بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مقالة كتبها أحد آباء عباد الصليب من الموارنة الكاثوليك أنقلها كما هي مع المصدر للأمانة العلمية
http://www.annahar.com/content.php?priority=1&table=adian&type=adian&day= Mon
"المعنى الصحيح لإنجيل المسيح"
التزوير الصريح بحجّة التفسير الصحيح...
لكل أمرئ الحق بأن يفسر أي نص ديني كما يحلو له ذلك. فالنص حمّال أوجه ولا يمكن إلزام كل قارئيه بتفسير آحادي قاطع. وتعدّد المدارس التفسيرية ومناهجها بات مقبولاً حتى ضمن المذهب الواحد، فكم بالأحرى بين المذاهب والطوائف المختلفة ضمن الديانة الواحدة. لكن من المستهجن ان يتم الاعتداء على نص مقدّس وتحريفه وتبديل ألفاظه بذريعة تقديم تفسير مشبوه يمجّه أهل هذا النص وتراثهم الحيّ.
هذه هي حال كتاب "المعنى الصحيح لانجيل المسيح" الذي عنيت بطبعه وتوزيعه "دار الفارابي" (تقدم ترجمة جديدة للأناجيل الأربعة وكتاب أعمال الرسل، أقل ما يمكن ان يقال فيها إنها ترجمة تحرّف النص الأصلي المدوّن باليونانية. وبشكل فاضح يلغي المشرفون على الترجمة الجديدة الألفاظ والتعابير المألوفة لدى المسيحيين، ويستعملون عوضاً عنها ألفاظاً وتعابير غريبة عن تراثهم، وبعيدة جداً عن الاصل اليوناني. ودونكم بعض النماذج من هذه الفضائح البيّنات:
"يا وليّنا الذي وسع عرشك السموات" تصبح فاتحة الصلاة التي علّمها المسيح لتلاميذه، وتلاها من بعدهم مئات المليارات من المسيحيين منذ الفي سنة الى اليوم. "أبانا الذي في السموات" (متّى 9٫6) ازعجت القيمين على الترجمة، فأطاحوا باللغة اليونانية وبالأمانة العلمية من أجل استبعاد اسم الله الذي اعلنه الى الناس في العهد الجديد. فلفظ "باتر" باليونانية يعني "أب" لا "وليّ"، كما لا يرد لفظ عرش في الصلاة الأصلية، فمن أين أتوا به؟ وهكذا على مدى الأناجيل، في كل مرّة يرد فيها لفظ "أبانا" يستبدل بـ"الله" او بـ"الله وليّكم الأعلى".
"اذهبوا وتلمذوا كل الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متّى 28، 19) تصبح في الترجمة الموصوفة "وطهّروهم بالماء باسم الله ومسيحه وروحه القدّوس". ثمة في الترجمة عداء جمّ ضد لفظ "ابن الله" و"الابن" و"الابن الوحيد". فالمترجمون يفضّلون قول "حبيب الله الوحيد" عوضاً عن "ابن الله الوحيد" (يوحنّا 1، 18) مبرّرين فعلتهم هذه بقولهم في الحاشية "سترد هذه العبارة كثيراً، وهي حرفياً ابن الله. ولا تشير مطلقاً الى البنوة ذات الطبيعة البشرية. حاشا الله! انما كان هذا لقباً مجازياً يشير الى الملك المختار الذي يجب ان يكون من سلالة النبي داود". صحيح ان البنوة المقصودة في النص هي غير بشرية، بل هي إلهية أزلية، غير ان المسيحيين لم يقولوا يوماً ان تعبير "ابن الله" هو لقب مجازي للمسيح، بل هو اسم من اسمائه. لذلك لا يصح تبديله بتعبير آخر لا يمت بصلة الى المعنى الأصلي. اما "المعمودية" فتصبح "تطهيراً"، بينما النص اليوناني الأصلي يميز بين المعمودية والتطهير مستعملاً لفظين مختلفين لكل منهما غير مشتقين من جذر واحد.
"في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، وإلهاً كان الكلمة" (يوحنّا 1، 1) الفاتحة اللاهوتية التي تشكل ركن اللاهوت المسيحي تصبح في ما يسمى الترجمة الجديدة "في البدء، قبل خلق الكون، كان الكلمة، كلمة الله. وكان الكلمة مع الله، وكان قائماً في ذات الله". النص اليوناني واضح ولا لبس فيه، ولا يرد فيه تعبير "ذات الله"، بل إلهاً كان الكلمة".
يبدو جليّاً أن أصحاب الترجمة المزوّرة يبتغون تشويه الايمان المسيحي عبر تحريف الأناجيل. فهم قد استبعدوا من النص كل ما يمكن ان يشير الى ألوهة المسيح وأزليته وعلاقته الفريدة بالآب. ثمة كتب جدالية كثيرة ظهرت منذ قرون وما زالت تظهر الى الآن سعت الى تفسيرات شتى، لكنها لم تغير النص. غير ان هذا الكتاب يسلك مسلكاً جديداً غير مألوف، فهو يضرب النص الأصلي بحجة كشف معانيه الصحيحة. ليس بهذا الأسلوب الملتوي يستقيم الفهم المتبادل للعقائد الدينية. احترموا النص الأصلي يا سادة، ثم أوّلوه كيفما شئتم.
الأب جوج مسّوح
للمزيد من مواضيعي