اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 28.04.2010, 03:14

ابو اسامه المصرى

مجموعة مقارنة الأديان

______________

ابو اسامه المصرى غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 10.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 289  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2016 (13:15)
تم شكره 20 مرة في 17 مشاركة
افتراضي


سَعْدٌ بنُ مُعَاذٍالأَنْصَارِيُّ

« هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ
وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَالْمَلاَئِكَةِ»
اسْمُهُ ونَسَبُه :
هُوَ أَبُوعَمْرٍو سَعْدٌ بنُ مُعَاذٍ بنِ النُّعْمَانِ بنِ امْرِئِ القَيْسِ الأَنْصَارِيُّ بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ .
السَّيِّدُ الكَبِيْرُ الشَّهِيْدُ ، الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الأَشْهَلِيُّ البَدْرِيُّ ، سيِّدُ الأَوْسِ ، أُمُّهُ كَبْشَةُ بنتُ رافِع ، لها صُحبة ، وزوجتُهُ هِنْدُ بنتُ سَماك ، وهو ابن خالة الصحابي الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه .
قصَّةُ إِسلامِه :
بعد بيعة العقبة الأولى التي بايع فيها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث مع هؤلاء المبايعين أول سفير في الإسلام ليعلم الناس ويدعوهم ، واختير لذلك شاب من شباب الإسلام من السابقين الأولين هو مصعب بن عمير رضي الله عنه ، فنزل مصعب على أبي أمامة أسعد بن زرارة ، وبدآ في الدعوة إلى الله عزوجل داخل يثرب .
فسمع بهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بني عبد الأشهل ، وهما يومئذ على الشرك ، فقال سعد لأسيد : اذهب إلى هذين الذين قد أتيا ليسفها ضعفاءنا ، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا ، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ، ولولا ذلك لكفيتك هذا ، فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما .
فلما رآه أسعد قال لمصعب : هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس أكلمه ، قال : فوقف عليهما متشتما فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة . فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره؟ قال : أنصفت .
ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا : فيما يذكر عنهما : والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال : ما أحسن هذا الكلام وأجمله ، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له : تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي .
فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما : إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن .
ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال : أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم ، فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت؟ قال : كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت ، وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك .
فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة من يده ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة : يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارينا بما نكره -وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير : أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه ، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان- فقال له مصعب : أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد : أنصفت .
ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ، ثم قال لهما :كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا: تغتسل فتطهر و تطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين .
فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير .
فلما رآه قومه مقبلا قالوا : نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا : سيدنا وأوصلنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة ، قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله ، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة -إلا واحدا أسلم يوم أحد- ، فلله در سعد بن معاذ فقد كان إسلامه فتحا على الأوس والأنصار .
دعوته إلى الله عز وجل :
أخرج بنو النجار مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة ، فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو إلى الله ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة ، وأسلم أشرافهم ، وكسرت أصنامهم ، فكان المسلمون أعز أهلها ، وصلح أمرهم .
إن الدعوة إلى الله عزوجل وظيفة جليلة وقربة عظيمة ، لها منزلة سامية في الشريعة ، ويكفيها فضلا وشرفا كونها وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة ، وهي واجب المؤمنين عامة وأهل العلم منهم خاصة .
آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سعد معاذ رضي الله عنه وبين أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، وقيل إنه آخى بين سعد بن معاذ وبين سعد بن أبي وقاص ، رضي الله عن الصحابة أجمعين ، وصلى الله وسلم على النبي وآله .







موقفه رضي الله عنه في غزوة بدر :
شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأمر تطييبا لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه في عير قريش التي أتت من الشام مارة بالمدينة المنورة في طريقها إلى مكة المكرمة ، فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فأحسن ، وتكلم المقداد رضي الله عنه فأحسن ، وتكلم عمر رضي الله عنه فأحسن ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد رأي الأنصار ، ذلك أنهم عدد الناس ، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعنك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم ، وفهم سعد رضي الله عنه مقصد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ، قال أجل ، قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله .
وفي رواية : لعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت .
فسر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك سرورا شديدا ، وقال : سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم .
وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة بدر بادرهم إلى الماء حتى جاء أدنى ماء من بدر فنزل به ، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه يا رسول الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه وندع عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا ، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعكم الله بهم يناصحوك ويجاهدون معك .
فأثنى عليه صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير وقال يقضى الله خيرا من ذلك يا سعد . ثم بني له ذلك العريش فوق تل مشرف على المعركة فدخله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقام سعد بن معاذ متوشحا بالسيف ؛ وكان بناء العريس للنبي صلى الله عليه وسلم من حكمة سعد بن معاذ رضي الله عنه .
فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافون عليه كرة العدو ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال : أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من استبقاء الرجال .
ثباته رضي الله عنه يوم أحد واعترافه بالفضل لأنس بن النضر رضي الله عنه :
ثبت سعد رضي الله عنه في غزوة أحد مع من ثبت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال : غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر ، فقال : يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين ، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع . فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء ، يعني أصحابه ، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء ، يعني المشركين . ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ ، فقال : يا سعد بن معاذ ، الجنة ورب النضر ، إني أجد ريحها من دون أحد ؛ قال سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع ..... الحديث .. صحيح البخاري .
ومن الأمور المهمة في هذه القصة الاعتراف بالفضل لأهله وذويه وشكرهم على أعمالهم الطيبة والإقرار بالحقيقة ، فهذا لا ينقص من قيمة الإنسان بل يزيده رفعة ومكانة بين الناس .
وكما قيل : لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل .
ومن الجدير بالذكر في هذه الغزوة أنه قد استشهد من بني عبد الأشهل -قوم سعد- اثنا عشر رجلا ، فرضي الله عنهم أجمعين .
هذا اللون من البطولة مدفون تحت جدران التاريخ الإسلامي القائم إلى اليوم، وما يقوم للإسلام صرح ولا ينكسف عنه طغيان إلا بهذه القوى المذخورة المضغوطة في أفئدة الصديقين والشهداء.
من سر هذا الإلهام؟ من مشرق هذا الضياء؟ من مبعث هذا الاقتدار؟ إنه محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه هو الذي ربى ذلكم الجيل الفذ ، ومن قلبه الكبير أترعت هذه القلوب ، تفانيا في الله وإيثارا لما عنده .
دروس وعبر من مواقف الأم الطيبة أم سعد :
جاءت أم سعد بن معاذ رضي الله عنهما يوم أحد تعدو عندما وضعت الحرب أوزارها نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على فرسه ، وسعد بن معاذ رضي الله عنه آخذ بعنان فرسه ، فقال سعد : يا رسول الله أمي . فقال رسول الله : مرحبا بها . فدنت حتى تأملت رسول الله فقالت : أما وإذ رأيتك سالما فقد أشوت المصيبة -أي صارت خفيفة هينة- ، وكان ابنها عمرو بن معاذ رضي الله عنه من الشهداء في تلك الغزوة ، فعزاها الرسول صلى الله عليه وسلم .
لا إله إلا الله ، هذه امرأة فقدت ابنها وفلذة فما اكترثت لذلك ولا حزنت ، وهي تتفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأل عنه ، قمة في الحب ، وقمة في التضحية ، وقمة في نسيان الذات والأحباب .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين » .. رواه البخاري .
كبشة أم سعد بن معاذ ، هذه المرأة التي كان لها الأثر الكبير في تاريخ نساء الإسلام، وقد أثرت التاريخ بمواقف رائعة وبطولات ساطعة جعلتها من الأوائل في عالم نساء الصحابة .
هكذا كانت الأم في عصور الإسلام الزاهرة وأيامه الخالية ، مهبط الشرف الحر والعز الموثل والمجد المكين ، فأغلقوا أفواهكم الحاقدة يا أعداء الإسلام ، واخسئوا ولا تتكلموا .
تأمير النبي صلى الله عليه وسلم سعدا رضي الله عنه في قتل كعب بن الأشرف :
عن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث إليه خمسة نفر ، وقصة قتل كعب بن الأشرف مذكورة في الصحيحين وغيرهما .
دفاعه رضي الله عنه عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم :
في قصة الإفك التي وقعت بعد غزوة بني المصطلق أو المريسيع وقف رضي الله عنه موقفا بطوليا عندما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي .
فقام سعد بن معاذ فقال يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك ..... الحديث .. صحيح البخاري .



إصابته رضي الله عنه يوم الخندق :
في غزوة الخندق التي كانت سنة خمس من الهجرة ، أقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهرا أو نحو شهر . فلما اشتد على الناس البلاء وطال هذا الحال أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة و ينصرفا بقومهما ، فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك . فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا له : يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟ قال : بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما .
فقال له سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى ضيافة أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا! ، والله ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأنت وذاك . فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال : ليجهدوا علينا .
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والأحزاب فلم يكن بينهم قتال . ووقعت مراماة بين المسلمين والمشركين أصيب على إثرها سعد رضي الله عنه في أكحله -الأكحل عرق في اليد ينزف بشدة إذا أصيب- ، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة ، فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم -حسمه أي كواه ليقطع دمه- ، ثم ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس ومعي أم سعد بن معاذ ، فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة ، فجلست إلى الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد ، وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم ، فمر وهو يرتجز ويقول : ليت قليلا يدرك الهيجا حمل ... ما أحسن الموت إذا حان الأجل .
قالت : ويرمي رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة سعدا بن معاذ بسهم له وهو يقول له : خذها وأنا ابن العرقة ، فأصاب أكحله فقطعه ، فقال له سعد : عرقك الله في نار جهنم ، ثم دعا سعد الله عز وجل فقال : اللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني أجاهدهم فيك ، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فيها ، اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة . قالت : فرقي كلمه -أي فبرئ جرحه- ، وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا ، فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
حكمه رضي الله عنه في بني قريظة :
جاءت غزوة بني قريظة حينما غدر بنو قريظة ونقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالئوا الأحزاب عليه .
قال تعالى : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27) } .. سورة الأحزاب .
ملحوظة : هذه الغزوة ظهر فيها بجلاء غدر اليهود وخيانتهم ، وكيف أنهم كانوا السبب في تجميع الأحزاب حول المدينة ، ثم في خيانة يهود بني قريظة في أشد الأوقات وأعظمها محنة ، وهذه طبيعة اليهود التي لا ينفكون عنها ولا يستطيعون التخلص منها ، طال الزمان أم قصر . وهذا هو موقف اليهود من الإسلام والمسلمين بالأمس ، وهو أيضا موقفهم اليوم ، لم ولن يتغير .
عندما هربت القبائل دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجاءه جبريل عليه السلام وقد وضع السلاح فقال : أو قد وضعت السلاح؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم ، فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فوثب عليه الصلاة والسلام فزعا فعزم على الناس أن لا يصلوا صلاة العصر إلا في بني قريظة .
خرج عليه الصلاة والسلام مع موكبه من المهاجرين والأنصار حتى نزلوا حصون بني قريظة وفرضوا عليه الحصار ، فدام خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم وقذف الله في قلوبهم الرعب ، وأخيرا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أسند الحكم لسعد بن معاذ . وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس في الجاهلية .
جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قريبا منه فجاء على حمار ، فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى سيدكم . فجاء فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : إن هؤلاء نزلوا على حكمتك . فقال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات .
فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقتل من أنبت منهم -بلغ الحلم- ومن لم يكن أنبت ترك ، فضربت أعناقهم في خنادق حفرت في سوق المدينة وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة وقيل : ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة ، ولم يقتل من النساء سوى امرأة واحدة وهي بنانة امرأة الحكم القرظي لأنها كانت طرحت على رأس خلاد بن سويد رحى فقتلته ، وقسم النبي صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة على المسلمين للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم ، وكان في المسلمين يومئذ ستة وثلاثون فارسا .
وكان حكم سعد رضي الله عنه في غاية العدل و الإنصاف ، كيف لا وهو حكم الله عز وجل .
وفاته رضي الله عنه :
لما قضي أمر بني قريظة أجاب الله دعاء العبد الصالح سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فانتفضت جراحته فلم يرعهم إلا والدم يسيل إليهم ، فمات منها رضي الله عنه .
عن عبد الله بن شداد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذ وهو يكيد بنفسه فقال جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك .
وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : دخل أبو بكر وعمر على رسول الله صلى الله عليه سلم وهو يسند سعد بن معاذ إلى حجره ، فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي ، وكانوا كما قال الله رحماء بينهم .
وسئلت عن رسول الله ماذا كان يصنع في هذه المواقف فقالت : كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو أخذ بلحيته .
وكانت وفاته رضي الله عنه بعد انصراف الأحزاب بنحو من خمس وعشرين ليلة ، إذ كان قدوم الأحزاب في شوال سنة خمس ، فأقاموا قريبا من شهر ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم لحصار بني قريظة ، فأقام عليهم خمسا و عشرين ليلة ، ثم نزلوا على حكم سعد فمات بعد حكمه بقليل ، فيكون ذلك في أواخر ذي القعدة أو أوائل ذي الحجة من سنة خمس .. والله أعلم .
اهتزاز عرش الرحمن لموته رضي الله عنه :
في الصحيحين وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ » .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه سلم : « اهتز العرش لموت سعد بن معاذ من فرح الرب عز وجل » .. صححه الألباني .
مشاركة الملائكة في حمله رضي الله عنه :
عن أنس قال : لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون : ما أخف جنازته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الملائكة كانت تحمله . وقد كان سعد بن معاذ رضي الله عنه رجلا بادنا -ممتلئا- .
ضمة القبر له رضي الله عنه :
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها ، وقال صلى الله عليه وسلم بعد دفنه : سبحان الله ، لو انفلت أحد من ضغطة القبر لانفلت منها سعد ، ولقد ضم ضمة ثم فرج عنه .. صححه اللألباني .
قال الذهبي رحمه الله : هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء ، بل هو أمر يجده المؤمن ، كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا ، وكما يجد من ألم مرضه ، وألم خروج نفسه ، وألم سؤاله في قبره وامتحانه ، وألم تأثره ببكاء أهله عليه ، وألم قيامه من قبره ، وألم الموقف وهوله ، وألم الورود على النار ، ونحو ذلك ، فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد ، وما هي من عذاب القبر ، ولا من عذاب جهنم قط ، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه .
فتح أبواب السماء لوفاته :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه » .. صححه الألباني .
حاله رضي الله عنه في الجنة :
عن البراء بن عازب قال : أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها فقال : أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين .
قال القرطبي رحمه الله : هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد ، لأن المناديل إنما هي ممتهنة متخذة لمسح الأيدي بها ، وإذا كان هذا حال المنديل فما ظنك بالعمامة والحلة؟ ، ولا يظن أن طعام الجنة وشرابها فيهما ما يدنس يد المتناول حتى يحتاج إلى منديل ، إذ قد نزه الله الجنة عن ذلك كله ، وإنما ذلك إخبار بأن الله أعد في الجنة كل ما كان يحتاج إليه في الدنيا ، لكن هي على حالة هي أعلى وأشرف ، فأعد فيها أمشاطا ومجامر وألوة ومناديل وأسواقا وغير ذلك مما تعارفناه في الدنيا ، وإن لم نحتج له في الجنة إتماما للنعمة وإكمالا للمنة .
فضله رضي الله عنه ومكانته :
قال ابن القيم رحمه الله : ولا يخفى ما في ذكر سعد بن معاذ بخصوصه ههنا ، فإنه كان في الأنصار بمنزلة الصديق في المهاجرين ، واهتز لموته العرش ، وكان لا يأخذه في الله لومة لائم ، وختم الله له بالشهادة ، وآثر رضا الله ورسوله ، ووافق حكمه الذي حكم به حكم الله فوق سبع سموات ، ونعاه جبريل إلى النبي يوم موته ، فحق له أن تكون مناديله التي يمسح بها يديه في الجنة أحسن من حلل الملوك .
الخاتمة :
مات الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه ليرحل عن دنيا الناس ، ولكن سيرته لم ولن ترحل وستظل سيرته نورًا على الدرب لكل سالك إلى الله عز وجل .
اللهم ارض عن سعد وعن جميع الصحابة . اللهم ارزقنا حسن الخاتمة .



نقلته لكم من كتابات وكلام اهل العلم للعظه والعبره
ابو اسامه المصرى







رد باقتباس