ثالث يوم دخلت ونفس الحكاية....... لكن الشيخ صاح فيّ: تعال يا عصام اجلس جنبي. وكان عنده شيوخ وأعيان وتجار اعرفھم من التلفاز والجرايد...... الشيخ قطع كلامه...... وقف كل شيء عشان شاب مغمور غلبان ..... تخيل !!! وقف كل شيء قبل ما اجلس !!!
تعال يا عصام ولا تخالف امري ....
يا شيخ انا ارجع في وقت اخر.
تعال واجلس.
رديت عليه معتذرا.
صرخ في الشيخ: كيف تريد ان تكون جنديا للدعوة وانت تخالف امري؟
انكسفت .... واضطريت اروح واجلس جنبه وانا مكسوف في نفسي .... العيون كلھا علي. تتساءل من ھذا الشاب. متخيل المنظر؟
جلست جنب الشيخ ميت من الكسوف. الشيخ وضع ذراعه علي كتفي وقربني منه وتبسم. وقال لي يا بني ھذا ثالث يوم لك تأتي
ولا تتكلم.
ثم توجه الشيخ للحاضرين وقال لھم: انا اسف لازم اشوف ھذا الشاب اولا. ھذا الشاب قمة في الادب والاحترام ..... تخيل؟ رحمه لله.
ثم التفت الي الشيخ وقال لي كلمة كانت قمة في التأثير: قل لي كيف ممكن اخدمك؟ what can I do for you, my son?
مافي شيخ قالھا لي من قبل. ما في احد قالھا لي.
الشيخ ديدات عاوز يخدمني انا ..... ماذا يمكن ان اعمل لك؟
يا سلام. !!!
قلت للشيخ اريد ان لما اقف للدعوة ان اقف وقفتك اتكلم زيك.
ضحك الشيخ ديدات وقال للحضور شفتم لماذا قدمت الشاب؟
ضحك الكل ومت انا من الكسوف اكثر.
قال لي الشيخ: يا بني. يوم القيامة لله لن يسألك لماذا لم تناظر مثل ديدات.
انا ديدات ولن يكون ھناك ديدات آخر. كل شخص مميز.
ربنا حيسألك: ھل عملت ما في مقدورك؟
ھل بلغت آية عن رسولك؟
الله سيسألك عن ھذا .... ولن يسألك لماذا لم تتكلم مثل ديدات.
قلت له : يا شيخ انا لا اريد ان اكون ديدات السعودية ولا اريد منصبا ولا سمعة. انا تعلمت الكاراتيه من مدرب. انا عاوز اتعلم حركاتك. اريد أن اضرب المنصرين مثلك.
ضحك الشيخ وقال للحضور مرة ثانية: شفتم انا ليش قدمت الشاب !!!
ھنا الكل قال له معاك حق. الشيخ احس كل ھذا.
قال لي: انما انا كنت اختبر نيتك واردت ان تكون على نية سليمة.
اذا انت ستكون من تلاميذي. وساعلمك الخلاصة. ساعطيك الزبدة وبعدين الباقي عليك ومدى ھمتك ومدى جديتك.
لابد ان تبذل الجھد وعليك ان تثابر وتوطن نفسك على النية السليمة.
ھذا كل ما قاله الشيخ.
واعطاني ترجمة معاني القرآن التي طبعھا واھداھا لي وقال لي: احفظ ايات سورة ال عمران عن مريم وابنھا عليھما السلام بالعربي والترجمة كما افعل في محاضراتي. ولا تريني وجھك اذا لم تحفظھا.
تھديد.
قلت :للشيخ متى تسافر؟
قال :بعد غد.
قلت له : غدا اراك ان شاء لله.
رحت البيت. كلمت خالتي التي كانت تدرس طب قلت لھا الحقيني ... في كلمات في الترجمة لا اعرف نطقھا.
جلست طول الليل احفظ. ما نمت.
رجعت الصبح لقيت الشيخ بيفطر.
اول ما دخلت سألني: حفظت الايات؟ ...... وتبسم.
قبل ما تخطو خطوة اخرى يا عصام. لو ما حفظت اطلع بره. ھھھھه ........... ولا تعتذر لاتوريني وجھك.
قلت للشيخ وانا اخذ الخطوة الثانية حفظت يا شيخ.
ھنا وقف الشيخ وقال : اجل الان تجلس جواري.
جلست. وقال اسمعني.
من ھنا كانت البداية.
ھكذا كانت طريقة الشيخ رحمه لله.
والباقي كانت من بركات ھذه التربية. جزاه لله خيرا.
صرت حوارييه في البلد. وانا الوحيد الذي اخذ عنه مباشرة من بلادي بفضل لله علي.
وكان الشيخ لما يأت يقول :ھذا مثل ولدي.
كنت افرغ نفسى واحمل له الحقيبة واسافر معه من مدينة الى اخرى. واحضر محاضراته وفي خدمته.
الشيخ كان قمة في التواضع ولا ازكيه على لله.
مدرسة عالية في الاخلاق. سره ھو شخصيته ومحبته العميقة لرسول الله صلى لله عليه وسلم. اذا ذكر عنده رسول لله تفيض عينيه بالدمع.
كنت اراه اذا مدحه الناس يخجل ويتصاغر ويحني رأسه. يرتعد من مديح الناس له ويستغفر ربه.
بل ان مرة عام 1993 جاءه زوار كثر ومسلمون جدد كلھم اسلموا بسبب محاضراته. اكثر من خمس وعشرين نصرانيا من الفلبين أسلموا بسبب محاضراته.... جاءوا مع الدعاة واخذوا يدعون له ويمدحونه.
لما خرجوا .... صليت العصر ..... والشيخ إمامي ........ وحدنا.
وصار الشيخ يبكي في الصلاة ويجھش بالصوت ويھتز. حتى بكى في السجود طويلا وابكاني وانا محتار.
لما انتھينا من الصلاة لاحظت الشيخ محني الرأس مطرقا حتى كأنه سيسجد. وجھه في الارض وما زال يبكي.
قلت له : يا شيخ ما بك؟ ما يبكيك؟
قال لي من دون التفات وھو في قمة الحزن: اوما سمعت ما قالوه في حقي؟ ھل سمعت مديحھم؟
قلت : نعم
قال لي : من انا؟ ..... انا ولا شيء.
ذبحوني
ذبحوني
اوما سمعت قول لله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
ثم جلس الشيخ يكرر:
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
ما ادرى كررھا كم مرة من كثر ما كررھا وھو يبكي.
ثم قال: ھل عرف الناس قدر رسول لله؟
ھل عرفت الارض بعد من ھو سيدنا محمد صلى لله عليه وسلم؟
قلت : كلا يا شيخ.
قال : لمثل ھذا لابد ان تبكي.
نحن مقصرون ونحن امته.
تخيل !!!
ھذا ھو الشيخ ديدات رحمه لله.
يومھا عرفت سره.
بعد اربع او خمس سنوات من صحبته.
تلك المحبة الصادقة ولا ازكيه على الله لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
تريد تعرف الاسلوب؟
تريد تعرف كيف يفتح لله عليك؟
النية والمحبة الصادقتين.
وبذل الجھد.
الذي يفتح لك ھو الله.
ھذه الاية ھي التي كان يرددھا الشيخ دوما حتى ارتبطت به.
كلما قرأت تذكرته.
وَالَّذِينَ جَاھَدُوا فِينَا لَنَھْدِيَنَّھُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
بذل الجھد ھو السبيل. وان لله لمع المحسنين
المحسنين
الذين يعلمون ان الله مطلع عليھم. والذين يريدون اتقان العمل.
الاسلوب وتعلمه بيد لله يفتح لك.
لكن المھم ان توطن القلب على ھذه الامور وبذل الجھد للاتقان بعد ذلك.
الميدان كله يفتح لك.
ھذه ھي الخلاصة.
لانه سيظل لكل شيخ طريقة واسلوب وطابع. لكن الاساس واحد
والھدف واحد.
والغاية واحدة.
والمصير الى رب العالمين.
ھذا ھو المھم.
شوف الدكتور ذاكر عبدالكريم نايك من الھند. شھد له الشيخ ديدات رحمه لله انه فاقه علما وانجازا. لكن له طابعه واسلوبه. فتح لله له ونفع به .
الدكتور ذاكر ليس ديدات اخر. ھو الدكتور ذاكر وھو مدرسة وحده اليوم بفضل لله عليه.
مدرسة من مدارس الشيخ ديدات الذي ھو فرع من المدرسة الكيرالاوية لرحمة لله الھندي..وھكذا شجرة تكبر وتنمو وتمدد.
و الحمد لله.
ھذا كل ما اردت ان اقوله.
لكنك اخذت الخلاصة بفضل لله
كان الشيخ اول ما يعطي يعطي الزبدة والاسسس ويترك التفاصيل للميدان وللتجربة.
الميدان انت من اھله وفقك لله.
وانت في الساحة.
والميدان اكبر مدرسة.
بعد التوكل على لله.
واتقوا لله ويعلمكم لله.
تعلمت من الغرفة بقدر ما تعلمته ولله من الشيخ ديدات.
وكانت ھذه الغرفة نقلة اخرى بالنسبة لي.
اعتبر الغرفة بنفس القدر؟
ھذه شھادة وامانة ونحن خدام اھل الدعوة والميدان
في امان لله
ليس ابن شيخ من شيوخ البترول
و إنما هو عصام أحمد مدير ..... أبو أحمد. و ابن أحمد. و صهر أحمد. و خير تابع لخير أحمد صلى الله عليه وسلم.
فكيف كان و من هو الآن؟
يزلزل أركان الشرك على كوكب الأرض فيفر منه الشيطان
و من أنت يا أبا جنة؟
و من أنت أيها القارئ؟ و ماذا فعلنا أنا و أنت لدين الله؟
و ماذا يمكن أن نكون؟ و ماذا يمكن أن نفعل لدين الله ؟
و كيف ......؟
أترك لكم الجواب