا به قبل وقت قريب – أن ما حملته سجلات الحفريات في الزمن المبكر سيقلب شجرة التطور الخاصة به رأساً على عقب. و قبل عشرة أعوام كان هناك من يأمل أن تنقذ الحجج الجزيئية هذه الشجرة، إلا ّن الاكتشافات العلمية الجديدة جاءت لتقضي على هذا الأمل تماماً. وربما أنكم لم تقرأوا عن هذا في الكتب الدراسية، إلا أن الحقيقة هي أن شجرة التطور الخاصة بداروين أصبحت بالفعل في وضع المنهار". 29


صور توضيحية تُظهر الكائنات الحية المعقدة التي ظهرت فجأةً في العصر الكمبري.

تفند الحفريات الخاصة بالكائنات الحية المعقدة التي عاشت قبل مئات الملايين من السنين، ادعاءات التطور!












و بناءا على ذلك يمكننا القول إنه قديماً كان هناك مذهب يطلق عليه اسم مذهب الداروينية. و كان هناك من يعتقد أن هناك حفريات قد جاءت بما يدعم هذه النظرية. غير أن ما حملته هذه الحفريات جاء ليثبت العكس تماماً. أما الآن فقد انهارت هذه النظرية تماماً. و أصبح الكثيرون على قناعة بأن الحفريات لم تشر أن الحياة ظهرت على سطح الأرض عن طريق التطور بل ظهرت بشكل مفاجئ. ومعنى ظهور الحياة بشكل مفاجئ هو "الخلق". فالله هو الذي خلق كل الكائنات من العدم بلا نقص أو عيب. وهو خالق السّماوات و الأرض. ? بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَ إذَا قَضَى أمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون. (سورة البقرة: 117)
18- Encyclopedia Britannica 2002, Expanded Edition DVD-ROM, "Cuvier, Georges, Baron"
19- Encyclopedia Britannica 2002, Expanded Edition DVD-ROM, "Cuvier, Georges, Baron"
20- Charles Darwin, The Origin of Species by Means of Natural Selection, The Modern Library, New York, p.234
21- Alan Feduccia, The Origin and Evolution of Birds, Yale University Press, 1999, p.81
22- N. Eldredge, and I. Tattersall, The Myths of Human Evolution, Columbia University Press, 1982, p.45-46
23- Hickman, C.P. [Professor Emeritus of Biology at Washington and Lee University in Lexington], L.P.Roberts [Professor Emeritus of Biology at Texas Tech University], and F.M. Hickman. 1988. Integrated Principles of Zoology. Times Mirror/Moseby College Publishing, St. Louis, MO. 939; (p.866)
24- Fossils and Evolution, Dr TS Kemp - Curator of Zoological Collections, Oxford University, Oxford Uni Press, s.246, 1999
25- David Berlinksi, Commentary , Sept. 1996 p.28
26- Gerald Schroeder, "Evolution: Rationality vs. Randomness", http://www.geraldschroeder.com/evolution.html
27- Richard A. Kerr, "A Trigger for the Cambrian Explosion?", Science, 298, Nov 22 2002: 1547
28- Gregory A. Wray, "The Grand Scheme of Life", Review of The Crucible Creation: The Burgess Shale and the Rise of Animals by Simon Conway Morris, Trends in Genetics, February 1999, vol. 15, no. 2
29- Jonathan Wells, Icons of Evolution, p.31

البحث عن الحلقة المفقودة

صور تعرض التنقيب الذي تم في بلتداون مكان مولد فضيحة انسان بلتداون.
تناولنا بالبحث في جزء سابق كيف أن مدونات الحفريات لم تقدم الدّعم الذي كان ينتظره مذهب التطور. أما الجزئية المهمة التى لم نتطرق إليها بالبحث بعد، فهي الحفريات الخاصة بالإنسان. فقد تناول داروين موضوع أصل الإنسان في كتابه الذي حمل عنوان "نشأة الانسان" (The Descent Of Man)، وليس في كتاب أصل الأنواع الذي سبق ذلك بـ 12 عاماً. و يرى داروين أن الإنسان يحتل المرتبة الأعلى بين مراتب التطور المزعومة، وأن الجدّ أو السلف الأول له هو من فصيلة الرئيسيات التي تشبه القرود في وقتنا الحاضر.
و لم يكن عند داروين أيضاً أي دليل يدعم به وجهة نظرة تلك. و كان الشيء الوحيد الذي فعله هو أنه تخيل وجود علاقة قرابة بين الانسان و القرود، تلك الكائنات الحية الأنسب في عالم الحيوان لأنها الأشبه بالإنسان من الناحية الفيزيائية. و زعم في كتابه أن بعض "الأجناس البدائية" التي تعيش على سطح الأرض قد شكلت دليلا على صحة نظرية التطور. (بيد أن الأبحاث الجينية التي جرت في يومنا الحاضر أوضحت جلياً للعيان أن النظرة العنصرية التى ذهب إليها داروين وغيره من أنصار نظرية التطور لم تكن صحيحة).

فهمت ماهية انسان بلتداون في عام 1953: فقد وجد الخبراء الذين فحصوا جمجمته، انها حفرية مزيفة.
لقد فكّر داروين في أن يقوم بالبحث عن الحفريات التي تثبت للمؤيدين لنظريته هذه التطور المزعوم، و ذلك فقا لما زعمه من حيث أن الانسان و القرود قد انحدروا من جد واحد. و اعتباراً من الرّبع الأخير من القرن التاسع عشر توجه كل اهتمام علم الحفريات من أجل هذا الهدف. وبدأ أنصار مذهب التّطور من علماء الحفريات عمليات الحفر أملا في العصور على "الحلقة المفقودة" التي زعم داروين أنها موجودة بين القرد و الانسان.
وفي عام 1910 ظهر في أنجلترا الاكتشاف الكبير الذي طالما تمنوا ظهوره. وكان عبارة عن جمجمة " إنسان بلتداون" التى قدمت بعد ذلك وطوال 43 عاما إلى العالم على أنها دليل مهم للغاية على صحة نظرية التطور. وقد استخرجت الحفرية من قبل أحد علماء الحفريات غير المحترفين ويُدعى تشارلز داوسون، ولهذا السّبب أطلق عليها اسم Eoanthropus dawsoni. والحقّ يُقال فحفريّةEoanthropus dawsoni تلك هي بالفعل حفرية غريبة: ففي الوقت الذي نرى فيه أن الجزء العلوي من الجمجمة يشبه تماما مثيله عند الإنسان، نجد أن منطقة الذّقن لدى شبيهة بتلك الموجودة عند القرود. لهذا نال هذا الاكتشاف شهرة واسعة في فترة وجيزة. وفي الوقت نفسه ادعى الانجليز بكل فخر و اعتزاز كبيرين أن الحفرية التي تم الحصول عليها في انجلترا إنما تعود إلى الجدّ الأعلى لأجناسهم. وكان يُنظر إلى التكوين الكبير للجمجمة إلى أنه مؤشر على تطور "الذكاء الانجليزي" للسّابقين. وفي السّنوات التي تلت ذلك كُتبت مئات من الرّسائل العلمية كلها كانت بخصوص حفرية Eoanthropus dawsoni واقتنع مئات الآلاف من زوار المتحف البريطانى الذي كانت تعرض فيه الحفرية بموضوع "تطور الانسان".
غير أنه كان هناك شيء وحيد جهلوا به: هذا الشيء هو أن هذه الحفرية كانت نتاجا من الخيال و التزييف. فقد ظهر نتيجةً للأبحاث التي أجريت في عام 1953 على الجمجمة ذاتها أن حفرية إنسان بلتداون عبارة عن حفرية مزيفة تكونت نتيجة اتحاد عظام بشرية و عظام سِعْلاة. ووسط دهشة الرأي العام العارمة تم إخراج أكبر دلائل التطور المزعومة من المتحف البريطاني الذي عُرضت فيه بعناية شديدة لعشرات السنوات.
وفي العشرينات من القرن العشرين حدثت فضيحة أخرى وإن كانت أصغر من بلتداون. ففي عام 1922 تم تقييم الأسنان التي وجدت في ولاية نيبراسكا في الولايات المتحدة الأمريكية على أنها تخص حفرية تمثل شكلاً وسيطاً بين الإنسان والقرد، وتجاوز الأمر موضوع الأسنان ونسجت خيالات جديدة، وفي هذه المرّة عن "إنسان نيبراسكا"، إلاّ أنه ظهر فيما بعد أن هذه الأسنان لم تكن تخص أياّ من الإنسان ولا القرود، بل كانت بعض من أسنان خنزير بري. وعلى الرّغم من هذا الإخفاق الكبير فلم ييئس أنصار التّطور واستمروا في البحث عن الحفرية التي تثبت صحة آرائهم في موضوع أصل الإنسان. ومع الوقت انتشرت وجهة نظر أخرى مفادها أن القردة المنقرضة التي أطلق عليها اسم سعلاة الجنوب هي أقدم جدّ للإنسان. ورسخت في الأذهان صورة التطور على أنها عبارة عن تسلسل لنوع سعلاة الجنوب بدءاً من الإنسان اللَّقِن (Homo habilis) والإنسان رودولفانسيس (Homo rudolfensis) والانسان منتصب القامة (Homo erectus) وصولا إلى الإنسان الحالي أيّ الانسان الموجود الآن. فتبنت الكتب الدراسية و المجلات العلمية و المنشورات والصحف اليومية والأفلام و حتى الأفلام الدّعائية نفسها تبنت صورة "سلسلة القردة التي اختفت تدريجياً"، بل وتداولتها لعشرات السنوات دون أن يكون أي تساؤل أو غرابة يبديها أحد.
باختصار، لقد لقيت الفكرة التي فسرت أصل الإنسان وفقاً لنظرية التّطور قبولا وانتشاراً خلال فترة طويلة من القرن العشرين.

عرض انسان بلتداون في المتاحف طوال أربعين عام، حتى اكتشفوا أنه مزيف، كما زين اغلفه المنشورات " العلمية ".
غير أن الحقائق كانت مغايرة لذلك تماماً، فلا يوجد ثمة حفرية واحدة تتوافق مع ما ذهبت إليه نظرية التطور. والأكثر من ذلك أنهم كلما اكتشفوا حفريات جديدة كلما تعقدت المسألة و تعذر ايجاد حل لها. وفي النهاية بدأت بعض الجهات من ذوي الصلاحيات الاعتراف بالحقيقة. وقد تحدث في هذا الموضوع العديد من علماء الحفريات ويأتي على رأس العلماء الأمريكان "نيلز ايلدريدج" Niles Eldredge من جامعة هارفارد و "لان تاترصال" Lan Tattersal من متحف تاريخ الشرق الأمريكي ولهما تصريحات مهمة في هذا الخصوص:
"لقد أصبحت الفكرة التي تقول بأن تاريخ تطور الكائنات الحياة عبارة عن مسألة أو قضية استكشافية أصبحت مجرد خرافة. فلو كان بهذا الشكل و وجدنا حفريات كثيرة لكائنات شبيهة بالإنسان لكان من الضروري أن تتحول حكاية التطور إلى شكل أكثر وضوحاً. غير أنّ الحقيقة هي أنه عندما كان يحدث شيء كان يحدث شيء آخر على النقيض تماما من الأول". 30
وفي مقال له نُشر عام 1995 عبر ريتشارد ليونتِن Richard Lewontin البروفيسور في جامعة هارفارد وهو واحد من أهم الأسماء في نظرية التطور عبر عن حالة اليأس التي وقع فيها مذهب التطور و قال:
"عندما نفكر في الماضي السّحيق وصولا إلى ما قبل نوع الإنسان العاقل "الإنسان المُعاصر صاحب أكبر سعة عقلية ابتكارية" تقابلنا مدونات حفرية مشوشة غير كاملة. وعلى الرّغم من الادعاءات المتفائلة والمفعمة بالحماس من جانب بعض علماء الحفريات، إلا أننا لم نتمكن حتى الآن من إيجاد نوع شبيه بالإنسان على الإطلاق والتسليم بشكل مباشر بأن هذا النوع هو جدنا المباشر". 31
وقد صرّح في السّنوات الأخيرة عدد كبير جدّا من أنصار نظرية التطور المتخصصين في الموضوع بأنه لم يعد لديهم سوى أفكار متشائمة لأبعد الحدود بخصوص النظرية التي دافعوا عنها في الأساس. مثال هؤلاء هنري جي Henery Gee المحرر العلمي في مجلة "الطبيعة" Nature الشهيرة الذي تحدث عن هذا الموضوع قائلاً:
"إنّ الرّسم البياني لتطور الإنسان و المعتمد على علاقات الجدّ بالحفيد أو السلف بالخلف هو في حقيقة الأمر مجرد اختراع و ابتكار إنساني بنى على آراء مسبقة صاغها الناس... إنّ عملية أخذ مجموعة من الحفريات والقول بأنها تعكس وجود سلسلة قرابة هي في الواقع ليست فرضية علمية يمكن إخضاعها للاختبار، وكل ما في الامر انها مجرد حكاية أو حدوته من احاجي منتصف الليل المسلية التي قد تكون مُوَجِّهَةً أو مُرْشِدَةً للانسان في كثير من الأحيان إلا أنها ومع ذلك لا تستند لأيّ أساس علمي". 32

ليس هناك " خط تطور " حقيقي يمتد من القردة إلى الانسان كما انه لا يمكن حتى ان يكون قد استند على أي مستوي نظري.
وتجري في يومنا الحاضر التساؤلات ولكن بشكل جدي عن قالب "شجرة أصل الانسان" التقليدية. و نتيجة لذلك أعلن العلماء الذين قاموا ببحث القرائن والأدلة بمنأى عن أيّ أحكام مسبقة أن الخط الذي وضعه أنصار التطور ليصل بين سعلاة الجنوب والإنسان العاقل لم يكن سوى خط متكلَّف تماما. أما الأنواع المختلفة مثل الإنسان اللَّقِن والإنسان منتصب القامة فلم تتعد كونها مجرد نسج من الخيال. وفي مقالة لهما نشرت لهما في عام 1999 في مجلة العلم دافع كل من برنارد وود Bernard Wood، وهو من علماء الحفريّات التطوريين و مارك كولارد Mark Collard عن كون تصنيفات الإنسان اللَّقِن و Homo rudolfensis مجرد خيال وأنه لابدّ وأن تكون الحفريات التي اُدمجت في هذه التصنيفات قد انتقلت إلى نوع سعلاة الجنوب.33
أما ميلفورد ولبوف من جامعة ميتشجان و آلان ثورن من جامعة كانبيرا فيرون أن الإنسان منتصب القامة ليس إلا تصنيفا خياليا لا وجود له و أن الحفريات التي أدمجت في هذا التصنيف هي عبارة عن الإنسان العاقل. 34

نيلس الدرجي Niles Eldredge و ستيفن جاي جولد Stephen Jay Gould . هما عالمي التطور الشهيران اللذان اعترفا بالتناقض القائم بين وثائق الحفريات و نظرية داروين .
وهذا يعنى أنه لا يوجد "شبيه بالإنسان" غير نوع الإنسان العاقل فقط، أي الإنسان المعاصر الذي يضم الإنسان في يومنا الحاضر و الاختلافات العرقية فيه إلى جانب سعلاة الجنوب التي هي أحد أنواع القردة المنقرضة. أي أنه لا يوجد أصل تطوري للانسان. و يرى بعض من المتخصصين الذين أدركوا هذه الحقيقة أن حكاية "تطور الإنسان" ليست إلاّ عملا كتابيا اجتهد فيه أولئك الذين يعتقدون في الفلسفة المادية لكتابة تاريخ الطبيعة وفقاً لأهوائهم وآرائهم العقائدية. وفي هذا الموضوع أيضا تحدث جون دورانت المؤرخ في جامعة أكسفورد وذلك في إحدى الاجتماعات الخاصة بجمعية التطور العلمي الأنجليزية (( British Association for the Advancement of Science ) ، وكان تعليقه على النحو التتالي: " تُرى، هل من الممكن أن تعمل نظريات تطور الإنسان على تقوية الأنظمة القيميّة للّذين يخلقون أنفسهم وهو الأمر الذي يشبه تماما ما يحدث في الأساطير القديمة، وهي تقوم في الوقت ذاته بعكس معتقداتهم التي تتعلق بهم أنفسهم و بالمجتمع حول الماضي؟ " 35
وفي كتابة أخرى له تحدث "دورانت" عن هذا الموضوع مرة أخرى على النّحو التالي: "إنّ الأفكار الخاصة بتطور الإنسان هي في واقع الأمر موضوع يدعو إلى التساؤل بشيء من الريبة و الشك عما اذا كانت هذه الأفكار قد اضطلعت بدور أو أدت وظيفة في المجتمعات قبل ظهور العلم أو في المجتمعات العلمية... و إذا بحثنا الموضوع عن كثب يتضح لنا في كل مرة أن الأفكار التي تتعلق بأصل الانسان هي انعكاس للحاضر أيضا تماما مثل الماضي، وأنها انعكاس لخبراتنا مثلما هي انعكاس لخبرة أجدادنا في الماضي... نحن في حاجة ماسة و عاجلة إلى عدم الدفع بالعلم إلى دائرة الخرافة". 36
باختصار، إن نظريات التطور الخاصة بأصل الانسان و نشوئه، لا تؤدي أي وظيفة أخرى غير كونها انعكاساً لبعض الأحكام المسبقة و المعتقدات الفلسفية الخاصة بمن ابتدعوا هذه النظريات فقط. و"جيفري كلارك" Geoffrey Clark هو أحد علماء الأنثروبولوجيا في جامعة أريزونا ستيت ِArizona State، وهو من أنصار نظرية التطور المؤيدين لهذه الحقيقة. ويتحدث كلارك في إحدى كتاباته التي نشأت عام 1997 على هذا النحو: "نحن نختار واحدة من نتائج بحث جماعي موجود أمامنا وفق افتراضاتنا الخاصة وأحكامنا المسبقة – وهي عملية سياسية وذاتية أي غير موضوعية في الوقت ذاته - ... إنّ علم الباليوأنثروبولوجيا (العلم الذي يبحث في أصول الإنسان القديمة) له الصفة العلمية من النّاحية الشكلية فقط وليس من ناحية المضمون".37
الوجه الخفي للدعاية الاعلامية
وكما رأينا فقد أصبح الزّعم القائل بتطور الإنسان بلا دعم أو سند وخاصة من جانب أولئك الذين لعبوا دوراً في تجسيم ذلك الزعم. والحقيقة أن هذا الزّعم لا يستند إلى العلم بقدر اعتماده على الأحكام المسبقة والاعتقادات التي كانت السّبب في وجود نظرية مثل نظرية التّطور، إلا أن النقطة التي تثير الاهتمام بالفعل هي أنّ هذه الاعترافات في عالم الباليوأنثروبولوجيا لم تنعكس في الإعلام. وعلى العكس من ذلك وجدنا أن هناك جزء من الإعلام الموالي لمذهب التطور قد عمل بعناية على إخفاء هذا المأزق الذي وقعت فيه نظرية التطور. ليس هذا فحسب بل وأخذت تنشر بين الشعب عن طريق الخداع "أن كل يوم يمر يشهد اكتشافاً لدليل جديد يثبت أركان نظرية التطور". وفي كتابه الذي نُشر عام 2000 و حمل عنوانIcons Of Evolution: Science Or Myth Why Much Of What We Teach About Evolution Is wrong? ( أيقونات التّطور: العلم أم الخرافة، لماذا توجد أشياء خاطئة كثيرة فيما نُدَرِّسه بخصوص التطور؟ " يتحدث عالم الأحياء الأمريكي جوناثان ويللز Jonathan Wells الذي أنهى الدّراسات العليا و الدكتوراه في جامعتي يالي وكاليفورنيا يتحدث ويللز ملخصاً الوضع على النحو التالي:
"من النّادر للغاية أن يتم اطلاع المجتمع كله بما يقوم به العلماء المتخصصون من تفسيرات علمية تتعلق بالإبهام و الغموض العميقين بخصوص أصل الانسان. و بديلا عن ذلك نتلقى مجرد خبر عن آخر نظرية لهذا الشخص أو ذاك و لا ينقلون لنا الحقيقة التي لم يستطيعوا هم ايضاً فهمها بخصوص هذا الموضوع. فيتم الترويج للنظرية و تزينها بشكل دقيق و بالاستعانة ببعض الرسوم و الصور المتخيلة لإنسان الكهف أو لجد الانسان " بوضع كثير من الماكياج عليها "... و الواضح أن احداً من قبل لم ينسج خيالاً واسعا إلى هذا الحد بخصوص جزئية بسيطة إلى هذا القدر في أى فرع من فروع العلم المختلفة".38
حسناً إذن من هم هؤلاء العلماء الذين يستحوذون على وسائل الإعلام بادعاءات مثل "إنّ تطوّر الإنسان أصبح حقيقة مدعومة بالأدلة ولا تقبل الجدل" و التي أصبحت عناوين كبيرة لبعض وسائل الإعلام المدافعة عن فكرة التّطور؟ لماذا يفكر هؤلاء بشكل مختلف تماما عن باقي العلماء الذين لم يجدوا ما يدعموا به الباليوأنثروبولوجيا؟
و في كلمته أمام اجتماع اتحاد مدرسي علم الأحياء عبَّر جريج كيربي المؤيد لفكرة التطور عن هذه السيكولوجيا على النحو التالي:
"لو أنكم قضيتم حياتكم كلها في جمع العظام و القطع الصغيرة من الجمجمة و الذقن، فإنكم ستشعرون برغبة ملحة في أن تبالغوا في أهمية هذا القطع الصغيرة التي قمتم بجمعها".39
و هذه هي بعض المؤثرات التي تضمن استمرار فكرة تطور الانسان على الرغم من عدم وجود سند علمي واحد يدعمها. غير أن كل حفرية يتم اكتشافها حديثاً تزج أكثر بالأطروحات التطورية الخاصة بتطور الإنسان إلى طريق مسدود.
الاعتراف بعدم وجود الحلقة المفقودة
شهد صيف 2002 اكتشاف النموذج الأخير للمأزق الحرج الذي وقعت فيها الأطروحات التطورية عندما اكتشفت حفرية جمجمة حديثة في وسط أفريقيا وبالتحديد في دولة تشاد. و أطلق "ميشيل برونيه" Michel Brunet وهو العالم الفرنسي الذي اكتشف تلك الحفرية أطلق عليها اسم "Sahelanthropus tchadensis".
لقد قلبت هذه الحفرية العالم الخاص بمذهب الدّارونية رأساً على عقب. ونشرت مجلة "الطبيعة" الشهيرة في هذا الصدد مقال جاء فيه: "قد تَعمل الجُمجمة المكتشفة حديثاً على تفنيد كل أفكارنا بخصوص تطور الإنسان". 40
وعن هذا الموضوع أيضاً صرح دانيال ليبرمان من جامعة هارفارد قائلاً: "سوف يحدث هذا الاكتشاف الجديد تأثيرًا يُعادل في قوته تأثير القنبلة النووية".41
ويرجع السّبب وراء ذلك أنه وعلى الرّغم من أن عمر الحفرية التي نتحدث عنها قد بلغ 7 ملايين عام، إلا أنها تميزت ببنيتها "الشبيهه بالإنسان" أكثر من سِعْلاة الجنوب وهو جنس من الرئيسيات له جمجمة القرد و وجهه و أسنانه شبيهة بالإنسان: (وفقا للمعايير التى اعتمد عليها أنصار فكرة التطور حتى يومنا الحاضر) ويُزعم بأنها "أقدم جدّ للإنسان". وهو الأمر الذي كان يضع سيناريو "تطور الإنسان" المعقد منذ البداية في موقف متضارب مرة أخرى.

قبلت جمجمة Sahelanthropus ، الرسم البيانى للتطور، لأنها اظهرت خصائص أكثر " انسانية " على الرغم من كونها اقدم من ألوبائي الاسترالي.
وفي إطار الحديث عن هذه الحفرية الجديدة أيضاً كان لـ"برنارد وود" عالم الأنثروبولوجيا المناصر لنظرية التّطور في جامعة جورج واشنطن تصريح مهم في هذا الإطار. فقد كان وود يقول بأن "حكاية" سلم التطور "التي طالما فُرضت على الناس طوال القرن العشرين لم تعد صالحة، و أنه يمكن تشبيه التطور بالأدغال: "لقد كانوا ينظرون في عام 1963 و هو العام الذي بدأت فيه عملي في الجامعة إلى نظرية التطور على أنها تشبه السّلم. وتتدرج درجات هذا السلم بدءً من درجة القرود وحتى درجة الإنسان، ومع التقدم كانت كل مرحلة يقل فيها التشابه بين الانسان و القرد عن المرحلة التي قبلها... إلا أن تطوّر الإنسان يشبه في الوقت الحاضر دغلا "متشابك الأفرع "... لذا يجب التّعرض بالدراسة إلى ماهية العلاقة بين الحفريات مع بعضها البعض و هل هناك حفرية هي بالفعل جدّ الإنسان أم لا". 42
ومن التعليقات التي تحمل أهمية كبيرة للغاية في موضوع درجة حفرية القرد المكتشفة حديثاً تلك التي أدلى بها "هنري جي" Henry Gee المحرّر في مجلة "الطبيعة" وأحد علماء الحفريّات . فقد تعرض "جي" في إحدي كتاباته في جريدة الجارديان The Guardian إلى النقاشات الدائرة بخصوص الحفرية على هذا النحو: "ليكن ما يكن في النهاية، إنني أوضح مرة أخرى وبشكل قاطع أن هذه الجمجمة التي تمثل فكرة "الحلقة المفقودة" (الموجودة بين القرد و الإنسان) والتي زعم أنصار التّطور منذ القديم أنها موجودة ما هي إلا خرافة لا وجود لها في الحقيقة... و قد أصبح الآن و أكثر من أيّ وقت مضى أن فكرة الحلقة المفقودة تلك والتي ظلت مشوشة و مهتزة في أذهاننا في كل وقت قد انتهت تماما و تمزقت". 43
وفي كتابه المهم الذي نشر عام 1999 وحمل عنوان In Search of Deep Time (ونحن نبحث عن أغوار الماضي) أوضح "هنري جي" على النّحو التالي كيف أنه لم تعد هناك أية قيمة علمية لحكاية "كيف تطوّر الإنسان" التي تداولتها وسائل الإعلام والمصادر والكتب المؤيدة للفكرة ذاتها:
"... فيُقال على سبيل المثال أنّ تطور الإنسان قد ارتبط بالتطور في التنسيق في العمل بين العين و اليد مع حجم المخ و وضع الجسم و الذي أدى بدوره إلى ظهور اللغة وإحراز نجاحات تكنولوجية مثل استخدام النّار و الآلات، إلاّ أن مثل هذه السيناريوهات لا تتعدى كونها سيناريوهات ذاتية. فلا و لن يمكنهم إخضاعها للتّجربة على الإطلاق، كما أنها ليست علمية ولا تستند إلى أية أسس علمية. ففي حين أنّها لا تستند إلى اختبارات علمية نجدها تستند إلى بعض الادّعاءات و وجهات النّظر. وعندما تناولنا الثّرثرة التي صال و جال بها الصحفيون وكُتَّاب المانشيتات في كل مكان والتي تناولت جميعها أبحاثا حول أجدادنا واكتشاف الرابطة المفقودة جاءت النتيجة بما يشبه المفاجأة، وخاصة عندما علمنا أن كثيرًا جدّا من علماء الحفريات المتخصصين قد هجروا منذ أكثر من ثلاثين عاماً الاعتماد على سيناريوهات وحكايات تاريخ الحياة، وشكل حكايات التاريخ التطوري و أن السبب وراء ذلك يعود إلى بعدها عن الأسس العلمية الصحيحة".44
يؤكد "جي" أن مدونات الحفرية لم تُشر إلى وجود "مخطط أو رسم بياني للتّطور" وأن ما لدينا لا يتعدى كونه مجموعة من الحفريات ليست في علاقة "تسبح و تتوقّف في بحر من الفراغ: "يجري العمل على التوفيق بين هذه الاكتشافات الحفرية الجديدة و بين الحكاية الموجودة من قبل. و نحن نطلق اسم "الحلقة المفقودة" على هذه الاكتشافات الجديد كأن سلسلة الأجيال/ الأجداد كانت بالفعل إحدى الأهداف التي يجب علينا أن نفكر فيها. غير أن الحقيقة كانت مغايرة لهذا منذ البداية، فهي كلها أشياء تم تأويلها بعيدًا عن الحقيقة بطريقة معينة بحيث تتوافق مع الأحكام المسبقة. و تمثل كل حفرية نقطة منفصلة بذاتها و لا توجد رابطة معروفة تربطها بأية حفرية أخرى، وكل هذه الحفريات تسبح و تتوقف في بحر من الفراغ". 45

تم تفسير Sahelanthropus باعتباره اكتشاف يدحض مزاعم نظرية داروين الخاصة بأصل الانسان، و الموجودة في مؤسسات الدعاية التابعة لمؤيدي التطور و حتى في المجلات العلمية.
والواقع أن هذه اعترافات مهمة للغاية. وهي تدلّ أيضاً على أنّ نظرية التطور التي ظلت طيلة 150عاماً تُقَدَّم على أنها الإجابة العلمية على سؤال "كيف أصبح لنا وجود في العالم"، وهي إجابة لـ"مذهب معين في الحياة " تم فرضه على العلم. و يعبر "جي" عن ذلك قائلاً: "نحن نحاول تعديل الحفريات بشكل يعكس ما نراه و ما نحب أن نراه نحن. و لا نبحث عن الحقيقة، و حتى يحدث التوافق مع آرائنا المسبقة فإننا نخلق ما نريد من وراء الحقيقة وبعيداً عنها. وفي النّهاية وصل أتباع داروين إلى نقطة الاقتناع و التسليم بأن "شجرة تطور السلالات البشرية" التي فُرضت على الناس منذ 150 عاماً باعتبارها حقيقة علمية هي حكاية "اختراع الإنسان". وكما قال عالم الأحياء المؤيد لفكرة التطور والذي يعمل في جامعة كاليفورنيا ف. كلارك هويل F. Clark Howell في إحدى كتاباته: "لا توجد نظرية واحدة شاملة بخصوص تطور الإنسان... و الواقع أنه لم يكن هناك أي وجود لمثل هذه النظرية في أي وقت من الأوقات." 46
لقد ظهر جليا ومن خلال أنصار فكرة التطور أنفسهم أن "الحلقة المفقودة" المحبّبة عند مانشيتات الصحف ستظل مفقودة إلى لأبد، لأنه لا وجود لشيء مثل هذا منذ البداية. ولهذا السّبب، وصلت حكاية تطور الإنسان مثلها مثل أساطير مذهب الدّاروينية الأخرى إلى طريق مسدود. و بديلا عن ذلك توصل العلم وكما سنرى في جزء قادم من هذا الكتاب إلى فكرة "خلق الإنسان".
30- Niles Eldredge, Ian Tattersall, The Myths of Human Evolution, ss.126-127
31- Lewontin, Richard C., Human Diversity, Scientific American Library: New York NY, 1995, s.163
32- Henry Gee, In Search of Deep Time, New York, The Free Press, 1999, p.116-117
33- Bernard Wood, Mark Collard, "The Human Genus", Science, vol. 284, No 5411, 2 April 1999, pp. 65-71
34- Pat Shipman, "Doubting Dmanisi", American Scientist, November- December 2000, s.491
35- Roger Lewin, Bones of Contention, s.312
36- John R. Durant, "The Myth of Human Evolution", New Universities Quarterly 35 (1981), pp. 425-438
37- G. A. Clark, C. M. Willermet, Conceptual Issues in Modern Human Origins Research, New York, Aldine de Gruyter, 1997, p.76
38- Jonathan Wells, Icons of Evolution: Science or Myth, Why Much of What We Teach About Evolution is Wrong, p.225
39- Paul S. Taylor, Origins Answer Book, 5. bask?, 1995, p.35
40- John Whitfield, "Oldest member of human family found", Nature, 11 July 2002
41- D.L. Parsell, "Skull Fossil From Chad Forces Rethinking of Human Origins", National Geographic News, 10 Temmuz 2002
42- John Whitfield, "Oldest member of human family found", Nature, 11 Temmuz 2002
43- "Face of Yesterday: Henry Gee on the dramatic discovery of a seven-million-year-old hominid", The Guardian, 11 Temmuz 2002
44- Henry Gee, In Search Of Deep Time, Beyond the Fossil Record to a New H?story of Life, p.5
45- Henry Gee, In Search Of Deep Time, s.32
46- F. Clark Howell, "Thoughts on the Study and Interpretation of the Human Fossil Record," ss.1-39 in W. Eric Meikle, F. Clark Howell & Nina G. Jablonski (editors), Contemporary Issues in Human Evolution , Memoir 21 (San Francisco: California Academy of Sciences, 1996), pp. 3, 31






رد باقتباس