اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 18.07.2010, 08:07

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


أساطير الدارونية المنهارة و التعريف الصحيح للعلم

لو أننا أجرينا استطلاعا للرأي وشارك فيه المدافعون عن نظرية التطور في يومنا الحاضر من الصحفيين و الكُتَّاب و المفكرين و رجال العلم و الأكاديميين و سألناهم جميعاً: "ما الدافع الذي يجعلكم تعتقدون في صحة نظرية التطور، و ما هي الدلائل على صحة هذه النظرية؟" لكانت إجابات أغلبهم عبارة عن "أساطير" خاطئة تبعد كل واحدة منها كل البعد عن العلم. وسوف نعدد فيما يلي أكثر هذه الأساطير شُهرةً و أسباب بعدها عن الحقيقة.

1. يزعم مؤيدو التطور أن "التجارب التي قام بها رجال العلم قد أظهرت أن الحياة يمكنها أن تخلق نفسها بنفسها عن طريق بعض التفاعلات الكيميائية ". بيد أنه لا يوجد حتى تجربة واحدة تظهر صحة ما يذهبون إليه علاوة على ذلك فقد ظهر أنه ليس من الممكن أن يحدث هذا حتى على المستوى النظري.
2. يزعمون أن الحفريات تدل على حدوث وتيرة تطور على الأرض، إلا أنه و على العكس من ذلك تماما فقد أظهرت الحفريات "تاريخ الطبيعة" بشكل مخالف تماما لآراء نظرية التطور و بينت أنها خُلقت جميعاً في لحظة واحدة.
3. هم يظنون أن حفرية الطائر الأولى الشهيرة حفرية الطائر الأولي المجنح (طائر بدائي منقرض شبيه بالزواحف) تعتبر دليلا يثبت الزعم القائل بأن الزواحف قد تطورت إلى طيور. إلا- أنه فهم من هذه الحفرية أنها لطائر هوائي حقيقي كما أنه لم يوجد أي من الزواحف يمكن أن يُشار إليها على أنها جد لهذا الكائن الحي. و بتوضيح هذه الحقيقة، لم يبق ثمة دليل واحد يمكن أن يدعم رأي أنصار نظرية التطور القائل بأن الطيور تطورت تدريجيا من الزواحف.
4. يزعمون أن الحفريات المعروف أنها من سلاسل الخيول تشير إلى أن الحصان في وقتنا الحالي قد تطور من ثدييات ذات أبعاد أكثر صغراً. بيد أن موضوع سلاسل الخيول لم يسفر عن شيء سوى الفشل التام. حتى أن بعض الكائنات التي أشاروا إليها باعتبارها جدا أو سلفا للحصان كانت أكبر سناً و شيخوخة من الأجداد في الحقيقة، أي أنه لا يمكن أن يكون انتقالا كما ادعى أنصار نظرية التطور فيما بينهم. وبذلك يُلقى زعم كلاسيكي آخر لأنصار نظرية التطور في سلة المهملات.
5. يزعمون أن " فراشات الثورة الصناعية " الشهيرة في انجلترا تشكل دليلاً على التطور عن طريق الاصطفاء أو الانتخاب الطبيعي. غير أنه اتضح بما لا يدع مجالا لأي شك أن التغير الذي حدث في ألوان الفراشات في أثناء الثورة الصناعية لا يمكن أن يكون تطوراً تم بواسطة الاصطفاء أو الاختيار الطبيعي. فألوان تلك الفراشات لم تتغير، وكل ما حدث أن أعداد الفراشات البيضاء التي كانت موجودة قد تناقصت بفعل الظروف البيئية المحيطة، و في مقابل ذلك تزايدت الفراشات ذات الألوان الداكنة. لذلك بطلت هذه الفكرة التي كان يحتج بها أنصار نظرية التطور بوصفها أحد أدلتهم المزعومة بعد أن اتضح زيف هذه الحكاية من الناحية العلمية.
6. يزعمون وجود آثار و بقايا لحفرية خاصة "بالرجل القرد" و التي تشير إلى أن الإنسان و القرود قد انحدروا من جد واحد مشترك. بيد أن كل الادعاءات المتعلقة بهذا الموضوع لا تستند إلى أي دليل غير الحكم المسبق، حتى أن أنصار التطور اضطروا إلى القول أنه "لا يوجد دليل في موضوع تطور الإنسان ". و نسوق في هذا الإطار مثالا و هو ما قاله ريتشارد ليكاي Richard Leakey و هو أحد علماء الباليوأنثروبولوجيا (علم يبحث في أصول الإنسان القديم) على هذا النحو:
يتحدث ديفيد بيبام باستياء قائلاً: "لو أنكم جئتم برجل علم ذكي ماهر من فرع مختلف من فروع العلم و أطلعتموه على ما لدينا من دلائل غير كافية فإنه سيقول لكم و بكل تأكيد انسوا هذا الموضوع فليس لديكم دعامة أو سند كاف للاستمرار فيه." و مما لا شك فيه أنه لا ديفيد و لا غيره ممن يبحثون في موضوع جد الانسان سوف ينصاع ويأخذ بهذه النصيحة، غير أننا ندرك جميعاً و بشكل تام كم هو خطير أن تستخرج نتيجة استناداً إلى دلائل غير كافية إلى هذا الحد.(2)
أما ديفيد بيبام و هو من علماء الباليوأنثروبولوجيا المناصرين لفكرة التطور و الذي ذكره ليكاي في حديثه فقد أدلى باعترافه التالي في هذا الموضوع:


”لم يشمل مجال ترددي هذا الكتاب فحسب ( كتاب ريتشارد ليكاي الذي يحمل اسم الأصول) بل شمل أيضاً كل المجالات المتعلقة بعلم الباليوأنثروبولوجيا أيضاً. و تحجم الكتب المنشورة عن الخوض في ذلك لدرجة ان الذين يبحثون في موضوع تطور الإنسان طوال الأجيال التي أنا منها أيضاً يتخبطون في الظلمات. فما لدينا من معلومات غير كافية و لا يمكن أن نثق فيها إلى ما لا نهاية. (3).
و يتضح أن الحفريات التي يقولون إنها تعود إلى الجد المزعوم للإنسان إنما تعود إما إلى نوع من القرود التي انقرضت أو إلى عرق أو نسل إنساني مختلف. نتيجة لذلك، لم يتمكن أنصار نظرية التطور من إيجاد دليل واحد يؤكدون به ادعاءاتهم الخاصة بتطور الإنسان والقرد من جد واحد مشترك.
7. يزعمون أن الكائنات الحية بما فيها الانسان قد مرت بنفس بـ"مرحلة التطور"، و هي أجنة في رحم أمهاتها (أو في البيضة)، حتى أن الجنين البشري يكون له خياشيم و لكنه يفقدها بعد فترة. لقد ظهر و بالأدلة أن هذا الزعم لم يكن له أي أصل و أنه استند فقط إلى تزييف كبير للعلم. لقد قام العالم هايكل Haeckel و هو صاحب هذا الزعم بعمل تغييرات مقصودة و متعمدة في رسم الأجنة، و عمل جاهداً على إظهار وجود تشابه فيما بين بعضها البعض. و يجمع أنصار نظرية التطور أنفسهم على أن هذا الزعم ليس إلا تزييفا بعيدا كل البعد عن العلم.
8. يزعمون ان الأعضاء التي لا تستخدم، أي لا يكون لها وظيفة "تضمر" مع الوقت سواء أكان ذلك عند الإنسان أو لدى الكائنات الحية الأخرى. حتى إنهم يزعمون أن جزء كبيرا من الحامض النووي DNA ليس له وظيفة لذا فهو على حد قولهم "DNA خُرْدة ". بيد أن كل هذه الادعاءات تمخضت عن الجهل بالعلم في هذه الفترة، فكلما مر الزمن تقدم العلم، و قد أثبت العلم أن الأعضاء و كل الجينات لها وظائفها التي تقوم بها. و تشير هذه الحقيقة إلى أن الكائنات الحية لم يكن لها أعضاء ضمرت بسبب عدم استخدامها خلال وتيرة التطور، و أنها خُلقت بكامل أعضائها و بنائها دون أن يكون هناك نقص أو خلل، و لن يوجد ثمة أثر للمصادفات.
9. يزعمون أن هناك دليل تطور قوي بحدوث "تغير" (تنوع) داخل النوع الواحد للكائن الحي – على سبيل المثال البناء المختلف لمناقير عصافير الدوري ( الحَسُّون ) الموجودة في جزر جالاباجوس. غير أنه من المعلوم أن هذا لن يكون دليلا على التطور. إن التغيرات التي تتم على المستوى "المجهري أو الدقيق" كما هو الحال بالنسبة للاختلافات الموجودة في بنى المناقير لا يمكن أن توجد معلومة إحيائية جديدة، أي لن تخلق أعضاء جديدة، و لهذا السبب لا يمكن أن تضمن حدوث التطور. و نتيجة لذلك يُسلِّم الداروينيون الجدد أيضاً بأن حدوث بعض التغيرات والتنوعات داخل النوع الواحد لا يمكن أن تكون سببا في حدوث التطور المزعوم.

دخلت نظرية التطور إلى المناهج التعليمية في الدول الغربية اعتباراً من القرن التاسع عشر وتم تدريسها للأجيال الشابة على اعتبار انها حقيقة علمية. وكانت النتيجة أن كل من درس هذه النظرية أصبح في الحقيقة من "المؤيدين" تماماً لتلك النظرية المناقضة للعلم.

10. هم يزعمون أنه من الممكن تخليق أنواع جديدة من الكائنات الحية مع الطفرات الإحيائية التي تحدث في التجارب التي أُجريت على ذباب الفاكهة. غير أن هذه التجارب التي أجريت على ذباب الفاكهة لم تسفر إلا عن ذباب مشلول غير مكتمل الأعضاء، و لم يُلحظ حدوث أية طفرة احيائية مفيدة ً. إن عدم القدرة على استنباط أنواع جديدة في الطفرات الاحيائية التي تمت تحت إشراف رجال العلم المتخصصين من أصحاب العقل و العلم ليس دليلا على التطور، وليس تطوراً. و لهذا السبب فليس من الممكن الإشارة إلى الطفرات الاحيائية على اعتبار أنها تمثل دليلا على التطور.
و في مواجهة سؤال " لماذا تؤيدون نظرية التطور ؟" فسوف نجد أن معرفة عدد كبير من المشاركين في استطلاع الرأي لم تكن سوى معرفة سطحية، و سيجيبون بعدد قليل من الأدلة المزعومة التي استعرضناها. فقد أقنعتهم الأساطير التي قرأوها لمرة واحدة يوما ما في ركن من جريدة أو مجلة أو استمعوا اليها من مدرسي الثانوي أو رأوها في المصادر الخاصة بفكرة التطور، وبالتالي لم يجدوا ضرورة لاستيضاح الأمر أكثر أو للسؤال بشكل أكبر. غير أن الحقيقة هي أن كل دليل من الأدلة التي ساقوها لا تتعدى كونها أدلة فاسدة.
و هذا ليس مجرد زعم أو ادعاء، فهو عين الحقيقة فقد استطاع العلماء الذين ينتقدون نظرية التطور إثبات هذه الحقائق بالقرائن المادية. و سوف نعرض في صفحات قادمة من هذا الكتاب للحقيقة نفسها. ويقول عالم الاحياء الامريكي جونسان ويلز Jonathan Wells (4) و هو أحد الأسماء المهمة التي تنتقد الداروينية إنه يحفظ عن ظهر قلب كثيرا من مؤيدي التطور إلا أنه يعرف أساطير التطور التى نتحدث عنها والتي تعتمد كل واحدة منها على معتقدات باطلة يعرفها على أنها " أيقونات التطور" . والأيقونة هي اسم احتل مكانا في بعض الأديان و المعتقدات الباطلة، وتطلق على الرموز التي تُذَكِّر بمن ينتسبون. أما الأيقونات التي استخدمها المرتبطون بنظرية التطور (5) التي هي دين إلحادي حتى يحافظوا على استمرار معتقداتهم مثل الأشكال التي لا تتعدى كونها تزييفا للعلم و الحقيقة مثل رسم "الإنسان القرد " و " الخياشيم الموجودة في الجنين البشري " بالإضافة إلى الأشكال التي عرضناها في السابق كلها كانت عبارة عن أساطير لا أصل لأي منها.
ويحصي ويلز في كتابة الذي يحمل عنوان "أيقونات التطور: هل هي علم أم أسطورة؟ لماذا أن معظم ما تعلمناه عن التطور كان خطئاً ؟" يحصي عشرة من أيقونات التطور متوازية مع الأساطير التي أحصيناها هنا، ويتحدث بالتفصيل عن أسباب فساد هذه الأساطير وعدم صحتها.


كتاب لبنيامين ويكر

Benjamin Wiker
كل هذه الأساطير في وضع المنهار اليوم. و لا يوجد أيضاً لدى أنصار فكرة التطور أي دليل جديد يمكن أن يعرضوه بديلا عن هذه الأساطير. و مع هذه الأسباب فان الداروينية هي نظرية قديمة فاسدة، وهي تبدو مقنعة بالنسبة إلى بعض الأشخاص "في الأزمنة المنقضية "، و في مستوى علمي غير كاف ساد القرن التاسع عشر، إلا أن ذلك القناع الذي بدت عليه قد أُسقط تماماً في القرن الواحد و العشرين.
فلا تعارض على الإطلاق بين الدين و العلم.
سوف نتناول بالبحث في الصفحات القادمة أساطير الداروينية المنهارة، إلا أنه يجب علينا قبل هذا أن نفنِّد الدافع الذي يربط الكثير من مؤيدي فكرة التطور بهذه النظرية.
وهذا الدافع هو القالب المزيف الذي يطلق عليه اسم "الصدام بين الدين و العلم". و خارج هذه الحقيقة يزعم المدافعون عن هذا القالب أن نظرية التطور قد أصبحت حقيقة لها ما يؤيدها من القرائن و الأدلة العلمية التي يسلم بها "رجال العلم" بقناعة مشتركة. و هم يزعمون أن حقيقة الخلق هي ضرورة للاعتقاد فقط، وهي تختلف عن العلم. غير أن هذه الادعاءات بعيدة كل البعد عن الحقيقة. و كمثال على ذلك يمكن أن نعرض المناقشة التي تمت في موضوع ضرورة تدريس نظرية التطور في المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية. فعلى الرغم من أن هذه المناقشة قد تمت على مستوى علمي تماماً، إلا أنه وُجد من يحاول أن يظهره بشكل "عدم التوافق بين الكنيسة و رجال العلم ". و في تركيا أيضا عندما نتأمل في الأخبار التي تتناقلها وسائل الاعلام في هذا الموضوع، أو عندما ننظر إلى المقالات الخاصة بهذا الموضوع و التي يكتبها الكُتَّاب في الجرائد نرى أنهم جميعاً قد استخدموا نفس القالب السطحي الخاطئ.

و هذا القالب خاطىء تماماً للأسباب التي سوقها فيما يلي:
في البداية يتم الدفاع عن الخلق بالأدلة العلمية. إن نقاش الخلق - التطور الدائر في العالم اليوم لم يكن بين " الكنيسة و رجال العلم " و إنما هو يجري بين رجال العلم الذين يرون عدم صلاحية نظرية التطور و رجال العلم الذين يصرون على تأييد النظرية نفسها. إن كل الدلائل العلمية الموجودة تقف ضد التطور. و بفضل هذه الدلائل و القرائن تعرضت نظرية التطور للسقوط في الولايات المتحدة الامريكية اعتبارا من النصف الثانى من التسعينات، بل و اتخذت عدد من الولايات هناك مثل كنساس و جورجيا و أوهايو القرار بضرورة تدريس هذه القرائن التي تشير إلى عدم صلوحية تدريس نظرية التطور في مدارسها. ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية معارضة قوية إلى حد ما لنظرية التطور. و جميع أعضاء هذه الحركة من رجال العلم الذين لهم رصيد مهني في أكبر جامعات الولايات المتحدة الأمريكية. حتى إن البروفيسور كينيون – وهو كان واحدا من أشهر المدافعين عن نظرية التطور بأطروحته التي قدمها في السبعينات فيما يتعلق بأصل الحياة و التطور الكيميائي - تحول هو أيضا إلى واحد من ممثلي الحركة المضادة لنظرية التطور، و تحدث عن أن أصل الحياة لا يمكن أن يفسر بالتطور و إنما بالخلق.
المذهب الاعتقادي الذي ورثته الداروينية عن أبيقور

يحكي بنجامين ولكر و هو مدرس العلوم و التكنولوجيا في جامعة فران سيسكان في كتابه الذي يحمل اسم Moral Darwinism: How We Become Hedonists ? ( الداروينية الأخلاقية: لماذا تحولنا إلى أشخاص منغمسين في الملذات الحسية المادية؟ ) يحكي بالتفصيل كيف أن المفكرين الماديين من المؤيدين لنظرية التطور الداروينية في اليونان القديمة و روما قد أصبحوا نسخة معدلة لفلسفة أبيقور و لوكريتيوس. و قد تحدث هذان المفكران عما جاء به داروين فيما بعد من حيث:

1. أن الطبيعة "هي ذلك النظام الذي يعمل من تلقاء نفسه".
2. أن ما بين الكائنات الحية من منافسات و معارك حياتية إنما يحدثه التطور الذي يتم بدوره بواسطة الاصطفاء أو الاختيار الطبيعي الفطري.
3. و كتبا بالتفصيل في معرض حديثيهما عن الطبيعة و الكائنات الحية عن الأفكار البعيدة عن الحقيقة مثل عدم إعطاء تفسير غائي للأشياء ( أي ألا تتوصل إلى تفسير لشيء ما بواسطة الفكر الغائي الذي يقول بأن كل شيء في الطبيعة مقصود منه تحقيق غاية معينة).
أما ما يلفت الانتباه حقاً، هو أن هذه الآراء لم تكن مستندة على أساس علمي. فلم يقم لا أبيقور و لا لوكريتيوس بتجارب و لا ملاحظات علمية، و كان كل ما قاموا به هو أنهم وجَّهوا الأمر كله بشكل يتوافق و رغباتهم هم فقط. بل و الأكثر من ذلك أن نشأة هذا المنطق كان غريبا للغاية. فقد أوضح أبيقور أنه لا يريد أن يقبل بفكرة وجود إله و أن هذه الحقيقة تقترن بالاعتقاد بوجود آخرة، لهذا فهو يشعر بأنه مقيد و محاصر. وأوضح أنه طوَّر فلسفته كلها حتى يتخلص من هذا الموقف الذي لا يرغب في التسليم به. أو بقول آخر إن أبيقور اختار لنفسه المذهب الإلحادي لأنه هو الذي سيحقق الراحة النفسية له. و اندفع بعد ذلك لتكوين وجهة نظر دنيوية تستند في الأساس على اختياره هذا أيضاً. و مع هذا عمل على إيجاد تفسير إلحادي لا يمت إلى الدين بصلة لمواضيع مثل النظام الموجود في الكون و أصل الكائنات الحية، و انطلاقا من هذا الهدف تبنى الأفكار الرئيسية للتطور.
ويعلق بنجامين ولكر الذي شرح بشكل مفصل العلاقة بين أبيقور و داروين التي تناولناها نحن بشكل مقتضب:

أن الدارويني الأول لم يكن داروين بل كان أبيقور ذلك اليوناني صاحب السمعة السيئة الذي ولد في عام 341 قبل الميلاد في جزيرة صاموص. فهو من أقام الأسس الفلسفية للدارونية لأنه هو من أقام علم الكونيات (الكوزمولوجيا) المادي الالحادي البعيد عن الدين. و وفقا لعلم الكونيات هذا، فإن التأثير و التأثر العشوائي للمواد الجامدة التي لا حياة فيها لم يكوِّن الأرض فقط بل تسبب أيضا في وجود كل ما عليها من أشكال الحياة التي لا تعد و تحصي، و كان ذلك نتيجة لسلسلة من الحوادث التي جرت عن طريق المصادفة في الزمن الأبدي غير المتناهي. لم يستند أبيقور إلى أي دليل أو قرينة وهو يصيغ علم الكونيات، بل صاغه معتمدا على فكرة تجريد العالم من فكرة الخالق...
إن النفور الذي شعر به أبيقور نحو الدين ربطه بالحديث، لأن الداروينيين العصريين هم ورثة أبيقور أيضاً. و في نهاية طريق طويل و متعرج تحول أحد الأشكال المعدَّلة للمادية الأبيقورية الأساس الذي قامت عليه المادية العلمية في يومنا الحاضر. فكان علم الكونيات الذي افترضه داروين في أصل الأنواع و شكلت حتى يومنا الحاضر الأساس الفكري لأولئك الذين يغفلون التصاميم الموجودة في الطبيعة.(6)
وليس منطلق الدفاع بإصرار عن نظرية التطور في يومنا الحالي بسبب أنهم "متحيزين للعلم" و إنما كونهم "متحيزين للمذهب الإلحادي". أما ارتباطهم بالمذهب الإلحادي فينبع كما هو الحال عن أبيقور، و هم أصحاب الفكرة الأصليين في موضوع الصدام بين التسليم بوجود الله و بين ميولهم الأنانية.
ويجب أن نوضح هنا أن الله سبحانه وتعالى قد بين في القرآن الكريم موقف المنكرين و الملحدين، فالآية رقم 14 من سورة النمل توضح موقف هؤلاء الأشخاص تماماً "وجحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلماً و عُلُواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين" (النمل: 14). و في آية أخرى "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً" (الفرقان: 43).

وتدخل الجماعة الأبيقورية – الداروينية التى تنكر وجود الله تعالى ضمن أولئك الأشخاص الذين تحدثت عنهم الآية و عرَّفت بهم. والسبب في ذلك أن اعتبار النقاش حول التطور والخلق "صدام بين العلم و الدين" خديعة كبيرة.
إن الخلق و التطور فيه توضيح و تفسير لأصل الكون والكائنات الحية، وهما موجودان منذ عصور التاريخ السحيقة. إلا أنه يجب النظر إلى الاستنتاجات العلمية والاطلاع عليها حتى نتمكن من فهم أي من هذين التفسيرين صحيح من الناحية العلمية. و قد اثبتت جميع الاستنتاجات العلمية سواء التي سقناها في هذا الكتاب أو تلك الموجودة في كتبنا الأخرى خطأ نظرية التطور، أما حقيقة الخلق فأنا أؤكد مرة أخرى على أنها صحيحة.

الخطأ الذي أُضطر معه العلم إلى أن يكون إلحادياً

لا توجد ضرورة لعلم إلحادي، أي الاعتقاد في أن الكون هو المادة فقط ولا يوجد شعور أو إدراك خلف هذه المادة. إن العلم يبحث في الاستنتاجات، وهو يقبل بالاستنتاجات القاطعة و الصحيحة تماما مهما كان المكان الذي سيقودنا إليه.
و تشير و بوضوح فروع العلم المختلفة اليوم مثل الفيزياء الفلكية و الفيزياء و الأحياء أن التفسير الذي يتم في الكون و الطبيعة عن طريق المصادفة هي عبارة عن نماذج مستحيلة للخلق، و تبرهن الأدلة على وجود خالق. و هذا الخالق هو الله الذي خلق السماوات و الأرض و كل شيء بينهما سواء أكان من الأحياء أو من الجمادات، وهو وحدة صاحب القوة و العقل الأبديين.

أما الاعتقاد الذي لا يوجد دليل يبرهن على صحته فهو المذهب الإلحادي.
أما الدارونية التي تعتبر أهم دعامة للمذهب الإلحادي فقد أصبحت في حكم المنهار كما سنوضح في الصفحات التالية.

2- Robert D. Martin, Primatlar?n Orijini ve Evrim, Princetown Universitesi Yay?nlar?, 1990, s.82
3- David Pilbeam, American Scientist, Say? 66, May?s Haziran, 1978, s.379
4- Jonathan Wells, California Berkeley Universitesi'nde biyoloji lisans? ve moleküler biyoloji doktoras? yapm?? bir bilim adam?d?r. Ayr?ca Yale Universitesi'nde 19. yüzy?ldaki Darwinizm tart??malar?n?n tarihi Halen Seattle'daki Discovery Institute'da çal??malar?n? sürdürmektedir.
5- Evrimin bir din olarak tan?mlanmas? baz? okuyuculara garip gelebilir, ama son derece yerindedir. Din, bir insan?n inand??? ve hayata bak???n? belirleyen temel prensipleri ifade eder. ?nsana materyalist bir bak?? veren ve bilime de?il inanca dayanan evrim teorisi de bir dindir. Bu teoriyi din olarak tan?mlayanlar aras?nda Julian Huxley veya Pierre Teilhard de Chardin gibi baz? evrimcilerin de yer ald???n? belirtmek gerekir.
6- Benjamin D. Wiker, "Does Science Point to God? Part II: The Christian Critics", The Crisis Magazine, Temmuz-A?ustos 2003, http://www.crisismagazine.com/julaug2003/feature1.htm


الاعتقاد قديما بأن الحياة بسيطة و غير معقدة
الدارونية هي زعم يرى أن كل أنواع الحياة الموجودة على سطح الأرض قد تكونت نتيجة للمصادفة وحدها دون أن يكون ذلك مخططا له أو أن يكون هناك هدف من وراء ذلك. و يحتل ظهور أول كائن حي داخل المادة الجامدة مكانه في الحلقة الأولى من هذا الزعم. و يجب الإشارة إلى أنه سيصبح ممكناً أن يتشكل هذا الكائن الأول من المادة الجامدة عن طريق المصادفة، بل ثمة نقاش حول هل ستصبح "وتيرة التطور" طبيعية أم ستكون عكس ذلك.
حسناً إذن ماذا سيظهر لو أننا قسنا الحلقة الأولى تلك بالمعطيات العلمية؟ أي هل من الممكن أن يخرج كائن حي من داخل المادة الجامدة بفضل هذه المصادفات؟
فقد كان يُعتقد قديماً أن الملاحظة و التجارب قد أجابت بشكل إيجابي على السؤال الوارد سابقا، أي أنهم كانوا يعتقدون أن الكائنات الحية يمكن أن تنشأ من تلقاء نفسها من دخل المواد الجامدة، لأن "الملاحظات و التجارب" التي نتحدث عنها بدائية للغاية. و قد كان المصريون القدماء أول من قام بهذه الملاحظات و تلك التجارب. فقد كان هذا الشعب الذي عاش حول نهر النيل يظن أن الضفادع التي يزداد عددها حول النيل في موسم المطر و الفيضان قد ظهرت من الطين و بتأثير من النيل. ولم تكن الضفادع وحدها فقد كانوا يعتقدون أيضا أن الخراطين "دود الأرض" و الفئران تظهر أيضل من الطين على ضفتي النهر الذي يفيض مع اندفاع المياه. إن "الملاحظات" السطحية التي قاموا بها هي التي جرتهم إلى اعتقاد باطل كهذا.
ولم يكن هذا في مصر القديمة فقط، فقد انتشر في كثير جداً من المجتمعات الوثنية في العصور القديمة ذلك الاعتقاد لذي يمكن أن يتخطى بسهولة الحد الموجود بين الكائن الحي و الجمادات . فترى الفلسفة الهندوسية، أن الكون كان قد تكون من مادة ضخمة مستديرة يطلق عليها اسم "براق ريتي"، و أن كل الكائنات الحية و الجمادات نشأت من تلك المادة الأولى و تطورت عنها و أنها آخذة في التحول مرة أخرى إلى براق ريتي. وفي قصيدة له حملت عنوان "الطبيعة" كتب أناكسيمنديريس (Anaksimenderes) - أحد تلامذة طاليس الفيلسوف اليوناني القديم- أن الحيوانات قد جاءت إلى الوجود من الصلصال الذي تبخر بفعل أشعة الشمس.
من هنا يتضح أن الأساس في كل هذه الاعتقادات الباطلة قد اعتمد على بنية بسيطة بدائية للحياة. وقد حمت أوروبا التي ولد بها العلم الحديث هذه الاعتقادات لفترة طويلة. لقد بدأ العلم الحديث يأخذ طريقة نحو التطور ابتداءً من القرن السادس عشر، إلا أنه ونظرا لعدم وجود الإمكانيات الكافية لدى رجال العلم في ذلك الوقت من أجل دراسة تفاصيل الحياة و دراسة الجزيئات التي لا تُرى بالعين المجردة ظل بعض منهم طيلة ثلاثة قرون على الأقل مقتنع ببدائية الحياة. وقد اعتمدت قناعتهم تلك على بعض التجارب و الملاحظات السطحية. ومثال على ذلك التجربة التي قام بها الكيميائي البلجيكي جان بابتيستا فون هيلمونت Jan Baptista Von Helmont ( 1580 – 1644 ) عندما قام بنثر بعض من حبوب القمح على قميص متسخ، وعندما شاهد بعد مدة انتظار محددة وجود الفئران حوله ظن أن الفئران فد نشأت و تكونت نتيجة الاختلاط و التمازج بين القميص و القمح. وهناك تجربة أخرى مشابهة قام بها العالم الألمانى Athanasius Kircher ( 1680 – 1601 ). فقد صب العسل على الذباب الميت، و بعد مدة من الانتظار لاحظ وجود ذباب يطير فوق العسل، فظن أن الذباب الميت متحداً مع العسل أنتج الذباب الحي. الا أن العلماء الأكثر وعيا كانوا يتمكنون من إدراك خطأ كل واحدة من تلك التجارب. فقام العالم الايطالي فرانسيسكو ريدي ( 1697 – 1626) لأول مرة بتجربة أكثر إحكاماً في هذا الموضوع.

دحض لويس باستور Louis Pasteur ، بالتجارب العلمية فكرة ان الحياة يمكن تتولد من تلقاء نفسها من داخل المادة غير الحية. و بناءا على هذه النتيجة تم تحجيم خيالات نظرية " التطور " لصاحبها داروين.


لازارو سبالانزانى
Lazzaro Spallanzani
فأوضح مستعيناً بطريقة العزل أن الديدان الموجودة في اللحوم لم تتكون من تلقاء نفسها كما أن مجيء الذباب يكون بخروجه من اليرقات التي يضعها. و أوضح أن الكائنات الحية لا يمكن أن تأتي من الجمادات مدافعا عن إمكانية انحدار الكائنات الحية من كائنات حية أخرى. وعُرفت آراؤه تلك بـ"نظرية النشوء الإحيائي " biogenez. أما وجهة النظر التي تقول بأن الكائنات الحية يمكن أن تتكون من تلقاء نفسها فقد عرفت باسم "نظرية التولُّد التلقائي " abiogenez. و قد واصل اثنان من رجال العلم في القرن الثامن عشر هما جون نييدهام John Needham ( 1781 – 1713 ) و لاظَّارو سبالاسنزاني Lazzaro Spallanzani (1799 – 1729) استمرّا في المناقشة العلمية بين مؤيدي "نظرية النشوء الإحيائي" ومؤيدي "نظرية التولُّد التلقائي أو الذاتي". فقام كل منهما بعزل قطعة من اللحم بعد غليها. و لاحظ نييدهام أن الديدان قد تكونت مرة أخرى في اللحم فعدَّ ذلك دليلا على صحة نظرية التولُّد الذاتي. أما سبالاسنزانى فقام هو الآخر بتكرار التجربة نفسها، إلا أنه قام بغلي اللحم مدة أطول. وبذلك يكون قد قتل كافة الصور و الأشكال العضوية الموجودة فيها. و وجد في النهاية أن اللحم لم يدود( لم يظهر الدود) . و بذلك يكون سبالاسنزاني قد نجح في إثبات عدم صحة نظرية التولُّد الذاتى. إلا أن رأيه هذا قوبل بالرفض مرة أخرى ولم يصدقه كثير من الناس. و قالوا إن سبالاسنزاني "قام بغلي اللحم بشكل مبالغ فيه، ومن ثم قتل طاقة الحياة الموجودة داخله".
وبينما يعمل تشارلز داروين على تطوير نظريته، كان موضوع أصل الحياة يشوبه الغموض بسبب مناقشات كتلك. وكان هناك كثير ممن يعتقدون أن البكتريا والميكروبات الأخرى و إن لم تُر بالعين المجردة مثل الديدان تتكون و تُشتق من المواد الجامدة. و في عام 1860 جاء عالم الأحياء الفرنسي الشهير لويس باستور Louis Pasteur و فند بتجاربه ادعاءات نظرية التولد الذاتي التي استمرت لعصور. ومع ذلك ظلت الأفكار الخاصة بنظرية التولد الذاتي راسخة في أذهان كثير من الناس. لهذا السبب قلما فكر داروين في موضوع الكيفية التي ظهرت بها الخلية الأولى. ولم يبد أيّ تصريح بخصوص موضوع أصل الترك الذي نُشر عام 1859. كما أنه لم يمل إلى هذه المسألة حتى بعد أن أظهرت تجارب باستور أن هذا الموضوع أصبح يمثل مشكلةً كبيرة بالنسبة للدارونية. فقد كان التفسير الوحيد المعروف بخصوص أصل الحياة في اتجاه أنها يمكن أن تكون قد تكونت "في بحيرة صغيرة حارة". و في خطاب كتبه إلى جوزيف هوكر في عام 1871 تحدث داروين قائلاً:

The Origin of Species
”بصفة عامة يُقال إن الظروف الملائمة لإنتاج أول كتلة عضوية للكائن الحي يجب أن تكون متواجدة في كل وقت. ولكن لو أنها تكونت كيميائيا بالاتحاد بين بروتينات في بحيرة صغيرة حارة / ساخنة يوجد بها الضوء و الحرارة و الكهرباء...الخ و يوجد بها أيضاً الغبار الفسفوري و ملح النشادر، و لو أصبحت جاهزةً كي تمر بتغيّرات أخرى معقدة لكانت هذه المادة قد امتصت في يومنا الحاضر، و لكن من المستحيل أن يوجد وضع كهذا قبل وجود المخلوقات الحية“.7
باختصار لقد كان داروين يدافع عن الطرح القائل بأنه من الممكن في حال وجود بعض الكيماويات التي يعتبرها المادة الخام للحياة داخل بحيرة حارة أن تتكون البروتينات و أن تتزايد أعدادها، و يحدث نوع من الاتحاد فيما بينها ثم ينتج عن تلك العمليات الخلية الحية. بل و الأكثر من ذلك أنه زعم أن تكوينا كهذا لا يمكن و أن يتم تحت شروط الحياة الموجودة في يومنا، و أن امكانية حدوثه كانت قائمةً في العصور القديمة.
لقد كان زعم داروين عبارة عن مضاربة لا تعتمد على أيّ أساس علمي. غير أن هذه المضاربات ستصبح مصدر إلهام لأنصار التطور الذين سيأتون بعده، و ستبتديء جهداً يائساً يستمر قرابة قرن.
وقد اعتمد هذا الجهد اليائس على خطإ علمي استطاع أن يحمي وجوده طيلة عصور. وبقيت الحياة تفسر على أنها تكوّنت بمحض المصادفة...


ج. ب. س. هولداين
J. B. S. Haldane

الكسندر اوبارين
Alexander Oparin
و مر منذ ذلك الوقت زمن طويل على هذا الجانب و كأنه قرن.
بذل آلاف العلماء جهدهم حتى يأتوا بتفسير لأصل الحياة يتوافق و نظرية التطور. وكان ألكسندر أوبارين Alexander Oparin و جي. بي. إس هالدان J. B . S Haldane هما أول من عبَّد الطريق لذلك. اقترح هذان العالمان اللذان يشتركان في أن كليهما ماركسي الهوى - و إن كان أحدهما روسي و الآخر إنجليزي- نظرية عُرفت فيما بعد باسم "التطور الكيميائي". وقد ادعيا كما تخيل داروين أن الجزيئات التي هي المادة الخام للحياة قد تطورت من تلقاء نفسها بفضل مساهمة الطاقة، وتمكنت من تكوين خلية حية.
لقد اكتسبت الأطروحة التي قدمها كل من أوبارين و هالدان طابع السرعة في منتصف القرن العشرين، لأنه لم يكن معروفاً بعد إلى أيّ مدى كون الحياة معقدة، كما أن التجربة التى قام بها الكيميائي الشاب ستانلي ميللر Stanley Miller قد وفرت الدعم العلمي لنموذج "التطور الكيميائي".
تجربة ميللر قديماً
إذا نظرتم إلى المصادر التي تتحدث اليوم عن أصل الحياة اليوم، فهناك احتمال كبير أنكم سوف ترون أنها أشارت إلى "تجربة ميللر" باعتبارها أكبر دليل على الأطروحات التي يدافعون عنها. تروي كتب الدراسة المتعلقة بالأحياء في عدد كبير جدا من الدول للطلاب إلى أي مدى كانت هذه التجربة بمثابة استنتاج مهم للغاية، وكيف أنها هي التي " فسَّرت و أنارت قضية أصل الحياة " المزعومة. وقد أُهملت تفاصيل التجربة في كثير من الأحيان. فيتم إهمال ما أسفرت عنه التجربة و إمكانية أن تكون هذه النتيجة قد "سلطت الضوء" على مسألة أصل الحياة.
وحتى يمكن أن نسلط الضوء على هذه التجربة دعونا أولا نلخص باختصار الحقائق التي أفردنا لها مكاناً بشكل مفصل في ثنايا دراستنا.
قام ستانلي ميللر الطالب في قسم الكيمياء بجامعة شيكاغو تحت إشراف استاذه هارولد أوري أيضا بتجربته في عام 1953، حيث هيأ خلالها جواً مكونا من مزيج من الغازات افترض أنه أشبه ما يكون بذلك الذي وُجِدَ في العالم البدائي. بعد ذلك قام بتوصيل تيار كهربي إلى داخل هذا المزيج لمدة استمرت أسبوعا تقريباً، و في نهاية هذه الفترة لاحظ أن بعض الأحماض الأمينية – المستخدم منها و غير المستخدم – في الكائنات الحية قد تركبت و تمازجت مع بعضها البعض.
والواقع أن الأحماض الأمينية هي لَبِنَات البناء الخاصة بالبروتينات التي تعتبر بدورها الأسس الأكثر أهمية التي يحتاج إليها الجسم. فتتحد مئات من تلك الأحماض الأمينية مع بعضها البعض بشكل مرتب داخل الخلية، وبذلك تتكون البروتينات. كما أن الخلايا تأتي من البروتين في عدة آلاف من الأنواع المختلفة. أي أن الأحماض الأمينية هي أكثر الأجزاء صغراً في الكائنات الحية.
ولهذا السبب أيقظت العملية التي قام بها ميللر حماساً كبيراً بين أنصار التطور. وولدت " أسطورة تجربة ميللر " التي ستستمر عشرات السنوات.
بيد أن هذه الأسطورة كانت فاشلة وغير صالحة.

ستانلي ميللر
Stanley Miller

و قد بدأت هذه الحقيقة في الظهور بشكل تدريجي وببطء. فثبت أن الجو في السبعينات من القرن العشرين لم يكن يحتوي على غازي الميثان و النشادر، و بدلا من ذلك كان يتركز و بشكل رئيسي غازا النيتروجين و ثانى أكسيد الكربون. و هذا ما جعل سيناريو ميللر أيضاً لا يفضي إلى شيء لأن هذه الغازات التي نتحدث عنها ليست ملائمة على الإطلاق لتكوُّن الحامض الأميني. و قد لُخصت هذه الحقيقة في مقالة نشرت بتاريخ 1998 في مجلة الجيولوجيا على النحو التالي:
”اليوم أصبح السيناريو الذي افترضه ميللر يواجه بالشكوك. و أحد أسباب ذلك كان تسليم علماء الجيولوجيا أن الجو في المرحلة البدائية كان يتكون بشكل رئيسي من ثانى اكسيد الكربون و النيتروجين. أما هذه الغازات فكانت نشطة و فعالة و لكن بشكل ضئيل أكثر مما هو مستخدم في التجربة (تجربة ميللر) التي أجريت في عام 1953“. 8
و قد تم إفراد مكان للظروف المتعلقة بهذا الموضوع أيضاً في إحدى المقالات التي نشرت في العام نفسه في مجلة National Geographic، وهي من المجلات الشهيرة المتخصصة:
يعتقد عدد كبير جدا من العلماء اليوم أن الجوّ الذي وُجِدَت فيه الحياة البدائية كان مغايراً لذلك الذي زعم به ميللر. و هم يرون أن الهواء في البيئة البدائية كان يتكون ثاني أكسيد الكربون بشكل أكبر من الهيدروجين و الميثان و النشادر. وكان هذا بمثابة الخبر السيّء بالنسبة إلى الكيميائيين! وقد كانت مقادير المركبات العضوية التي حصلوا عليها عندما أدخلوا ثاني أكسيد الكربون والنّيتروجين في التفاعل كانت عديمة القيمة. 9
يعتبر التّعليق الذي حواه المقال الذي نشره جون كوهين John Cohen في مجلة العلم في عام 1995 بمثابة المفسر لهذا الموضوع أيضاً. فقد بيَّن كوهين أن العلماء الذين بحثوا في أصل الحياة لم يأخذوا تجربة ميللر بعين الاعتبار، ولخّص السّبب وراء ذلك كما يلي: "لأنّ الغلاف الجوي أو الهواء في الحياة المبكرة لم يكن يتشابه مع ادعاءات ميللر – أوري". 10
و هناك نقطة أخرى أثبتت عدم صلاحية تجربة ميللر ألا و هي الإعلان عن احتواء الهواء في المراحل المبكرة من الحياة على كمية وفيرة من غاز الأوكسجين. كل ذلك أدخل سواء تجربة ميللر أو سيناريوهات الكيميائيين الآخرين في طريق مسدود لأن الأوكسجين له خاصية أكسدة كافة الجزيئات العضوية. وقيام أنظمة أنزيمية خاصة للغاية موجودة في الجسم بمنع هذا الخطر. لذا فإنّ عدم أكسدة أو عدم احتراق جزيء عضوي يتحرك بطلاقه في الطبيعة نتيجة اتحاده بالأوكسجين هو في حقيقة الأمر ضرب من ضروب المستحيل.
وعلى الرّغم من كل تلك الحقائق ظل يُشار إلى تجربة ميللر طيلة عشرة سنوات كما أوضحنا في السابق على أنّها اكتشاف علمي مهم للغاية في تفسير أصل الحياة. وقُدِّمت إلى الطلاب في كتب الأحياء الدراسية على النحو نفسه. و خلال هذا التقديم لتجربة ميللر كانت تُختار العبارات المُوَجِّهة مثل: " لقد أشار ميللر إلى الكيفية التي تتألف بها المركبات العضوية مع بعضها البعض" أو " لقد أشار ميللر إلى الكيفية التي تكونت بها الخلايا الحية الأولى".
وبذلك يكون هناك عدد كبير جداً من المتعلمين قد غُرِّر بهم و تم خداعهم في هذا الموضوع. فعلى سبيل المثال من الممكن أن تصادفنا في بعض المقالات التي تتحدث عن نظرية التطور عبارات مثل "تنشأ الحياة عندما تمتزج المواد العضوية مثل الحامض الأميني و البروتين مع بعضها البعض وتغلي، ومن ثم تبدأ الحيوية ويدبّ النشاط ". و هذا هو واحد من المعتقدات الباطلة التي خلفتها أسطورة تجربة ميللر في الاذهان. والحقيقة هي أن أحدا لم ير في أي وقت من الأوقات "أن الحياة تنشأ وتتكون عندما تختلط المواد العضوية مثل الحامض الأميني و البروتين و تُغلّى معاً". فتجربة ميللر التي حاولت تفسير الحياة بتكون الأحماض الأمينية هي كما أوضحنا في السابق تجربة قديمة لا يعترف العلم بأي صلاحية لها. تماما مثل "تجارب" جان باتيستا فون هيلمونت أو Athanasius Kircher التي افترضت أن اللحم الذي يوجد به دود يعد دليلاً على التولد التلقائي. و يقيم جيريمي ريفكن نفس التشابه في كتابه الذي يحمل عنوان ”سقوط داروين“ و ترجم إلى اللغة التركية. فلو أن العلماء قد تحملوا مشقة الإحساس بمقدار ضئيل من الشك و الريبة فإنهم كانوا قادرين على أن يروا و يميزوا في لمح البصر أن هذه التجربة (تجربة ميللر) لا تتعدى كونها حكاية نظرية تخمينية، تماماً مثلما فعل رجال العلم في السنوات السابقة لذلك عندما زعموا أن الحياة تخرج من المادة الجامدة بعد أن لاحظوا يرقات الذباب التي خرجت من الزّبالة. 11
و هناك نقطة مهمة للغاية لم يستطع أولئك الذين يعتقدون أن تجربة ميللر هي اكتشاف علمي مهم: وهذه النقطة هي أن ميللر قد قام بتجربته مُهيئاً شروطا اصطناعية وضعها هو، أي ليس لها أدنى علاقة بالهواء أو الغلاف الجوي في تلك الرحلة البدائية من الحياة بمعنى أن ظروف التجربة لم تكن صحيحة. و الأهم من ذلك كله أنه تمكن من تركيب الحامض الأميني فقط دون أن يقدم دليلا قاطعاً على أنّ تكوُّن الحامض الأميني يعني تكون الحياة.
لو أننا شبَّهنا خلية الكائن الحي بمصنع عملاق، فإن كل واحد من الأحماض الأمينية هي الأَجُرَّ " التي يبنى بها " هذا المصنع. و هي الكيفية التي تُرتب و تُصمم بها هذه الأجُرّ المهمة. فلم تشر أية تجربة أجريت حتى الآن إلى أن الأحماض الأمينية تُنظَّم عن طريق المصادفة أو من تلقاء نفسها، كما أنها لم تكون بروتيناً وظيفياً. ولكي توجد الحياة فلا بدّ من فلا بد من أن تتكون شفرات الـ DNA "الحامض النووي الريبي منقوص الأوكسجين" و كذلك الأنزيمات التي تفسر هذه الشفرات، و يجب أن يتكون أيضاً غشاء خلية نفَّاذ (يسمح بالنفاذ) إلى غير ذلك من عمليات أخرى. أي أنه يجب أن تتكون أنظمة معقدة للغاية. و لم يُشر في أي وقت من الأوقات إلى إمكانية حدوث "تطور كيميائي" مثل هذا. بل و الأكثر من ذلك أن الاعتقاد في شيء كهذا هو على وجه الدقة اعتقاد بالمستحيل. و كان لـ"بول دافيس" Paul Davies - وهو فيزيائي له شهرة عالمية و له كتابات علمية - تعليقه الخاص أيضا بخصوص هذا الموضوع:

Jeremy Rifkin
جرمي ريفكين
يعتقد بعض من العلماء أن"الحياة" تتكون من تلقاء نفسها بمجرد إضافة قدر من الطاقة فقط. و هذا يتشابه بالضبط مع قولنا: لنضع ديناميت تحت كومات من لبنات الآجُرّ، ثم لتنفجر هذه الكومات، و جرَّاء هذا الانفجار سوف يتشكل بيت! و مما لا شك فيه أن هذا الانفجار لن يسفر إلا عن وجود حالة من الفوضى والتشوّش، و لن يتكون البيت بحال من الأحوال. وتكمن الصعوبة في تفسير أصل الحياة في السؤال: كيف يمكن أن يُفَسَّر ذلك البناء المنظم و المعقد الذي تتداخل فيه الجزيئات بأن هناك طاقة دخلت إليه عن طريق المصادفة. و كيف أتت الجزيئات المعقدة تعقيدا نوعيا للغاية بنفسها في مكان واحد و بهذا الشكل و ذلك الترتيب الدقيق.12
و الواقع أن المثال الذي ساقه باول دافيس يجعل الحل الواقعي الصحيح لقضية أصل الحياة يكمن في داخل القضية نفسها. فلو كان هناك منزل في مكان ما، فهل من المنطقي أن نفترض أن هذا المنزل قد تكون "نتيجة تفجير اللبنات التي يبني بها هذا المنزل بالديناميت"، وهل من الممكن أيضا أن نختلق نظريات عن موضوع كهذا؟ أم أن المنطقي بالفعل هو أن نقبل بأن هذا المنزل لم يتكون نتيجة انفجار الديناميت، وإنما جاء نتيجةً لترتيب و بناء هندسي متقن؟ أعتقد أن الإجابة واضحة للغاية.
وسبب هذا أيضا أنه قد وَضَحَ في العشرين سنةً الأخيرة، وبشكل أكثر تفصيلا التعقيدات الموجودة في موضوع الحياة هذا، من أجل هذا هجر العلماء خرافة "التطور الكيميائي" و بدأوا يبحثون عن جوابٍ جديد شافٍ لموضوع أصل الحياة:
وهذا الجواب هو حقيقة الخلق.
إن المنشأ الأهم الذي يمكن أن يكون سبباً لإدراك واضح لحقيقة الخلق هو ذلك التعقيد الذي لم يكن لأحد حتى أن يتخيله في زمن داروين. يتحدث البروفيسور في الكيمياء الحيوية ميشيل. جي بيهي Michael J. Behe من جامعة Lehigh في كتابه "صندوق داروين الأسود" الذي نشر في عام 1996 عن كشف التعقيد الموجود في الحياة و النشوء بقوله:
”يعمل علم الكيمياء الحيوية من منتصف عام 1950 على إيصال كافة الأعمال الخاصة بالحياة على مستوى الجزيئات إلى مرحلة الوضوح و إزالة الغموض. لم يكن العلم - مع درجة التطور التي وصل إليها في القرن التاسع عشر – ليكتشف أنظمة عمل أجهزة الجسم المختلفة مثل جهاز الإبصار و جهاز المناعة أو آليات الحركة. أما علم الكيمياء الحيوية الحديث فقد فتح الطريق لتحديد الجزيئات التي تؤدي هذه الوظيفة و ما شابهها من وظائف أخرى. بيد أن هذا الانتظار قد تلاشي تماما. فقد تمكن العلم من إثبات أن عميلة الرؤية و آليات الحركة و الوظائف الاحيائية الأخرى أقل تعقيداً من الكاميرات التلفزيونية و السيارة. وقد بذلت محاولات كبيرة إلى حد ما كان الغرض منها محاولة فهم الكيفية التي تشكلت بها كيمياء الحياة. إلا أن النظام الدقيق والحساس على مستوى الجزيئات في الأجهزة الاحيائية و ما بها من تعقيدات أصاب العلم فيما يخص بموضوع تفسير أصلها بحالة من الشلل... لقد زعم كثير من رجال العلم معتمدين على ثقتهم في أنفسهم أن التفسير في أيديهم. أو قالوا إنهم سيتوصلون في القريب العاجل إلى هذه التفسيرات، إلا أنهم لم يتمكنوا من إيجاد دليل واحد فقط يدعمهم في المدونات العلمية المتخصصة. و الأهم من هذا، أنه تبين عندما تم بحث البناء الخاص بالأجهزة أنه لا يمكن تفسير آليات الحياة وفق ما ورد في افتراضات داروين على الاطلاق“.13
حسناً إذن ما هي الأشياء المعقدة إلى هذا الحد و التي توجد داخل الخلية؟ يلخص بيهي الإجابة عن هذا السؤال كما يلي:
”توصل العلم في الفترة القصيرة بعد عام 1950 إلى نقطة يمكن عن طريقها تحديد خصائص و اشكال جزء من الجزيئات في الكائنات الحية. و نتيجة لأبحاث طويلة اكتشفت بالتدريج البنية الاحيائية الخاصة في الجزيء، و تم كذلك عن طريق عدد لا يحصي من التجارب التوصل إلى تفسير طرق عملها وآلياتها. و أشارت النتائج مجتمعة إلى أن الحياة مبنية في الأساس على ماكينات. و أن هذه الماكينات تتكون هي أيضا من الجزيئات! و تحمل الجزيئات أحمال الماكينات من مكان داخل الخلية إلى آخر داخل الخلية أيضاً، و تحمل من جديد بواسطة " الطرق الرئيسية " التي تسببها الجزيئات الأخرى. و في تلك الأثناء تتحرك الأخرى و تقوم بوظيفة السلك و الحبل و البكرة حتى يمكن الاحتفاظ بشكل واحد للخلية. وتقوم الماكينات بفتح و غلق المفاتيح الخاصة بالخلية، وهي تقتل الخلية في بعض الأحيان و تتسبب في أحيان أخرى في ضمان تطورها. و تحصل الماكينات التي تعمل بطاقة الشمس على طاقة الفوتون وتقوم بإخفائها داخل المواد الكيميائية. و تضمن الماكينات الكهربية عملية مرور التيار من الاعصاب. و تعمل الماكينات التي تقوم بالإنتاج على إنشاء ماكينات الجزيئات الأخرى المثيلة لها، و تسبح الخلية مستخدمة الماكينات و تقوم بنسخ نفسها و تتغذى بواسطة الماكينات أيضاً. باختصار إن الماكينات و الجزيئات المعقدة إلى حد ما تتحكم في أية عملية خلوية "خاصة بالخلية". و قد تم ضبط تفاصيل الحياة بدقة و في النهاية أصبحت ماكينات الحياة على درجة من التعقيد.14
لقد لفت الفيزيائي الإسرائيلي و عالم الاحياء جيرالد سكرودر Gerald Schroeder الانتباه إلى التعقيد الفائق الموجود داخل الخلية:

الفيزيائي و عالم الاحياء الاسرائيلي
و عالم الجزيئات جرالد ستشرودر Gerald Schroder
”... تعمل كل خلية موجودة في أجسادكم على تكوين حوالي 2000 بروتين في الثانية الواحدة. و لا مكان للراحة و لو لثانية واحدة داخل الخلية. و الخلايا تقوم بهذا بشكل متواضع لدرجة أننا لا نشعر على الاطلاق بهذا القدر من النشاط. والبروتين هو سلسلة تتكون من مئات من الاحماض الأمينية فهو يختار ما يربو على خمسمائة حامض أميني تتكون من حوالي عشرة ملايين ذرة، وبعد ذلك يأتي بها جميعا في مكان واحد و يرتبها في سلاسل تم اختيارها من قبل، و هو يتحكم في تعرج أو عدم تعرج كل سلسلة من هذه السلاسل بشكل نوعي، و يقوم بعد ذلك بإرسال كل بروتين إلى أماكن محددة بعضها خارج الخلية و البعض الآخر داخلها و هي المسئولة عن إعطاء الإشارة عند الحاجة إلى هذا البروتين الخاص. و تتكرر هذه العملية في كل خلية في كل ثانية. إن بدننا هو بحق معجزة حية“. 15
و كما أوضح باول دافيس فهذا الزعم القائل بأن هذا البناء المعقد الخارق للعادة هو نتاج للصدفة و لقوانين الطبيعة يتشابه و إمكانية إنشاء منزل بوضع ديناميت تحت اللبنات التي يصنع منها هذا المنزل. لهذا السبب وقف الداروينيون عاجزين أمام تعقيدات الحياة. و يتحدث بيهي ايضاً عن عدم وجود أي تفسير تطوري يتعلق بأصل الحياة في أي من المنشورات العلمية و يقول:
”لو أنكم دققتم في المنشورات العلمية التي تناولت موضوع التطور و ركزتم في خلال ذلك على الماكينات الجزيئيه أي على أصل الحياة? فلن يقابلكم إلا خوف و صمت يشوبه الشك و الريبة. لقد أصابت تعقيدات الحياة المحاولات العلمية التي اجريت لحساب ذلك بحالة من الشلل، و شكلت الماكينات الجزيئية عائقا أمام داروين لا يمكن اجتيازه“. 16
خلاصة القول أن أصل الحياة أصبح واحداً من الحقائق المهمة التي أودت بنظرية التطور إلى الانهيار. حسناً إذن لماذا يصر أنصار نظرية التطور على الدفاع عن نظرية داروين حتى الآن؟
و في اعتراف له تحدث هارولد أوري Harold Urey و هو أحد معماريِّ تجربة ميللر على النحو التالي:
”كنا نحن من بحث في موضوع أصل الحياة، و مهما بذلنا من جهد و أجرينا من أبحاث فلن نصل إلا إلى نتيجة واحدة هي أن الحياة معقد إلى درجة يستحيل معها أن تكون قد تطورت في أي مكان. ( إلا أننا) نؤمن جميعاً وبتعبير عقائدي بأن الحياة قد تطورت من مادة ميتة جامدة موجودة على سطح كوكب الأرض... إن الحياة معقدة إلى درجة يصعب معها علينا أن نتخيل الكيفية التي تطورت بها“. 17


ساد الاعتقاد في عصر داروين أن الخلية ما هي إلا كيس يملؤه سائل. إلا أن الابحاث التي اجريت في السنوات الاخيرة أثبتت أن الخلية عبارة عن بناء معقد للغاية يتكون من مواد عضوية كثيرة للغاية.
أظهر علم الاحياء الجزيئي في عصر داروين أن الحياة معقدة لدرجة لا يمكن للخيال حتى أن يتقبلها. نعرف اليوم أن الخلية الحية هي بناء أرقى من كل الآثار التي صنعها الانسان. و هذه الحقيقة تدحض نظرية داروين التي تدعي أن الحياة نتاج للمصادفات فقط.
يعتبر الحامض النووي منقوص الاوكسجينDNA الذي يُظهر البناء الجيني للخلية، أكثر الاجزاء شمولاً في بناء الخلية المعقد.
توصل العلماء إلى معلومات مهمة و قيمة للغاية، عن شفرة الـ DNA ، بعد أن أنفقوا أموالا طائلة في أبحاث امتدت لسنوات طويلة. ومع ذلك فلا زال التكامل الموجود في البناء الجيني للخلية محتفظ بسره الاكبر حتى الان. و يأتى البناء المعقد للـDNA و الحياة التي يحويها والمعلومات التي يضمها بناءه العظيم في مقدمة الموضوعات التي ظلت لغزا يحير الذين يريدون تفسير ظهور الحياة باعتباره امرا ناتجا عن المصادفات وحدها.

لقد أعلن أوري و بيَّن أنه و عدد كبير جدا من زملائه "يؤمنون" بأن أصل الحياة قد جاء عن طريق المصادفة. و الحقيقة أن هذه النظرية لا تنطوي على وجهات نظر علمية بقدر اعتمادها على اعتقادات باطلة. و يطلق على هذا الاعتقاد الذي لا يوجد به شيء غير المادة - و يجب أن يأتي معه تفسير أي شيء أيضاً بالمؤثرات المادية- اسم الفلسفة المادية.
وبسبب هذه الفلسفة يوجد من يدافع عن الدارونية - التي انهارت من وجهة النظر العلمية - بشكل آلي أعمى. و لكن هذا أيضاً لن يُكسب النظرية عمراً أطول.
7- CHARLES DARWIN TO J.D. HOOKER, Down [March 29, 1863]. http://ibiblio.org/gutenberg/etext00/2llcd10.txt
8- "The Crucible of Life", Earth, ?ubat 1998
9- "Origin of Life on Earth", National Geographic, Mart 1998
10- Jonathan Wells, Icons of Evolution, Science or Myth, Why Much of What We Teach About Evolution is Wrong, Washington, DC, Regnery Publishing, 2000, p.21
11- Jeremy Rifkin, Darwin'in C?kü?ü, Ufuk Kitaplar?, ?stanbul 2001, s.133
12- Paul Davies, C.W. [renouned physicist] & Adams Phillip [journalist], "More Big Questions," ABC Books: Sydney, Australia, 1998, ss.53-54, 47-48, 48
13- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, "Evrim Teorisi"ne Kar?? Biyokimyasal Zafer, Aksoy Yay?nc?l?k, 1998, s.8
14- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, s.14
15- Gerald L. Schroeder, Tanr?'n?n Sakl? Yüzü, Gelenek Yay?nc?l?k, Nisan 2003, ?stanbul, ss.67-68
16- Michael J. Behe, Darwin'in Kara Kutusu, s.15
17- W. R. Bird, The Origin of Species Revisited, Nashville: Thomas Nelson Co., 1991, p.325






آخر تعديل بواسطة الاشبيلي بتاريخ 04.12.2010 الساعة 07:10 .
رد باقتباس