ثُم نأتي إلى علتهُم أو مُبررهم وحُجتهم لصلبه وقتله ، والتي أمر بيلاطس بكتابتها بثلاث لُغات ووضعها فوق رأسه وهو على الصليب وهي "يسوع الناصري ملك اليهود " ، علماً أن الأناجيل غير مُتفقه على ما كُتب فوق راسه ففي أنجيل لوقا {23: 39 } " هذا هو ملك اليهود "، وقد إحتج اليهود على هذه العله عند بيلاطس ، بأنه يجب أن يُكتب الذي إدعى انه ملك اليهود ، ولم يستجب لهم بيلاطس بانه ما كتبتُ قد كتبت، والتُهم الثانيه لم تصل لأهميه أن تُكتب وهي إتهامه بقوله أنه ينقض الهيكل ويبنيه بثلاثة أيام وهي شهادة الزور التي شهد بها إثنان بعد أن لم يجدوا من يشهد ضده ، فلو أن المسيح إدعى أو قال إنه إبنُ الله منذُ دعوته ، أو على الأقل إعترف بذلك أثناء التحقيق معهُ لأعتُبرت هذه هي العله القويه والتي تُعتبر تجديف على الناموس ، فكيف لو قال إنه الله ، ولكانت هذه العله هي التي لن يبحثوا عن شهود عليها ، ولكانت هي العباره التي من المفروض أن تُكتب فوق رأسه ( هذا الذي إدعى أنه إبنُ الله أو انه رب وانه الله ) ، لأن القول بأنه يُريد ان يُصبح ملكاً عليهم أمر ليس فيه تجديف على الناموس ، والتي إحتج اليهود عليها ، ولو كان هُناك شيء من الصحه لقوله أنه إبنُ الله لأحتج اليهود على انه يجب أن تُكتب هذه العله ، ثُم إن بيلاطس وهيرودس لم يجدوا ما يُدينونهُ به ، وكانوا مُزمعين إطلاقه ، ولو كانت هذه صحيحه لكانت هي المُبرر والعله لإدانته أمام الشعب لصلبه وقتله .
متى{26 :64 } " ثُم قول رئيس الكهنه لهُ استحلفك بالله الحي أن تقولَ لنا هل أنت المسيح إبنُ الله . قال لهُ يسوع أنت قُلت " وهذا يدُل على أنه لا وجود مُسبق لقوله إنه إبنُ الله ، فهو يستحلفه على ذلك الآن بالله ، ولم يُجبه بنعم ، بل قال له أنت قُلت ليُلزمه الحُجة على نفسه ، وهي إجابته المُتكرره لكُل سؤآل يُوجه لهُ هذا المقبوض عليه .
ولا ندري ما هو الموقف لليهود والكهنه ، مما يقوله ويدعيه ممن إدعوا انهم اتباع للمسيح من بعده ، بأنه إبن الله بل هو الله ، وهو رب وخالق...إلخ .
هل يوجد عله أكبر من هذه العله كذريعه لليهود لقتله ، وكذلك بيلاطس وهيرودس ، بدل أن لا يجدوا مُبرر وعله لقتله وموته ، وكُل واحد منهم يُرجعه للآخر ليتنصل من دمه وقتله ، واخيراً ألزموها للكهنه والفريسيين وسلموهم إياه ، ولكان القتل والصلب مُستحق لكُل من قال بهذا ، وليس المقبوض عليه فقط .
ثُم أن بيلاطس عندما أرجع المقبوض عليه لهيرودس لوقا{26: 6-12 } ، الذي تصادف وجوده في القُدس تلك الليله ليبت بأمره ، كان هيرودس في فرح وشوق لرؤيته ، ولما سمع عنه وعن مُعجزاته ، وكان في شوق لرؤية أي مُعجزه تتم أمامه ، ولكنهُ صُدم من هذا الأبله الذي لا يُجيد شيء ، وسأله بأشياء كثيره ولم يُجبهُ عن شيء منها ، سوى أنه ليس المسيح وهو ليس المسيح فعلاً ، ولكنه المسيح تماماً بالشكل والصوت ، وسمع منه ما أضحكه هو ومن عنده من جنوده ، وبالتالي حنق عليه واحتقره هو وعسكره ، والبسه لباس مشعوذ ، واعاده الى بيلاطس .
ونأتي إلى كذبه مكشوفه أُخرى وهي لمن كتبَ وألف وحرف وغير ولم يحتاط لتحريفه وكذبه ، مع أن ما ورد أن المقبوض عليه كان مُعظم الوقت لا يُجيب على الأسئله أو التُهم التي تُوجه له ويلتزم الصمت، لأنه لا قُدرة له على الإجابه ، ولا جواب عنده ، لانه ليس المسيح وأنه فقط بالشكل والصوت وإذا أجاب يقول أنتم تقولون .
ففي متى {26: 64 -65 }" وأما يسوع فكان ساكتاً . فأجاب رئيس الكهنه وقال لهُ أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح إبنُ الله. قال له يسوع أنت قُلت. وأيضاً أقولُ لكُم من الآن تُبصرون إبن ألإنسان جالساً عن يمين القوه وآتياً على سحاب السماء " .
هل من شيم المسيح السكوت ، والذي كلم الناس في العلن وبجراةٍ عاليه ، ودون خوفٍ من أحد ، ما به يسكُت الآن ، ويوردُ كذبه بأنه من الآن سيجلس على يمين القوه ، ويأتي على السحاب ، وهو من الآن سيذهب للجلد والصلب..
فهو قال من الآن ، ومن الآن التي قالها إذا قالها والمؤكد أنها من أقوال بولص ، أو من أقوال يهوذا وهو يُهلوس ، أُخذ للجلد والضرب المُبرح والإهانه ، والصفع والبصق بوجهه ونتف لحيته ، والإستهزاء به لليله كامله ، وفي اليوم التالي كان شبه ميت مما تعرض لهُ واُخذ للصلب والسُخريةِ به ، ثُم طعنه وموته على الصليب ، ثُم أخذه ودفنه تحت الأرض وبعدها ما بعدها ويعلمُ الله ما حدث بعدها ، فأين الآن التي وعد بها ، وهم لم يُبصروا غير هذا الذي حدث لهُ .
ثُم إنه لم يُبصره أحد إلا تلاميذه عندما رُفع للمرةِ الأخيره من على جبل الزيتون ، ثُم كيف يُبصرونه وهو جالس على يمين القوه ، ويقصد بها هُنا المؤلف المُحرف على يمين الله ، ولم يُبصره أحد آتياً على سحاب السماء منذُ رُفع للمرةِ الأخيره لا على يمين القوه ولا على السحاب ، منذُ ذلك الحين وحتى الآن بعد مرور ما يُقارب الالفي عام ، وقلنا سابقاً ما حجمه ووزنه عند جلوسه على يمين القوه ، ونستغفر الله ان نُقارن بشيء يخُص الذات الإلهيه ، وهذا دليل ان هذا القول من تاليف مُحرف لانه لم يتحقق .............
فلا نجد إتفاق في الأناجيل على العباره التي كُتبت ، فوق رأس المصلوب ولا حتى على ما قاله قائد المئه عندما خرجت روح المصلوب ، ففي متى{27 : 55 } " قالوا حقاً كان هذا إبنُ الله " وفي مُرقص{15 :40 } " قال حقاً كان هذا إبنُ الله " وفي لوقا {23: 48} " فلما راى قائد المئه ما كان مجد الله قائلاً بالحقيقه كان هذا الإنسان باراً " .
وما ورد في يوحنا مُختلف عما ورد في الاناجيل الثلاثه ، حيث أورد أن المصلوب هو الذي حمل صليبه ، ولا وجود ذكر لسمعان القروي وحمله للصليب ، وكذلك باقي الاُمور الاُخرى .
ونأتي لموقف اللصين اللذين صُلبا معه ففي متى{27 :44 } ومرقص{15 :22 } أن اللصان كانا يُعيرانه وبالتالي يستهزءا به مع المُجتازون والماره ورؤساء الكهنه ، ويذكر ان انه تم الكتاب القائل أُحصي مع أَثَمه .
أما في لوقا{23 :40-42 } أن أحدهم جدف عليه بقوله عن كُنت انت المسيح فخلص نفسك وإيانا ، أما الآخر فنهره ، وطلب من يسوع أن يذكره عندما يأتي في ملكوته ، وقول يسوع له ألحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس .
أما يوحنا في{19: 18 } " حيث صلبوه وصلبوا إثنين آخرين معه من هنا ومن هُنا ويسوع في الوسط "
لا ندري هل هؤلاء الأربعه كتبوا حول هذه النُقطه الصغيره وهُم مسوقين بالروح القُدس ، حتى لا يتفق الأربعه ، متى ومُرقص بذكران تعيير وإستهزاء اللصين بالمصلوب بينهما ، ومُشاركة الماره والكهنه بذلك ، ولوقا يتحدث عن إستهزاء واحد فقط ، أما يوحنا فلم يذكر شيء عن الإثنين سوى صلبه بينهما .
ولو تقدم الأربعه للشهاده أمام قاضي حول هذه النُقطه لما قُبلت شهادتهم لعدم إتفاق الأربعه على الشهاده التي يجب أن تكون واحده ، ولما فيها من تناقض وهو .
1- قول يسوع للمصلوب للآخر بأنه سيُرافقه في الفردوس ، ومتى اليوم ، وهو سيموت بعد قليل ويُدفن لثلاثة أيام ُثم يقوم ، فكيف سيُرافقه في الفردوس اليوم ، وهو سيتركه .
2- ثُم إذا كان المصلوبان أثمه ، ولم يُحكم عليهما بالصلب إلا أن يكونا إرتكبا جرائم أو جريمه كبيره إستحقا عليها الصلب حتى الموت ، فكيف يتم المُرافقه للفردوس مُباشرةً دون حساب لأحدهما ، وهل دخول الفردوس هو قراره .
ثُم ناتي حول ما حدث من الساعه السادسه إلى الساعه التاسعه وهو حدوث الظلمه على الارض كُلها ، واظلمت الشمس ، وانشقاق حجاب الهيكل من وسطه إلى إثنين من فوق إلى أسفلمتى{27 : 45-54 } ومرقص{15 :33 -39 } ولوقا{23 :44 -46 } ، ولم يرد في يوحنا شيء من هذا القبيل ، طبعاً لم تتفق الاناجيل الثلاث السابقه على قول موحد ، فاخذنا مُجمل ما ورد بعد أن لملمناه منها .
ولا ننسى إنفراد ما وُضع في متى عن بقية الأناجيل بما أضافه في {27 :52-54 } بأن الارض تزلزلت والصخور تشققت ، والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين ، وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المُقدسه وظهروا للكثيرين ، ونُلاحظ هُنا الخلط في متى من قيام القديسين بعد تفتح القبور بين الساعه 6-9 ، فخلطها من القبور بعد قيامته .