3- لا اعداد فكرى او عملى :
" يبرهن التاريخ على أنّ القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية لتيار جديد إذا تركّزت كلّها في محور واحد من خلال حركة تطوّر فكري واجتماعي معيّن فلابدّ أن يكون في هذا المحور من القدرة والثقافة والمعرفة مايتناسب مع ذلك، ولابدّ من أن يكون تواجدها فيه طبقاً لما يعرف عادةً من أساليب في حياة الناس، ولابدّ من ممارسة متدرّجة أنضجته ووضعته على خطّ القيادة لذلك التيار.
وخلافاً لذلك نجد أنّ محمداً (صلى الله عليه وآله) قد مارس بنفسه القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية، دون أن يكون تاريخه يرشّحه لذلك من الناحية الثقافية
ودون أن تكون له أيّ ممارسات تمهيدية لهذا العمل القياديّ المفاجئ."
الحقيقة الواضحة ان محمدا صلى الله عليه و اله و سلم لم يتلق اى اعداد فكرى يناسب ما حققه و ما قدمه , اى لو فرضنا جدلا و تنزلا انه تعلم من ورقة بن نوفل او غيره بعض القصص و الحكايات فهذا لا يفسر كل هذا العلم الذى جاء به و يدرك هذه الحقيقة من يعرفون قيمة مضمون القران و الاحاديث النبوية
و مع ذلك فالحقيقة ان محمد لم يتلقى اصلا اى اعداد فكرى لا مناسب و لا غير مناسب , و اعداؤه انما يكذبون الكذبة ثم يصدقونها ثم يريدون منا ان نصدقها !
فكل ما يقال عن تعلمه من ورقة او غيره كلام فارغ و افتراء مكشوف , و الحديث الذى يحتجون به على ذلك انما يثبت عكس ما يريدون اى يثبت نبوة محمد و ايمان ورقة بنبوته و تبعيته له
لقد جاهد خصوم الاسلام سلفا و خلفا لاثبات معلم للنبى و لكن لا اهمية لذلك فحتى لو فرضنا جدلا انه تعلم بعض القصص من ورقة او غيره فليس فى هذا التعلم المزعوم ما يعتبر اعدادا فكريا يناسب ما جاء به ابو الزهراء و ما حققه
و مع ذلك فكل محاولات خصوم الاسلام فى ذلك الصدد تخبط و تكلف و تعنت حيث عمدوا الى افراد من الذين امنوا بنبوة ابى الزهراء ليزعموا انهم اساتذته ! كابن سلام و سلمان رضى الله عنهما,و كذلك ورقة بن نوفل حسب رواية البخارى التى يحتج بها خصوم الاسلام
و كما يقول بعض العلماء :" يقولون أن النبي كان عالما بالديانات وذكيا ولهذا كوّن دينا يلفق بين الديانات ويخلط بينها. وليس دينه من الله.
وهنا نسألهم كيف تعلم؟ وما حجم التعلم ؟ وما هو الدين الأساسي له ليقوم بالتلفيق بين الديانات؟
وجوابهم هو : إن النبي تعلم من بحيرا الراهب ومن ورقة بن نوفل وكلاهما مسيحي . وأما حجم العلوم فهو كل الديانات المسيحية واليهودية وغيرها، وأما الدين الأساسي فغير معروف ولكن شيوخه مسيحيون .
وهنا لنتأمل هذه الأجوبة :
فقد اجتمع الرسول ببحيرى الراهب في بصرى سويعات، وكان معه جده عبد المطلب ، فهل كان يمتلك بحيرى قمعا لزق العلوم العجيبة بدماغ الناس في ساعة واحدة؟ لا نعرف كيف يصدق جاهل هذه الحجة. ولم يثبت أبدا تتلمذه على بحيرى وإنما القصة تقول إن بحيرى توسّم في محمد النبوة و أوصى جده برعايته. فأين هذه القصة من دعوى تعلمه عليه وأخذه الدين منه وتمرده على الديانة النصرانية.
ورقة بن نوفل لم يكن على علاقة بالرسول متماسة وإنما كان عم خديجة زوجة الرسول ولم يكن على علاقة به، والأقرب عندي انه مسيحي رغم شك الكثير من الباحثين بمسيحيته ، وذلك لورود نص بأنه من القسيسين وهذا لا يطلق على غير المسيحي وقد ورد انه متنصّر بروايات غير واضحة الثبوت، وأما قصة بدء الوحي التي ترويها السيد عائشة ..فليس فيها أكثر من اقتراح أمنا السيدة خديجة سلام الله عليها، أن تعرض أمر ما عراه على ورقة، فأشار عليها ورقة إن هذه علامات النبوة, فأين ما يزعمون من التعلم والدراسة؟"
و لو كان هناك ادنى احتمال لتعلم النبى من ورقة لكانت هذه ابرز و اشهر حجج كفار مكة عليه , و لما اضطروا الى الادعاء بانه يتعلم من اعجمى , و البعض يتوهمون ان القران ربما نسب اليهم ما لم يقولوه و هو وهم مرضى ليس اكثر ,فمن يتوهم ان الصحابة كانوا مهتمين باختراع اتهام على لسان قريش لم تقله و وضعه فى المصحف ثم تاليف رد عليه, هو انسان مريض لا يستحق الالتفات الى اوهامه , فالقران بلا ريب عند اى عاقل ان لم يكن كتابا الهيا فهو على الاقل وثيقة تاريخية صادقة بل اصح وثيقة تعرفنا باحداث و اراء تلك الفترة
يقول الدكتور طه حسين :
"القرآن أصدق مرآة للعصر الجاهلي . ونص القرآن ثابت لا سبيل إلى الشك فيه ...أن القرآن أصدق مرآة للحياة الجاهلية . وهذه القضية غريبة حين تسمعها ؛ ولكنها بديهية حين تفكر فيها قليلا . فليس من اليسير أن نفهم الناس قد أعجبوا بالقرآن حين تليت عليهم آياته إلا أن تكون بينهم وبينه صلة هي هذه الصلة التي توجد بين الأثر الفني البديع وبين الذين يعجبون به حين يسمعونه أو ينظرون إليه . وليس من اليسير أن نفهم أن العرب قد قاوموا القرآن وناهضوه وجادلوا النبي فيه إلا أن يكونوا قد فهموه ووقفوا على أسراره ودقائقه . وليس من اليسير بل ليس من الممكن أن نصدق أن القرآن كان جديدا كله على العرب . فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ، ولا آمن به بعضهم ولا ناهضه وجادل فيه بعضهم الآخر . إنما كان القرآن جديدا في أسلوب ، جديدا فيما يدعو إليه ، جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ، ولكنه كان كتابا عربيا ؛ لغته هي اللغة العربية الأدبية التي كان يصطنعها الناس في عصره ، أي في العصر الجاهلي . وفي القرآن رد على الوثنيين فيما كانوا يعتقدون من الوثنية ، وفيه رد على اليهود ، وفيه رد على النصارى ، وفيه رد على الصائبة والمجوس . وهو لا يرد على يهود فلسطين ، ولا على نصارى الروم ، ومجوس الفرس ، وصائبة الجزيرة وحدهم ، وإنما يرد على فرق من العرب كانت تمثلهم في البلاد العربية نفسها . ولولا ذلك لما كانت له قيمة ولا خطر ، ولما حفل به أحد من أولئك الذين عارضوه وأيدوه ، وضحوا في سبيل تأييده ومعارضته بالأموال والحياة .. وكذلك كانت الحال حين ظهر الإسلام : هاجم الوثنية فعارضوه الوثنيون ، هاجم اليهود فعارضه اليهود ، هاجم النصارى فعارضه النصارى , ولم تكن هذه المعارضة هينة ولا لينة ، وإنما كانت تقدر بمقدار ما كان لأهلها من قوة ومنعة وبأس في الحياة الاجتماعية والسياسية . فأما وثنية قريش فقد أخرجت النبي من مكة ونصبت له الحرب واضطرت أصحابه إلى الهجرة . وأما يهودية اليهود فقد ألبت عليه وجاهدته جهادا عقليا وجدليا ، ثم انتهت إلى الحرب والقتال . وأما نصرانية النصارى فلم تكن معارضتها للإسلام إبان حياة النبي قوية قوة المعارضة الوثنية واليهودية . لماذا ؟ لأن البيئة التي ظهر فيها النبي لم تكن بيئة نصرانية ، إنما كانت وثنية في مكة ، يهودية في المدينة . ولو ظهر النبي في الحيرة أو في نجران للقى من النصارى هاتين المدينتين مثل ما لقى من مشركي مكة ويهود المدينة ...
فالقرآن إذن أصدق تمثيلا للحياة الدينية عند العرب من هذا الشعر الذي يسمونه الجاهلي ."
و اما ان محمدا صلى الله عليه و اله و سلم لم يتلق اعداد عملى على هذا العمل القيادى المفاجىء فهذا لا يشك فيه منصف
و بهذا يتبين اعجاز الشخصية المحمدية فلا يوجد انسان يمكنه ان يحدث كل هذا
و من كان فى ريب فى هذا مع وضوحه فليات باسم انسان مثل محمد و قدم و حقق ما قدمه و حققه محمد
فالخلاصة : ان الشخصية المحمدية يعجز اى انسان ان يقدم و يحقق ما قدمته و ما حققته , و يعجز اى انسان ان ياتى بمثلها
و كما يقول الاستاذ جمال البنا :"اننا اذا وضعنا مآثر اكبر الزعماء و القادة الذين انجبتهم البشرية امام مآثر محمد , لبدت الاولى ضئيلة , قميئة معيبة امام الثانية
فقد كان محمد نبيا جاء بدين ناجح و سياسيا بنى اساس دولة ورثت الامبراطوريات القديمة و مشرعا وضع قانونا عبقريا يشمل العقوبة الجنائية و العلاقات الشخصية و الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية , و بليغا جاء بجوامع الكلم و اعتبرت احاديثه قبسا من الحكمة , و قائدا عسكريا مظفرا , و مثلا اعلى فى الخلق الكريم ..
من ذا يسامى هذه المآثر او يظفر بمثل هذه المنزلة ؟
لقد كان الاسكندر فاتحا عسكريا مظفرا , و تتلمذ على يد اعجوبة البشرية ارسطو و لكنه لم يكن المشرع و لم يكن النبى و ما اكثر ما غلبته انفعالته و ورطته فى منكرات
و كان اعجوبة البشرية ارسطو فريدا فى الفلسفة و المنطق و الاداب و العلوم , و لكنه لم يكن رجل الدولة و لا رجل الدين و لا القائد العسكرى .و كان قيصر رجل دولة و رجل سياسة و اداب و قائدا منتصرا , و لكنه لم يكن رجل الدين او المشرع ...و كان نابليون رجل دولة و رجل سياسة و قائدا عسكريا و مشرعا , و لكنه لم يكن صاحب الدين او رجل اللغة و الادب او المثل الاعلى فى الاخلاق
و كان كل من شكسبير و جوته علما من اعلام الادب و الشعر و المسرح و لكنهما كانا اصفارا فى السياسة و التشريع و القيادة العسكرية او الرسالة الدينية
ان الشخصية الباهرة غير العادية للرسول قد فرضت نفسها .. و كل هذا يصدر من عربى ..لم يتعلم على يد فيلسوف ..
اذا لم يكن هذا وحيا و اذا لم يكن محمد نبيا فان البديل الوحيد هو ان يكون محمد كما كان يرى اليونان و الرومان الها او نصف اله ! "
و يقول الدكتور مصطفى محمود :
" ان تبلغ الذروة فى الخطابة فانت ديموستين .. و ان تبلغ الذروة فى الشعر فانت بيرون , و ان تبلغ الذروة فى الزعامة فانت بركليس , و ان تبلغ الذروة فى الحكمة فانت لقمان , و ان تبلغ القمة فى فنون الحرب فانت نابليون , و ان تبلغ الذروة فى التشريع فانت سولون
اما ان تكون كل هؤلاء , و ان تمتحنك الايام فى كل صفة فتبلغ فيها غاية المدى فهو الاعجاز بعينه
و اذا حدث هذا فانه لا يفسر الا بانه نبوة و مدد و عون من الله الوهاب وحده
و هذا هو برهانى على نبوة محمد
فها انت ذا امام رجل اذا تحدث كان ابلغ البلغاء , و اذا نطق كان افصح الفصحاء .. و هذه احاديثه المجموعة تشهد لنا بانها من جوامع الكلم
فاذا ذهب هذا المحدث الهادىء ليحارب راينا فيه مقاتلا فذا و مخططا عسكريا من الطراز الاول ..
هذا محمد النبى و قد اجتمعت فيه كمالات بلغ فى كل منها الذروة , فهو العابد المبتهل الذى يذوب خشوعا و يفنى حبا , و هو المقاتل الصنديد الذى يتعرض لجحافل الموت ثابت القدم .. و هو المخطط العبقرى الذى يرسم الخطط فيتفوق على اهل الحرفة , و هو السياسى الحاذق الذى يحرك المجاميع و يمسك بمقاليد المشاعر .. و هو المحدث الذى ينطق بجوامع الكلم , و هو الاب و الزوج و الصديق , و هو صاحب الدعوة الذى يقيم نظاما و ينشىء دولة من عدم ( من قبائل و شراذم متفرقة لا تعرف الا قطع الطريق و الثار و التفاخر بالاحساب و الانساب ) .. و هو الكريم الحليم الودود الرءوف الصبور الباش البسام اللطيف المعشر , لا تمنعه الاعباء الجسام من ملاطفة الطفل و الوليد فيحمله على كتفه راكعا و ساجدا و قائما , و لا من مغازلة زوجة فى حنان , لا ينضب لعواطفه معين , و كانه يستمد من بحر
هذه الذات هى المعجزة .
و اجتماع هذه الكمالات فى ذات واحدة معجزة و ليست عبقرية
فالعبقرية ان تتفوق فى صفة واحدة و حسب
اما ان تكون ذواتنا مجمع كمالات فهنا نبوة
هنا امر لا يمكن ان يكون الا بمدد الهى و عصمة و توفيق و تمكين و افاضة ممن عنده كنوز كل شىء
و هذا برهانى على نبوة محمد
اننا امام ذات متفردة تماما
مستوفية اسباب الكمال جامعة لاقصى الاطراف فى كل شىء
فاعلة منفعلة نشيطة مؤثرة , تصنع بطلا من كل رجل تلمسه ..
نحن لسنا اذن امام ابراهام لنكولن , و لا امام جيفارا ..
نحن لسنا امام مصلح اجتماعى
و لا امام ثورة اسبارتاكوس الاجتماعية
لا لقد هزلت التشبيهات "
و اقول صدقت يا دكتور مصطفى: لقد هزلت التشبيهات
و نحن نتحدى اى انسان من منكرى نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم او المرتابين فى نبوته ان ياتينا باسم لانسان واحد قدم و حقق مثل ما قدمه و حققه محمد
فمجموع ما قدمه و ما حققه محمد لا يقدر عليه انسان
و هذا واضح للغاية لكل عاقل يتامل ما تواتر و استفاض و اشتهر عن هذه الشخصية
و انصح كل عاقل تدبر ما سبق ان يتامل جيدا هذه الكلمة المعبرة التى كتبها الامام محمد عبده , و التى تلخص كل ما نريد قوله :
(ما هذا الذى رفع نفسه فوق النفوس ؟ ما الذى اعلى راسه على الرؤوس ؟ ما الذى سما بهمته على الهمم حتى انتدب لارشاد الامم و كفالته لهم كشف الغمم بل و احياء الرمم ؟ ما كان ذلك الا ما القى الله فى روعه من حاجة العالم الى مقوم لما زاغ من عقائدهم و مصلح لما فسد من اخلاقهم و عوائدهم , ما كان ذلك الا وجدانه ريح العناية الالهية تنصره فى عمله و تمده فى الانتهاء الى امله قبل بلوغ اجله
ما هو الا الوحى السماوى قام لديه مقام القائد و الجندى .
ارايت كيف نهض وحيدا فريدا يدعو الناس كافة الى التوحيد , و الاعتقاد بالعلى المجيد , و الكل ما بين وثنية مفرقة و دهرية و زندقة ؟
نادى فى الوثنيين بترك اوثانهم و نبذ معبوداتهم , و فى المشبهين المنغمسين فى الخلط بين اللاهوت الاقدس و بين الجسمانيات بالتطهر من تشبيههم , و فى الثنوية بافراد اله واحد بالتصرف فى الاكوان و رد كل شىء فى الوجود اليه , صاح بذوى الزعامة ليهبطوا الى مصاف العامة فى الاستكانة الى سلطان معبود واحد هو فاطر السموات و الارض ..
وخز بوعظه عبيد العادات و اسراء التقليد ليعتقوا ارواحهم مما استعبدوا له .. مال على قراء الكتب السماوية و القائمين على ما اودعته من الشرائع الالهية فبكت الواقفين عند حروفها بغباوتهم , و شدد النكير على المحرفين لها , الصارفين لالفاظها اتلى غير ما قصد من وحيها اتباعا لشهواتهم و دعاهم الى فهمها و التحقق بسر علمها حتى يكونوا على نور من ربهم
و لفت كل انسان الى ما اودع فيه من المواهب الالهية و دعا الناس اجمعين ذكورا و اناثا عامة و سادات الى عرفان انفسهم و انهم من نوع خصه الله بالعقل و ميزه بالفكر و شرفه بهما و بحرية الارادة فيما يرشده اليه عقله و فكره ..دعا الناس كافة الى الاستعداد فى هذه الحياة لما سيلاقون فى الحياة الاخرى و بين لهم ان خير يتزوده العامل هو الاخلاص لله فى العبادة و الاخلاص للعباد فى العدل و النصيحة و الرشاد
قام بهذه الدعوة العظيمة وحده , و لا حول و لا قوة , كل هذا كان منه ,.و الناس احباء ما الفوا و ان كان خسران الدنيا و حرمان الاخرة , اعداء ما جهلوا و ان كان رغد العيش و عزة السيادة و منتهى السعادة , كل هذا و القوم حواليه اعداء انفسهم و عبيد شهواتهم لا يفقهون دعوته و لا يعقلون رسالته , عقدت اهداب بصائر العامة منهم باهواء الخاصة و حجبت عقول الخاصة بغرور العزة عن النظر..
لكنه فى فقره و ضعفه كان يقارعهم بالحجة و يناضلهم بالدليل و ياخذهم بالنصيحة و يزعجهم بالزجر و ينبههم للعبر و يحوطهم مع ذلك بالموعظة الحسنة , كانما هو سلطان قاهر فى حكمه , عادل فى امره و نهيه , او اب حكيم فى تربية ابنائه شديد الحرص على مصالحهم , رؤوف بهم فى شدته رحيم فى سلطته
ما هذه القوة فى ذلك الضعف ؟ ما هذا السلطان فى مظنة العجز ؟..
ما هذا الرشاد فى غمرات الجاهلية ؟
ان هو الا خطاب الجبروت الاعلى, قارعة القدرة العظمى , نداء العناية العليا , ذلك خطاب الله القادر على كل شىء الذى وسع كل شىء رحمة و علما , ذلك امر الله الصادع يقرع الاذان و يشق الحجب و يمزق الغلف و ينفذ الى القلوب , على لسان من اختاره لينطق به و اختصه بذلك و هو اضعف قومه ليقيم من هذا الاختصاص برهانا عليه بعيدا عن الظنة بريئا من التهمة لاتيانه على غير المعتاد بين خلقه
اى برهان على النبوة اعظم من هذا ؟ ..
بعيد عن مدارس العلم صاح بالعلماء ليمحصوا ما كانوا يعلمون
فى ناحية عن ينابيع العرفان جاء يرشد العرفاء
ناشىء بين الواهمين هب لتقويم عوج الحكماء
غريب فى اقرب الشعوب الى سذاجة الطليعة و ابعدها عن فهم نظام الخليقة و النظر فى سننه البديعة , اخذ يقرر للعالم اجمع اصول الشريعة , و يخط للسعادة طرقا لن يهلك سالكها , و لن يخلص تاركها
ما هذا الخطاب المفحم ؟ ما ذلك الدليل الملجم ؟
أأقول ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ؟
لا لا اقول ذلك , و لكن اقول كما امره الله ان يصف نفسه : ان هو الا بشرا مثلكم يوحى اليه ".
----------
المراجع :
1- المرسل الرسول الرسالة / الشهيد محمد باقر الصدر
2- هذا الدين / الشهيد سيد قطب
3- عبقرية محمد / عباس العقاد
4- سيد المرسلين / جعفر السبحانى
5- تثوير القران / جمال البنا
6- الاسلام و العقلانية / جمال البنا
7- القران و الكتاب / القس يوسف الحداد
8- مصدر القران / الدكتور ابراهيم عوض
9- محمد / مصطفى محمود
10- رسالة التوحيد / الامام محمد عبده
|