المقدمة الثانية: فضل الإسناد وأهميته
وقبل أن نبين أهمية الإسناد، لا بد من بيان المراد من الإسناد والمتن :
حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي تفوته صلاة العصر، كأنّما وُتر أهلَه ومالَه".
متن الحديث يقصد به كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو ما ينتهي إليه الإسناد.
إسناد الحديث يقصد به :سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن. حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر
الراوي الأعلى:هو الصحابي الذي روى الحديث وهو هنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه .
*أن الإسناد هذا خصيصة لهذه الأمة، لا يوجد عند أمة من الأمم شيء اسمه الإسناد إلا هذه الأمة فهو مزية لها، حتى قال ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل.
*وهناك كلمة جميلة لعبد الله بن مبارك يقول فيها: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء (أخرجه مسلم). وفي قصة جميلة أن الإمام الحافظ الزهري حدّث يوما حديثا بإسناد، فقال له سفيان بن عيينة: يا إمام هاتِهِ بلا إسناد، فقال الزهري: أترقى السطح بلا سُلّم؟! [ انظر كيف استشعار أهمية ذكر الإسناد!]، وقال الثوري: الإسناد سلاح المؤمن.
مقدمة قبل البدء في دراسة التخريج والأسانيد :نبه الشيخ حفظه الله في هذه المقدمة على أمور:-
- الأمر الأول: أن ما تقدم من بيان خصيصة الإسناد يبين عندنا خطأ بعض من كتب في تاريخ العلم عند المسلمين خاصة من المستشرقين ومن قلّدهم، ادعوا أن العلماء اليونانيين هم المثل الأعلى للمسلمين في كل حقل من حقول العلم.
- الأمر الثاني: أنه ينبغي على المعلمين والمتصدين للمناهج والتأليف، ينبغي العناية بهذا الجانب من تراث أمتنا ،وأن تُقرر في الجامعات وفي دور العلم العناية بالإسناد وما تفرع عنه.
- الأمر الثالث: المحدثون راعوا العقل في مواطن عديدة من أبرزها أربع مواطن راعى فيها المحدثون العقل:
الأول: عند سماع الأسانيد والمتون.
الثاني: عند التحديث بها.
الثالث: عند الحكم على الحديث.
الرابع: عند الحكم على الرواة.
ومن أفضل من بين هذا الإمام المُعَلِّمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة، وضّح هذا وجلاه بأسلوب رائع جدا، ولقد نصح الشيخ بارك الله لنا في علمه وعمره باقتناء هذا الكتاب وقراءته.
*الميزان ضبط مسألة العقل وهو اتباع الكتاب والسنة.
- الأمر الرابع: المحدثون لا يقبلون أي خبر حتى يطبقون المنهج الدقيق في سلامة ثبوت هذا الخبر ، المحدثون عالجوا هذا بقضية الأسانيد.
المقدمة الثالثة والأخيرة: في منهجية هذه الدروس العلمية التطبيقية في التخريج ودراسة الأسانيد التي ستلقى في هذا البرنامج؛
السامع لأي حديث لا يخلو من حالين:
- الحال الأول: أن يكون عاميا: ليس عنده علم، فوظيفة العامي في كل أمور الشريعة أن يسأل وأن يرجع لأهل العلم كما قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، و الواجب عليه أن يسأل من يراه أوثق في دينه وورعه وعلمه من العلماء.
- القسم الثاني ممن يسمع الحديث: طالب العلم ولو مبتدئ، هذا البرنامج دروس علمية تطبيقية تأصيلية في التخريج ودراسة الأسانيد يخاطب هذه الشريحة من طلبة العلم.
وصايا لطالب العلم المبتدئ فيما يتعلق بهذا:
الأول: من المفترض في هذه المرحلة أن يكون طالب العلم قد قرأ قبلها كتابا في بيان مصطلحات الحديث، أو حفظ متنا مختصرا يبين مصطلحات المحدثين .
نصح الشيخ جزاه الله خيرا طالب العلم بحفظ البيقونية فهي منظومة أربع وثلاثين بيت، حوت جميع مصطلحات الحديث .
الأمر الثاني :التدرج في طلب العلم، علم الحديث فهو كبقية العلوم، السهولة والصعوبة شيء نسبي، ربما يكون صعب عليك ربما يكون صعب على الآخر، لكن من طلب العلم بصدق وإخلاص فلا شك أنه بإذن الله عز وجل سينال مراده. المقصود أنه يتدرج طالب العلم في طلب العلم.
* لذلك نحن في هذه الدروس راعينا هذا الأمر، فمن منهجنا في هذه الدروس:
سوف نقتصر في هذه المرحلة على الكتب الستة غالبا وفي الجرح والتعديل سنقتصر على الكتب المؤلفة في رجال الكتب الستة.
وصية :من أراد إتقان علم الحديث لا بد له من الممارسة العلمية والتبكير في ذلك، فكثير من المصطلحات ربما لا تفهم جيدا أو تتضح معالمها إلا بالتطبيق العملي،كذلك الممارسة العملية في الحديث تبعد هذا الفن عن الجفاف الذي يبديه بعض الناس في هذا العلم.
المقدمة الرابعة والأخيرة مباحث تقدم بين يدي دراسة هذا الفن:
تعريف التخريج وكذلك نشأة علم التخريج وفوائده، كذلك الكتب المؤلفة مع شيء من التطبيق العملي بإذن الله عز وجل. سيكون هذا في الدرس القادم بإذن الله عز وجل.
• الكتب الستة هي صحيح البخاري، صحيح مسلم، جامع الترمذي، سنن أبي داود، سنن النسائي، سنن ابن ماجه.
• كتب الرجال الستة: الكمال وفروعه تهذيب الكمال، تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب والكاشف وغير ذلك من الكتب. تحفة الأشرا ف من طرق التخريج أيضا فقد جمعت الكتب الستة كلها.