2- حكمة مشروعية حد القذف :
حث الإسلام على حفظ الأعراض عما يدنسها ويشينها، وأمر بالكف عن أعراض الأبرياء، وحرم الوقوع في أعراضهم بغير حق؛ صيانة للأعراض وحماية لها من التلوث.
وبعض النفوس تُقدِم على ما حَرَّم الله من قذف، وتدنيس أعراض المسلمين لنوايا مختلفة، ولما كانت النوايا من الأمور الخفية كُلِّفَ القاذف أن يأتي بما يثبت قوله بأربعة شهداء، فإن لم يفعل أقيم عليه حد القذف ثمانين جلدة.
2/ أ- حكم القذف :
القذف محرم، وهو من الكبائر، وقد أوجب الله على القاذف عقوبات غليظة في الدنيا والآخرة.
1- قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) (النور/4).
2- قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور/23).
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)). متفق عليه .
* حد القذف :
ثمانون جلدة للحر، وأربعون جلدة للعبد.
2/ ب- ألفاظ القذف :
1- القذف الصريح : كأن يقول : يا زاني، يا لوطي، يا عاهر، يا منيوكة ونحوها. (بأسف للأيضاح وذلك لعدم تغيير النص)
2- الكناية : أن يقول ما يحتمل القذف وغيره ، كقوله : يا قحبة، يا فاجرة ونحوهما، فإن قصد الرمي بالزنى حد للقذف، وإن لم يقصده لم يحد وعُزر.
3/ ج - يشترط لوجوب حد القذف ما يلي :
1- أن يكون القاذف مكلفاً مختاراً ليس والداً للمقذوف.
2- أن يكون المقذوف مسلماً مكلفاً حراً عفيفاً يجامع مثله.
3- أن يطالب المقذوف بالحد.
4- أن يقذفه بالزنى الموجب للحد، ولم يثبت قذفه.
* يثبت حد القذف إذا أقر القاذف على نفسه، أو شهد عليه رجلان عدلان بالقذف.
* يسقط حد القذف إذا اعترف المقذوف بالزنى، أو قامت عليه البينة بالزنى، أو قذف الرجل زوجته ولاعنها.
* إذا ثبت حد القذف ترتب عليه : الجلد، عدم قبول شهادة القاذف إلا بعد التوبة، الحكم عليه بالفسق حتى يتوب.
* إذا قذف غيره بغير الزنى أو اللواط وهو كاذب فقد ارتكب محرماً، ولا يحد حد القذف، ولكن يعزر بما يراه الحاكم ملائماً لما حصل منه.
* مثال القذف بغير الزنى: أن يرميه بالكفر، أو النفاق، أو السكر، أو السرقة، أو الخيانة ونحو ذلك.
* تحصل توبة القاذف بالاستغفار، والندم، والعزم على أن لا يعود، وأن يكذب نفسه فيما رمى غيره به.
باب حكم القذف فى الكافي في فقه الإمام أحمد
فصل
ويجب الحد على القاذف بشروط أربعة :
أحدهما : أن يكون مكلفاً لما تقدم .
والثاني : أن يكون المقذوف محصناً ، لقول الله تعالى : {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} . مفهومه أن لايجلد بقذف غير المحصن . والمحصن : هو الحر المسلم العاقل العفيف عن الزنا الذييجامع مثله ، فلا يجب الحد على قاذف الكافر ، والمملوك ، والفاجر ، لأن حرمتهمناقصة ، فلم تنتهض لإيجاب الحد ، ولا يجب على قاذف الجنون ، لأن زناه لا يوجب الحدعليه ، فلم يجب الحد بالقذف به ، كالوطء دون الفرج ، ولا يجب الحد على قاذف الصغيرالذي لا يجامع مثله كذلك ، ولأنه يتيقن كذب القاذف فيلحق العار به ، دون المقذوف. وهل يشترط البلوغ ؟ فيه روايتان :
إحداهما : يشترط لما ذكرنا في المجنون .
و الثانية لا يشترط ، بل متى قذف من يجامع مثله ، فعليه الحد لأنهعاقل حر عفيف ، يتعير بالقذف ، أشبه البالغ . وإن قذف محبوباً ، أو رتقاء ، فعليهالحد ، لعموم الآية . ولأن تعذر الوطء في حقهما بأمر خفي لا يعلم به ، فلا ينتفيالعار عنه .
فصل
الثالث : أن يكون القاذف والداً ، فإن قذف والد ولده وإن سفل ،فلا حد عليه ، أباً كان أو أماً ، لأنها عقوبة تجب لحق الآدمي ، فلم تجب لولد علىوالده ، كالقصاص . ولو قذف زوجته ، فماتت وله منها ولد ، أو قذفت زوجها ولها منهولد ، سقط الحد ، لأنه لما لم يثبت له على والده بقذفه ، فلم يثبت له عليه بالإرث. وإن كان للميت ولد آخر من غيره ، ثبت الحد ، لأنه يثبت لكل واحد من الورثة علىانفراد .
فصل
الرابع : أن يقذف بالزنا الموجب للحد ، فإن قذف بالوطء دون الفرجوالقبلة ، لم يجب الحد به ، لما تقدم .
والقذف صريح وكناية : فالصريح أن يقول : زنيت أو يا زاني ، أوزنى فرجك ، أو دبرك أو ذكرك ، ونحوه مما لا يحتمل غير القذف ، فهذا يجب به الحد ،ولا يقبل تفسيره بما يحيله . لأنه صريح فيه ، أشبه التصريح بالطلاق . وإن قال: يا لوطي ، فقال أكثر أصحابنا : هو صريح ، وقال الخرقي : إذا قال : أردتأنك من قوم لوط ، فلا حد عليه ، وهذا بعيد ، لأن قوم لوط أهلكهم الله فلم يبق منهمأحد . وإن قال : زنى فلان ، وأنت أزنى منه ، فهو قاذف لهما ، لأنه وصف هذابالزنى على وجه المبالغة ، لأن لفظة أفعل للتفضيل. وإن قال : أنت أزنى من فلان، أو أزنى الناس ، فهو قاذف للمخاطب كذلك ، وليس بقاذف لفلان ، لأن لفظة أفعليستعمل للمنفرد بالفعل ، كقوله تعالى : {أفمن يهدي إلى الحق أحق أنيتبع} وإخباره عن قوم لوط : {هؤلاء بناتي هن أطهرلكم} وقال القاضي : هو قذف لهما ، لأن لفظة أفعل يقتضي اشتراكهما فيالفعل ، وانفرد أحدهما بمزية . وإن قال : زنأت بالهمزة ، فهو قذف في قول أبيبكر وأبي الخطاب ، لأن العامة لا تفهم منه إلا القذف . وقال ابن حامد : إن كانالقاذف عامياً فهو قاذف ، وإن كان يعلم العربية ؟، فليس بقاذف ، لأن معناه طلعت ،كما قال الشاعر :
وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل **
و سواء قال في الجبل ، أو لم يقل ، لأن معناها لا يختلف بذلك وعدمه. وإن قال لرجل : يا زانية ، أو لامرأة يا زاني ، فهو قاذف لهما ، لأن اللفظصريح في الزنا وزيادة هاء التأنيث في المذكر ، وحذفها من المؤنث خطأ لا يغير المعنى، فلم يمنع الحد كاللحن ، هذا قول أبي بكر . وقال ابن حامد : ليس بقذف يوجبالحد ، لأنه يحتمل أن يريد بذلك أنك علامة في الزنا ، كالراية والحفظة . وإن قاللامرأة : زنيت بفتح التاء ، ولرجل زنيت بكسرها ، فهو قاذف لهما ، لأنه خاطبهمابنسبة الزنا إليهما ، فأشبه ما لو لم يلحن . وإن قذف رجلاً . فقال آخر : صدقت، ففي المصدق وجهان :
أحدهما : يكون قاذفاً ، لأن تصديقه ينصرف إلى الكلام الذي قبله ،كما لو قال لي عليك ألف . قال صدقت .
و الثاني : لا يكون قذفاً ، لأنه يحتمل بتصديقه في غير هذا .وإن قال : أخبرني فلان أنك تزني ، فكذبه الآخر ، فليس بقاذف ، لأنه إنما أخبر عنغيره ، فأشبه ما لو صدقه الآخر ، ويحتمل أنه قاذف ، ذكره أبو الخطاب ، لأنه نسبإليه الزنا . وإن قال رجل لامرأة : زنيت ، فقالت : بك ، فلا حد عليهما ،لأنها صدقته ، فسقط الحد عنه ، ولا حد عليها ، لأنها لم تقذفه، لأنه يتصور زناها بهمن غير أن يكون زانياً ، بأن تكون عالمة بأنه أجنبي ، وهو يظنها زوجته ، أو نائماً، استدخلت ذكره ونحو ذلك . وإن قال : زنت يداك ، أو رجلاك ، لم يكن قاذفاً فيظاهر المذهب ، وهو قول ابن حامد ، لأن زنا هذه الأعضاء لا يوجب الحد ، بدليل قولالنبي صلى الله عليه وسلم : لعينان تزنيان وزناهما النظر ، واليدان تزنيانوزناهما البطش ، والرجلان تزنيان وزناهما المشي ، يصدق ذلك الفرج ، أو يكذبه .ويحتمل أن يكون قاذفاً ، لأنه أضاف الزنا إلى عضو منه ، فأشبه مل لو قال: زنىفرجك . وإن قال زنى بدنك ، ففيه وجهان :
أحدهما : هو كقوله : زنت يداك ، لأن الزنا بجميع البدن يكونبالمباشرة ، فلم يكن قذفاً .
و الثاني : عليه الحد ، لأنه أضاف الزنا إلى جميع البدن والفرجمنه .
يتبع بإذن الله تعالى ,,,
توقيع أحمد شرارة |
(( لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين )) ** احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك ** اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ببساطه ** تعلم دينك أولاً قبل أى شئ ** - التوحيد هو العمل الذى يجبر الله به كل خلل - - مبنى شقى أو تعيس من باب العلم فيك لا الجبر فيك - - تذكر أخ/ت صفات المؤمنين التسع - |